الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما تصديق اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في تعيينه مصارع المشركين ببدر
فخرج مسلم [ (1) ] من حديث عفان قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان قال: فتكلم أبو بكر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه فأعرض عنه ثم تكلم عمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه فأعرض عنه، فقام سعد بن عباده رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه فقال: إيانا تريد يا رسول اللَّه؟ والّذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا.
قال: فندب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الناس فانطلقوا حتى نزلوا بدرا ووردت عليهم روايا قريش وفيهم غلام أسود لبني الحجاج فأخذوه، وكان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أبي سفيان فيقول: ما لي علم بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأميّة بن خلف، فإذا ذلك ضربوه، فقال: نعم أنا أخبركم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه فسألوه فقال ما لي بأبي سفيان علم، ولكن أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس، فإذا قال ذلك ضربوه، فقال: نعم، أنا أخبركم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه فسألوه فقال: ما لي بأبي سفيان علم، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس،
فإذا قال هذا أيضا ضربوه، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قائم ويصلي.
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 12/ 366- 368، كتاب الجهاد والسير، باب (30) غزوة بدر، حديث رقم (1779) . قال الإمام النووي: قال العلماء: إنما قصد صلى الله عليه وسلم اختبار الأنصار، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن بايعهم على أن يخرجوا معه للقتال وطلب العدو، وإنما بايعهم على أن يمنعوه ممن يقصده، فلما عرض الخروج لعير أبي سفيان، أراد أن يعلم أنهم يوافقون على ذلك، فأجابوه أحسن جواب بالموافقة التامة في هذه المرة وغيرها. وفيه استشارة الأصحاب وأهل الرأى والخبرة. (شرح النووي) .
فلما رأى ذلك انصرف، قال: والّذي نفسي بيده لتضربونه إذا صدقكم، وتتركونه إذا كذبكم قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هذا مصرع فلان، قال:
ويضع يده علي الأرض، هاهنا وهاهنا، قال: فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وخرجه أبو داود [ (1) ] من حديث موسى بن إسماعيل عن حماد فذكره إلي أن، قال: وقال أنس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هذا مصرع فلان غدا ووضع يده على الأرض وهذا مصرع فلان وفلان غدا ووضع يده على الأرض، فقال:
والّذي نفسي بيده ما جاوز واحد منهم عن موضع يد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأمر بهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخذ بأرجلهم فسحبوا في قليب بدر.
وخرج مسلم [ (2) ] من حديث سليمان بن المغيرة حدثنا ثابت عن أنس قال، كنا مع عمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه بين مكة والمدينة، قال:
فتراءينا الهلال- وكنت رجلا حديد البصر- فرأيته وليس أحد يزعم أنه رآه غيري قال: أقول لعمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: أما تراه؟ فجعل لا يراه.
قال: يقول عمر: بينا سأراه وأنا مستلق على فراشي ثم أنشأ يحدثنا عن أهل بدر
فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يرينا مصارع القوم بالأمس يقول هذا مصرع فلان غدا إن شاء اللَّه. قال: فقال عمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: فو الّذي بعثه بالحق ما أخطئوا الحدود التي حدّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: فجعلوا في بئر
[ (1) ](سنن أبي داود) : 3/ 130- 131، كتاب الجهاد، باب (125) في الأسير ينال منه، ويضرب ويقرر، حديث رقم (2681) ، وفيه دليل على جواز ضرب الأسير الكافر، إذا كان في ضربه طائل. (معالم السنن) .
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 18/ 211، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب (17) عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر، والتعوذ منه، حديث رقم (2873) ، وفيه معجزة ظاهرة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال القاضي عياض: يحمل سماعهم على ما يحمل عليه سماع الموتى في أحاديث عذاب القبر وفتنته التي لا مدفع لها، وذلك بإحيائهم، أو إحياء، جزء منهم يعقلون به ويسمعون، في الوقت الّذي يريد اللَّه، هذا كلام القاضي، وهو الظاهر المختار الّذي يقتضيه أحاديث السلام على القبور، واللَّه تبارك وتعالى أعلم. (شرح النووي)
بعضهم على بعض، فانطلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليهم فقال: يا فلان ابن فلان، ويا فلان بن فلان، هل وجدتم ما وعدكم اللَّه ورسوله حقا؟ فإنّي وجدت ما وعدني اللَّه حقا قال عمر: يا رسول اللَّه! كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها؟
قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردّوا عليّ شيئا.
وخرّج البيهقي [ (1) ] من طريق أبي نعيم قال: حدثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما قال: لما فرغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من القتلى قيل له: عليك العير [ (2) ] ليس دونها شيء فناداه العباس وهو في وثاقه: أنه لا يصلح لك قال: لأن اللَّه وعدك إحدى الطائفتين وقد أنجز ما وعدك.
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 3/ 96، باب إجابة اللَّه عز وجل دعوة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على كل من كان يؤذيه بمكة من كفار قريش حتى قتلوا مع إخوانهم من الكفرة ببدر. وأخرجه الترمذي في (صحيحه) في تفسير سورة الأنفال، حديث رقم (3080) ، عن عبد بن حميد، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
[ (2) ] وهي عير أبي سفيان التي خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة يريدها، وليس دونها شيء، أي ليس دون العير شيء يزاحمك.