الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[صياغة وحكم اسم الفاعل المشتق من العدد]
قال ابن مالك: (فصل: [3/ 74] يصاغ موازن «فاعل» من اثنين إلى عشرة، بمعنى بعض أصله، فيفرد، أو يضاف إلى أصله، وينصبه إن كان اثنين، لا مطلقا خلافا للأخفش، ويضاف المصوغ من تسعة فما دونها إلى المركّب
المصدّر بأصله، أو يعطف عليه العشرون وأخواته، أو تركّب معه العشرة، تركبها مع النّيّف مقتصرا عليه، أو مضافا إلى المركّب المطابق له، وقد يعرب الأوّل مضافا إلى الثّاني مبنيّا، عند الاقتصار على ثالث عشر ونحوه، ويستعمل الاستعمال المذكور في الزائد على عشرة الواحد مجعولا حاديا).
قال ناظر الجيش: قال المصنف (1): موازن (فاعل) من ثلاثة إلى عشرة بمعنيين:
أحدهما: أن يكون بمعنى أصله، أي بمعنى بعض ما صيغ منه، ويستعمل هذا مفردا، كـ:(ثالث) إلى عاشر، ومضافا إلى أصله، كـ: ثالث ثلاثة، وعاشر عشرة (2)، وأجاز الأخفش تنوينه، والنصب فيه، وما ذهب إليه غير مرضيّ (3)؛ لأنّ موازن (فاعل) المشار إليه إذا أريد به معنى بعض لا فعل له، إلا أن يكون ثانيا، فإن العرب تقول: ثنيت الرجلين، إذا كنت الثاني منهما فمن قال: ثان اثنين بهذا المعنى عذر؛ لأنّ له فعلا، ومن قال: ثالث ثلاثة لم يعذر؛ لأنّه لا فعل له (4). -
(1) شرح التسهيل (2/ 412).
(2)
قال ابن عقيل في المساعد (2/ 95): «وإنما قال المصنف: «من اثنين» وإن كان (فاعل) استعمل فيما قبل ذلك كواحد؛ لأنّ المقصود بيان ما يضاف إلى أصله ويفرد، وهذا لم يضع من اسم العدد، كـ «ثان» ، وما معه، فلا يأتي فيه الاستعمالان؛ لأنه اسم العدد، ولكنه جار على الفعل كـ «ثان» وباقيها .. إلا أن واحدا ليس له أصل يضاف إليه بخلاف الباقي». اه.
(3)
ينظر رأي الأخفش في: التذييل والتكميل (4/ 285)، والمساعد لابن عقيل (2/ 95).
(4)
قال أبو حيان: «ويفهم من كلام المصنف أنّه إذا كان اسم الفاعل ثانيا فإنه ينصب اثنين، وليس ذلك بحتم، بل يجوز الإضافة، ولا يتحتّم - يعني النصب» . اه. التذييل والتكميل (4/ 288).
وقال المرادي - في شرح التسهيل (2/ 177 / أ) -: «واختلف في جواز نصبه - أي اسم الفاعل من العدد - أصله على ثلاثة أحوال:
المنع: وهو مذهب الجمهور.
والجواز: وهو مذهب الأخفش، ونسبه بعضهم إلى ثعلب، وكذلك نسبه المصنف إليه في الكافية، قال: وثعلب أجاز نحو: رابع أربعة، وماله من تابع، ونسبه صاحب البديع إلى الكسائي، وصاحب الإفصاح إلى الكسائي وقطرب. -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمعنى الثّاني: أن يكون موازن (فاعل) المصوغ من ثلاثة إلى عشرة، بمعنى:
جاعل ما تحت أصله معدودا به، نحو: هذا ثالث اثنين، بمعنى: جاعل اثنين بنفسه ثلاثة، فلك في هذا أن تضيفه، وأن تنوّنه، وتنصب به؛ لأنه اسم فاعل فعل مستعمل، فإنّه يقال: ثلاث اثنين إلى عشرة التسعة (1).
