الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما إخباره صلى الله عليه وسلم بوقوع الشر بعد الخير الّذي جاء به ثم وقوع الخير بعد ذلك الشر، ثم وقوع الشر بعد الخير، فكان كما أخبر
فخرج البخاري [ (1) ] في الفتن، ومسلم [ (2) ] في الإمارة، من حديث الوليد بن مسلم قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن جابر حدثنا بسر بن عبيد اللَّه
[ (1) ] باب (11) كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟ حديث رقم (7084) ، وفيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين، وترك الخروج على أئمة الجور، لأنه وصف الطائفة الأخيرة بأنهم دعاة على أبواب جهنم.
وفيه إنه متى لم يكن للناس إمام، فافترق الناس أحزابا فلا يتبع أحدا في الفرقة، ويعتزل الجميع إن استطاع خشية من الوقوع في الشر. وعلى ذلك يتنزل ما جاء في سائر الأحاديث، وبه يجمع بين ما ظاهره الاختلاف منها.
وفيه حكمة اللَّه في عباده، كيف أقام كلا منهم فيما شاء، فحبب إلى أكثر الصحابة السؤال عن وجوه الخير ليعملوا بها، ويبلغوها غيرهم، وحبب لحذيفة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه السؤال عن الشر ليجتنبه، ويكون سببا في دفعه عمن أراد اللَّه له النجاة، وفيه سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم، ومعرفته بوجوه الحكم كلها، حتى كان يجيب كل مسألة بما يناسبه.
ويؤخذ منه أن كل من حبب إليه شيء فإنه يفوق فيه غيره، ومن ثم كان حذيفة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه صاحب السرّ الّذي لا يعلمه غيره، حتى خصّ بمعرفة أسماء المنافقين، وبكثير الأمور الآتية.
ويؤخذ منه أن من أدب التعليم أن يعلم التلميذ من أنواع العلوم ما يراه مائلا إليه من العلوم المباحة، فإنه أجدر أن يسرع إلى تفهمه، والقيام به، وأن كل شيء يهدى إلى طريق الخير يسمى خيرا، وكذا بالعكس.
ويؤخذ منه ذم من جعل للدين أصلا خلاف الكتاب والسنة، وجعلهما فرعا لذلك الأصل الّذي ابتدعوه.
وفيه وجوب ردّ الباطل، وكل ما خالف الهدى النبوي، ولو قاله من قاله من رفيع أو وضيع.
[ (2) ] باب (13) وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، وفي كل حال. وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة، حديث رقم (1847) .
الحضرميّ أنه سمع أبا إدريس الخولانيّ يقول: سمعت حذيفة بن اليمان رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه يقول: كان الناس يسألون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول اللَّه إنّا كنا في جاهلية وشرّ فجاءنا اللَّه بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: نعم، فقلت: هل بعد ذلك شر من خير قال: نعم؟ وفيه دخن، قال: قلت: وما دخنه؟ قال:
قوم يسنتون بغير سنتي ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتذكر، فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول اللَّه، صفهم لنا، قال: نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: يا رسول اللَّه، فما تأمرنى إن أدركني ذلك؟ قال:
تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت فإن لم يكن جماعة ولا إمام؟ قال:
فتعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض [على أصل] شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك. اللفظ لمسلم، ولم يقل فيه البخاري: يسنتون بغير سنتي.
وذكر البخاري هذا الحديث أيضا في باب علامات النبوة في الإسلام [ (1) ] ، ولم يقل يستنون بغير سنتي، وفي رواية الأصيلي: قوم يهدون بغير هديي، وفي رواية أبي ذر: بغير هديي.
وخرجه البخاري [ (2) ] أيضا من حديث يحيى بن سعيد عن إسماعيل، حدثني قيس عن حذيفة، قال: تعلم أصحابى الخير، وتعلمت الشر.
ووجد بخط أبي إسحاق بن قرقول على هذا الحديث، قال أبو الحسن القابسي: ينبغي أن يتخذ هذا الحديث أصلا يرجع إليه عند نزول الحوادث.
وقد خرجه مسلم [ (3) ] أيضا من حديث يحيى بن حسان قال: حدثنا معاوية بن سلام قال: حدثنا زيد بن سلام، عن أبي سلام قال: قال حذيفة:
[ (1) ](فتح الباري) : 6/ 763- 764، كتاب المناقب، باب (25) علامات النبوة في الإسلام، حديث رقم (3606) .
