المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[«إلا» الموصوف بها] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٥

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابع والعشرون باب المستثنى

- ‌[تعريف المستثنى]

- ‌[الاستثناء المتصل والمنقطع]

- ‌[إعراب المستثنى بـ «إلّا»، وبيان العامل فيه]

- ‌[حذف عامل المتروك]

- ‌[الاستثناء التام وأحكامه]

- ‌[حكم المستثنى المتصل في الكلام التام المنفي]

- ‌[مسألتان في الاستثناء التام]

- ‌[حكم تقدم المستثنى على صفة المستثنى منه]

- ‌[مسائل لا يجوز فيها الإتباع على اللفظ]

- ‌[إتباع المستثنى المنقطع عند بني تميم]

- ‌[جواز الإتباع على الاسم الظاهر أو ضميره]

- ‌[مجيء المستثنى متبوعا، والمستثنى منه تابعا]

- ‌[تقديم المستثنى]

- ‌[استثناء شيئين بأداة واحدة]

- ‌[استثناء النصف، وما هو أكثر]

- ‌[ما هو أولى بالاستثناء]

- ‌[تعدد المستثنى منه]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» للتوكيد]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» لغير التوكيد ولا يمكن الاستثناء]

- ‌[تكرار «إلّا» مع إمكان الاستثناء]

- ‌[«إلا» الموصوف بها]

- ‌[إيلاء «إلا» نعت ما قبلها]

- ‌[عمل ما قبل «إلا» فيما بعدها وعكسه]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «حاشا»، و «عدا»، و «خلا»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «ليس» و «لا يكون»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «غير» وبيد»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «سوى»]

- ‌[حذف ما بعد «إلّا» و «غير»]

- ‌[حكم الاسم المذكور بعد «لا سيما» - اللغات فيها]

- ‌الباب الثامن والعشرون باب الحال

- ‌[تعريف الحال - بعض أحكامه]

- ‌[من أحكام الحال: الاشتقاق وقد يأتي جامدا مؤولا]

- ‌[من أحكام الحال التنكير وقد تأتي معرفة]

- ‌[وقوع الحال مصدرا وأحكام ذلك]

- ‌[مسوغات تنكير صاحب الحال]

- ‌[حكم تقديم الحال على صاحبه]

- ‌[حكم تقديم الحال على عامله]

- ‌[مسألتان بين الحالية والخبرية]

- ‌[تعدد الحال]

- ‌[حذف عامل الحال جوازا أو وجوبا]

- ‌[حكم حذف الحال]

- ‌[الحال المؤكدة]

- ‌[مجيء الحال جملة وحديث عن رابط هذه الجملة]

- ‌[الجملتان المفسرة والاعتراضية وعلاقتهما بالحالية]

- ‌الباب التاسع والعشرون باب التّمييز

- ‌[تعريفه]

- ‌[قسما التمييز: ما يميز مفردا وما يميز جملة]

- ‌[أحكام تمييز المفرد]

- ‌[الأوجه الجائزة في تمييز المفرد من إضافة وغيرها]

- ‌[حكم آخر لتمييز المفرد]

- ‌[تمييز الجملة وأحكامه]

- ‌[أحكام أخرى لتمييز الجملة]

- ‌[تعريف تمييز الجملة، وتقدير تنكيره، أو تأويل ناصبه]

- ‌[أحكام تقديم التمييز على عامله]

- ‌الباب الثلاثون باب العدد

- ‌[حكم تمييز الأعداد من واحد إلى مائة]

- ‌[أحكام خاصة بالتمييز «المفسّر»]

- ‌[حذف تاء الثلاثة وأخواتها]

- ‌[عطف العشرين وأخواته على النيف]

- ‌[مذكر ما دون ثلاثة عشر ومؤنثه]

- ‌[ياء الثماني في التركيب والإفراد]

- ‌[استعمال «أحد» استعمال «واحد»]

- ‌[اختصاص «أحد» بعموم من يعقل]

- ‌[حكم تثنية وجمع أسماء العدد]

- ‌[إدخال حرف التعريف على العدد]

- ‌[حكم العدد المميز بشيئين في التركيب]

