الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما تصديق اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في قتل عتبة بن أبي معيط بمكة والنبي صلى الله عليه وسلم مهاجر بالمدينة فكان يقول بمكة فيه بيتين من شعر
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه قوله اللَّهمّ أكبه لمنخره واصرعه،
فجمح به فرسه يوم بدر، فأخذه عبد اللَّه بن سلمه العجلاني فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم عاصم بن أبي الأقلح فضرب عنقه صبرا.
وقال الواقدي في (مغازيه)[ (1) ] وكان عقبه بن أبي معيط والنبي صلى الله عليه وسلم مهاجر بالمدينة فكان يقول بمكة:
يا راكب الناقة القصواء هاجرنا
…
عما قليل تراني راكب الفرس
أعلّ رمحي فيكم ثم أنهله
…
والسيف يأخذ منكم كل ملتبس
فقال النبي صلى الله عليه وسلم وبلغه قوله: اللَّهمّ أكبه لمنخره واصرعه،
فجمح به فرسه يوم بدر، فأخذه عبد اللَّه بن سلمه العجلاني فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فضرب عنقه صبرا.
وخرج أبو نعيم [ (2) ] من طريق محمد بن السائب عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما، قال: كان عقبة بن أبي معيط لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما فدعا عليه جبرانه أهل مكة كلهم، قال: وكان يكثر مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم ويعجبه حديثه، ويغلب عليه الشقاء، فقدم ذات يوم من سفره فصنع طعاما ودعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى طعامه، فقال: ما أنا بالذي آكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا اللَّه وأني رسول اللَّه، قال: أطمعها يا ابن أخي قال: ما أنا بالذي أفعل حتى تقول فشهد بذلك، فطعم من طعامه فبلغ ذلك أبي بن خلف فأتاه فقال: أصبوت يا عقبة؟ - وكان خليله- فقال: لا واللَّه ما
[ (1) ](مغازي الواقدي) : 1/ 82.
[ (2) ](دلائل أبي نعيم) : 470- 471، ذكر ما جرى من الآيات في غزواته وسراياه، من غزوة بدر إلى غزوة تبوك، وفي جميع ذلك دليل على أنه لم يخل شيء من أحواله صلى الله عليه وسلم عن آية شاهدة له، ومعجزة جارية على يديه، خليق كون ذلك له، وإذ النبوة مختومة به، والشريعة إلى قيام الساعة قائمة به صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (401) .
صبوت، ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له، فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم فشهدت له فطعم، قال: ما أنا بالذي أرضى عنك أبدا حتى تأتيه فتبزق في وجهه وتطأ على عنقه، قال: ففعل عقبة ذلك وأخذ رحما فألقاه بين كتفيه فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف، فأسر عقبة يوم بدر فقتل صبرا،
ولم يقتل من الأسارى يومئذ غيره، قتله ثابت بن أبي الأقلح.
قال: ورواه جعفر أبي المغيرة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما أن ابن أبي معيط كان يجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة لا يؤذيه، وكان رجلا حليما وكان يقيه من قريش، وكانت قريش إذا جلسوا معه آذوه وكان ابن أبيّ خلف غائب عنه بالشام فقالت قريش: صبأ ابن أبي معيط فقدم خليله من الشام ليلا، فقال لامرأته: ما فعل محمد فيما كان عليه؟ فقالت: هو أشد ما كان أمرا، فقال لها ما فعل خليلي؟
ابن أبي معيط؟ فحيّاه فلم يردّ عليه التحية، فقال: مالك لا ترد عليّ تحيتي؟
فقال: كيف أردّ عليك تحيتك وقد صبوت؟ قال: وقد فعلتها قريش؟ قال: نعم قال: يبرئ صدورهم إن أنا فعلت؟ قال: تأتيه على مجلسه فتبزق في وجهه وتشتمه بأخبث ما تعلم،
فلم يزد النبي صلى الله عليه وسلم على أن مسح وجهه من البزاق، ثم التفتت إليه فقال: لئن وجدتك خارجا من جبال مكة لأضربن عنقك صبرا، فلما كان يوم بدر وخرج أصحابه، أبي أن يخرج، فقال له أصحابه: اخرج معنا فقال وعدني هذا الرجل إن أخذني خارجا من جبال مكة لضرب عنقي صبرا، فقالوا: لك جملا حمولا بدرك فإن كانت الهزيمة طرت، فخرج معهم، فلما هزم اللَّه المشركين وحل به جمله في جدد من الأرض، فأخذه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أسيرا في سبعين من قريش، فيهم العباس بن عبد المطلب، وعقيل بن أبي طالب، فجعل عليهم الفداء أربعين أوقية من ذهب، وجعل على العباس مائه أوقية، وعلى عقيل بن أبي طالب ثمانين أوقية، وقدم إليه ابن أبي معيط فقال:
أتقتلني من بين هؤلاء، وأنا أكبرهم سنا وأكثرهم مالا؟ قال: نعم بما بزقت في وجهي،
فأنزل اللَّه تعالى في ابن أبي معيط وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ
يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا* يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا [ (1) ] .
فقال عباس: القرابة صنعت هذا، فو الّذي يحلف به العباس، لقد تركتني فقير قريش، وقد استودعت بنادق الذهب أم الفضل، ثم أقبلت إليّ فقلت لها: إن قتلت فقد تركتك غنية ما بقيت، وإن أرجع فلا يهمنك شيء، فقال: إني أشهد أن الّذي تقوله قد كان، وما اطلع عليه إلا اللَّه قال: فأنزل اللَّه تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ [ (2) ] الآية فقال العباس حين نزلت [ (3) ] : لوددت أنك كنت أخذت مني أضعافها، فأتاني اللَّه خيرا منها [ (4) ] .
[ (1) ] الفرقان: 27- 29.
[ (2) ] الأنفال: 70، وتمامها: وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
[ (3) ](البحر المحيط) : 5/ 352.
[ (4) ](دلائل أبي نعيم) : 476- 477، حديث رقم (410) مختصرا، وقال الحافظ في (الفتح) : إسناده حسين، وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 1/ 581- 582، حديث رقم (3300) من مسند عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما.