الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ربح عبد اللَّه بن جعفر [ (1) ] في التجارة بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
فخرج البيهقيّ [ (2) ] من حديث أبي نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا فطر بن خليفة، عن أبيه زعم أنه سمع عمرو بن حريث قال: انطلق بي أبي إلى رسول
[ (1) ] هو عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم، السيد العالم، أبو جعفر القرشي الهاشمي، الحبشي، المولد، المدني الدار، الجواد بن الجواد ذي الجناحين. له صحبة ورواية، عداده في صغار الصحابة استشهد أبوه رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه يوم مؤتة فكفله النبي صلى الله عليه وسلم، ونشأ في حجره، وهو آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه من بني هاشم، وروي أيضا عن عمه على وعن أمه أسماء بنت عميس، حدث عنه أولاده: إسماعيل، وإسحاق، ومعاوية، وأبو جعفر الباقر، والشعبي وعروة، وآخرون، وله وفادة على معاوية، وكان كبير الشأن كريما، جوادا، يصلح للخلافة.
عن الحسن بن سعد، عن عبد اللَّه بن جعفر، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم بعد ما أخبرهم بقتل جعفر بعد ثالثه فقال:«لا تبكوا أخى بعد اليوم» ، ثم قال «ائتوني ببني أخي» ، فجيء بنا كأننا أفرخ، فقال:«أدعو لي الحلاق» فأمره فحلق رءوسنا، ثم قال: أما محمد، فشبه عمنا أبي طالب، وأما عبد اللَّه: فشبه خلقي وخلقي «، ثم أخذ بيدي، فأشالها، ثم قال: «اللَّهمّ اخلف جعفرا في أهله، وبارك لعبد اللَّه في صفقته» . قال: فجاءت أمنا، فذكرت يتمنا، فقال: «العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة؟ رواه أحمد في (المسند) .
قال أبو عبيدة: كان على قريش وأسد وكنانة يوم صفين عبد اللَّه بن جعفر. ولعبد اللَّه بن جعفر أخبار في الجود والبذل، وكان وافر الحشمة، كثير التنعم، وممن يستمع الغناء. وقال الواقدي ومصعب الزبيري: مات في سنة ثمانين، وقال المدائني: توفى سنة أربع أو خمس وثمانين، وقال أبو عبيد: سنة أربع وثمانين، ويقال: سنة تسعين. (تهذيب سير أعلام النبلاء) : 1/ 113، ترجمة رقم (327) .
[ (2) ](دلائل البيهقي) : 6/ 220- 221، باب ما جاء في دعائه صلى الله عليه وسلم لعروة البارقي في البركة في بيعه، وظهورها بعده في ذلك، وكذلك في تجارة عبد اللَّه بن جعفر بن أبى طالب. وقد ذكره الهيثمي في (المجمع) وقال: رواه أبو يعلي والطبراني ورجالهما ثقات.
اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا غلام شاب، فمر النبي صلى الله عليه وسلم على عبد اللَّه بن جعفر، وهو يبيع شيئا يلعب به، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم، قال: اللَّهمّ بارك له في تجارته.
وخرجه الواقدي في (مغازيه) من حديث محمد بن مسلمة عن يحيى بن موسى قال: سمعت عبد اللَّه بن جعفر يقول: أنا أحفظ حين دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على أمى فنعى لها أبى [ (1) ] . وذكر الحديث بطوله، ثم قال: فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا أساوم بشاة أخ لي [ (2) ]، فقال: اللَّهمّ بارك له في صفقته.
قال عبد اللَّه: فما بعت شيئا، ولا اشتريت شيئا إلا بورك فيه [ (3) ] .
[ (1) ] في (الأصل) : «مسلمة» و «موسى» ، وما أثبتناه من (مغازي الواقدي) .
[ (2) ] وتمامة:
فأنظر إليه وهو يمسح على رأس أخى، وعيناه تهراقان الدموع حتى تقطر لحيته، ثم قال: اللَّهمّ إن جعفرا قد تقدم إلى أحسن الثواب، فاخلفه في ذريته بأحسن ما خلفت أحدا من عبادك في ذريته، ثم قال: يا أسماء ألا أبشرك؟ قالت: بلى، بأبي أنت وأمى! قال: فإن اللَّه عز وجل جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة! قالت بأبي وأمي يا رسول اللَّه، فأعلم الناس ذلك! فقام رسول اللَّه وأخذ بيدي، يمسح بيده رأسي حتى رقى على المنبر، وأجلسنى أمامه على الدرجة السفلي، والحزن يعرف عليه، فتكلم فقال: إن المرء كثير بأخيه وابن عمه، ألا وإن جعفرا قد استشهد، وقد جعل اللَّه له جناحين يطير بهما في الجنة، ثم نزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فدخل بيته وأدخلنى، وأمر بطعام فصنع لأهلي، وأرسل إلى أخي فتغدينا عنده واللَّه غداء طيبا مباركا عمدت سلمى خادمته إلى شعير فطحنته، ثم نسفته، ثم أنضجته وأدمته بزيت، وجعلت عليه فلفلا. فتغديت انا وأخى معه، فأقمنا ثلاثة أيام في بيته، ندور معه كما صار في إحدى بيوت نسائه، ثم رجعنا إلى بيتنا، فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا أساوم بشاة أخ لي فقال: اللَّهمّ بارك له في صفقته. قال عبد اللَّه: فما بعت شيئا ولا اشتريت إلا بورك فيه. (مغازي الواقدي) : 2/ 766- 767، غزوة مؤتة.
[ (3) ] راجع التعليق السابق.