- ‌[التأريخ بالليالي لسبقها]

- ‌[صياغة وحكم اسم الفاعل المشتق من العدد]

- ‌[استعمال «فاعل» المصوغ من العدد]

- ‌[ما يستعمل استعمال خمسة عشر من الظروف والأحوال]

- ‌الباب الحادي والثلاثون باب كم وكأين وكذا

- ‌[معنى كم - نوعاها - حكم تمييز كل نوع]

- ‌[أحكام مختلفة لـ «كم» بنوعيها]

- ‌[«كأيّن» و «كذا» وأحكامهما]

- ‌الباب الثاني والثلاثون باب نعم وبئس

- ‌[فعلان أم اسمان والأدلة على كلّ]

- ‌[اللغات فيهما]

- ‌[أنواع فاعل «نعم» و «بئس»]

- ‌[أحوال وأحكام المخصوص بالمدح والذم]

- ‌[الأفعال المحولة للمدح والذم]

- ‌الباب الثالث والثلاثون باب حبّذا

- ‌[أصلها - فاعلها - تمييزها - مخصوصها - إفرادها]

الفصل: ‌[«إلا» الموصوف بها]

[«إلا» الموصوف بها]

قال ابن مالك: (فصل: تؤول «إلّا» بـ «غير» فيوصف بها، وبتاليها جمع، أو شبهه، منكر، أو معرّف بأداة جنسية، ولا تكون كذلك دون متبوع، ولا حيث لا يصلح الاستثناء).

ــ

عشرين إلّا عشرة إلّا خمسة، فالعشرين خارجة من المائة فتصير ثمانين، والعشرة داخلة فتصير تسعين، والخمسة خارجة فالباقي إذا خمسة وثمانون (1). انتهى.

وعلى هذا قال ابن السّرّاج: إذا قلت: عندي مائة إلّا اثنين كان الإقرار بثمانية وتسعين، وإذا قلت: إلّا درهمان، فجعلت (إلّا) وما بعدها صفة كان الإقرار بمائة؛ لأنّ المعنى: مائة غير درهمين، وهذا واضح، وعلى هذا ترفع الخمسين في المثال المتقدّم عند قصد الصّفة، فتقول: عندي مائة إلّا خمسون إلّا عشرين إلى آخره.

ولم يحتج المصنف إلى التنبيه عليه لوضوحه وكأنّه قال: وإن قدّر المستثنى الأوّل صفة جرت عليه أحكام الصّفة، وتوهم الشيخ أنّ المثال أن: له عندي مائة إلّا عشرين إلا عشرة، إلّا خمسة، فيكون (إلّا عشرين) صفة على زعمه، ثمّ ردّ على المصنف قوله: فالعشرون خارجة من المائة وقال: قوله: إنها خارجة

إلى آخره - ليس بصحيح؛ لأنّ (العشرين) صفة فليست مخرجة من المائة (2)، وغاب عنه أنّ المصنف قصد المثال الّذي تقدّم أولا، وهو مائة إلّا خمسين، إلّا عشرين. وقد قال المصنّف: على أنّ المتكلم بذلك المثال، فأشار إليه فمراده بالمستثنى الأول الّذي تقدّره صفة (إلّا خمسين)، والخمسون غير مخرجة، ولهذا قال: ويكون المستثنى الأول (عشرين)، ثمّ أوضح ذلك بقوله: فكأنّه قال: عندي مائة إلّا عشرين إلّا كذا؛ فبيّن أنّ الخمسين في حكم المسكوت عنه، إذا جعلته صفة، وهذا

(الكلام)(3) واضح سديد.

قال ناظر الجيش: الأصل في (غير) الوصفية، والأصل في (إلّا) الاستثناء (4)، -

(1) ينظر: شرح المصنف (2/ 297).

(2)

التذييل والتكميل (3/ 601)، ومبسوط الأحكام للتبريزي (3/ 932)، واللباب في علل البناء للعكبري (1/ 252)(رسالة).

(3)

ما بين القوسين من الهامش.

(4)

شرح التسهيل (2/ 298).

