الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إخباره صلى الله عليه وسلم قباث بن أشيم [ (1) ] بن عامر بن الملوّح الكناني ويقال الليثي- بما قاله في نفسه، وقد انهزم فيمن انهزم يوم بدر
فقال الواقدي في (مغازيه)[ (2) ] : وكان قباث بن أشيم الكنانيّ يقول:
شهدت مع المشركين بدرا وإني لأنظر لقلة أصحاب محمد في عيني، وكثرة ما منعنا من الخيل والرجال، فانهزمت فيمن انهزم، فلقد رأيتني وإني لأنظر إلى المشركين في كل وجه وإني لأقول في نفسي: ما رأيت مثل هذا الأمر فرّ منه إلا النساء، وصاحبني رجل، فبينما هو يسير معي إذ لحقنا من خلفنا، فقلت لصاحبي: أبك نهوض؟ قال: لا واللَّه، ما هو بي، قال: وعقر فترفعت، فلقد صبحت غيقة قبل الشمس، كنت هاديا بالطريق ولم أسلك المحاج وخفت من الطلب فتنكيت عنها، فلقيني رجل من قومي بغيقة [ (3) ]، فقال: ما وراءك؟ قلت:
لا شيء! قتلنا، وأسرنا، وانهزمنا، فهل عنك من حملان؟ قال: فحملني على بعير، وزودني زادا حتى لقيت الطريق بالجحفة، ثم مضيت حتى دخلت مكة،
[ (1) ] هو قباث بن أشيم بن عامر بن الملوح الكناني ويقال التميمي، والأكثر قول من نسبه في كتاب، سكن دمشق. روي عنه عامر بن زياد الليثي وأبو الحويرث فإنه قال: سمعت عبد الملك بن مروان يقول لقباث بن أشيم قال: بل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أكبر مني وأنا أسن منه، ولد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام الفيل. ووقفت بي أمي على روث الفيل، وأنا أعقله.
وقال البخاري: حدثنا عبد اللَّه بن يوسف، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ثور، عن يونس بن يوسف، عن عبد الرحمن بن زياد، عن قباث بن أشيم الليثي قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: صلاة رجلين يؤمهما أحدهما أزكى عند اللَّه من صلاة ثمانية تتري، وصلاة ثمانية يؤمهما أحدهم أزكى عند اللَّه من صلاة مائة تتري. ذكره البخاري في (التاريخ) . (الاستيعاب) : 3/ 1303- 1304، ترجمة رقم (2165)، (الإصابة) : 5/ 407- 408، ترجمة رقم (7061) .
[ (2) ](مغازي الواقدي) : 1/ 97- 98. وترفعت: من رفع البعير في السير، أي بالغ.
(الصحاح) .
[ (3) ] غيقة: بين مكة والمدينة في بلاد غفار. (معجم البلدان) : 4/ 251، موضع رقم (8967) .
وإني لأنظر إلى الحيسمان بن حابس الخزاعي بالغميم، فعرفت أنه تقدم ينعى قريشا بمكة، فلو أردت أن أسبقه لسبقته، فتكبت عنه حتى سبقني ببعض النهار، فقدمت وقد انتهى إلى مكة خبر قتلاهم وهم يلعنون الخزاعي ويقولون:
ما جاءنا بخير، فمكث بمكة، فلما كان بعد الخندق قلت: لو قدمت المدينة فنظرت ما يقول محمد،
وقد وقع في قلبي الإسلام فقدمت المدينة فسألت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هو ذاك في ظل المسجد مع ملأ من أصحابه، فأتيته، وأنا لا أعرفه من بينهم، فسلمت، فقال: يا قباث بن أشيم، أنت القائل يوم بدر ما رأيت مثل هذا الأمر فرّ منه إلا النساء؟ قلت: أشهد أنك رسول اللَّه وأن هذا الأمر ما خرج مني إلى أحد قط وما ترمرمت [ (1) ] به إلا شيئا حدثت به نفسي فلولا أنك نبي ما أطلعك اللَّه عليه، هلم حتى أبايعك. فعرض علي الإسلام فأسلمت.
[ (1) ] ترمرم: حرك فاه: بالكلام. (الصحاح) .