الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الاستثناء المتصل والمنقطع]
قال ابن مالك: (فإن كان بعض المستثنى منه حقيقة فمتصل، وإلّا فمنقطع، مقدر الوقوع بعد «لكن» عند البصريين، وبعد «سوى» عند الكوفيّين).
ــ
فيكون من باب تسمية الشيء باسم الشيء إذا كان مجاورا له أو كان منه بسبب.
المبحث العاشر:
قد علم شمول الحدّ للمستثنى المفرّغ له العامل وإن كان ليس في الكلام لفظ مفرغ منه لكنّه مفرغ من العموم المفهوم من معنى الكلام المتقدم؛ لأنّ معنى: ما قام إلّا زيد: ما قام أحد إلا زيد، ولهذا ذكر النحاة أنّ تسمية هذا استثناء إنما هو بالنظر إلى المعنى، لا إلى اللفظ.
قال ناظر الجيش: لمّا أفهم قوله في الحدّ: تحقيقا أو تقديرا أنّ المستثنى نوعان (1)؛ أراد أن يبين حقيقة كلّ منهما، فقال (2): إن كان المستثنى بعض ما استثني منه حقيقة فهو متصل، نحو: قام الرجال إلّا زيدا، وإن لم يكن كذلك فهو منقطع، ومنفصل، وقيد البعض تحقيقه احترازا من المنقطع المستعمل، قال: فإنه لا يكون إلا مما يستحضر بوجه ما، عند ذكر المستثنى منه، وذكر ما نسب إليه، نحو: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ (3) ولأنّ ذكر العباد (4) يذكّر بالإله الحقّ فبهذا الاعتبار (5) لا يكون المستثنى غير بعض؛ إلّا لأنّ المستثنى منه لا يتناوله وضعا (6)، فإن تناوله بغير ذلك فله حظّ من البعضية مجازا، ولذلك قيل له: مستثنى، فإن لم يتناوله بوجه من الوجوه لم يصح استعماله، لعدم الفائدة، ثم مثل لذلك بما تقدّم، من:(صهلت الخيل إلّا البعير)، قال: فلو قلت: صوتت الخيل إلا البعير لجاز؛ -
(1) أي متصل، ومنقطع.
(2)
شرح التسهيل لابن مالك (2/ 269).
(3)
من الآية 77 من سورة الشعراء.
(4)
أي في قوله تعالى: قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ [الشعراء: 75]: «سواء كان من جنس الأول، نحو: قام بنوك إلا ابن زيد، أو لم يكن نحو: قام القوم إلا حمارا» ا. هـ.
(5)
أي استحضار ذكر الإله الحق عند ذكر العبادة.
(6)
المعنى أن الاستثناء في الآية الكريمة: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ وما في صورتها منقطع، لأن المستثنى ليس بعض المستثنى منه وضعا، أي في اللفظ، وإن كان له ارتباط معنوي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأن التصويت يستحضر بذكره الخيل، وغيرها من المصوّتات، فكان لذلك بمنزلة الداخل فيما قبله.
وهذا الكلام من المصنّف موافق لكلامه في الحدّ، ولما تقدم تقديره عنه في المبحث السابع من المباحث السابقة، وقد علم ما فيه، وإنّما عدل المصنّف عن لفظ الجنسيّة إلى لفظ البعضية (1)؛ لأنّ المستثنى قد يكون بعض ما هو من جنسه، هو منقطع، غير متصل، كقولك: قال بنوك، إلا ابن زيد.
قال الشيخ: وهذا الذي ذكره المصنف من أنّه إذا لم يكن (2) بعض المستثنى منه حقيقة - هو المنقطع - هو مذهب الأستاذ أبي علي (3) ورده بعض أصحابنا بقوله تعالى: لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى (4)، فالموتة الأولى هي بعض الموت، والاستثناء مع ذلك منقطع (5). انتهى.
وفي هذا الرد نظر أمّا أولا: فلأنا لا نسلّم أنّ الموتة الأولى هي بعض الموت المنفيّ؛ لأن المنفي هو الموت في الجنة، والموتة الأولى ليست بعضه قطعا (6).
ثم قال الشيخ: والصحيح أن يقال: الاستثناء المنقطع هو ألّا يكون المستثنى بعض المستثنى منه، أو يكون بعضه إلا أنّ معنى العامل غير متوجّه عليه (7). انتهى.
ثم إنّ (إلّا) - فيه - تقدر عند الكوفيين بـ (سوى)، وعند البصريين بـ (لكن) كما أشار إليه (8)، وهل تقديرهما عندهم بـ (لكن) تقدير معنى، أو على أنّ -
(1) أي قال المصنف: «فإن كان - أي: المستثنى - بعض المستثنى منه» : ولم يقل: فإن كان المستثنى من جنس المستثنى منه.
(2)
أي: المستثنى.
(3)
قال في التوطئة (ص 310): «والمنقطع الذي لا يمكن أخذه بدلا البتة، نحو: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ [هود: 43]. وينظر: المساعد لابن عقيل (1/ 550).
(4)
سورة الدخان: 56.
وهذا الاستثناء بالضد، أي: ذاقوها في الدنيا، ولا يمكن أن تكون في الجنة، فهذا ضد لإمكان ارتفاعهما، وتعذر اجتماعهما. ينظر: الاستغناء في أحكام الاستثناء (ص 101)، وشرح الألفية لابن الناظم (289).
(5)
ينظر التذييل والتكميل (3/ 503)، والتوطئة (ص 280).
(6)
ينظر: الاستغناء في أحكام الاستثناء (ص 101).
(7)
ينظر: التذييل والتكميل (3/ 502).
(8)
يراجع هذا في: المساعد لابن عقيل (1/ 551).