الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إعلام النبي صلى الله عليه وسلم عمه العباس بما كان بينه وبين امرأته أم الفضل، لم يطّلع عليه أحد
فخرج أبو نعيم [ (1) ] من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني الحسن بم عمارة عن الحكم عن مقسم، عن ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: كان الّذي أسر العباس أبو اليسر كعب بن سلمة، ويقال: كعب بن عمرو بن مالك بن عمرو بن عباد بن عمر بن تميم بن شداد بن عثمان بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي، وكان أبو اليسر رجلا مجموعا [ (2) ] ، وكان العباس رجلا جسيما، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا أبا اليسر كيف أسرت العباس؟
فقال: يا رسول اللَّه لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده، وهيئته كذا وكذا فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لقد أعانك عليه ملك كريم.
وذكر الكلبي أن عبيد بن أوس بن مالك بن سواد بن كعب وهو ظفر ابن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس أبا النعمان الأنصاري الظفري أسر العباس وعقيلا.
وقال ابن عبد البر [ (3) ] : هو الّذي أسر عقيل بن أبي طالب ويقال: إنه أسر العباس ونوفلا وعقيلا فقرنهم في حبل وأتى بهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لقد أعانك عليهم ملك كريم، وسماه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقرنا،
وبنو سلمة يدّعون أن أبا اليسر كعب بن عمرو أسر العباس وكذلك قال ابن إسحاق.
[ (1) ](دلائل أبي نعيم) : 471- 472، حديث رقم (402) ، وأخرجه الإمام أحمد من مسند عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه بسياقة أتم، وأخرجه ابن سعد في (الطبقات) : 4/ 12 في ترجمة العباس بن عبد المطلب رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما.
[ (2) ] مجموعا: دميما.
[ (3) ](الاستيعاب) : 3/ 1015، ترجمة رقم (1725) .
وخرج أبو نعيم [ (1) ] من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد اللَّه بن موسى، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، وذكر وقعة بدر، قتلنا منهم سبعين وأسرنا سبعين، قال: فجاء رجل من الأنصار فصير بالعباس أسيرا، فقال العباس: يا رسول اللَّه إن هذا واللَّه ما أسرني لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق، وما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول اللَّه فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقد أيّدك اللَّه بملك كريم.
ومن طريق عبد اللَّه بن المبارك قال: حدثني جرير بن حازم، عن على ابن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: قلت لأبي: يا أبت كيف أسرك أبو اليسر ولو شئت لجعلته في كفك؟ قال:
يا بني! لا تقل ذلك لقد لقيني وهو أعظم في عيني من الحندمة [ (2) ] .
ومن طريق محمد بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء عن ابن عباس قال: لما نزلت يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى [ (3) ] كان العباس يقول: في نزلت هذه الآية حين أخبرت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بإسلامي فسألته أن يحاسبني بالعشرين أوقية التي أخذت مني فأبى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأعطاني بالعشرين أوقية عشرين عبدا كلهم تاجر بمال معه في يده معها أرجو مغفرة اللَّه ورحمته.
وعن الكلبي، عن أبي صالح، عن بن عباس، عن جابر، عن عبد اللَّه ابن دياب قال: قال العباس في نزلت هذه الآية حين ذكرت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إسلامي فسألته أن يقاضيني بالعشرين الأوقية التي أخذت مني فأبي فعوضني اللَّه بها بعشرين عبدا كلهم تاجر يضرب بماله، ومعها أرجو رحمة اللَّه تعالى ومغفرته [ (4) ] .
[ (1) ] سبق تخريجه.
[ (2) ] الحندم: شجر حمر العروق، واحدته حندمة:(لسان العرب) : 12/ 162.
[ (3) ] الأنفال: 70.
[ (4) ](طبقات ابن سعد) : 4/ 15، (سير أعلام النبلاء) : 2/ 28- 83، ترجمة رقم (11) .
قال ابن إسحاق: حدثني بعض أصحابنا عن مقسم، عن ابن عباس قال: كان الّذي أسر العباس أبو اليسر كعب بن عمرو وكان أبو اليسر مجموعا وكان العباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه رجلا جسيما فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للعباس: أفد نفسك وابني أخيك عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث، وحليفك عتبة بن عمرو بن جحدم أخا بلحارث بن فهر، فإنك ذو مال، قال:
يا رسول اللَّه إني كنت مسلما ولكن القوم استكرهوني، قال: اللَّه أعلم بإسلامك ولكن إن يك ما تقول حقا فاللَّه يجزيك به فأما ظاهر أمرك فكان علينا، فافد نفسك، وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخذ منه عشرين أوقية من ذهب، فقال العباس: يا رسول اللَّه أحسبها من فدائي، قال: لا ذاك شيء أعطاناه اللَّه منك، قال: فإنه ليس لي مال قال: فأين المال الّذي وضعت بمكة حين خرجت من عند أم الفضل ابنة الحارث، وليس معكما أحد؟ ثم قلت: إن أصبت في سفري فللفضل كذا، ولعبد اللَّه كذا؟ قال: والّذي بعثك بالحق ما علم بهذا أحد غيري وغيرها، وإني لأعلم أنك رسول اللَّه، ففدى العباس نفسه وابني أخيه وحليفه.
وقال جرير عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر أسر سبعون فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أربعين أوقية ذهب، وجعل على عمه العباس مائة، وعلى عقيل ثمانين، فقال العباس:
ألقرابة صنعت هذا؟ والّذي يحلف به العباس لقد تركتني فقير قريش ما بقيت، قال: كيف تكون فقير قريش وقد استودعت أم الفضل بنادق الذهب؟ ثم أقبلت إليّ فقلت لها: إن قتلت تركتك غنية وإن رجعت فلا يهمنك شيء،
فقال: إني أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أنك رسول اللَّه، ما أخبرك بهذا إلا اللَّه عز وجل، وأنزل اللَّه تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ (1) ] فقال حين نزلت: يا نبي اللَّه لوددت أنك كنت أخذت مني أضعافها، وآتاني اللَّه خيرا منها [ (2) ] .
[ (1) ] الأنفال: 70.
[ (2) ] سبق تخريجه.