ص: 2185

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويجوز حمل كلّ واحدة منهما على الأخرى، فيما هي أصل فيه، وسبب الحمل أنّ ما بعد كلّ منهما مغاير لما قبلها، إلّا أنّ وقوع (غير) موقع (إلّا) كثير، ووقوع (إلّا) موقع (غير) قليل، وسببه أنّ (غير) اسم، وتصرّفهم في الأسماء أكثر من تصرفهم في الحروف، على أنّ الوصف لا يكون بـ (إلّا) وحدها، بل بـ (إلّا) وما بعدها. ولهذا قال المصنف: تؤوّل (إلّا) بـ (غير) فيوصف بها وبتاليها، وقد أشار سيبويه لذلك فقال: هذا باب ما يكون فيه (إلّا) وما بعدها وصفا (1)، فجعل المجموع هو الوصف، وهو الحقّ. قال المصنف: ولأصالة (غير) في الوصفية جاز أن يوصف بها جمع، وشبه جمع، وما ليس جمعا، ولا شبه جمع كقولك: جاء رجال غير زيد، وقول الشاعر:

1720 -

فكفى بنا فضلا على من غيرنا

حبّ النّبيّ محمّد إيّانا (2)

ورجل غيرك أحبّ إليّ. ولأصالتها «أيضا» (3) في الوصفية جاز أن يحذف الموصوف بها، ولا يوصف بها إلّا جمع، أو شبه جمع، ولا يجوز حذف الموصوف بها وإقامتها مقامه، وقيّد الجمع بكونه منكرا، أو معرفا بأداة جنسية، فمثال الجمع المنكّر: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا (4) فـ إِلَّا اللَّهُ صفة لـ آلِهَةٌ (5)، ومثال الجمع المعرّف بالأداة الجنسية قول الشاعر: -

(1) الكتاب (3/ 331)، والمساعد لابن عقيل (1/ 578).

(2)

البيت من الطويل، نسب لحسان بن ثابت، وليس في ديوانه، ونسب لبشير بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، ويبدو أنه الأصح؛ لأنه في ديوانه (ص 289).

الشاهد: في وصف (من) بـ (غير)، و «من» شبهه بالجمع؛ لأن المعنى: على الذين غيرنا، وقد استدل به العلماء على مجيء (من) نكرة موصوفة، ويروى برفع (غير) فتكون (من) موصولة، والعائد محذوف، والتقدير: على من هو غيرنا، وقد استدل بهذا البيت أيضا على زيادة الباء، في مفعول

(كفى) المتعدية، ينظر: ديوان كعب بن مالك (ص 289)، والكتاب (2/ 105)، وشرح المفصل (4/ 12)، والمقرب (1/ 203)، العيني (1/ 486).

(3)

ما بين القوسين من الهامش.

(4)

سورة الأنبياء: 22.

(5)

ينظر: معاني القرآن للأخفش الأوسط (1/ 295)، والكتاب (1/ 370) طبعة بولاق، والمقتضب (4/ 408)، والإيضاح للفارسي (ص 209)، والكشاف للزمخشري (2/ 567)، والمفصل (ص 70)، وشرح ابن يعيش (2/ 89)، وشرح الكافية للرضي (2/ 247)، والبحر المحيط لأبي حيان (6/ 304).

ص: 2186

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1721 -

أنيخت فألقت بلدة بعد بلدة

قليل بها الأصوات إلّا بغامها (1)

أي: الأصوات غير بغامها، وقول الآخر (2):

1722 -

ويوم الحول إذ حشرت معدّ

وكان الناس إلا نحن دينا (3)

أي: وكان النّاس المغايرون لنا دينا، ومثال شبه الجمع قول الشّاعر: أنشده سيبويه:

1723 -

لو كان غيري سليمى الدهر غيره

وقع الحوادث إلّا الصّارم الذّكر (4)

قال سيبويه: كأنّه قال: لو كان غيري غير الصارم الذكر لغيره، وقع الحوادث، إذا جعلت «غير» الآخرة صفة للأولى، فالمعنى أنّه أراد أن يخبر أنّ الصّارم الذكر لا يغيره شيء (5). انتهى، ويمكن أن يكون من أمثلة شبه الجمع: ما أتاني أحد إلّا زيد، قال سيبويه - بعد أن مثّل به -: فأنت بالخيار، وإن سميت جعلت (إلّا زيد) بدلا، وإن شئت جعلته صفة. انتهى.

