الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ظهور صدقه صلى الله عليه وسلم في إشارته إلى كيف يموت سمرة بن جندب [ (1) ] رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه
فخرج البيهقي [ (2) ] من حديث سفيان قال: حدثنا عبيد اللَّه بن معاذ حدثنا أبي، حدثنا شعبة عن أبي [مسلمة عن أبى][ (3) ] نضرة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعشرة في بيت من أصحابه: آخركم موتا في النار
فيهم سمرة ابن جندب. قال أبو نضرة: فكان سمرة آخرهم موتا.
قال البيهقي: رواته ثقات، إلا أن أبا نضرة العبديّ لم يثبت له عن أبي هريرة سماع.
وروى من وجه آخر موصولا، عن أبي هريرة فذكره من طريق يونس ابن عبيد، عن الحسن، عن أنس بن حكيم الضبيّ قال: كنت أمر بالمدينة فألقى أبا هريرة فيسألنى فلا يبدأ بشيء حتى يسألنى عن سمرة، فإذا أخبرت بحياته وصحته فرح وقال: إنا كنا عشرة في بيت، وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قام علينا [ (4) ] فنظر في وجوهنا، وأخذ بعضادتي الباب ثم قال: آخركم موتا في
[ (1) ] هو سمرة بن جندب بن هلال الفزاري، من علماء الصحابة رضوان اللَّه تعالى عليهم، نزل البصرة. له أحاديث صالحة، حدّث: ابنه سليمان، والحسن البصري، وابن سيرين، وجماعة. وبين العلماء فيما روى الحسن عن سمرة اختلاف في الاحتجاج بذلك، وقد ثبت سماع الحسن من سمرة، ولقيه بلا ريب، صرح بذلك في حديثين.
وكان زياد بن أبيه يستخلفه على البصرة إذا سار إلى الكوفة، ويستخلفه على الكوفة إذا سار إلى البصرة، وكان شديدا على الخوارج، قتل منهم جماعة. وكان الحسن وابن سيرين يثنيان عليه. رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه. مات سمرة سنة ثمان وخمسين. وقيل: سنة تسع وخمسين (تهذيب سير الأعلام) : 1/ 94، ترجمة رقم (269) .
[ (2) ](دلائل البيهقي) : 6/ 458، باب ما روى في إخباره صلى الله عليه وسلم نفرا من أصحابه بأن آخرهم موتا في النار.
[ (3) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
[ (4) ] كذا في (الأصل)، وفي (المرجع السابق) :«قام فينا» .
النار،
فقد مات منا ثمانية ولمن يبق غيري وغيره، فليس شيء أحب إليّ من أن أكون قد ذقت الموت
وخرج أيضا من طريق حماد عن على بن زيد عن أوس بن خالد، قال: كنت إذا قدمت على أبي محذورة فقلت لأبى محذورة: مالك إذا قدمت عليك وسألتني عن سمرة؟ وإذا قدمت على سمرة سألني عنك؟ فقال إني كنت أنا وسمرة وأبو هريرة في بيت، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: آخركم موتا في النار،
فمات أبو هريرة، ثم مات أبو محذورة، ثم سمرة.
قال البيهقي: بهذا وبصحبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، نرجو له بعد تحقيق قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [ (1) ] وقد قال بعض أهل العلم: إن سمرة مات في الحريق، فصدق قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. وبلغني عن هلال بن العلاء الرقى أن عبد اللَّه بن معاوية حدثهم عن رجل [قد] [ (2) ] سماه: أن سمرة استجمر فغفل عنه أهله، حتى أخذته النار [ (3) ] .
وقال: ابن عبد البر [ (4) ] : وكان زياد يستخلفه على البصرة ستة أشهر، وعلى الكوفة ستة أشهر، فلما مات زياد استخلفه على البصرة، فأقره معاوية عليها، عاما أو نحوه، ثم عزله، وكان شديدا على الحرورية، وكان إذا أتى بواحد منهم قتله ولم يقله ويقول: شر قتلى تحت أديم الأرض [ (5) ] يكفرون المسلمين، ويسفكون الدماء، فالحرورية ومن قاربهم في مذهبهم يطعنون عليه وينالون منه.
قال: وكانت وفاته بالبصرة [في خلافة معاوية][ (6) ] سنة ثمان وخمسين، سقط في قدر مملوءة ماء حارا، كان يتعالج بالقعود عليها من كزاز [شديد][ (7) ]
[ (1) ](المرجع السابق) : 459.
[ (2) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
[ (3) ](المرجع السابق) : 460.
[ (4) ](الاستيعاب) : 2/ 653- 655، ترجمة سمرة بن جندب رقم (1063) .
[ (5) ] كذا في (الأصل)، وفي (الاستيعاب) :«أديم السماء» .
[ (6) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
[ (7) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
أصابه فسقط في القدر الحارة فمات، فكان ذلك تصديقا [ (1) ]
لقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم له ولأبى هريرة، وثالث معهما: آخركم موتا في النار.
وروى أبو سعيد بن يونس من حديث داود بن المحبر عن زياد بن عبد اللَّه بن سمرة بن جندب، كان أصابه كزاز شديد، وكان لا يكاد أن يدفأ، فأمر بقدر عظيمة فملئت ماء وأوقد تحتها واتخذ فوقها مجلسا، وكان يصعد إليه بخارها فيدفئه، فبينا هو كذلك إذا خفت به. فظن أن ذلك الّذي قيل فيه [ (2) ] .
[ (1) ] في (الأصل) : «قصد بها» ، وما أثبتناه من (المرجع السابق) .
[ (2) ] قال البيهقي: وقد قال بعض أهل العلم: إن سمرة مات في الحريق فصدق بذلك قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يورد النار بذنوبه، ثم ينجو بإيمانه، فيخرج منها بشفاعة الشافعين. واللَّه تعالى أعلم. (دلائل البيهقي) : 6/ 460.