ومضارع (ربع، وسبع، وتسع) مفتوح العين، ومضارع البواقي مكسورها (2)، ولم يستعمل بهذا المعنى (ثان) فيقال: هذا ثان واحدا، بمعنى: جاعل واحدا بنفسه اثنين، بل استعمل (ثان) بمعنى: بعض اثنين (3)، ويقال: تاسع تسعة عشر، وتاسعة تسع عشرة، إلى: حادي أحد عشر، وحادية إحدى عشرة، وإلى هذا أشرت بقولي: ويضاف المصوغ من تسعة فما دونها، إلى المركب المصدّر بأصله؛ أي يضاف (تاسع) إلى المركّب المصدّر بـ (تسعة) و (حاد) إلى المركّب المصدّر بـ (أحد) وكذلك ما بينهما (4)، ثم قلت: أو يعطف عليه العشرون وأخواته، فأشرت إلى أنّه يقال: التاسع والعشرون، والحادي والعشرون، والتاسع والتسعون، والحادي والتسعون. وكذا ما بين التاسع والحادي، فيما بين التسعين والعشرين. ثمّ قلت: أو يركب معه العشرة، تركيبها مع النّيّف، مقتصرا عليه، فأشرت إلى أنّه يقال: التاسع عشر، والحادي عشر (5)، فيبنى الصدر والعجز، كما يبنى الصدر والعجز من (تسعة عشر)، ويجعل عجز هذا المركّب في التذكير -
- الثالث: التفصيل بين أن يكون ثانيا فيجوز، وغيره فيمتنع، وهو اختيار المصنف». اه.
وينظر: شرح الكافية (2/ 1684) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي، وشرح فصول ابن معط (2/ 527).
(1)
وفي شرح الكافية لابن مالك (2/ 1684): «والمستعمل مع ما سفل يجوز أن يضاف، وأن ينون، وينصب ما يليه، فيقال: هذا رابع ثلاثة، ورابع ثلاثة، ورابعة ثلاث، ورابعة ثلاثا؛ لأن المراد:
هذا جاعل ثلاثة أربعة، فعومل معاملة ما هو بمعناه، ولأنه اسم فاعل حقيقة، فإنه يقال: ثلثت الرجلين، إذا انضممت إليهما فصرتم ثلاثة، وكذلك: ربعت الثلاثة إلى عشرت التسعة، ففاعل هذا بمعنى جاعل، وجار مجراه لمساواته له في المعنى، والتفرع على فعل».
(2)
يثلث، يخمس، يسدس، يثمن، يعشر.
(3)
كقوله تعالى: ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ [التوبة: 40].
(4)
ويعرب اسم الفاعل، لزوال التركيب، إذا كان أصله: تاسع عشرة، تسعة عشر.
(5)
وكذلك ما بينهما، وتقول: التاسعة عشرة، والحادية عشرة، بتاء التأنيث فيهما في المؤنث. ينظر:
التذييل والتكميل (4/ 290).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والتأنيث، كما كان مع أحد وإحدى، وأخواتهما، ويعطى صدره ما لاسم الفاعل، من لحاق التاء في التأنيث، وسقوطها في التذكير، فنجد أنّ هذا التركيب يقتصر عليه غالبا، إن كان (ثالثا) ونحوه.
وقد يضاف هذا المركب إلى المركّب المصدّر بأصل ما صدّر به المضاف، فيقال:
هذا حادي عشر أحد عشر، وثاني عشر اثني عشر إلى تاسع عشر تسعة عشر (1)، وإلى هذا أشرت بقولي: أو مضافا إلى المركب المطابق له، فأول هذين المركبين مضاف إلى ثانيهما، وكلاهما مبنيّ (2)، وقد يقتصر على صيغة (فاعل) وتاليه، مضافا ومضافا إليه؛ مع إعراب الأول وبناء الثاني على تقدير تركيبه، مع ما صيغ منه (فاعل) فيقال: هذا ثالث عشر، ورأيت ثالث عشر، ومررت بثالث عشر، برفع (ثالث) ونصبه، وجرّه (3)، وبناء (عشر) (4) على تقدير: ثالث ثلاثة عشر، فحذف الصدر، ونوي بقاؤه، فاستصحب بناء العجز.