وقوله: جعلت (إلّا زيد) بدلا - فيه تجوّز، فإنّ البدل إنّما هو (زيد) وحده، لا (إلّا زيد) ومستغنى عنه لوضوحه، ولم يمثل المصنف لشبه الجمع معرفا بالأداة، -

(1) البيت لذي الرمة من الطويل، ينظر ديوانه (ص 368).

اللغة: أنيخت: أبركت، والبلدة الأولى: ما يقع على الأرض من صدر الناقة، والبلدة الثانية: الأرض، والبغام: صوت الظبي، فاستعاره للناقة. يصف ناقته، أناخها في فلاة، لا يسمع فيها صوت إلا صوتها.

والشاهد: في وصف الأصوات بقوله: إلا بغامها، على تأويل (غير) أي الأصوات التي هي غير صوت الناقة. ينظر: الكتاب (2/ 332)، والمقتضب (4/ 409)، والخزانة (2/ 56)، والمغني (ص 72، 316)، والهمع (1/ 29)، والمساعد لابن عقيل (1/ 578).

(2)

ذكره في معاني الفراء (3/ 81)، أنه من إنشاد المفضل، وهو غير موجود بطبعة دار المعارف (1964 م).

(3)

البيت من الوافر.

والشاهد فيه: قوله: «وكان النّاس إلّا نحن دينا» ؛ حيث وصف الناس - وهو اسم معرف باللام الجنسية - بـ (إلّا) وما بعدها، وهو من شواهد التذييل والتكميل (3/ 605).

(4)

البيت للبيد بن ربيعة العامري، والبيت من البسيط.

اللغة: سليمى: يا سليمى، الدهر: منصوب على الظرفية، الصارم: السيف القاطع، الذكر والمذكر من السيوف: ما كان ذا ماء ورونق.

والشاهد: في وصف (غير) بقوله: «إلا الصارم الذكر» كما ذكر موضحا. ينظر: شرح ديوان لبيد (ص 62)، الكتاب (2/ 333)، والمغني (ص 72)، والأشموني (2/ 156)، والتذييل والتكميل (3/ 605)، والمساعد لابن عقيل (1/ 579).

(5)

الكتاب (2/ 333).

ص: 2187

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإن انطوى كلامه في المتن عليه - ويظهر أن قوله: «منكّر» ، أو معرّف بأداة جنسية، تقسيم للجمع، لا لشبه الجمع، ولمّا مثّل بما تقدّم من قول الشّاعر:

1724 -

لو كان غيري

قال: ومن وقوعها صفة لشبه الجمع المنكّر معنى، الشبيه بالمعرفة لفظا قول الشّاعر:

وأنشد البيت المذكور، فأمّا كون إِلَّا في الآية الكريمة صفة آلِهَةٌ فهو رأي الأكثرين، وهو قول سيبويه (1)، والأخفش (2).

قال المصنف (3): ومعنى الصفة - في هذا الباب - التّوكيد لا التّخصيص، فلا فرق بين ثبوتها، وسقوطها، ولذلك إذا قال المقرّ: له عندي عشرة إلّا درهم، حكم عليه بعشرة كاملة، ولا يجوز جعل ما بعد (إلّا) في الآية الكريمة بدلا [3/ 49] ممّا قبلها؛ لأنّ شرط البدل في الاستثناء صحة الاستغناء به عن الأول، وذلك ممتنع بعد (لو) كما يمتنع بعد (أن)؛ لأنهما حرفا شرط، والكلام معهما موجب؛ ولذا قال سيبويه: لو قلت: لو كان معنا إلّا زيد لهلكنا، لكنت قد أجلت (4)، أي: أتيت بممنوع، فصحّ. يقول سيبويه (5): إنّ (لولا) تفرّغ العامل الّذي بعدها لما بعد (إلّا) كما فرّغ بعد النّفي، وإذا لم يصحّ التفريغ امتنع البدل، لما تقدّم.

