المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[إعراب المستثنى بـ «إلا»، وبيان العامل فيه] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٥

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابع والعشرون باب المستثنى

- ‌[تعريف المستثنى]

- ‌[الاستثناء المتصل والمنقطع]

- ‌[إعراب المستثنى بـ «إلّا»، وبيان العامل فيه]

- ‌[حذف عامل المتروك]

- ‌[الاستثناء التام وأحكامه]

- ‌[حكم المستثنى المتصل في الكلام التام المنفي]

- ‌[مسألتان في الاستثناء التام]

- ‌[حكم تقدم المستثنى على صفة المستثنى منه]

- ‌[مسائل لا يجوز فيها الإتباع على اللفظ]

- ‌[إتباع المستثنى المنقطع عند بني تميم]

- ‌[جواز الإتباع على الاسم الظاهر أو ضميره]

- ‌[مجيء المستثنى متبوعا، والمستثنى منه تابعا]

- ‌[تقديم المستثنى]

- ‌[استثناء شيئين بأداة واحدة]

- ‌[استثناء النصف، وما هو أكثر]

- ‌[ما هو أولى بالاستثناء]

- ‌[تعدد المستثنى منه]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» للتوكيد]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» لغير التوكيد ولا يمكن الاستثناء]

- ‌[تكرار «إلّا» مع إمكان الاستثناء]

- ‌[«إلا» الموصوف بها]

- ‌[إيلاء «إلا» نعت ما قبلها]

- ‌[عمل ما قبل «إلا» فيما بعدها وعكسه]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «حاشا»، و «عدا»، و «خلا»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «ليس» و «لا يكون»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «غير» وبيد»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «سوى»]

- ‌[حذف ما بعد «إلّا» و «غير»]

- ‌[حكم الاسم المذكور بعد «لا سيما» - اللغات فيها]

- ‌الباب الثامن والعشرون باب الحال

- ‌[تعريف الحال - بعض أحكامه]

- ‌[من أحكام الحال: الاشتقاق وقد يأتي جامدا مؤولا]

- ‌[من أحكام الحال التنكير وقد تأتي معرفة]

- ‌[وقوع الحال مصدرا وأحكام ذلك]

- ‌[مسوغات تنكير صاحب الحال]

- ‌[حكم تقديم الحال على صاحبه]

- ‌[حكم تقديم الحال على عامله]

- ‌[مسألتان بين الحالية والخبرية]

- ‌[تعدد الحال]

- ‌[حذف عامل الحال جوازا أو وجوبا]

- ‌[حكم حذف الحال]

- ‌[الحال المؤكدة]

- ‌[مجيء الحال جملة وحديث عن رابط هذه الجملة]

- ‌[الجملتان المفسرة والاعتراضية وعلاقتهما بالحالية]

- ‌الباب التاسع والعشرون باب التّمييز

- ‌[تعريفه]

- ‌[قسما التمييز: ما يميز مفردا وما يميز جملة]

- ‌[أحكام تمييز المفرد]

- ‌[الأوجه الجائزة في تمييز المفرد من إضافة وغيرها]

- ‌[حكم آخر لتمييز المفرد]

- ‌[تمييز الجملة وأحكامه]

- ‌[أحكام أخرى لتمييز الجملة]

- ‌[تعريف تمييز الجملة، وتقدير تنكيره، أو تأويل ناصبه]

- ‌[أحكام تقديم التمييز على عامله]

- ‌الباب الثلاثون باب العدد

- ‌[حكم تمييز الأعداد من واحد إلى مائة]

- ‌[أحكام خاصة بالتمييز «المفسّر»]

- ‌[حذف تاء الثلاثة وأخواتها]

- ‌[عطف العشرين وأخواته على النيف]

- ‌[مذكر ما دون ثلاثة عشر ومؤنثه]

- ‌[ياء الثماني في التركيب والإفراد]

- ‌[استعمال «أحد» استعمال «واحد»]

- ‌[اختصاص «أحد» بعموم من يعقل]

- ‌[حكم تثنية وجمع أسماء العدد]