وهذا شبيه بقول من قال: لا حول لا قوّة إلا بالله، على تقدير: لا قوة، بالتركيب والبناء، ثمّ حذفت (لا) ونوي بقاؤها، فاستصحب البناء، ويستعمل استعمال (فاعل) المصوغ من (اثنين) وأخواته (أحد) مجعولا حاديا، و (واحدة) مجعولة حادية، فيقال في التركيب: حادي عشر، وحادية عشرة، ومع عطف (عشرين) وأخواته: الحادي والعشرون، والحادية والعشرون (5)، وهذا زيادة بيان لما تقدّم من ذكر ذلك (6). انتهى كلام المصنّف. ويتعلق به ذكر أمور:
الأول: الإشارة إلى تلخيص المسائل المذكورة في هذا الفصل، فنقول: إنّ اسم -
(1) هذا في المذكر، ويقال في المؤنث: تاسعة عشرة تسع عشرة، إلى: حادية عشرة إحدى عشرة، ولا يتغير اسم الفاعل المركّب، ولا ما أضيف إليه من العدد المركب، بحسب العوامل؛ لأنهما مبنيان لأجل التركيب.
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 292)، وشرح الكافية (2/ 1686).
(2)
والمركب الثاني في محل جرّ بالإضافة لتنزله منزلة (ثلاثة) من: ثالث ثلاثة.
ينظر: شرح فصول ابن معط (2/ 528).
(3)
معربا على حسب العوامل؛ لانتفاء التركيب.
(4)
اقتصارا على السماع، وإن كان القياس إعرابه، لخلوه من التركيب.
ينظر: شرح فصول ابن معط (2/ 528).
(5)
وكذلك باقي أخوات العشرين. ينظر: المرجع السابق (4/ 289).
(6)
ينظر: شرح المصنف (2/ 413).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الفاعل المصوغ من اسم العدد؛ إما أن يستعمل دون تركيب وعطف، أو مع تركيب، أو مع عطف والذي دون تركيب وعطف إمّا أن يستعمل مفردا أي وحده، دون شيء معه، وإما غير مفرد، وغير المفرد إما أن يذكر مع ما
هو أصله، وإمّا أن يذكر مع ما هو تحت أصله.
فالمفرد: كقولك: الثاني، والثالث، والرابع، والثانية، والثالثة، والرابعة إلى العاشر والعاشرة، والمراد بكلّ منها: الدلالة على أنّ المذكور هو في هذه الرتبة من العدد (1)، كما يفهم من قولنا: الحديث الثالث، الحديث الخامس، الحديث العاشر، وقولنا: المسألة الثالثة، المسألة الخامسة، المسألة العاشرة.
وإنّما قال المصنف: يصاغ موازن (فاعل) من اثنين إلى عشرة؛ لأنّ ما دون اثنين وضع من أوّل أمره على (فاعل)، كـ واحد، وواحدة، فلم يكن هذا الصوغ له متجددا.
وغير المفرد الذي يذكر مع ما هو أصله: كقولك: هذا ثاني اثنين، وزيد ثالث ثلاثة، وعمرو رابع أربعة، وهذه ثانية اثنين، وثالثة ثلاث، ورابعة أربع إلى آخرها، والمراد به بعض أصله؛ لأن معنى رابع أربعة: بعض جماعة عدتهم الأربعة، وهذا القسم يتعين جرّ ما بعده، بإضافته إليه عند الجمهور.