قال المصنف (6): وكلام المبرد في المقتضب مثل كلام سيبويه وكلام الأخفش أعني أنّ التفريغ والبدل بعد (لو) غير جائز، وذكر ابن السرّاج عن المبرد أنّه قال:

لو كان معنا إلّا زيد أجود كلام، وأحسنه (7) فيجوز التفريغ، ومقتضاه جواز البدل، وتجويز الأمرين منقول عنه،

ومستند القائل بجواز البدلية، أمّا المبرّد، أو غيره أنّ ما يدلّ عليه (لو) من الامتناع شبيه بالنّفي، ومعنى: لَوْ كانَ فِيهِما -

(1) الكتاب (2/ 331).

(2)

معاني القرآن للأخفش (1/ 295)، ومنهج الأخفش الأوسط (ص 348)، وشرح الكافية لابن القواس (1/ 283)، رسالة، والبحر المحيط (6/ 408)، وشرح الكافية للرضي (2/ 247).

(3)

شرح التسهيل (2/ 298).

(4)

الكتاب (2/ 331).

(5)

المرجع السابق الصفحة نفسها.

(6)

شرح التسهيل (2/ 298).

(7)

الأصول في النحو لابن السراج (1/ 235).

ص: 2188

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ (1): ما فيهما آلهة إلّا الله، فما كان معناه معنى النّفي جرى في البدل مجراه، وقد ردّ القول بالبدلية بأوجه:

أحدها: أنّه لو كانت (لو) بذلك مستحقة لتفريغ ما يليها من العوامل، لكانت مستحقة بغير ذلك، ممّا يختصّ بحروف النّفي، كزيادة (من) في معمول ما يليها، وإعماله في (أحد)، و (غريب)، ونحوهما، وكنصب جواب مقرون بالفاء.

الثاني: أنّه لا يجري النّفي المعنوي مجرى النفي اللفظيّ، ألا ترى أنّك تقول:

أتى القوم إلّا زيدا، بالنصب، ليس إلّا، ولو كان النفي المعنوي كاللفظيّ لجاز: أتى القوم إلّا زيد، وكان المختار، وههنا أولى؛ لأنّ النفي محقّق، غير مقدّر فيه إثبات، وفي (لو) يقدّر فيما بعدها الإثبات، وإنّما قدّر فيه النّفي لمّا كان الإثبات تقديرا.

الثالث: أنّه لو كان على البدل لكان معناه معنى الاستثناء، ولو كان معناه معنى الاستثناء لجاز:«إلّا الله» بالنصب، ولا يستقيم المعنى؛ لأنّ الاستثناء إذا سكت عنه دخل ما بعده فيما قبله، ألا ترى أنّك لا تقول: جاءني رجال إلّا زيد، فكذلك لا يستقيم: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ، وقد نصّوا على أنّه لا يكون المخرج منه في الاستثناء إلّا مختصّا، وممّا يدل أيضا على أنّه ليس بمعنى الاستثناء أنّه لو كان النصب على الاستثناء، لكان المعنى - إذ ذاك - لو كان فيهما آلهة، ولم يكن الله في تلك الآلهة لفسدتا، وهو غير مستقيم؛ لأنّه يلزم عنه لو كان فيهما آلهة فيها الله لم تفسدا،

وذلك باطل.

قال السيرافي - شارحا لقول سيبويه -: لكنت قد أحلت لأنّه يصير المعنى:

لو كان معنا إلّا زيد لهلكنا؛ لأنّ البدل بعد إلّا في الاستثناء موجب، قال: وكذا لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا، ولو كان على البدل لكان التقدير: لو كان فيهما الله لفسدتا، وهذا فاسد (2). انتهى، وفيه نظر وممّا وقعت فيه (إلّا) مع ما بعدها وصفا بيت ذي الرّمة المتقدّم، وهو من إنشادات سيبويه (3). قال سيبويه كأنّه -

(1) سورة الأنبياء: 22.

(2)

شرح السيرافي (3/ 116 / ب)، المخطوط، والكتاب (1/ 370) طبعة بولاق، والمقتضب للمبرد (4/ 408)، والإيضاح للفارسي (ص 209)، والكشاف للزمخشري (2/ 567)، والمفصل (ص 70)، وعجائب القرآن لفخر الدين الرازي (ص 110).