- ‌[إدخال حرف التعريف على العدد]

- ‌[حكم العدد المميز بشيئين في التركيب]

- ‌[التأريخ بالليالي لسبقها]

- ‌[صياغة وحكم اسم الفاعل المشتق من العدد]

- ‌[استعمال «فاعل» المصوغ من العدد]

- ‌[ما يستعمل استعمال خمسة عشر من الظروف والأحوال]

- ‌الباب الحادي والثلاثون باب كم وكأين وكذا

- ‌[معنى كم - نوعاها - حكم تمييز كل نوع]

- ‌[أحكام مختلفة لـ «كم» بنوعيها]

- ‌[«كأيّن» و «كذا» وأحكامهما]

- ‌الباب الثاني والثلاثون باب نعم وبئس

- ‌[فعلان أم اسمان والأدلة على كلّ]

- ‌[اللغات فيهما]

- ‌[أنواع فاعل «نعم» و «بئس»]

- ‌[أحوال وأحكام المخصوص بالمدح والذم]

- ‌[الأفعال المحولة للمدح والذم]

- ‌الباب الثالث والثلاثون باب حبّذا

- ‌[أصلها - فاعلها - تمييزها - مخصوصها - إفرادها]

الفصل: ‌[إعراب المستثنى بـ «إلا»، وبيان العامل فيه]

[إعراب المستثنى بـ «إلّا»، وبيان العامل فيه]

قال ابن مالك: (وله بعد «إلّا» من الإعراب، إن ترك المستثنى، وفرّغ العامل له، ما له مع عدمها، ولا يفعل ذلك دون نهي، أو نفي صريح، أو مؤول).

ــ

(إلّا) قامت مقامها لفظا، اضطرب في ذلك كلام النحاة.

فقال أبو بكر المالقيّ: المعروف بالخفاف (1) - عند كلامه على الاستثناء المنقطع - قد تقدم أنّ الاستثناء إخراج بعض من كلّ، فكان ينبغي ألّا يجوز هذا، لأنّ الثاني بعض الأول، ولكّنّ العرب حملت - في هذا الباب - (إلّا) على (لكن) لاشتراكهما، في أصل وضعهما، في أنّ ما بعد كلّ واحدة مغاير لما قبلها، ولا يشترط في (لكن) أن يكون ما بعدها من جنس ما قبلها، فإذا قلت: ما في الدار أحد إلا حمارا، فالمعنى: لكنّ حمارا فيها، ونقل الشيخ عن أبي الحسن بن الضائع كلاما قريبا من هذا الكلام (2)، وزاد ابن الضّائع بأن قال: إنّهم لمّا أوقعوا بعدها هذا اللفظ المفرد - كما تقع بعدها وهي استثناء - سمّوها استثناء، وإنما هي بالحقيقة استدراك، وعلى هذا هل خير أم لا، وهل يلفظ به، أو لا؟ خلاف، وسيأتي. والمشهود إطلاق الاستثناء عليها في المنقطع، كما هي في المتّصل؛ لأنها من تمام الكلام الأول ظاهرا، وإنما تقدّر بـ (لكن) من حيث المعنى (3).

قال ناظر الجيش: قد علمت أنّ الاستثناء متصل، ومنقطع، وأن المتصل تامّ، وغير تام، وقد بدأ بذكر غير التام، وهو المفرغ (4) بقوله: وله أي: وللمستثنى، وأشار بذلك إلى أن المستثنى بـ (إلا) يقام في اللفظ مقام المستثنى منه، إذا لم يذكره (5)، -

(1) الخفاف هو: أبو بكر بن يحيى بن عبد الله الجذامي، المالقي، المعروف بالخفاف، كان نحويّا بارعا، ورجلا صالحا مباركا، قرأ على الشلوبين، وشرح كتاب سيبويه، وأيضا الفارسي، ولمع ابن جني، توفي في القاهرة سنة (657 هـ). ينظر في ترجمته: بغية الوعاة (1/ 473).

(2)

،

(3)

ينظر: شرح الجمل لابن الضائع (2/ 222 ب)، والتذييل والتكميل (3/ 506).