وفيه مذهبان آخران:
أحدهما: جواز النّصب مطلقا، وذلك إذا وجد الشرط المصحح لعمل اسم الفاعل؛ لأنّ حكمه حكمه، وقد أشار المصنف إلى هذا المذهب، ونسبه إلى الأخفش، والمغاربة ينسبونه [3/ 75] إلى ثعلب، ونسبه قوم إلى الكسائيّ، وقوم إلى قطرب، ويجوز أنّ كلّا من الجماعة المذكورين قال به، فتوافقت أقوالهم، وهذا هو الظاهر؛ إذ النقول لا تدفع. -
(1) في البرهان في علوم القرآن للإمام الزركشي، تحقيق الأستاذ/ محمد أبو الفضل إبراهيم، طبعة. بيروت (4/ 117، 118): «أن يراد به واحد من ذلك العدد، فهو يضاف للعدد الموافق له، نحو: رابع أربعة، وخامس خمسة، وليس فيه إلا الإضافة خلافا لثعلب، فإنه أجاز: ثالث ثلاثة، بالتنوين، قال تعالى: ثانِيَ اثْنَيْنِ [التوبة: 40] التوبة، وهذا القسم لا يجوز إطلاقه في حق الله تعالى، ولهذا قال الله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة: 73]» . اه.
وينظر: شرح الكافية (3/ 1684).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثانيهما: التفصيل، فإن كان اسم الفاعل ثانيا جاز النصب بشرطه، وإن كان غيره وجبت إضافته إلى ما يليه، وهذا المذهب هو اختيار المصنّف، كما عرفت، وسيأتي الكلام معه فيما استدلّ به على مختاره.
وغير المفرد الذي يذكر مع ما هو تحت أصله: كقولك: ثالث اثنين، ورابع ثلاثة، وثالثة اثنين، ورابعة ثلاث، إلى آخرها، والمراد به أنه جاعل ما دونه من اسم العدد المذكور في رتبته، أي صيّر الاثنين به ثلاثة، وصيّر الثلاثة
أربعة، كأنّها صارت به كذلك، فهو الجاعل لها في هذه الرتبة، وهذا القسم يجوز فيه الأمران باتفاق، أعني الإضافة، والنصب بشرطه (1)، وسيذكره المصنف، في بقية الفصل.
وأما المستعمل في التركيب: فإمّا مع ما هو أصله، وإمّا مع ما هو تحت أصله.
أما المستعمل مع ما هو أصله: ففي كيفية استعماله أوجه:
الأول: أن يأتي باسم الفاعل خاصة، ويضيفه إلى المركب برمّته، فيقال: حادي أحد عشر، وحادية إحدى عشرة، إلى تاسع تسعة عشر، وتاسعة تسع عشرة، ولا شكّ في إعراب اسم الفاعل حينئذ؛ لانتفاء التركيب الموجب للبناء، والأصل فيه: تاسع عشر تسعة عشر، وتاسعة عشرة تسع عشرة، ثم حذف العجز، واقتصر على الصّدر، وليس في عبارة المصنّف إشعار بأنّ الأصل كذلك، ثم حصل حذف الثاني، والاقتصار على الأول، وسيذكر هذا الوجه بعد.
الوجه الثاني: أن يأتي باسم الفاعل، ويركّب معه العشرة تركّبها مع النيّف، ويقتصر على ذلك، ويبنى الجزءان - أعني النّيّف مع العقد - وذلك نحو أن يقال:
ثالث عشر، وثالثة عشرة، إلى آخرها (2). والذي فهمته من كلام المصنف أنّ هذا -
(1) ينظر: البرهان في علوم القرآن (4/ 118) حيث قال الإمام الزركشي: «أن يكون بمعنى التصيير، وهذا يضاف إلى العدد المخالف له في اللفظ، بشرط أن يكون أنقص منه بواحد، كقولك: ثالث اثنين، ورابع ثلاثة، وخامس أربعة، كقوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ [المجادلة: 7]، أي يصيرهم بعلمه وإحاطته أربعة وخمسة» . اه.
وينظر: شرح الكافية (3/ 1684)، وفي اللسان «ثلث»: «ولو قلت: أنت ثالث اثنين جاز أن يقال:
ثالث، وكذلك لو قلت: أنت رابع ثلاثة، وأنت رابع ثلاثة، جاز ذلك». والكتاب (2/ 172).