(3)

الكتاب (1/ 370) طبعة بولاق، (2/ 332).

ص: 2189

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال: قليل بها الأصوات، غير بغامها، إذا كانت غير استثناء، قال سيبويه: ومثل ذلك قول الله عز وجل: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ (1)، يعني في وقوع (غير) صفة لما فيه ألف ولام، فإن رفع كان صفة لـ (القعدون) وإن جرّ كان صفة لـ (المؤمنين.)

قال المصنف (2): ولا يصحّ جعل (غير) في الآية الكريمة بدلا؛ لأنّه لا يستغنى به عمّا قبله، ومن وصف ذي الألف واللام أيضا بـ (غير) قول لبيد:

1725 -

وإذا أقرضت قرضا فأجزه

إنّما يجزي الفتى غير الجمل (3)

قال السيرافي: وأمّا قول الشّاعر:

1726 -

قليل بها الأصوات إلّا بغامها (4)

ففيه وجهان: أحدهما: ما قاله سيبويه، ومقتضاه، أنّه أثبت بها أصواتا قليلة، وجعل:(إلّا بغامها) نعتا للأصوات.

والوجه الثاني: يكون (قليل) بمعنى النّفي، كأنّه قال: ما بها أصوات إلّا -

(1) سورة النساء: 95. قرئ برفع غير ونصبها، وجرها، أما قراءة الرفع فوجهها الأكثرون على أنها صفة القعدون، وأجاز بعض النحويين فيه البدل؛ لأنه بعد نفي، وأما قراءة النصب فهي على الاستثناء من القعدون وهو الأظهر، وقيل: استثناء من المؤمنين، وقيل بنصبه على الحال من القعدون وأما قراءة الجر فعلى أنه صفة لـ المؤمنين.

ينظر: الكتاب (2/ 332، 333)، والبحر المحيط (3/ 330، 331).

(2)

شرح المصنف (2/ 301).

(3)

البيت من بحر الرمل، من قصيدة للشاعر لبيد بن ربيعة العامري، في ديوانه (ص 174)، وفي العجز برواية أخرى: إنما يجزي الفتى ليس الجمل.

اللغة: القرض: ما يعطى من المال، ليتقاضاه صاحبه، والمقصود به هنا: ما سلف من إحسان، أو إساءة. الفتى: السيد اللبيب، والعرب تقول للجاهل: يا جمل، أي إنما يجزي اللبيب من الناس، لا الجاهل، وقيل: الجمل بمعنى الأحمق.

الشاهد فيه: نعت «الفتى» وهو معرفة بـ «غير» ، وهو نكرة ومسوغ هذا أن التعريف بالألف واللام يكون للجنس، فلا يخص أحدا بعينه. ينظر: الخزانة (4/ 68، 72، 477)، (2/ 28)، والعيني (4/ 176)، ومجالس ثعلب (ص 515)، والكتاب (2/ 333)، وشرح الرضي على الكافية (1/ 227)، والهمع (1/ 229).

(4)

شرح السيرافي (3/ 119).

ص: 2190

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بغامها، وهو استثناء، وبدل صحيح، كما يقول: أقل رجل يقول ذلك إلّا زيد (1).

ورّدّ الشّلوبين البدل ههنا، وقال: لا يتصوّر؛ لأنّه يؤول إلى التّفريغ، وهو فاسد. ألا ترى أنّه لم يرد أن يقول: ما بها إلّا بغامها، وكيف يقول ذلك وبها القليل، والراحلة، ورحلها، وغير ذلك، وإنّما أراد ما بها صوت مغاير لبغامها، و (قليل بها الأصوات) في معنى النّفي (2).

