الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بأن مارقة تمرق بين طائفتين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق فخرجوا على عليّ رضي اللَّه تبارك وتعالى اللَّه عنه وقتلهم فاقتضي ذلك أنه رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه على الحق
فخرج مسلم [ (1) ] من حديث القاسم بن الفضل الحداني قال: حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد الخدريّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلهم أولى الطائفتين بالحق.
وخرج من حديث أبي عوانه [ (2) ] عن قتادة، عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تكون في أمتي فرقتان فتخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولاهم بالحق.
ومن حديث سفيان عن حبيب [ (3) ] بن أبي ثابت عن الضحاك المشرقي عن أبي سعيد الخدريّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر فيه قوما يخرجون على فرقة مختلفة يقتلهم أقرب الطائفتين من الحقّ.
وخرج البيهقي [ (4) ] من طريق يعقوب بن سفيان الحميدي، حدثنا سفيان عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي قال: خطبنا الحسن بن على بالنخيلة حين صالح معاوية فقام فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: إن أكيس الكيس التّقي، وإن أعجز العجز الفجور، وإن هذا الأمر الّذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق أتركه لمعاوية
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 7/ 174، كتاب الزكاة، باب (47) ذكر الخوارج وصفاتهم، حديث رقم (150) .
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (51) .
[ (3) ](المرجع السابق) : حديث رقم (152) ، (153) .
[ (4) ](تاريخ الطبري) : 5/ 163، أحداث سنة (41) .
إرادة استصلاح المسلمين وحقن دماءهم، وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ [ (1) ] أقول قولي هذا، وأستغفر اللَّه لي ولكم.
وخرج من طريق حمّاد بن واصل قال: حدثتني فاطمة بنت الحارث عن أبيها أن عليا- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- كان يقول: الحسن- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- خالع سرباله.
ومن طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت يزيد بن حمير يحدث أنه سمع عبد الرحمن بن جبير يحدث عن أبيه قال: قلت للحسن بن علي: إن الناس يقولون إنك تريد الخلافة قال: قد كان جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت ويسالمون من سالمت تركتها ابتغاء وجه اللَّه وحقن دماء أمة محمد، ثم ابتزها بأتياس أهل الحجارة.
قال المؤلف- رحمه الله: كان أبو عبد اللَّه الحسن بن عليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أعلم باللَّه وأخوف له وأشحّ على دينه وأفقه من أن يأخذ بالإمامة التي وجبت له من اللَّه ورسوله عرضا من الدنيا، أو يعتاض بها شيئا من معاوية، وإنما كان الأمر في ذلك أنه ندب الناس إلي حرب معاوية وجهد فيه ووجّه قيس بن سعد وعبد اللَّه بن عباس على مقدمته، وأتبعهم بنفسه مرتحلا في عسكره فاختلف أصحابه عليه ميلا منهم إلى إيثار الدنيا، وغشوه وكاتبو معاوية، وسألوه الدنيا الخبيثة، ثم وثبوا على الحسن فانتبهوا رحله، فلما لم يجد رحمه الله للحق ناصرا، ولا لدين اللَّه ثائرا، ولا معينا، إلا شرذمة قليلة، خاف إن هو حارب بهم أن يصطلموا فلم يبق لدين اللَّه ناصر، ولا داع إليه، ولا قائم بحقه، فضن بأهل بيته عن الهلكة، كما فعل أبوه أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب، كرم اللَّه وجهه، فلما رأى الحسن رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه من فعل من معه، ما استدل به على خلافهم له، وميلهم
[ (1) ] الأنبياء: 111.
وأخرجه البيهقي في (الدلائل) : 6/ 444- 445، باب ما جاء في إخباره صلى الله عليه وسلم بسيادة ابن ابنته الحسن بن عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما، وإصلاحه بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكان كما أخبر.
عنه إلى الدنيا، وزهدهم في الآخرة، ورفضهم الحق، لم يسعه فيما بينه وبين اللَّه عز وجل إلا الإبقاء على نفسه وأهل بيته فراوغ حينئذ معاوية، ووثق في الشرط عليه، والأمان للناس جميعا، وأخذ عليه أشد ما أخذ اللَّه على أحد بالوفاء، إعطاء من نفسه، مثل ما دخل فيه عليّ رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه من الشورى، فتنبه رحمك اللَّه لما أوضحته، ولا تكن كأحد اثنين: أحدهما يرى أن الحسن حين رغب، عن معاوية حتى أنبه وقال: يا مسود وجوه المؤمنين [ (1) ] ! والثاني لقلة تفطنه أن الحسن باع الإمامة بعرض من الدنيا حتى لقد جعل ذلك بعض من زعم أنه فقيه، دليلا على بيع الجند الإقطاعات، والفقهاء الوظائف، وما كان الأمر إلا ما أوضحته، فتنبه لعلل الحوادث، وافحص عن أسباب الموجود، أن تظفر بأسرار اللَّه الكامنة في طي مخلوقاته، واحذر أن تعدّ من الذين يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ [ (2) ] فتكون ممن انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ [ (3) ] نسأل اللَّه العصمة في القول والعمل، من الزيغ والزلل. [آمين] .
[ (1) ] فقال: لا تعذلني، فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأى في المنام بنى أمية ينزون على منبره رجلا فرجلا، فساءه ذلك، فأنزل اللَّه عز وجل: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ وهو نهر في الجنة، إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إلى قوله تعالى: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يملكها بعدك بنو أمية. (الكامل في التاريخ) : 4/ 407، ذكر تسليم الحسن بن عليّ الخلافة إلى معاوية، في أحداث سنة إحدى وأربعين.
[ (2) ] الروم: 7.
[ (3) ] الحج: 11.