(2)
قال الشيخ أبو حيان - في التذييل والتكميل (4/ 290) -: «مثاله: التاسع عشر، والحادي عشر، وكذلك ما بينهما، وتقول: التاسعة عشرة، والتاسعة عشرة، بتاء التأنيث فيهما، في المؤنث» . اه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تركيب مستقلّ بنفسه، وهو أنّا ركّبنا لفظ (عشرة) مع اسم الفاعل، مقتصرين على ذلك، تاركين التركيب الثاني برمّته، لم تذكره، ولا تقدره أيضا، لكنّ المغاربة يذكرون أنّ أصل هذا التركيب: ثالث عشر ثلاثة عشر، فحذف العقد من الأول، والنيّف من الثاني.
الوجه الثالث: أن يأتي بنحو هذا التركيب، الذي هو الوجه الثّاني، لكن يعرب الجزء الأول، ويستمرّ الجزء الثاني على
البناء، وهذا الوجه هو الذي أشار إليه المصنّف، بقوله: وقد يعرب الأول مضافا إلى الثّاني مبنيّا.
وقد قال المصنف: إنّ التقدير فيه: ثالث ثلاثة عشر، فحذف الصدر، ونوي بقاؤه، واستصحب بناء العجز لذلك (1).
الوجه الرابع: أن يأتي باسم الفاعل، مركّبا معه العشرة، ويأتي بعده بالمركب المصدّر بأصل ما صدّر به الأول، كقولك: حادي عشر أحد عشر، إلى: تاسع عشر تسعة عشر، وحادية عشرة إحدى عشرة، إلى تاسعة عشرة تسع عشرة (2)، وهذه الأوجه الأربعة هي التي تضمنها كلام المصنف.
وذكر الشيخ أن الأوجه المتفق عليها، والمختلف فيها في المسألة خمسة:
الأول: حادي عشر أحد عشر، فتبنيهما، وتضيف التركيب الأول إلى الثاني، وهذا هو الأصل، وهو أقلّها.
الثاني: حادي أحد عشر، بحذف (عشر) من الأول، وإعراب ما بقي منه، وهو أكثر استعمالا من الأول. -
(1) ينظر: شرح الكافية لابن مالك (2/ 1686) وشرح فصول ابن معط، رسالة حيث قال في (2/ 528):«وهو: أن تحذف الثاني والثالث، وتنطق بالأول والرابع، معربا الأول؛ لانتفاء التركيب، وتبني الثاني - وإن كان القياس إعرابه لخلوّه من التركيب؛ لأنه اقتصر فيه على السماع» . اه.
(2)
في التذييل والتكميل (4/ 292): «ولا يتغير اسم الفاعل المركب، ولا ما أضيف إليه من العدد المركب بحسب العوامل؛ لأنهما مبنيان لأجل التركيب» . اه. وفي شرح فصول ابن معط (2/ 528):
وفي شرح الكافية (2/ 1686): «
…
بأربع كلمات، مركبا أولاهن مع الثانية، وثالثتهن مع الرابعة، والمركب الأول مضاف إلى الثاني إضافة فاعل إلى ما اشتق منه». اه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثالث: حذف العقد والنيف - يعني العقد من الأول، والنّيّف من الثاني - وبناء ما بقي مرادا ما حذف منهما.
الرابع: حذفهما، وإعراب ما بقي.
الخامس: إعراب اسم الفاعل، مع حذف عقده، وبناء (عشر) مع حذف نيفه. انتهى (1).
وأقول: أما الوجه الأول من هذه الخمسة فقد أشار إليه المصنف، بقوله:
أو مضافا إلى المركب المطابق له بعد قوله: أو تركب معه العشرة، تركبها مع النيف مقتصرا عليه؛ فإنّ مراده أن تأتي بالتركيب الأول، مقتصرا عليه، وتضيفه إلى المركّب المطابق له.
