الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما استجابة اللَّه تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام في الحكم بن مروان
فخرج البيهقي [ (1) ] وغيره من حديث ضرار بن صرد قال: حدثنا عائذ عن حبيب، بن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد اللَّه المزني قال: سمعت عبد الرحمن ابن أبي بكر يقول: كان فلان يجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بشيء اختلج بوجهه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كن كذلك، فلم يزل يختلج حتى مات.
ومن حديث عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا صدقة بن أبي سعيد الحنفي عن جميع بن عمير التميمي، قال: سمعت عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما يقول: كنا على باب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ننتظره فخرج فاتبعناه حتى أتى عقبة من عقاب المدينة، فقعد عليها، [وقال] : يا أيها الناس لا يتلقين أحدكم سوقا، ولا يبيع مهاجر لأعرابى، ومن باع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن ردها رد معها مثل، أو قال: مثلي لبنها قمحا. قال: ورجل خلف النبي صلى الله عليه وسلم يحاكيه ويلحظه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كذلك كن، قال: فرفع إلى أهله فلبط به شهرين، فغشى عليه، ثم أفاق حين أفاق، وهو كما حكى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [ (2) ] .
ومن حديث السري بن يحيى، عن مالك بن دينار قال: حدثني هند بن خديجة [ (3) ] زوج النبي صلى الله عليه وسلم فرآه فقال: اللَّهمّ اجعل به وزغا، فزحف مكانه، [والوزغ ارتعاش][ (4) ] .
وقال أبو القاسم البغوي: عن محمد بن إسحاق بإسناده، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم، فجعل [الحكم][ (5) ] يغمز [النبي][ (6) ] بإصبعه، ثم ذكر الباقي.
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 239.
[ (2) ](المرجع السابق) : 239- 240.
[ (3) ] هو هند بن أبي هالة.
[ (4) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
[ (5) ](المرجع السابق) : 240.
[ (6) ](المرجع السابق) : 240.
وقال ابن عبد البر في ترجمة الحكم بن أبي العاصي [ (1) ] بن أميه بن عبد شمس، ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى يتكفأ، فكان الحكم بن أبي العاص يحكيه، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم يوما، فرآه يفعل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: فكذلك فلتكن، وكان
[ (1) ] هو الحكم بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي، عم عثمان بن عفان، أبو مروان بن الحكم، كان من مسلمة الفتح، وأخرجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من المدينة وطرده عنها، فنزل الطائف، خرج معه ابنه مروان. وقيل: إن مروان ولد بالطائف إلى أن ولى عثمان، فرده عثمان إلى المدينة، وبقي فيها وتوفى في آخر خلافة عثمان، قبل القيام على عثمان بأشهر فيما أحسب، واختلف في السبب الموجب لنفى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إياه، فقيل: كان يتحيل ويستخفى ويتسمع ما يسره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى كبار الصحابة في مشركي قريش وسائر الكفار والمنافقين، فكان يفشي ذلك عنه حتى ظهر ذلك عليه، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته، إلى أمور غيرها كرهت ذكرها.
ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى يتكفأ، وكان الحكم بن أبي العاصي يحكية، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم يوما فرآه يفعل ذلك. فقال صلى الله عليه وسلم:
فكذلك فلتكن، فكان الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ فعيره عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، فقال في عبد الرحمن بن الحكم يهجوه:
إن اللعين أبوك فارم عظامه
…
إن ترم ترم مخلّجا مجنونا
يمسى خميص البطن من عمل التقي
…
ويظل من عمل الخبيث بطينا
فأما قول عبد الرحمن بن حسان: إن اللعين أبوك، فروى عن عائشة من طرق ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره أنها قالت لمروان، إذ قال في أخيها عبد الرحمن ما قال [لما امتنع عن البيعة ليزيد بن معاوية بولاية العهد] : أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعن أباك وأنت في صلبه. وحدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عثمان بن حكيم، قال: حدثنا شعيب بن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدخل عليكم رجل لعين. قال عبد اللَّه: وكنت قد تركت عمرا يلبس ثيابه ليقبل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلم أزل مشفقا أن يكون أول من يدخل فدخل الحكم بن أبي العاصي.
(الاستيعاب) : 1/ 359- 360، ترجمة رقم (529) .
الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ،
فعيره عبد الرحمن بن حسان بن ثابت. فقال في عبد الرحمن بن الحكم يهجوه:
إن اللعين أبوك فارم عظامه
…
إن ترم ترم مخلجا مجنونا
يمسى خميص البطن من عمل التقى
…
ويظل من عمل الخبيث بطينا