الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما استجابة اللَّه سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فيمن أكل بشماله
فخرج مسلم من حديث أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شيبة قال: حدثنا زيد بن الحباب عن عكرمة بن عمار قال: حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع ان أباه حدثه أن رجلا أكل عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: كل بيمينك، قال: لا أستطيع، قال [صلى الله عليه وسلم] : لا استطعت، ما منعه إلا الكبر، قال: فما رفعها إلى فيه [ (1) ] .
وخرجه أبو نعيم [ (2) ] من طريق أبي داود الطيالسي، قال: حدثنا عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر بسر بن راعى العير [ (3) ] يأكل بشماله، فقال: كل بيمينك، فقال: لا أستطيع، قال [صلى الله عليه وسلم] :
لا استطعت، فما نالت يمينه إلى فيه بعد.
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 13/ 203، كتاب الأشربة، باب (13) آداب الطعام والشراب وأحكامهما، حديث رقم (107) . وفي أحاديث الباب استحباب الأكل والشرب باليمين، وكراهتهما بالشمال، وقد زاد نافع الأخذ والإعطاء، وهذا إذا لم يكن عذر، فإن كان عذر يمنع الأكل والشرب باليمين من مرض أو جراحة أو غير ذلك فلا كراهة في الشمال. قوله:«إن رجلا أكل» ، هذا الرجل هو بسر بضم الباء وبالسين المهملة ابن راعى العير بفتح العين وبالمثناة الأشجعي. كذا ذكره ابن مندة وأبو نعيم الأصبهاني، وابن ماكولا وآخرون، وهو صحابى مشهور عده هؤلاء وغيرهم في الصحابة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم. وأما قول القاضي عياض رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه أن قوله: ما منعه إلا الكبر، يدل على أنه كان منافقا فليس بصحيح، فإن مجرد الكبر والمخالفة لا يقتضي النفاق والكفر، لكنه معصية إن كان الأمر أمر إيجاب. وفي هذا الحديث جاز الدعاء على من خالف الحكم الشرعي بلا عذر، وفيه الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر في كل حال، حتى في حال الأكل، واستحباب تعليم الآكل آداب الأكل إذا خالفه (شرح النووي) .
[ (2) ] راجع التعليق السابق.
[ (3) ] هو بسر بن راعى العير الأشجعي،
روى الدارميّ، وعبد بن حميد، وابن حبان، والطبراني، من طريق عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر بسر.
ومن حديث محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، أن رجلا كان يأكل عند النبي صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كل بيمينك، قال: لا أستطيع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا استطعت، قال: فما رفعها بعد إلى فيه.
وخرج البيهقي [ (1) ] من حديث ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد ابن أبي حبيب أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأى سبيعة الأسلمية تأكل بشمالها، فقال: ما لها تأكل بشمالها؟ أخذها داء غزة. فقالت: يا نبي اللَّه إن في يميني قرحة، قال: وإن، قال يزيد: إن سبيعة لما مرت بعزة أصابها الطاعون وقتلها.
قال ابن لهيعة: وأخبرنى عثمان بن نعيم الرعينيّ، عن مغيرة بن نهيك الحجري، عن دخين الحجري، أنه سمع عقبه بن عامر يذكر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
بسر هذا بضم الباء الموحدة وبالسين والراء المهملتين. ذكره ابن مندة وأبو نعيم، وابن ماكولا وعدّ من الصحابة.
وذكر القاضي عياض أن قوله: ما منعه إلا الكبر يدل على أنه كان منافقا.
ورده النووي بأن مجرد الكبر لا يقتضي النفاق والكفر، ولكنه معصية إذا كان الأمر أمر إيجاب [ (2) ] .
[ () ] ابن راعى العير يأكل بشماله فقال: كل بيمينك. فقال: لا أستطيع فقال: لا استطعت فما نالت يمينه إلى فيه بعد.
وفي رواية: فما نالت يده فمه بعد. وقد قيل فيه: بشر بالمعجمة، وبذلك ذكره ابن مندة وأنكر عليه أبو نعيم، ونسبه إلى التصحيف، ولم يحك الدار قطنى وابن ماكولا فيه خلافا أنه بالمهملة، وأما البيهقي فحكى في (السنن) أنه بالمعجمة أصح، وأغرب ابن فتحون فاستدركه فيمن اسمه بشير (الإصابة) : 1/ 291- 292، ترجمة رقم (645) .
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 239.
[ (2) ] راجع ترجمته السابقة في أول الفصل.