الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بأن عمار بن ياسر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه تقتله الفئة الباغية، فقتله أهل الشام بصفين
فخرج مسلم [ (1) ] من حديث محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن أبي مسلمة قال: سمعت أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد الخدريّ قال: أخبرني من هو خير مني، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر حين جعل يحفر الخندق وجعل يمسح رأسه ويقول: بؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية.
ومن حديث خالد بن الحارث والنضر بن شميل عن شعبة، عن أبي مسلمة بهذا الإسناد نحوه، غير أن في حديث النضر قال: أخبرني من هو خير مني أبو قتادة.
وفي حديث خالد بن الحرث قال: أراه يعني أبا قتادة. وفي حديث خالد ويقول: ويس أو يا ويس ابن سمية [ (2) ] .
وخرج من حديث غندر وعبد الصمد بن عبد الوارث كلاهما قالا: حدثنا شعبه: قال: سمعت خالد الحذاء عن سعيد بن أبي الحسن والحسن، عن أمه عن أم سلمة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية [ (3) ] .
ومن حديث إسماعيل بن إبراهيم [ (4) ] عن ابن عون، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تقتل عمارا الفئة الباغية.
وخرج البخاري [ (5) ] في كتاب الصلاة، في باب التعاون في بناء المسجد، من حديث مسدد قال: حدثنا عبد العزيز بن جمعان [ (6) ] قال: حدثنا خالد الحذاء
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 18/ 255- 256، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب (18) لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، حديث رقم (70) .
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (71) .
[ (3) ](المرجع السابق) : حديث رقم (72) .
[ (4) ](المرجع السابق) : حديث رقم (73) .
عن عكرمة قال: قال لي ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما ولابنه عليّ: انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثة، فانطلقنا، فإذا في حائط له يصلحه، فأخذ رداءه فاحتبى، ثم أنشأ يحدثنا، حتى أتى على ذكر بناء المسجد، فقال: كنا نحمل لبنة لبنة، وعمار يحمل لبنتين [لبنتين][ (1) ]، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فينفض التراب عنه ويقول: ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار! قال: يقول عمار: أعوذ باللَّه من الفتن.
وخرجه في الجهاد [ (2) ] من حديث عبد الوهاب، حدثنا خالد عن عكرمة أن ابن عباس قال له ولعليّ بن عبد اللَّه: ائتيا أبا سعيد فاسمعا من حديثه. فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما يسقيانه، فلما رآنا جاء فاحتبى وجلس فقال: كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة، وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم ومسح عن رأسه الغبار، وقال: ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى اللَّه ويدعونه إلى النار!.
وخرج البيهقي [ (3) ] من طريق يوسف الماجشون، عن أبيه، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن مولاة لعمار قالت: اشتكى عمار شكوى أرق منها فغشى عليه، فأفاق، ونحن نبكي حوله، فقال: ما تبكون،
[ () ](5)(فتح الباري) : 1/ 712، كتاب الصلاة، باب (63) التعاون في بناء المسجد، حديث رقم (447) ، وفيه ما كان السلف عليه من التواضع وعدم التكبر، وتعاهد أحوال المعاش بأنفسهم، والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم، وإكرام طلبة العلم، وتقديم حوائجهم على حوائج أنفسهم.
[ (6) ] في (البخاري) : «ابن مختار» .
[ (1) ] زيادة للسياق من (البخاري) .
[ (2) ](المرجع السابق: 6/ 36، كتاب الجهاد باب (17) مسح الغبار عن الرأس في سبيل اللَّه تبارك وتعالى حديث رقم (2812) .
[ (3) ](دلائل البيهقي) : 6/ 421، باب ما جاء في إخباره عن الفئة الباغية منهما، بما جعله علامة كمعرفتهم، وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 5/ 418، حديث رقم (18404) ، من حديث عمار بن ياسر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه.
أتخشون أن أموت على فراشي؟ أخبرنى حبيبي صلى الله عليه وسلم أنه تقتلني الفئة الباغية، وأن آخر أدمى من الدنيا مذقة من لبن.
ومن حديث أبي نعيم [ (1) ] ومحمد بن كثير قالا: حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت، عن البحتري أن عمار بن ياسر أتى بشربة من لبن فضحك، فقيل له ما يضحك؟ فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: آخر شراب أشربه حتى أموت.
