الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[التأريخ بالليالي لسبقها]
قال ابن مالك: (فصل: يؤرخ باللّيالي لسبقها، فيقال أوّل الشّهر: كتب لأوّل ليلة منه، أو لغرّته أو مهلّه، أو مستهلّه، ثم
لليلة خلت. ثم خلتا ثم خلون، إلى العشر، ثم خلت إلى النصف من كذا، وهو أجود من: لخمس عشرة خلت أو بقيت، ثم لأربع عشرة بقيت إلى عشر بقين، إلى ليلة بقيت، ثم لآخر ليلة منه أو سلخه أو انسلاخه، ثم لآخر يوم منه أو سلخه أو انسلاخه، وقد تخلف التّاء النّون، وبالعكس).
ــ
واعلم أنّ الليالي تستتبع الأيّام، والأيام تستتبع الليالي، والدليل على ذلك قوله تعالى: أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً (1)، وقال تعالى: أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (2)، والقصة واحدة، فلذلك إذا قيل: كتب ذلك لعشرين يوم وليلة كان المراد عشر ليال، وعشرة أيّام.
قال ناظر الجيش: قال المصنّف (3): لا ريب في أنّ أوّل الشهر ليلة، وآخره يوم، وقد علم أنّ لكلّ ليلة يوما يتلوها، فلذلك استغني في التأريخ (4) بالليالي عن الأيام، فلذا قيل: كتب لخمس خلون، فقصدت الليالي، وسكتّ عن الأيام، لعدم الحاجة إلى ذكرها.
وقد توهم قوم أنّ هذا الكلام قد غلّب فيه المذكر على المؤنّث وليس ما توهموه بصحيح؛ لأنّ التغليب إنّما هو في لفظ يعمّ القبيلين ويجري عليهما معا حكم أحدهما (5) كقوله تعالى: أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ -
(1) سورة آل عمران: 41.
(2)
سورة مريم: 10.
(3)
شرح التسهيل لابن مالك (2/ 410).
(4)
قال الشيخ أبو حيان - في التذييل والتكميل (4/ 275): «التأريخ عدد الليالي والأيام بالنظر إلى ما مضى من السنة أو الشهر، وإلى ما بقي منهما، وفعله أرخ، وورخ، وهما لغتان، فلذلك جاء فيهما:
تأريخ وتوريخ كتأكيد وتوكيد». اه.
(5)
المرجع السابق، حيث قال الشيخ أبو حيان:«وذهب قوم منهم الزجاجي إلى أنّ هذا من تغليب المؤنث على المذكر وزعم أنه ليس في العربية موضع يغلب فيه المؤنث على المذكر إلا في باب التأريخ، فأما سوى هذا فيغلب فيه المذكر على المؤنث وكلا القولين فاسد، أما أنه من باب التغليب فليس بصحيح؛ لأن التغليب إنما هو في لفظ يعم القبيلين، ويجري عليهما معا حكم أحدهما ..» . اه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْبَيْتِ (1) وكقوله تعالى - بعد خطاب نساء النبيّ -: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2) وكقوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي
…
(3). فأعاد ضمير الذكور العقلاء على كلّ دابة، على
سبيل التغليب (4).
وقالوا فيما فوق العشر: خلت، بقيت؛ لأنّ مميزه ليلة مقدرة، ولو ذكرت لكان الفعل بعدها هكذا، فجيء به مع تقديرها، على ما كان ينبغي له مع ذكرها (5) وقالوا - في العشر وأخواتها -: خلون، وبقين؛ لأنّ مميزها - في التقدير - جمع مؤنّث، ولو ظهر لكان: خلون، وبقين، أولى من: خلت، وبقيت؛ لأنّ النّون نصّ في الجمعية والتأنيث، والتاء ليست كذلك (6)، ولما استمرّ هذا الاستعمال في التأريخ حمل غيره عليه، فقيل - في الكثرة -: الجذوع انكسرت؛ حملا على: لإحدى عشرة خلت، وقيل - في القلّة -: الأجذاع انكسرت؛ حملا على: لعشر خلون، وهذا إنّما هو على مراعاة الأحسن، ولو عكس في التأريخ وغيره لجاز.
(1) سورة هود: 73.
(2)
سورة الأحزاب: 33.
(3)
سورة النور: 45.
(4)
ينظر: شرح المصنف (2/ 411)، والتذييل والتكميل (4/ 277)، وشرح التسهيل للمرادي (176 / ب)، والمساعد لابن عقيل (2/ 94). وقال ابن عصفور في الشرح الصغير للجمل (ص 111) مخطوط:«وليس هذا من تغليب المؤنث على المذكر، كما ذكر أبو القاسم، وإنما هو من باب الاستغناء بالمؤنث عن المذكر» .
(5)
المرجع السابق (4/ 280) وقوله: «ثمّ خلت» يعني: من مضي إحدى عشرة ليلة تحسن التاء؛ لأنّه إذ ذاك جمع كثرة، فكما يحسن: الجذوع انكسرت، كذلك يحسن: لإحدى عشرة خلت، ويجوز: خلون، وهذا الذي ذكره المصنف هو ما لم يذكر التمييز، فإن ذكرته فإما أن تردّ الإخبار إليه أو إلى العدد المميز، فإن رددته إليه قلت: خلت، وبقيت إن كان مؤنثا، وخلا وبقي إن كان مذكرا، نحو: لأحد عشر يوما خلا، أو بقي». اه.
(6)