الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[عطف العشرين وأخواته على النيف]
قال ابن مالك: (فصل: يعطف العشرون وأخواته على النّيّف، وهو إن قصد التعيين واحد، أو أحد، واثنان، وثلاثة، وواحدة، أو إحدى، واثنتان، وثلاث، إلى تسعة في التذكير، وتسع في التأنيث، وإن لم يقصد التّعيين فيهما فبضعة وبضع، ويستعملان أيضا دون تنييف، وتجعل العشرة مع النيّف اسما واحدا مبنيّا على الفتح، ما لم يظهر العاطف.
ولتاء الثلاثة والتّسعة، وما بينهما عند عطف عشرين وأخواتها ما لها قبل النّيّف، ولتاء العشرة في التركيب عكس ما لها قبله، ويسكّن شينها في التأنيث الحجازيّون، ويكسرها التميميّون [3/ 67] وقد تفتح، وربّما سكّن عين عشر).
قال ناظر الجيش: قال المصنف: النيّف (1) عند قصد التعيين: تسعة فما دونها، وعند عدم قصده: بضعة في التذكير، وبضع في التأنيث، ولا يقال للشّيء منها:
نيّف، إلّا وبعده عشرة، أو عشرون، فيقال في تعيين المعطوف عليه: ثلاثة وعشرون رجلا، وثلاث وعشرون امرأة.
ويقال في الإبهام: بضعة وعشرون، وبضع (2) وعشرون، وبضعة عشر، وبضع عشرة، إلى: وبضعة وتسعين، وبضع وتسعين، وقد يستعمل (بضعة) و (بضع) دون تنييف (3) كقوله تعالى: وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ (4).
وقد تناول قولي: وتجعل العشرة مع النيف اسما واحدا: أحد عشر، وتسعة عشر، وما بينهما، ونبهت بقولي: ما لم يظهر العاطف على أنّ ظهور العاطف مانع من البناء والتركيب ومنه قول الشّاعر: -
(1) النيف: الزيادة، يخفف ويشدد، وأصله من الواو، ويقال: عشرة ونيف، ومائة ونيف، وكل ما زاد على العقد فهو نيف، حتى يبلغ العقد الثاني، ونيف فلان على السبعين: أي زاد. وأنافت الدراهم:
أي زادت. وأناف: أشرف. ينظر: الصحاح للجوهري مادة «نيف» (4/ 1346).
(2)
في القاموس مادة «بضع» - بالكسر ويفتح - ما بين الثلاث إلى التسع أو إلى الخمس، أو ما بين الواحد إلى الأربعة، أو من أربع إلى
تسع، أو هو سبع، فإذا جاوزت لفظ العشر ذهب البضع، لا يقال:
بضع وعشرون، أو يقال ذلك.
(3)
أي لا يكون بعدهما عشرة ولا عشرون.
(4)
سورة الروم: 3، 4.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
1930 -
كأنّ بها البدر ابن عشر وأربع
…
إذا هبوات الصّيف عنه تجلّت (1)
وللنّيف المعطوف عليه عشرون وأخواته من ثبوت التاء وسقوطها ما له لو استعمل دون عطف، فيقال في الذكور: ثلاثة وعشرون، وفي الإناث ثلاث وعشرون، كما يقال عند عدم العطف: ثلاثة، وثلاث، ثم قلت: ولتاء العشرة في التركيب عكس ما لها قبله. ثم أشرت إلى شين عشرة في التركيب، ساكنة عند الحجازيين، ومكسورة عند بني تميم (2) وعلى لغتهم قراءة بعض القراء (3):(فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا)(4) وقرأ الأعمش (5): (اثنتا عشرة) بالفتح (6)، وهي أشهر من قراءة من قرأ بالكسر.
وقرأ يزيد بن القعقاع (7): أحد عشر (8) بسكون العين (9)، وقرأ -
(1) البيت من الطويل، ولم ينسبه أحد إلى قائل معين، ولم أهتد إلى قائله.
هبوات: جمع هبوة: الغبرة، والهباء الغبار، أو يشبه الدخان، ودقاق التراب، ينظر القاموس، مادة «هبو» .
الشاهد قوله: «ابن عشر وأربع» ؛ حيث جوز ابن مالك ظهور الواو العاطفة فمنع التركيب والبناء.
ينظر: الصبّان (4/ 68)، والهمع (2/ 150).
(2)
المرجع السابق الصفحة نفسها ما نصه: «ويسكن شينها في التأنيث الحجازيون، ويكسرها التميميون» .