(4)

سمي مفرغا؛ لأن ما قبل (إلا) مفرغ لطلب ما بعدها، ولم يشتغل عنه بالعمل في غيره.

(5)

أي: يعرب المستثنى في هذه الحالة على حسب العوامل، دون اعتبار لوجود (إلا). ينظر: شرح المرادي (2/ 106). في مطلق عمل ما قبل (إلا) من غير نظر لخصوص الفاعل. ينظر: شرح التصريح (1/ 347).

ص: 2125

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويفرّغ العامل، لما بعد (إلا) نحو: ما جاءني إلا زيد (1)، وما لاقيت إلا عمرا، وما مررت إلا بعمرو، فيعرب ما بعد (إلا) بما كان يعرب به دونها؛ لأنه صار خلفا عن المستثنى منه حين ترك، وفرغ عامله لما بعد (إلا).

وإنما شرط تفريغ العامل للمستثنى - مع ترك المستثنى منه - احترازا من أن يترك، ولا يحصل تفريغ، نحو: ما قام إلا زيدا إلا عمرا، وما قام زيد إلا عمرا [3/ 31] فإنّ الأصل في المثال الثاني: ما قام زيد، ولا غيره، وعمرا، مستثنى منصوب من غيره المحذوف.

وأمّا المثال الأول فقال المصنف: أصله ما قام أحد إلا زيدا إلا عمرا، فإن أراد أنّ (أحد) فاعل، و (إلّا زيد) بدل منه؛ فغير واضح (2)، وإن أراد أنّ (قام) وإن فرّغ (زيد)، لكنّه لم يفرّغ لـ (عمرو)، فواضح (3)، ويصدق حينئذ على المثال المذكور أنّ المستثنى منه ترك فيه ولم يفرغ العامل بالنسبة إلى (عمرو).

وقوله: ولا يفعل ذلك دون نهي

إلى آخره؛ إشارة إلى أنّه لا يترك المستثنى منه، ويفرّغ عامله لما بعد (إلا) دون وجود نهي صريح، أو مؤول (4)، فمثال النّهي الصريح قوله تعالى: وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ (5)، ومثال النفي الصّريح قوله تعالى: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ (6)، وأراد المصنف بالنّهي المؤوّل -

(1) وفائدة الاستثناء في هذا المثال إثبات المجيء لـ (زيد) ونفيه عمن سواه. ينظر: شرح المفصل لابن يعيش (2/ 86، 87) طبعة عالم الكتب بيروت.

(2)

ينظر: الأصول لابن السراج (1/ 343، 344).

(3)

ينظر: شرح ألفية ابن مالك لابن الناظم (ص 288) تحقيق د/ عبد الحميد السيد، والمسائل المشكلة لأبي علي الفارسي (ص 491) تحقيق: صلاح الدين السنكاوي طبعة بغداد.

(4)

ينظر في ذلك، وفي جواز التفريغ مع الإيجاب: شرح كافية ابن الحاجب للجامي (1/ 220 - 223) تحقيق د/ أسامة طه الرفاعي طبعة بغداد.

(5)

سورة النساء: 171. فما قبل (إلا) وهو (تقولوا) يطلب مفعولا صريحا، فنصب ما بعد إلا وهو (الحق) على المفعولية، وتقدير المستثنى منه: ولا تقولوا على الله شيئا إلا الحق. ينظر: شرح التصريح (1/ 348)، والهمع (1/ 223).

(6)

سورة آل عمران: 144. فما قبل (إلا) وهو (محمد) مبتدأ، والمبتدأ يطلب الخبر، فرفع ما بعد (إلا) وهو (رسول) على الخبرية.

ينظر شرح التصريح (1/ 348)، وحاشية الصبان على الأشموني (2/ 149)، والهمع (1/ 223).

ص: 2126

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشرط الذي فيه معنى النهي كقوله تعالى: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ (1)، وأراد بالنّفي المؤوّل الاستفهام الذي فيه معنى النّفي، كقوله تعالى: فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ (2).