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (3607) .
قلت: يا رسول اللَّه إنّا كنا بشرّ، فجاء اللَّه بخير، فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر؟ قال: نعم، قلت: هل وراء ذلك الشر خير؟ قال: نعم، قلت:
فهل من وراء ذلك الخير شر؟ قال: نعم، قلت: كيف؟ قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي سيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين أئمة في إنس، قال: قلت: كيف أصنع يا رسول اللَّه إن أدركت ذلك؟
قال: نسمع وتطيع، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك فاسمع وأطع.
قال الدار الدّارقطنيّ [ (1) ] : هذا عندي مرسل، أبو سلام لم يسمع من حذيفة، ولا من نظرائه الذين نزلوا العراق، لأن حذيفة توفي بعد قتل عثمان رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، وقد قال فيه: قال حذيفة، فهذا يدل على إرساله.
وخرج البيهقي [ (2) ] من طريق عباس بن الوليد بن مزيد قال: أخبرنى أبي قال: وسئل الأوزاعي عن تفسير حديث حذيفة حين سأل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الشر الّذي يكون بعد ذلك الخير، قال الأوزاعي: هي الردة التي كانت بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
[ () ](3)(مسلم بشرح النووي) : 12/ 479- 480، كتاب الإمارة، باب (13) وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، وفي كل حال، وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة، حديث رقم (52) .
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 12/ 480، ضمن شرح الحديث رقم (52)، قال الدار قطنى: هذا عندي مرسل، لأن أبا سلام لم يسمع حذيفة، وهو كما قال الدار قطنى، لكن المتن صحيح، متصل بالطريق الأول، وإنما أتى مسلم بهذا متابعة كما ترى، وقد قدمنا في (الفصول) وغيرها أن الحديث المرسل إذا روى من طريق آخر متصلا، تبين به صحة المرسل، وجاز الاحتجاج به، وبصير في المسألة حديثان صحيحان.
[ (2) ](دلائل البيهقي) : 6/ 491، باب ما جاء في إخباره صلى الله عليه وسلم بالشر الّذي يكون بعد الخير الّذي جاء به، ثم بالخير الّذي يكون بعد ذلك، ثم بالشر الّذي يكون بعده، وما يستدل به على إخباره بعمر بن عبد العزيز رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، وإشارته إلى ما ظهر من عدله وإنصافه في ولايته.
قال الأوزاعي: وفي مسألة حذيفة: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال:
نعم، وفيه دخن.
قال الأوزاعي: الخير الجماعة، وفي ولاتهم من تعرف سيرته، وفيهم من تنكر سيرته، قال: فلم يأذن له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في قتالهم ما صلوا الصلاة.
وخرج من طريق أبي داود الطيالسي [ (1) ] قال: حدثنا داود الواسطي- وكان ثقة- قال: سمعت حبيب بن سالم قال: سمعت النعمان بن بشير بن سعد في حديث ذكره، قال: فجاء أبو ثعلبة، قال: يا بشير بن سعد، أتحفظ حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الأمراء، وكان حذيفة قاعدا مع بشير، فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته، فجلس أبو ثعلبة
فقال حذيفة: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنكم في النبوة ما شاء اللَّه أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ما شاء اللَّه أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء، ثم تكون جبرية تكون ما شاء اللَّه أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة،
قال:
فقدم عمر يعنى ابن عبد العزيز، ومعه يزيد بن النعمان فكتبت إليه أذكره الحديث، وكتبت إليه أني أرجو أن يكون أمير المؤمنين بعد الجبرية، فأخذ يزيد الكتاب فأدخله على عمر فسرّ به وأعجبه.
وخرج الحاكم [ (2) ] من طريق سعيد بن عامر قال: حدثنا أبو عامر صالح بن رستم عن حميد بن هلال، عن عبد الرحمن بن قرط قال: دخلت المسجد فإذا حلقة كأنما قطعت رءوسهم، وإذا فيهم رجل يحدث، فإذا حذيفة قال: كانوا يسألون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أساله عن الشر كيما أعرفه فأتقيه، وعلمت أن الخير لا يفوتني، قال: فقلت: يا رسول اللَّه، هل بعد هذا الخير من شر؟ قال: يا حذيفة تعلم كتاب اللَّه واعمل بما فيه، ثم قال: في الثالثة: فتنه واختلاف، قلت: يا رسول اللَّه هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال:
يا حذيفة تعلّم كتاب اللَّه واعمل بما فيه قلت: يا رسول أبعد ذلك الشر من خير؟
[ (1) ](المرجع السابق) .