قال المصنف: عند نهاية الكلام على الشروط المعتبرة في الوصف بـ (إلّا) والحاصل أنّ (إلّا) لا يوصف بها مفرد محض، ولا يجوز: جاء الرجال إلّا زيد، على أن يكون (الرجال) معهودين؛ لأنّ معرفتهم حينئذ محضة، فلو قصد الجنس لم يمتنع وصفهم بـ (إلّا)، كما لا يمتنع وصفهم بـ (غير)(3)، كقوله تعالى:

غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ (4). انتهى، وبقي عليه أن يذكر مثالا ثالثا، لا يصح فيه الاستثناء، كما ذكر مثال المفرد المحض، والمعرّف تعريفا محضا، إلّا أنّه يكون استغنى عن ذلك بالتمثيل بـ:(قام رجل إلّا زيد)؛ لأنّه لا يصلح للاستثناء منه، لكونه مفردا، وقد تضمن كلام المصنف في الشرح (5) اشتراط أمور في وقوع (إلّا) مع ما بعدها وصفا:

الأمر الأول: أن يكون الموصوف بها جمعا، أو شبه جمع، كما تقدّم تمثيله، ووافق في ذلك ابن السراج، فإنّه قال: لا تكون (إلّا) وصفا، إلّا بعد جماعة أو واحد في معنى الجماعة (6)، ولا يظهر من كلام سيبويه اشتراط ذلك، فإنّه مثّل المسألة بقوله: لو كان معنا رجل إلّا زيد لغلبنا (7)، فجعل (إلّا زيد) وصفا لـ (رجل)، مع أنّه ليس جمعا، ولا شبه

جمع؛ إذ لا عموم له، ولا يمتنع من جهة الدليل وقوع (إلّا) وصفا للمفرد المحض؛ لأنّه إذا ثبت حمل (إلّا) على (غير) في الوصف بها، لم يكن لغير المفرد خصوصة بذلك [3/ 50] على المفرد، ووقوعها صفة له لا يدفع أصالة (غير) في الوصفية، فإنّ الأصالة قد تتميز بغير ذلك، كما سيأتي. -

(1) الكتاب (2/ 314).

(2)

التوطئة.

(3)

شرح المصنف (2/ 301).

(4)

سورة النساء: 95.

(5)

الارتشاف (2/ 314)، والهمع (1/ 229).

(6)

الأصول لابن السراج (1/ 221).

(7)

الكتاب (2/ 331).

ص: 2191

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأمر الثاني: أن يكون الجمع المذكور منكّرا، أو معرّفا بأداة جنسيّة، ونقل المصنف عن المبرد أنّه قال: لا يوصف بـ (إلّا) إلّا ما يوصف بـ (مثل) و (غير) وذلك النكرة والمعرفة التي بالألف واللام على غير نحو: ما يحسن بالرجل مثلك أن يفعل ذلك، وقد أمرّ بالرجل غيرك، فيكرمني (1). ونقل الشيخ عن الأخفش قريبا من هذا (2)، وللنحويين في ذلك اضطراب: فمنهم من قال: لا يوصف بـ «إلّا» وما بعدها، إلّا النكرة خاصة (3)، ومنهم من زاد المعرّف بالأداة الجنسية، كما هو رأي المصنف (4)، ومنهم من فصّل فقال: إن كان ما بعد (إلّا) معرفة، جرت على النكرة وعلى المعرفة، وإن كان ما بعدها نكرة، جرت على النكرة، لا المعرفة، ومنهم من أطلق القول في ذلك، فأجاز أن يقع صفة للنكرة والمعرفة، ولم يقيدها بالأداة الجنسية، وهو ظاهر من قول سيبويه، حتّى أنّهم أجازوا أن يقع صفة للضمير أيضا، وأنشد عليه قول الشاعر:

1727 -

وبالصّريمة منهم منزل خلق

عاف تغيّر إلّا النؤي والوتد (5)

فـ (إلّا النّؤي، والوتد) صفة للضمير المستكنّ في (تغيّر)، ومنهم من ادّعى أنّها عطف بيان في هذا البيت؛ لأنّه قد تقرّر أنّ الضّمائر لا تنعت، وقد تقدّم الكلام على هذا البيت، وأنّه من قبيل المفرغ، بتأويل (تغيّر) بـ (لم يبق على حاله) فعلى هذا لا يتعين الوصف بـ (إلّا) فيه.