قال المصنف (3): ومنه - أي من النفي المؤوّل زيد غير آكل إلا الخبر، وقوله تعالى: وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ (4)؛ لأن يَأْبَى بمعنى لا يريد، ومنه - أيضا - قوله تعالى: وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ (5)؛ لأنّ المراد بالكبير هنا الصعوبة، فكأنه قيل: لا يسهل إلّا على الخاشعين.

والحاصل: أنّ المستثنى منه لا يحذف مع إيجاب محضن؛ لأنّه يلزم منه الكذب، ألا ترى أنّ حقيقة قولك: نظرت إلا عمرا: عم نظري الناس إلا عمرا، وذلك غير جائز، بخلاف: لم أر إلّا زيدا، فلو كان في الإيجاب معنى النّفي عومل معاملته، نحو: عدمت إلا زيدا، وصمت إلا يوم الجمعة، فإنّ المعنى لم أجد، ولم أفطر.

ويتعلق بما تقدم أبحاث:

الأول:

يرجح الشيخ (6) قول المصنف - في الألفية -:

وإن يفرّغ سابق إلا لما

... بعد

على قوله - هنا -: وفرّغ العامل له. قال: لأنّ المفرغ قد يكون غير عامل، نحو: -

(1) سورة الأنفال: 16. والمعنى: لا يول أحد دبره، إلا متحرفا للقتال، فهذا شرط مقصود به النهي.

ينظر: شرح الكافية (1/ 246)، والمساعد لابن عقيل (1/ 554).

(2)

سورة الأحقاف: 35. ما بعد (إلا) وهو (القوم) رفع على أنه نائب فاعل (يهلك) والتقدير: لا يهلك أحد إلا القوم الفاسقون.

ينظر: شرح التصريح (1/ 348)، والمساعد (1/ 554).

(3)

شرح التسهيل لابن مالك (2/ 270).

(4)

سورة التوبة: 32، ينظر: شرح التصريح (1/ 348)، والمعنى: لا يريد الله إلا إتمام نوره.

(5)

سورة البقرة: 45. فالمعنى: أنها لا تخف ولا تسهل إلا على الخاشعين، ينظر: شرح الكافية (1/ 246).

(6)

ينظر: التذييل والتكميل (3/ 509، 510)، والمرادي (2/ 106)، وشرح الأشموني (1/ 150)، وشرح التصريح (1/ 348).

ص: 2127

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ما في الدار إلا عمرو، فـ (في الدّار) هو المفرغ، والعامل في (عمرو) الابتداء.

الثاني:

قد علم - ممّا تقدم - أنه إذا لم يذكر المستثنى منه فقد يفرّغ العامل فيكون الحكم كما تقدم، وقد لا يفرغ، فينصب ما بعد (إلّا) على الاستثناء، لكنّه يتعين القول بالتفريغ إذا أدّى عدم القول به إلى حذف ما لا يجوز حذفه، ولا يتعين في غير ذلك، بل يجوز، فعلى هذا ما قبل (إلّا) إمّا أن يقتضي مرفوعا، أو منصوبا، أو مجرورا، فإن اقتضى منصوبا، أو مجرورا جاز التفريغ، نحو: ما ضربت إلا زيدا، وما مررت إلّا بعمرو، وجاز أن يكون المفعول محذوفا؛ لأنه فضلة، فينصب ما بعد (إلّا) على الاستثناء من المحذوف، نحو: ما ضربت إلّا زيدا، وما مررت إلا عمرا، أي: ما ضربت أحدا، وما مررت بأحد (1)، ومنه قول الشاعر:

1679 -

نجا سالم، والنفس منه بشدقه

ولم ينج إلّا جفن سيف ومئزرا (2)

أي: لم ينج شيء، وإن اقتضى مرفوعا، وكان غير فاعل، جاز التفريغ، والنصب على الاستثناء، نحو قول الشاعر:

1680 -

هل هو إلّا الذئب لاقى الذّيبا (3)

روي بالوجهين، فالرفع على التفريغ، والنصب على تقدير: هل هو شيء إلا الذيب، هذا مثال حذف مرفوع هو خبر، ومثال حذف مبتدأ قول الشاعر: -

(1) ينظر: الاستغناء في أحكام الاستثناء (ص 234).