وخرجه الحاكم [ (2) ] وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وللبيهقي [ (3) ] من حديث يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي البحتري قال: لما كان يوم صفين، واشتد الحرب قال عمار: ائتوني بشراب أشربه، ثم قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: آخر شراب تشربه من الدنيا شربة لبن، ثم تقدم فقتل.
وخرج الحاكم [ (4) ] من طريق محمد بن عمر قال: حدثني عبد اللَّه بن أبي عبيدة عن أبيه، عن لؤلؤة مولاة أم الحكم ابنة عمار بن ياسر قالت: لما كان اليوم الّذي قتل فيه عمار والراية يحملها أبو هاشم بن عتبة، وقد قتل أصحاب عليّ رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه ذلك اليوم حتى كان العصر، ثم تقدم عمار بن ياسر ورأى أبا هاشم تقدمه، وقد جنحت الشمس للغروب، ومع عمار ضيح من لبن ينتظر وجوب الشمس أن يفطر فقال حين وجبت الشمس وشرب الضيح: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول آخر زادك من الدنيا ضيح من لبن،
قال:
ثم اقترب فقاتل حين قتل وهو ابن أربع وتسعين سنة.
[ (1) ](المرجع السابق) .
[ (2) ](المستدرك) : 3/ 439، كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب عمار بن ياسر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، حديث رقم (5669)، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط البخاري ومسلم.
[ (3) ](دلائل البيهقي) : 6/ 421.
[ (4) ](المستدرك) : 3/ 435، كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب عمار بن ياسر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، حديث رقم (5657) ، أورده الحافظ الذهبي في (التلخيص) مختصرا.
قال ابن عمر [ (1) ] : وحدثني عبد اللَّه بن الحارث عن أبيه عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه يوم الجمل وهو لا يسلّ سيفا [وشهد صفين][ (2) ] فقال: أن لا أضل أبدا بقتل عمار، قال خزيمة: قد حانت له الضلالة ثم اقترب فقاتل حتى قتل.
وكان الّذي قتل عمار أبو غادية المزني، طعنه برمح فسقط، وكان يومئذ يقاتل وهو ابن أربع تسعين سنة، فلما وقع أكب عليه رجل آخر فاحتز رأسه فأقبلا يختصمان، كلاهما يقول: أنا قتلته، فقال عمرو بن العاص رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: واللَّه إن تختصمان إلا في النار، فسمعها منه معاوية رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، فلما انصرف الرجلان قال معاوية لعمرو:
وما رأيت مثل ما صنعت يوم بذلوا أنفسهم دوننا، نقول لهم: إنكم تختصمان في النار، فقال له عمرو: واللَّه ذاك، واللَّه إنك لتعلمه، ولوددت أني مت من قبل هذا بعشرين سنة. يقال: إن الّذي قتلة ابن الحارث وشريك بن سميّ اشتركا فيه.
وخرج الحاكم [ (3) ] وأحمد [ (4) ] من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أخبره قال: لما قتل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار وقد سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية،
فقال له معاوية: أنحن قتلناه؟ إنما قتله عليّ وأصحابه، جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا، أو قال:
سيوفنا.
قال الحاكم: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذه السياقة.
[ (1) ](المرجع السابق) .
[ (2) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
[ (3) ](المرجع السابق) : 436، حديث رقم (5659) وقال: صحيح على شرطها، ولم يخرجاه بهذه السياقة، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط البخاري ومسلم.
[ (4) ](مسند أحمد) : 5/ 224، حديث رقم (17324) من حديث عمرو بن العاص رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه.
قال المؤلف- رحمه الله: إن كان عليّ رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه هو الّذي قتل عمارا إلا أنه جاء به حتى قاتل فقتل، فقياسه أن يكون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هو الّذي قتل [حمزة] ، لأنه هو الّذي جاء به حتى قتل يوم أحد، ومعاذ اللَّه من ذلك، فما قتل عمارا إلا البغاة أهل الشام كما قتل حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء مشركو مكة.