[ (2) ](المستدرك) : 4/ 478، كتاب الفتن والملاحم، حديث رقم (8330)، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : صحيح.
قال: فتن على أبوابها دعاة إلى النار، فلأن تموت وأنت عاض على جذل [شجرة] خير لك من أن تتبع أحدا منهم.
قال الحاكم [ (1) ] : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
قال كاتبه: هو معنى ما خرجاه في الصحيحين وتلك أحسن سياقة وأتم.
وخرج الحاكم [ (2) ] من طريق أبي داود الطيالسي قال: حدثنا أبو عوانة عن قتادة، عن نضر بن عاصم، عن سبيع بن خالد قال: خرجت إلى الكوفة زمن فتحت تستر لأجلب منها بغالا، فدخلت المسجد، فإذا صدع من الرجال تعرف إذا رأيتهم أنهم من رجال الحجاز، قال: قلت من هذا؟ قال: فحدثني القوم بأبصارهم وقالوا: ما تعرف هذا؟ هذا حذيفة صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:
فقال حذيفة: إن الناس كانوا يسألون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر.
قال: قلت يا رسول اللَّه! أرأيت هذا الخير الّذي أعطانا اللَّه يكون بعده شر كما كان قبله؟ قال: نعم، قلت: يا رسول اللَّه فما العصمة من ذلك؟
قال: السيف، وقلت وهل للسيف من بقية؟ قال: نعم، قال: قلت: ثم ماذا؟
قال: ثم هدنة على دخن، قال: جماعة على فرقة، فإن كان للَّه عز وجل يومئذ خليفة ضرب ظهرك وأخذ مالك، فاسمع وأطع، وإلا فمت وأنت عاضا بجذل شجرة، قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: يخرج الدجال، ومعه نهر ونار، فمن وقع في ناره أجره وحط وزره، ومن وقع في نهره، وجب وزره، وحط أجره، قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم إنما هي قيام الساعة.
وخرج الحاكم [ (2) ] من طريق أبي داود الطيالسي قال حدثنا أبو عوانه عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن سبيع بن خالد قال: خرجت إلى الكوفة زمن فتحت تستر لأجلب منها بغالا فدخلت المسجد فإذا صدع من الرجال تعرف إذا رأيتهم أنهم من رجال الحجاز، قال: قلت من هذا؟ قال: فحدقني القوم
[ (1) ] في (الأصل) : هذا حديث حسن صحيح الإسناد، وما أثبتناه من (المستدرك) ، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق منه.
[ (2) ](المرجع السابق) : حيث رقم (8332)، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : صحيح.
بأبصارهم وقالوا: ما تعرف هذا هذا حذيفة صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:
كان الناس سيألون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر.
قال: قلت: يا رسول اللَّه! أرأيت هذا الخير الّذي أعطانا اللَّه يكون بعده شر كما كان قبله؟ قال: نعم، قلت: يا رسول اللَّه فما العصمة من ذلك؟ قال:
السيف، وقلت: وهل للسيف من بقية؟ قال: نعم، قال: قلت: ثم ماذا؟ قال:
ثم هدنة على دخن، قال: جماعة على فرقة، فإن كان للَّه عز وجل يومئذ خليفة ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع، وإلا فمت وأنت عاض بجذل شجرة، قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: يخرج الدجال، ومعه نهر ونار، فمن وقع في ناره وحط وزره، ومن وقع في نهره وجب وزره، وحط أجره، قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم إنما هي قيام الساعة.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وخرج الإمام أحمد [ (1) ] من حديث زيد بن أرطاة عن بعض إخوته عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل شيء ينقص إلا الشر، فإنه يزاد فيه.
واللَّه تبارك وتعالى أعلم.
قال كاتبه: هو معنى ما خرجاه في الصحيحين وتلك أحسن سياقه وأتم.
[ (1) ](مسند أحمد) : 7/ 594، حديث رقم (26937) ، من حديث أبي الدرداء عويمر.