وأما الوجه الثّاني: فأشار إليه بقوله أولا: ويضاف المصوغ من تسعة فما دونها إلى المركب المصدّر بأصله، وإنّما بدأ به المصنف، لأنه أكثر استعمالا من الذي ذكرناه الآن قبله، كما عرفت، ولكن ليس في كلام المصنف إشعار بأن الأصل: تاسع عشر تسعة عشر فحذف العقد من الأول، غير أن النظر يقتضي أن الأصل هو ذلك، ومن ثم لما ذكر الشيخ هذا الوجه شارحا له قال: ولا يشعر كلام المصنف، لا في نصّه، ولا في شرحه، أنّ أصله التركيب، قال: ونصّ أصحابنا عليه (2).
وأما الوجه الثالث: وهو حذف العقد من الأول، والنيف من الثّاني، وبناء ما بقي - أعني بناء الجزءين الباقيين من المركبين، كقولك: حادي عشر، وتاسع عشر، فلا شكّ أنّ المصنّف قد أشار إلى هذا التركيب بقوله: أو تركب معه العشرة تركّبها مع النيف، وتقدّم لنا أنّ الجزءين مبنيان، ولكن قد ذكرت هناك أنّ الذي فهمته من كلام المصنّف أنّ هذا تركيب مستقلّ بنفسه، وأنّا لا نقدّر أنّ أصله تاسع عشر تسعة عشر، وأن الجماعة يرون أنّ أصله تركيبان حذف عجز الأول، وصدر الثّاني، وضمّ صدر الأول، إلى عجز الثّاني، واستمرّ كلّ منهما على بنائه، فإن كان المصنف قصد ما ذكرته، فيكون هذا التركيب - أعني الذي لا حذف فيه - تركيبا مستقلّا بنفسه، أتي به ابتداء، وهو أنّنا ركّبنا لفظ العشرة مع اسم الفاعل، -
(1) تنظر هذه الأوجه كلها في التذييل والتكميل (4/ 293).
(2)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 289).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولم ننظر إلى التركيب الآخر، أعني الثّاني، رأسا.
وإنّما قلت: إن قوة كلام المصنف يفهم منها ذلك، لقوله: مقتصرا عليه، فلو كان الأمر كما قال غيره لكان يقول: مقتصرا على نيّف الأول وعقد الثاني، ويدلّ على ذلك أيضا قوله: أو تركّب معه العشرة تركيبها مع النيّف يعني أنّ العشرة كما ركّبت مع النيف في (تسعة عشر) تركب مع اسم الفاعل في (تاسع عشر) فلو كانت [3/ 73] هذه العشرة التي مع اسم الفاعل هي التي كانت مع نيف المركّب الثاني لما احتاج إلى أن يتعرض لذكر علة بنائها، وعلى هذا يكون هذا الوجه زائدا على الأوجه الخمسة، التي ذكرها الشيخ، فتصير الأوجه في المسألة ستة، فإن قيل:
قول المصنف: وقد يعرب الأول مضافا إلى الثاني مبنيّا يشعر بأنّ الأصل في نحو:
«ثالث عشر» إذا أعربنا الأول تركيبان، فلما حذف العقد من الأول أعرب النّيف؛ لزوال المقتضي للبناء، أجبت بأنّ المصنف قد ذكر أنّ الأصل في:«ثالث عشر» : ثالث ثلاثة عشر، فأعرب الأول؛ لأنّه لم يركب مع شيء، وبني الثاني؛
لأنّ الأصل: ثالث ثلاثة عشر، فحذف الصدر، ونوي بقاؤه، فاستصحب لذلك بناء العجز.
وأما الوجه الرابع: وهو حذف العقد من الأول، والنيف من الثاني، وإعراب ما بقي، فلم يذكره المصنف، وتوجيهه ظاهر، فإنّ مقتضى البناء قد زال من كلّ منهما (1)، والظاهر أنه أقوى من الوجه الذي يعرب فيه الأول، ويبقى الثاني على بنائه (2)، وقد ذكره المصنف، فكان الوجه الذي يعرب فيه الجزءان أولى بالذكر منه.
