الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما تصديق اللَّه تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم في إخباره بمكة لأبي جهل أنه يقتل فقتله اللَّه ببدر وأنجز وعده لرسوله
فخرج أبو نعيم [ (1) ] من حديث إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا عبد العزيز بن عمران، حدثنا سعيد بن محمد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: قال أبو جهل بن هشام: إن محمدا يزعم أنكم إن لم تطيعوه كان لكم منه ذبح، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنا أقول ذلك، فلما نظر إليه يوم بدر مقتولا قال: اللَّهمّ قد أنجزت لي ما وعدتني،
فوجه أبا سلمة بن عبد الأسد قبل أبي جهل، فقيل لابن مسعود رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: أنت قتلته؟ قال: بل اللَّه قتله، فقال أبو سلمة: فأنت قتلته؟ قال: نعم، فقال أبو سلمة: لو شاء لجعلك في كفه، قال ابن مسعود: فو اللَّه لقد قتلته وجردته، قال: فما علامته؟ قال: شامة سوداء ببطن فخذه اليسرى، فعرف أبو سلمة النعت، فقال جردته ولم تجرد قرشيا غيره،
وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: اللَّهمّ عليك بأبي جهل بن هشام
ودعاؤه صلى الله عليه وسلم على قوم آخرين، وقول ابن مسعود: فو الّذي بعث محمدا بالحق لقد رأيت الّذي سمى صرعى يوم بدر ثم سحبوا إلى القليب، قليب بدر.
وخرج البخاري [ (2) ] ومسلم [ (3) ] من حديث يوسف بن الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن عوف، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أنه قال: بينما أنا
[ (1) ](دلائل أبي نعيم) : 477- 478، حديث رقم (411) بسند اخر، (سيرة ابن هشام) :
3/ 182- 185، فقتل أبي جهل، (دلائل البيهقي) : 3/ 84- 86.
[ (2) ](فتح الباري) : 6/ 303، كتاب فرض الخمس، باب (18) من لم يخمس الأسلاب، ومن قتل قتيلا فله سلبه من غير أن يخمس، وحكم الإمام فيه، حديث رقم (3141) .
[ (3) ](مسلم بشرح النووي) : 12/ 402، كتاب الجهاد والسير، باب (41) قتل أبي جهل، حديث رقم (118) .
واقف في الصف يوم بدر نظرت عن يميني وعن شمالي فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانها فتمنيت أن لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟
قال: أخبرت أنه يسبّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم! والّذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يومت الأعجل منا قال: فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي مثلها فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يرفل إلى الناس.
وقال البخاري: يجول في الناس، فقلت: ألا تريان هذا صاحبكم الّذي تسألان عنه؟ قال: فابتدراه فضرباه بسيفهما حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال: أيكما قتله؟ فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال: هل مسحتما سيفيكما فقالا: لا فنظر في السيفين فقال كلاكما قتله، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء [ (1) ] ، ذكره البخاري في كتاب فرض الخمس في باب من لم يخمس الأسلاب.
وقال محمد بن إسحاق [ (2) ] حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما وعبد اللَّه بن أبي بكر أيضا قد حدثني ذلك قال معاذ بن عمرو بن الجموح أخو بني سلمة: سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة [ (3) ] وهم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه، فلما سمعتها جعلته من شأني، فصمدت نحوه فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه، فو اللَّه ما أشبهها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخه النوى حين تضرب بها، وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي فأجهضني القتال عنه، ولقد قاتلت عامة
[ (1) ] ثم قال بعد ذلك: قال محمد سمع يوسف صالحا، وسمع إبراهيم أباه عبد الرحمن بن عوف.
[ (2) ](سيرة ابن هشام) : 3/ 182- 184، فقتل أبي جهل عليه لعنة اللَّه تعالى.
[ (3) ] قال ابن هشام: الحرجة: الشجر الملتف، وفي الحديث عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: أنه سأل أعرابيّا عن الحرجة، فقال: هي شجرة من الأشجار لا يوصل إليها، وهم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه. (المرجع السابق) .
يومي وإني لأسحبها خلفي فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت حتى طرحتها، قال [ (1) ] : ثم عاش معاذ بعد ذلك حتى كان زمان عثمان رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: ثم مرّ بأبي جهل معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته فتركته وبه رمق، وقاتل معوذ، فمر عبد اللَّه بن مسعود بأبي جهل حين أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يلتمس في القتلى،
قال: ولقد قال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما بلغني-: انظروا إن خفي عليكم في القتلى إلى أثر جرح بركبته
فإنّي ازدحمت أنا وهو على مأدبة لعبد اللَّه بن جدعان ونحن غلمان، فكنت أسن منه بيسير، فدفعته فوقع على ركبتيه فجحش في إحداهما، جحشا لم يزل أثره [به] [ (2) ] . قال عبد اللَّه بن مسعود: فوجدته بآخر رمق، فعرفته، فوضعت رجلي على عنقه، وقد كان ضبث بي مرة بمكة فآذاني [ولكزني] [ (3) ] ثم قلت: هل أخزاك اللَّه أي عدو اللَّه؟ قال: وبماذا أخزاني عدا رجل قتلتموه، أخبرني لمن الدبرة؟ قلت اللَّه ورسوله أعلم،
وزعم رجال من بني مخزوم أن ابن مسعود كان يقول: قال لي: لقد ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبا، ثم احتززت رأسه ثم جئت به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول اللَّه، هذا رأس عدو اللَّه أبي جهل! فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: آللَّه الّذي لا إله غيره؟ قلت: نعم واللَّه الّذي لا إله غيره ثم ألقيت رأسه بين يديه، فحمد اللَّه [ (4) ] معنا.
