الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما أخباره عليه أفضل الصلاة والسلام بغرق أحجار الزيت بالدم فكان كذلك
فخرج أبو داود [ (1) ] لحديث حماد بن يزيد، عن أبي عمران الجوني، عن المشعث بن طريف، عن عبد اللَّه بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر قلت: لبيك يا رسول اللَّه وسعديك، فذكر الحديث، قال فيه: كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف؟ [يعنى القبر] قلت: اللَّه ورسوله أعلم، أو قال: من خار اللَّه لي ورسوله، قال:
عليك بالصبر، أو قال: تصبر، ثم قال لي: يا أبا ذر قلت لبيك وسعديك.
قال: كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت بالدم؟ قلت: ما خار اللَّه لي ورسوله، قال: عليك بمن أنت منه، قلت: يا رسول اللَّه أفلا آخذ سيفي وأضعه على عاتقي؟ قال: شاركت القوم إذن، قلت: فما تأمرني؟ قال: تلزم بيتك، قلت: فإن دخل عليّ بيتي قال: فإذا خشيت أن يبهرك شعاع السيف فألق ثوبك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه.
وخرجه ابن ماجة [ (2) ] بنحوه في الفتن.
[ (1) ](سنن أبي داود) : 4/ 458- 459، كتاب الفتن، باب (2) النهي عن السعي في الفتنة، حديث رقم (4261) .
[ (2) ](سنن ابن ماجة) : 2/ 1308، كتاب الفتن، باب (10) التثبت في الفتنة، حديث رقم (3958)«حتى تقوم» من التقويم، أي يقوم البيت بالوصيف. «بالوصيف» المراد بالبيت القبر، وبالوصيف الخادم والعبد، أي يكون العبد قيمة القبر بسبب كثرة الأموات. وقيل: المراد بالبيت المتعارف. والمعنى أن البيوت تصير رخيصة لكثرة الموت وقلة من يسكنها.
فيباع البيت بعبد. «حجارة الزيت» موضع بالمدينة في الحرة سمي بها لسواد الحجارة، كأنها طليت بالزيت، أي الدم يعلو حجارة الزيت ويسترها لكثرة القتلى وهذا إشارة إلى وقعة الحرة التي كانت زمن يزيد. «بمن أنت منه» أي بأهلك وعشيرتك.
وخرجه الحاكم [ (1) ] من حديث معمر وحماد بن سلمة قالا: حدثنا أبو عمران الجولى، عن عبد اللَّه بن الصامت، عن أبي ذر فذكره بمعنى حديث أبي داود، ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
وقد خرجه البخاري [ (2) ] من حديث همام عن أبي عمران وقد زاد حماد بن زيد في إسناده بين أبي عمران الجوفى وعبد اللَّه بن الصامت المشعث بن طريق بزيادة في المتن وحماد بن زيد أثبت من حماد بن سلمة.
قال المؤلف- رحمة اللَّه تعالى-: أحجار الزيت بالمدينة النبويّة [ (3) ] وعندها قيل محمد الملقب بالمهديّ وبالنفس الزكية ابن عبد اللَّه بن حسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب رضوان اللَّه عليهم وذلك أن أبا جعفر عبد اللَّه بن المنصور بن على بن عبد اللَّه بن عباس ثانى خلفاء بنى العباس ألح في طلبه فطلب أخيه إبراهيم بن عبد اللَّه فقام محمد بالمدينة ليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين ومائة فلما بلغ المنصور ترك بالكوفة وسرح عيسى بن موسى بن محمد بن عبد اللَّه بن عباس لقتال محمد، فخندق محمد على المدينة ونزل عيسى الأعوض فتفرق أكثر الناس عن محمد وبقي في شرذمة قليلة فقاتل عيسى لأيام مضت من شهر رمضان إلى أن قتل عند أحجار الزيت في يوم الإثنين لأربع عشرة خلت منه وقتل معه كثير وأخذ عيسى المدينة وصلب من أهلها عالما كثيرا وبسبب محمد هذا ضرب موسى بن عيسى الإمام مالك بن أنس رحمه الله.
وقد قال كعب الأحبار: إني أجد أحجار الزيت في كتاب اللَّه تعالى وإنها ستكون بالمدينة ملحمة عندها.
[ (1) ](المستدرك) : 4/ 470، كتاب الفتن والملاحم، حديث رقم (8305) وقال الحافظ الذهبي:
في (التلخيص) صحيح على شرط البخاري ومسلم.
[ (2) ] ذكر ابن الأثير في (جامع الأصول) أن هذا الحديث لأبي داود فقط.
[ (3) ] موضع بالمدينة قريب من الزوراء، وهو موضع صلاة الاستسقاء. (معجم البلدان) : 1/ 135 موضع رقم (270) .