وأما الوجه الخامس: وهو إعراب الأوّل مع حذف عقده، وبناء (عشر) مع حذف نيفه - فقد أشار إليه المصنف بقوله: وقد يعرب الأول مضافا إلى الثاني مبنيّا، عند الاقتصار على ثالث عشر ونحوه (3). وأما المستعمل في التركيب مع ما هو تحت أصله فسيذكره المصنف عند ذكره غير المركّب الذي يذكر مع ما هو تحت أصله أيضا، وأما اسم الفاعل المستعمل مع العطف، فكقولك: الحادي والعشرون، والحادية والعشرون، إلى التاسع والتسعين، والتاسعة والتسعين، وأمره واضح ولا يحتاج إلى بيان. -
(1) بزوال التركيب.
(2)
لنية بقاء الصدر في التركيب الثاني.
(3)
ينظر: المرجع السابق الصفحة نفسها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأمر الثاني: المراد من قولنا: حادي عشر، وتاسع عشر، المذكور في الرتبة (1)، فالحادي عشر، والحادية عشرة، إلى التاسع عشر، والتاسعة عشرة، فائدة كلّ منهما فائدة المفرد، الذي هو الثاني، والثالث، والرابع، والمراد من «ثالث عشر ثلاثة عشر» أن المعبّر عنه باسم الفاعل بعض هذا العدد الخاصّ؛ أي المنحصر في هذه الجملة، فيستفاد منه ما استفيد من «ثاني اثنين» و «رابع أربعة» فمعنى «ثالث عشر ثلاثة عشر»: واحد من ثلاثة عشر، إلّا أنك - مع لفظ الواحد - لا تعلم هل هو الذي انتهى به العدد أو لا؟ بخلاف «ثالث عشر ثلاثة عشر» فإنّه يفهم منه أنه الذي انتهى إليه العدد (2). وكذلك الأمر في:«ثالث ثلاثة عشر» و «ثالث عشر» سواء أعربت الجزءين أم بنيتهما، أم أعربت الأول، وبنيت الثاني.
قلت: وكون المراد من نحو: «ثالث عشر» المذكور في هذه الرتبة ما قلناه من أنّه تركيب مستقلّ بنفسه، ولا ينظر معه إلى التركيب الذي هو أصله (3).
الأمر الثالث: لم يتجه لي استدلال المصنّف ما ذهب إليه، من أنّ (ثانيا) إذا ذكر مع ما هو أصله، كـ (ثاني) جاز أن تنصبه؛ لقول العرب: ثنيت الرجلين إذا كنت الثاني منهما؛ لأنه كيف يتصور أن يثني الاثنين، واستشكلت هذا حتّى
رأيت الشيخ قال: إن صحّ عن العرب ما نقله المصنف من: (ثنيت الرجلين) وجب تأويله، على حذف مضاف، تقديره: ثنيت أحد الرجلين (4). فحقق ذلك عندي ما استشكلته.
ثمّ قال الشيخ: وقولهم: «ثنيت الرجلين» ليس نصّا في: «ثنيت الاثنين» ، حتى بني عليه:«هذا ثاني اثنين» بالإعمال (5).
الأمر الرابع: في شرح الشيخ: إنّما لم يقل العرب: ثلثت الثلاثة؛ لأنّه لو قيل ذلك لكان القائل قد ثلّث نفسه؛ لأنّه أحد الثلاثة، وهو لا يجوز؛ لأنّه يؤدّي إلى تعدية فعل المضمر إلى ظاهره، مثل:«زيد ضرب» ، إذا أردت أنّه -
(1) أي في هذه الرتبة من العدد، وليس بمعنى: متمم، أو جاعل.
(2)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 294) حيث نقل ذلك الشيخ أبو حيان عن صاحب البديع، مشيرا إليه، ولم يشر إلى ذلك هنا العلامة ناظر الجيش.
(3)
أي: ثالث ثلاثة عشر، أو: ثالث عشر ثلاثة عشر.
(4)
،
(5)
ينظر: المرجع السابق (4/ 288).