وخرج البخاري [ (5) ] من حديث إسماعيل بن عليّة قال: حدثنا سليمان التميمي، حدثنا أنس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم بدر: من ينظر ما يصنع أبو جهل
فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد فقال: أأنت أبو جهل؟ قال: وهل فوق رجل قتلتموه؟ قال
[ (1) ] أي ابن إسحاق في (المرجع السابق) . ومرضخة النووي: كالإرزبة يدق بها النوى للعلف وأجهضتني: غلبتني.
[ (2) ] في (الأصل) : «بعد ذلك» وما أثبتناه من (سيرة ابن هشام) .
[ (3) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) . وضبث: قبض عليه ولزمه.
[ (4) ](المرجع السابق) : 184- 185، رأس عدوّ اللَّه بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
[ (5) ](فتح الباري) : 7/ 372، كتاب المغازي باب (8) قتل أبي جهل (3962) ، (3963) .
سليمان أو قال: قتله قومه. قال: وقال أبو مجلز: قال أبو جهل «فلو غير أكار قتلني. وخرج من طريق إسماعيل أنبأنا قيس عن عبد اللَّه أنه أتى أبا جهل وبه رمق يوم بدر، فقال أبو جهل هل أعمد من رجل قتلتموه [ (1) ] .
ومن طريق زهير حدثنا سليمان أن أنسا حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ينظر ما صنع أبو جهل؟
فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد قال: أنت أبو جهل؟ وقال أحمد بن يونس: عن زهير أنت أبو جهل؟ فأخذ بلحيته قال: وهل فوق رجل قتلتموه أو قتله قومه؟ [ (2) ] . وخرجه مسلم [ (3) ] من طريق ابن علية.
وخرج البيهقي [ (4) ] من طريق غنام بن على قال: حدثنا الأعمش عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه قال: انتهيت إلى أبي جهل وهو صريع وعليه بيضة، ومعه سيف جيد، ومعي سيف رث، فجعلت أنقف رأسه بسيفي وأذكر نقفا كان ينقف رأسي بمكة حتى ضعفت يدي فأخذت سيفه فرفع رأسه فقال على من كانت الدبرة؟ لنا أم علينا؟ أليست رويعينا بمكة؟
قال: فقتلته، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت قتلت أبا جهل؟ قال: آللَّه الّذي لا إله إلا هو؟ فاستحلفني ثلاث مرات ثم قام معي إليهم فدعا عليهم.
ومن طريق أبي صالح قال: حدثنا أبو إسحاق الفراري، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فقلت أبا جهل، فقال اللَّه الّذي لا إله إلا هو؟ قلت اللَّه الّذي لا إله إلا هو، مرتين أو ثلاثا قال: اللَّه أكبر، الحمد للَّه الّذي صدق عده، ونصر عبده، وهزم
[ (1) ](المرجع السابق) : باب (8) قتل أبي جهل، حديث رقم (3962) .
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (2963) .
[ (3) ]
(مسلم بشرح النووي) : 12/ 402، كتاب الجهاد والسير، باب (41) قتل أبي جهل، حديث رقم (1800) ، ثم قال حدثنا حامد بن عمر البكراوي، حدثنا أنس، قال: قال: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من يعلم لي ما فعل أبو جهل،
بمثل حديث ابن علية، وقول أبي مجلز كما ذكره إسماعيل.
[ (4) ](دلائل البيهقي) : 3/ 87- 88، باب إجابة اللَّه عز وجل دعوة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على كل من كان يؤذيه بمكة من كفار قريش حتى قتلوا مع إخوانهم.
الأحزاب وحده، ثم قال «انطلق فأرنيه فانطلقت فأريته فقال: هذا فرعون هذه الأمة [ (1) ] .
وقال الإمام أحمد [ (2) ] حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن أبي عبيده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن هذا فرعون أمتي، يعني أبا جهل.
وقال الواقدي [ (3) ] : وقف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على مصرع ابني عفراء فقال يرحم اللَّه ابني عفراء فهما شركاء في قتل فرعون هذه الأمة ورأس أئمة الكفر، فقيل: يا رسول اللَّه ومن قتله معهما؟ قال: الملائكة وابن مسعود شرك في قتله.
قال الواقدي: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الحمد اللَّه الّذي جعل خدّ أبي جهل الأسفل، وصرعة، وشفانا منه.
وذكر يونس بن بكير عن عنبة بن الأزهر، عن أبي إسحاق قال: لما جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم البشير يوم بدر بقتل أبي جهل استحلفه ثلاث أيمان باللَّه الّذي لا إله إلا هو، لقد رأيته قتيلا فحلف له فخرّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ساجدا وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم صلي ركعتين.
[ (1) ](المرجع السابق) : 88، وأخرجه أبو داود في الجهاد، باب (142) في الرخصة في السلاح يقال به في المعركة، حديث رقم (2709) عن محمد بن العلاء، عن إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن أبي عبيدة، عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه.
وأخرجه النسائي في السير من (السنن الكبرى) ، عن عمرو بن يزيد الجرمي، عن أبيه عن خالد القيسي، عن شعبة عنه ببعضه.
[ (2) ](مسند أحمد) : 1/ 665، حديث رقم (3814) مطولا، 666، حديث رقم (3815) مختصرا، كلاهما من مسند عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه.
[ (3) ]
(مغازي الواقدي) : 1/ 91، وفيه: «فقيل يا رسول اللَّه ومن قتله معهما؟ قال: الملائكة، وذافّه ابن مسعود، فكل قد شرك في قتله،
وما أثبتناه من (الأصل) . وذافّه: أجهز عليه.
(الصحاح) .