(2)

البيت من الطويل وهو لحذيفة بن أنس الهذلي، وهو في المقرب لابن عصفور (1/ 167)، وديوان الهذليين (3/ 22).

والشاهد في قوله: «ولم ينج إلا جفن سيف» ؛ حيث نصب المستثنى بعد الفعل المفرغ، والمحتاج إلى مرفوع، وذلك لأن المستثنى منه محذوف، تقديره: ولم ينج أحد، وليس مسلطا على ما بعد (إلا).

(3)

البيت مجهول القائل، وهو من الرجز، وتتمته:

كلاهما يطمع أن يصيبا

وهو من شواهد الارتشاف (2/ 300) تحقيق النماس، والتذييل (3/ 513)، ومنهج السالك لأبي حيان (ص 165).

والشاهد: جواز التفريغ والنصب في كلمة (الذئب) على ما ذكره الشارح.

ص: 2128

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1681 -

يطالبني عمرو ثمانين ناقة

وما لي يا عفراء إلّا ثمانيا (1)

وإن قدّرت (ما) استفهامية، فلا حذف (2)، وإن كان المرفوع المقتضي فاعلا وجب التفريغ، ولم يجز نصب ما بعد (إلّا) على الاستثناء، نحو: ما قام إلّا زيد (3)؛ لأنّ الفاعل لا يحذف، ولمّا كان الكسائي يجوّز حذفه أجاز هذا النّصب على الاستثناء والرفع على البدل، وقد يقوي مذهب الكسائي قولهم (4): ما قام إلّا هند، بحذف التاء من الفعل، إلّا أن يعلل أنّه في معنى كلام لا يلحق التاء فعله، وهو: ما قام أحد إلّا هند، وليس بالقويّ.

الثالث:

التفريغ يأتي في جميع المعمولات، من فاعل، ومفعول، ومجرور، وظرف، وصفة، وحال، ولم يستثنوا إلّا المصدر المؤكد (5)؛ إذ لا فائدة فيه؛ لأنّه بمنزلة تكرار العامل، فلا يجوز: ما قمت إلّا قياما، لأن يصير المعنى: ما قمت إلّا قمت، وأمّا قوله تعالى: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا (6) فمؤوّل، ومن التفريغ باعتبار الصفات قولهم: ما جاءني أحد إلّا قائم، وإلا أبوه قائم، إذا جعلت الوصف جملة، ومنه:

وما مررت بأحد، إلّا زيد خير منه، يعني أنّ (زيدا) خير من جميع من مررت به.

الرابع:

أورد الشيخ على قول المصنّف أنّ الإيجاب إذا كان فيه معنى النفي عومل -

(1) البيت من الطويل، وهو لعروة بن حزام العذري، وهو من شواهد التذييل والتكميل (3/ 514)، وأمالي القالي (3/ 160)، وشرح الكافية لابن القواس (ص 387)، والخزانة للبغدادي (2/ 31).

الشاهد: مجيء (ثمانيا) بالنصب جوازا، كما يجوز دفعها على التفريغ وقد روي البيت:

يكلفني عمي ثمانين بكرة

وما لي يا عفراء غير ثمان

ولا شاهد فيه على هذه الرواية، والبكرة: الناقة الفتية.

(2)

فـ: ما: مبتدأ، ولي: خبره، ولا محذوف مقدر قبل (إلا).

(3)

يرفع زيد على الفاعلية، وعدم جواز النصب على الاستثناء.

(4)

ينظر التذييل والتكميل (3/ 514)، والهمع (1/ 223).

(5)

ينظر في ذلك: شرح الأشموني (2/ 150)، وشرح المرادي (2/ 107)، والهمع (1/ 223)، وشرح كافية ابن الحاجب للرضي (1/ 234 -

235) حيث منع التفريغ بعد واو المعية.

(6)

سورة الجاثية: 32. وينظر في ذلك: شرح المرادي (2/ 107). تحقيق د/ عبد الرحمن سليمان.

ص: 2129