وخرّج الحاكم [ (1) ] من حديث عطاء بن مسلم الحلبي قال: سمعت الأعمش يقول: قال أبو عبد الرحمن السلمي: شهدت صفين فكنا إذا تواعدنا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء، ودخل هؤلاء في عسكر هؤلاء، فرأيت أربعة يسيرون: معاوية بن أبي سفيان، وأبو الأعور السلمي، وعمرو بن العاص، وابنه، فسمعت عبد اللَّه بن عمرو يقول لأبيه عمرو: قد قتلنا هذا الرجل وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيه ما قال! قال: أي رجل؟
قال عمار بن ياسر، أما تذكر يوم بني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسجد فكنا نحمل لبنة لبنة، وعمار يحمل لبنتين لبنتين، وأنت ممن حضر، قال: أما إنك ستقتلك الفئة الباغية وأنت من أهل الجنة،
فدخل عمرو على معاوية فقال: قتلنا هذا الرجل وقد قال فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما قال؟ فقال: اسكت فو اللَّه ما تزال ترحض في بولك! أنحن قتلناه؟ إنما قتله عليّ وأصحابه، جاءوا به حتى ألقوه بيننا.
قال المؤلف- رحمه الله: إني لأعجب كيف ذهل الحاكم أبو عبد اللَّه عن هذا الوهم؟ فإن عمرو بن العاص لم يحضر بناء مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بلا خلاف، فإنه كان يوم بنائه على دين قومه، وإنما أسلم بعد ذلك بسنتين في سنة ثمان قبل الفتح، وقيل: أسلم بين الحديبيّة وخيبر، وقيل: أسلم عام خيبر، والصحيح أنه أسلم في صفر سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر، ولا خلاف في أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بني مسجده عند قدومه إلى المدينة مهاجرا.
[ (1) ](المستدرك) : 3/ 436- 437، كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب عمار بن ياسر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، حديث رقم (5660)، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : هو كما ترى خطأ، فأين كان عمرو وابنه يوم بناء المسجد؟ وعطاء ضعفه أبو داود.
وخرج أيضا من حديث ابن وهب قال: أخبرني إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده، سمعت عمار بن ياسر بصفين في اليوم الّذي قتل فيه وهو ينادي: أزلفت الجنة، وزوجت الحور العين، اليوم نلقي حبيبنا محمدا، عهد إليّ إن آخر زادك من الدنيا ضيح من لبن [ (1) ] . قال الحاكم: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه.
وخرج من حديث أبي أسامة، حدثنا مسلم بن عبد اللَّه الأعور عن حبة العرني قال: دخلنا مع أبي مسعود الأنصاري على حذيفة بن اليمان أساله عن الفتن فقال: دوروا مع كتاب اللَّه حيث دار، وانظروا الفئة التي فيها ابن سمية فاتبعوها فإنه يدور مع كتاب اللَّه حيث ما دار. قال: فقلنا له: ومن ابن سمية؟ قال: عمار بن ياسر فإنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول له لن تموت حتى تقتلك الفئة الباغية، تشرب شربة ضياح تكون آخر رزقك من الدنيا
[ (2) ] .
ولعبد الرزاق عن معمر، عن من سمع الحسن يحدث عن أبيه عن أم سلمة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه يبنون المسجد فجعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحمل كل رجل منهم لبنة [ويحمل عمار لبنتين] فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ظهره، وقال: ابن سمية لك أجران [ (3) ] وللناس أجر، آخر زادك شربة من لبن وتقتلك الفئة الباغية.
وخرج البيهقي [ (4) ] من حديث عمار الذّهني عن سالم بن أبي الجعد قال جاء رجل إلى عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه فقال: يا أبا عبد الرحمن! إن اللَّه قد أمّننا من أن يظلمنا، ولم يؤمننا من أن يفتننا، أرأيت إن أدركت فتنة؟ قال: عليك بكتاب اللَّه، قال: أرأيت إن كان كلهم يدعو إلى
[ (1) ](المستدرك) : 3/ 439، حديث رقم (5668)، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط البخاري ومسلم.
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (5676)، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : صحيح.
[ (3) ] سبق تخريجه.
[ (4) ](دلائل البيهقي) : 6/ 421- 422، باب ما جاء في إخباره عن الفئة الباغية منهما بما جعله علامة لمعرفتهم.