الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما كفاية اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم دعثور بن الحارث إذ عزم على قتله وقد أمكنته الفرصة
فقال الواقدي في (مغازيه)[ (1) ] : حدثني محمد بن زياد بن أبي هنيدة، حدثنا زيد بن أبي عتاب، وحدثني عثمان بن الضحاك بن عثمان، وحدثني:
عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر عن عبيد اللَّه بن أبي بكر، فزاد بعضهم على بعض في الحديث، وغيرهم قد حدثنا أيضا، قالوا: بلغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن جمعا من بني ثعلبة ومحارب بذي أمرّ [ (2) ] قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، جمعهم رجل منهم بقال له دعثور بن الحارث بن محارب، فندب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسلمين وخرج في أربعمائة رجل وخمسين، ومعهم أفراس، فذكر الخبر إلى أن قال: وهربت منه الأعراب فوق الجبال وقبل ذلك ما قد غيبوا سرحهم في ذرى الجبال، فلم يلاق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحدا، إلا أنه ينظر إليهم في رءوس الجبال، فنزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذا أمر وعسكر معسكره، فأصابهم مطر شديد فذهب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لحاجته فأصابه ذلك المطر فبلّ ثوبه، وقد جعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وادي ذي أمرّ بينه وبين أصحابه، ثم نزع ثيابه فنشرها لتجف، وألقاها على شجرة ثم اضطجع تحتها والأعراب ينظرون كل ما يفعل، فقالت الأعراب لدعثور- وكان سيدها وأشجعها-: قد أمكنك محمد، وقد انفرد من أصحابه حيث إن غوّث بأصحابه لم يغث حتى تقتل، فاختار سيفا من سيوفهم صارما،
ثم أقبل مشتملا بالسيف حتى قام على رأس النبي صلى الله عليه وسلم بالسيف مشهورا، فقال: يا محمد! من يمنعك مني اليوم؟ قال: اللَّه! وقال: ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده، فأخذه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقام
[ (1) ](مغازي الواقدي) : 1/ 194- 196. وما بين الحاصرتين زيادة للسياق منه.
[ (2) ] موضع غزاه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال الواقدي: هو من ناحية النخيل، وهو بنجد من ديار غطفان، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج في ربيع الأول من سنة ثلاث للهجرة لجمع بلغه أنه اجتمع من محارب وغيرهم، فهرب القوم منهم الى رءوس الجبال، وزعيمها دعثور بن الحارث المحاربي، فعسكر المسلمون بذي أمرّ.
به على رأسه، فقال: من يمنعك منى اليوم؟ قال: لا أحد، قال: فأنا أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه، واللَّه لا أكثر عليك جمعا أبدا، فأعطاه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سيفه، ثم أقبل بوجهه فقال: أما واللَّه لأنت خير مني، قال: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنا أحق بذلك منك،
فأتى قومه فقالوا: أين ما كنت تقول؟
وقد أمكنك والسيف في يدك؟ فقال: قد واللَّه كان ذلك، ولكني نظرت إلى رجل أبيض طويل دفع في صدري، فوقعت لظهري فعرفت أنه ملك، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه، ولا أكثر عليه، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام ونزلت هذه الآية فيه، وهي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ [ (1) ] .. الآية، وكانت غيبة النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة ليلة. [واستحلف النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة عثمان بن عفان رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه] .
قال البيهقي: كذا قال الواقدي، وقد روي في غزوة ذات الرقاع [ (2) ] قصة أخرى في الأعرابي الّذي قام على رأسه بالسيف وقال: من يمنعك مني؟ فإن كان الواقدي حفظ ما ذكر في هذه الغزوة فكأنهما قصتان. قال المؤلف رحمه الله: وذكر الواقدي قصة ثالثة في غزوة حنين [ (3) ] سيأتي ذكرها إن شاء اللَّه تعالى، والحمد اللَّه رب العالمين.
[ (1) ] المائدة: 11.
[ (2) ](مغازي الواقدي) : 1/ 395.
[ (3) ](مغازي الواقدي) : 3/ 855.