الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ظهور صدقه صلى الله عليه وسلم في موت عبد اللَّه بن سلام [ (1) ] على الإسلام من غير أن ينال الشهادة [فكان كما أخبر- توفي على الإسلام في أول أيام معاوية بن أبي سفيان سنة ثلاث وأربعين
-]
فخرج البخاري [ (2) ] من حديث ابن عون عن محمد [بن سيرين]، عن قيس بن عباد قال: كنت جالسا في مسجد المدينة فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة، فصلّى ركعتين فتجوز فيها ثم خرج وتبعته، فقلت: إنك حين دخلت المسجد قالوا: هذا رجل من أهل الجنة! قال: واللَّه ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم، وسأحدثك لم ذاك،
رأيت رؤيا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، ورأيت كأنى في روضة، ذكر من سعتها وخضرتها، وسطها عمود من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء، في أعلاه عروة، فقيل لي: ارق، فرقيت، حتى كنت في أعلاه فأخذت بالعروة، فقيل لي: استمسك فاستيقظت، وإنها لفي يدي، فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
تلك العروة الوثقى، فأنت تموت على الإسلام حين تموت وذلك الرجل عبد اللَّه ابن سلام.
[ (1) ] هو عبد اللَّه بن سلام بن الحارث، الإمام الحبر، المشهود له بالجنة، أبو الحارث الإسرائيلي، حليف الأنصار، من خواص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حدث عنه أبو هريرة، وأنس بن مالك، وعطاء بن يسار، وزرارة بن أوفى، وآخرون. له إسلام قديم بعد أن قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهو من أحبار اليهود. اتفقوا على أن ابن سلام توفى سنة ثلاث وأربعين. (تهذيب سير الأعلام) : 1/ 71- 72، ترجمة رقم (190) باختصار. وما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (الدلائل) .
[ (2) ](فتح الباري) : 7/ 162- 163، كتاب مناقب الأنصار، باب (19) مناقب عبد اللَّه بن سلام رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، حديث رقم (3813) .
وخرجه من حديث ابن عون، عن محمد [بن سيرين] ، حدثنا قيس بن عباد، عن ابن سلام قال: وصيف مكان منصف. ذكره في كتاب التعبير، في باب التعلق بالعروة والحلقة [ (1) ] .
ومن حديث ابن عون، عن محمد [بن سيرين] ، حدثنا قيس بن عباد، عن عبد اللَّه بن سلام، رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: كأني في روضة ذكر من سعتها وخضرتها، قال: ورأيت في وسط تلك الروضة عمودا وفي أعلى العمود عروة فقيل لي: ارقه، قلت: لا أستطيع، قال: فأتانى وصيف، فرفع ذلك الوصيف ثيابي من خلفي، فرقيت حتى كنت في أعلاه، فقيل لي:
استمسك بالعروة، قال: فاستمسكت بتلك العروة فانتبهت وإنها لفي يدي وأنا متمسك بها، فلما استيقظت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، فقال: تلك الروضة روضة الإسلام، وذلك العمود عمود الإسلام، وتلك العروة العروة الوثقى لا تزال مستمسكا بالإسلام حتى تموت [ (2) ] .
وخرجه مسلم [ (3) ] من حديث عبد اللَّه بن عون بهذا الإسناد أو نحوا أو قريبا مما تقدم أولا.
وخرجاه من حديث حرمي بن عمارة، قال: حدثنا قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين قال: قال قيس بن عباد فذكره.
ولمسلم [ (4) ] من حديث جرير عن الأعمش، عن سليمان بن مسهر، عن خرشة بن الحر، قال: كنت جالسا في حلقة في مسجد المدينة قال: وفيها شيخ حسن الهيئة وهو عبد اللَّه بن سلام، قال: فجعل يحدثهم حديثا حسنا قال: فلما قام قال القوم: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، قال:
[ (1) ] باب رقم (23) التعليق بالعروة الوثقى، حديث رقم (7014) .
[ (2) ](فتح الباري) : 11/ 496، كتاب التعبير باب (23) التعليق بالعروة والحلقة، حديث رقم (7014) . وأخرجه البيهقي في (الدلائل) : 6/ 461- 462.
[ (3) ](مسلم بشرح النووي) : 5/ 275، كتاب فضائل الصحابة باب (339) باب من فضائل عبد اللَّه بن سلام، رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، حديث رقم (148) .
[ (4) ](المرجع السابق) : 276- 277 حديث رقم (150) .
فقلت: واللَّه لاتبعنه فلأعلمن مكان بيته قال: فتبعته، قال: فانطلق حتى كاد أن يخرج من المدينة، ثم دخل منزله، قال: فاستأذنت عليه، فأذن لي، فقال:
ما حاجتك يا ابن أخي؟ فقلت له: سمعت القوم يقولون لك لما قمت: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، فأعجبني أن أكون معك، قال: اللَّه أعلم بأهل الجنة، وسأحدثك ممّ قالوا ذاك، إني بينما أنا نائم، إذ أتانى رجل فقال لي: قم، فأخذ بيدي، فانطلقت معه، قال: فإذا أنا بجواد عن شمالي، قال: فأخذت لآخذ فيها، فقال لي: لا تأخذ فيها، فإنّها طرق أصحاب الشمال، قال: فإذا جواد منهج على يميني فقال لي: خذها هنا، فأتى بي جبلا، فقال لي اصعد، قال: فجعلت إذا أردت أن أصعد خررت على استي، قال: حتى فعلت ذلك مرارا، قال: ثم انطلق بي حتى أتى بي عمودا رأسه في السماء وأسفله في الأرض، في أعلاه حلقة، فقال لي: اصعد فوق هذا! قلت:
كيف أصعد هذا ورأسه في السماء؟.
قال: فأخذ بيدي فزج بي، قال: فإذا أنا متعلق بالحلقة، قال: ثم ضرب العمود فخرّ، قال: وبقيت متعلقا بالحلقة حتى أصبحت.
قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، فقال: أما الطرق التي رأيت على يسارك، فهي طرق أصحاب الشمال، قال: وأما الطرق التي رأيت عن يمينك، فهي طرق أصحاب اليمين، وأما الجبل فهو منزل الشهداء، ولن تناله، وأما العمود فهو عمود الإسلام، وأما العروة فهي عروة الإسلام، ولن تزال متمسكا بها حتى تموت.
قال ابن عبد البر [ (1) ] : توفي في المدينة في خلافة معاوية سنة ثلاث وأربعين، وشهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعبد اللَّه بن سلام بالجنة.
[ (1) ](الاستيعاب) : 3/ 921- 922، ترجمة رقم (1561) .