(3)
ينظر: البحر المحيط (1/ 229) حيث نسب هذه القراءة إلى مجاهد وطلحة، وعيسى ويحيى بن وثاب، وابن أبي ليلى ويزيد.
(4)
سورة البقرة: 60.
(5)
هو سليمان بن مهران الأعمش أبو محمد الأسدي الكوفي، ولد سنة (60 هـ) أخذ القراءة عرضا عن إبراهيم النخعي، وزيد بن حبيش، ويزيد بن وهب، وعاصم بن أبي النجود، وغيرهم، وروى عنه عرضا وسماعا حمزة الزيات، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. توفي سنة (148 هـ).
ينظر: غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجوزي (1/ 315).
(6)
ينظر: البحر المحيط (1/ 229) حيث قال أبو حيّان ما نصّه: «وقرأ ابن الفضل الأنصاري والأعمش بفتح الشين» .
(7)
هو أبو جعفر أحد القراء الثلاثة بعد السبعة وقارئ المدينة، توفي سنة (130 هـ). وفي قراءة هؤلاء الثلاثة وتوجيهها نحويّا وصرفيّا كتاب
مشهور للدكتور علي محمد فاخر، طبع سنة (1998 م).
(8)
سورة يوسف: 4.
(9)
في الإتحاف (ص 262): (أحد عشر) بسكون العين، أبو جعفر كأنه نبه بذلك على أنّ الاسمين جعلا اسما واحدا. وينظر في ذلك: المحتسب لابن جني (1/ 332).
وفي النشر في القراءات العشر (3/ 95): «واختلفوا في (اثنا عشر، وأحد عشر، وتسعة عشر) فقرأ أبو جعفر بإسكان العين من الثلاثة» . وينظر أيضا: البحر المحيط (5/ 279).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هبيرة (1)، صاحب حفص (2)، بسكون عين اثنا عشر شهرا (3) وهي أشذّ (4) من قراءة يزيد، وكلّ هذه الوجوه مشار إليها في متن الكتاب. انتهى كلامه رحمه الله تعالى، ويتعين التعرض لذكر أمور:
منها: أنّ الشيخ قال: ظاهر كلام المصنف أنّ استعمال بضعة، وبضع، يكون مع المعطوف فقط، وليس كذلك (5).
وهذا عجب من الشيخ، فإنّ المصنف قد قال:«وتجعل العشرة مع النّيّف اسما واحدا» وقد عرفت أنّ النيف يشمل ما قصد به التعيين، وما قصد به الإبهام، فكيف يكون ظاهر كلامه ما ذكر؟!.
ومنها: أن كلامه يقتضي أنّ البضع يطلق على ما دون الثلاثة، إنّما هو للثلاثة، إلى التسعة، قالوا: إنه اسم جمع كالنفر، وهو من البضع، الذي هو القطع، فهو بفتح الباء مصدر، وبكسرها اسم، وأما النّيّف فهو من: أناف على الشيء، إذا زاد عليه، ويطلق على الواحد، إلى التسع (6)، ولا يستعمل مفردا، فلا يقال: عندي نيف، بل يقال: عندي عشرة، أو عشر، ونيّف، معينا كان أو مبهما، فيجعلان اسما واحدا مبنيّا على الفتح، كما أشار إلى ذلك المصنف، في متن الكتاب إلا إن ظهر العطف فيتعين الإعراب لانتفاء التركيب وقد أنشد المصنف:
1931 -
كأنّ بها البدر
…
البيت مستشهدا به على مراده، فقال الشيخ: هذا التركيب الذي في الشعر مخالف لتركيب أربع عشر، بتقديم النّيف على عشر، فلا يصحّ الاستدلال به على هذا التركيب (7). -
(1) هو هبيرة بن محمد النجار، أبو عمر الأبرش، البغدادي، أخذ القراءة عرضا عن حفص بن سليمان عن عاصم، وقرأ عليه حسنون بن الهيثم وأحمد بن علي بن الفضل الخزار، والخضر بن الهيثم الطوسي عرضا وسماعا.
ينظر: غاية النهاية في طبقات القراء (3/ 353).
(2)
هو حفص بن سليمان بن المغيرة، أخذ القراءة عن عاصم، توفي سنة (180 هـ). غاية النهاية:(1/ 254).
(3)
سورة التوبة: 36.
(4)
في البحر المحيط (5/ 38): «قرأ ابن القعقاع وهبيرة، عن حفص، بإسكان العين، مع إثبات الألف، وهو جمع بين ساكنين على غير حده.
(5)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 215).
(6)
ينظر: المرجع السابق (4/ 216).
(7)
المرجع السابق (4/ 222).