الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إنجاز اللَّه تعالى وعده للرسول صلى الله عليه وسلم وقتله صناديد قريش وإلقاؤهم في القليب
فخرج مسلم [ (1) ] من طريق حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم ثم ناداهم فقال: يا أبا جهل بن هشام، يا أمية بن خلف، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإنّي وجدت ما وعدني ربي حقا، فسمع عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه كيف يسمعون؟ وأني يجيبون وقد جيفوا؟ قال: والّذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا، ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر.
وخرج مسلم [ (2) ] من طريق روح بن عبادة قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة قال: لما كان يوم بدر وظهر عليهم نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، فألقوا في طوى من أطواء بدر. وساق الحديث بمعنى حديث ثابت عن أنس
وخرج البخاري [ (3) ] حديث روح، حدثنا سعيد بن أبى عروبة، عن قتادة قال: ذكر لنا أنس بن مالك، عن أبى طلحة أن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه وقالوا:
ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفير الركى، فجعل يناديهم
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 18/ 212- 213، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب (17) عرض مقعد الميت من الجن أو الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، حديث رقم (2874) . وهذا السحب إلى القليب ليس دفنا لهم، ولا صيانة، ولا حرمة، بل لدفع رائحتهم المؤذية، واللَّه أعلم.
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (2875) .
[ (3) ](فتح الباري) : 7/ 382، كتاب المغازي، باب (8) قتل أبي جهل، حديث رقم (3976) .
بأسمائهم وأسماء آبائهم فلان بن فلان ويا فلان بن فلان أيسركم أنكم أطعتم اللَّه ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟
قال: فقال عمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: يا رسول اللَّه ما تكلم من أجساد ولا أرواح لها فقال النبي صلى الله عليه وسلم والّذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم
قال قتادة: أحياهم اللَّه حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا [ (1) ] ، ونقيمة [ (2) ] وحسرة وندما.
وقال الواقدي في (مغازيه)[ (3) ] : قالوا: وأمر اللَّه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم بدر بالقلب أن تغور، ثم أمر بالقتلى فطرحوا فيها اللَّهمّ إلا أمية بن خلف فإنه كان مسمنا انتفخ من يومه فلما أرادوا أن يلقوه تزايل لحمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتركوه ونظر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى عتبة يجر إلى القليب وكان رجلا جسيما في وجهه أثر الجدري تغير وجه ابنه أبي حذيفة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا حذيفة كأنك ساءك ما أصاب أباك؟ قال: لا واللَّه يا رسول اللَّه، ولكني رأت لأبي عقلا وشرفا، كنت أرجو أن يهديه اللَّه للإسلام فلما أخطأه ذلك، ورأيت ما أصابه غاظني قال أبو بكر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: كان واللَّه يا رسول اللَّه أتقى في العشيرة من غيرة وقد كان كارها لوجهه، ولكن الحين ومصارع السوء.
فلما توافوا في القليب وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يطوف عليهم وهم مصرعون وأبو بكر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه يخبره بهم رجلا رجلا، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحمد اللَّه ويشكره ويقول: الحمد للَّه الّذي أنجز لي ما وعدني، فقد وعدني إحدى الطائفتين.
[ (1) ] في رواية الإسماعيلي: «وتندّما وذلة وصغارا» ، وأراد قتادة بهذا التأويل الرد على من أنكر أنهم يسمعون، كما جاء عن عائشة أنها استدلت بقوله تعالى: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى.
وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 3/ 610، حديث رقم (1206) من مسند أنس بن مالك رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، 4/ 610، حديث رقم (15921) ، من حديث أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري.
[ (2) ] في بعض المصادر: «تقمئة» ، «نقمة» ، «نقيمة» .
[ (3) ](مغازي الواقدي) : 1/ 111- 112.
قال: ثم وقف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على أهل القليب فناداهم رجلا رجلا:
يا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة، يا أمية بن خلف، يا أبا جهل بن هشام، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فإنّي قد وجدت ما وعدني ربي حقا، بئس القوم كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس وقاتلتموني ونصرني الناس، قالوا: يا رسول اللَّه! تنادي قوما قد ماتوا؟ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قد علموا أن ما وعدهم ربهم حقا.