الأمر الثالث: أن يكون الموصوف بـ (إلّا) مذكورا، غير محذوف، وهذا بخلاف الموصوف بـ (غير) وقد تقدّم أنّ

(غير) لأصالتها اختصت بذلك دون (إلّا)، وبهذا الأمر تتحقق أصالة (غير) في الوصفية، وفرعية (إلّا)، وهو كاف في ذلك، فلا يضرّ جريان (إلّا) مجرى (غير) في كلّ حالاتها، حتّى وصف المفرد بها أيضا، كما تقدّم التنبيه عليه، وهذا الشرط - أعني كون الموصوف بـ (إلّا) مذكورا غير محذوف - لم يخالف فيه أحد، وقال سيبويه: ولا يجوز أن -

(1) المقتضب (4/ 411).

(2)

التذييل والتكميل (3/ 608)، وينظر: معاني القرآن للأخفش (ص 86).

(3)

،

(4)

ينظر: شرح المصنف (2/ 301).

(5)

البيت من الطويل، وقائله الأخطل الشاعر الأموي المشهور، وقد سبق تخريجه.

ص: 2192

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تقول: ما أتاني إلّا زيد، وأنت تريد أن تجعل الكلام بمنزلة (مثل)، وإنّما يجوز ذلك صفة، ونظير ذلك من كلام العرب (أجمعون) لا تجري في الكلام إلا على اسم، ولا يعمل فيه رافع، ولا ناصب، ولا جارّ (1). اه، وكأنّه يعني بقوله: إنمّا يجوز ذلك صفة - أنّها تكون تابعة لمذكور، فإنّه إذا حذف موصوفها صارت بمنزلة (مثل) فجرت مجرى الأسماء، فكأنه قال: لا تجري مجرى الأسماء، إنما تكون صفة ولا يتحقق كونها صفة، إلّا مع ذكر موصوفها.

الأمر الرابع: أن تكون (إلّا) المذكورة، واقعة حيث يصلح الاستثناء، ونصّ على اشتراط ذلك المبرّد (2)، والأخفش (3)، وعليه الأكثرون (4)، حتى قال الشيخ: هذا كالمجمع عليه من النحويين، وعلى ذلك يجوز: عندي درهم إلّا دانق، لجواز: إلّا دانقا، ويمتنع: عندي درهم إلّا جيد، لعدم جواز: إلا جيدا، هكذا مثّلوه، وفي تجويز عندي درهم إلا دانق - على رأي المصنف - نظر؛ لأنّه قد تقدّم عنه أنّ الموصوف بـ (إلّا) لا يكون إلّا جمعا، أو شبه جمع، ولا شك أنّ (درهما) ليس كذلك، وقد يقال: إنّ قولنا: إلّا دانقا (5) يفيد إرادة الجمعيّة بـ «درهم» المذكور، فهو وإن كان مفردا لكونه واحدا لدرهم جمع، لدلالته على دوانق متعددة، على أنّني لم أقف على هذا المثال، في شرح المصنّف، ثمّ الظاهر من كلام سيبويه أنّ الّذي ذكروه، غير لازم، وذلك أنّه مثّل المسألة بقوله: لو كان معنا رجل إلّا زيد لغلبنا، ولا يصلح في هذا المثال الاستثناء أصلا، وقد تقدّم أيضا أنّ قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا (6) لا يتصوّر فيه الاستثناء، لفساد المعنى به، فقد وقعت إِلَّا وصفا، في الآية الكريمة، وفي مثال سيبويه (7)، والاستثناء غير صالح فيهما، وقد رام -

(1) ينظر: الكتاب (1/ 125) طبعة بولاق، ومبسوط الأحكام للتبريزي (3/ 924).

(2)

ينظر: المقتضب للمبرد (4/ 409).

(3)

ينظر: معاني القرآن للأخفش (1/ 295).

(4)

ينظر: الأصول لابن السراج (1/ 349)، وشرح اللمع لابن برهان (1/ 153).

(5)

الدانق: سدس الدرهم، فارسي معرب، انظر: شرح اللمع لابن برهان (1/ 153)، والأصول لابن السراج (1/ 349)، ومبسوط الأحكام للتبريزي (3/ 924).

(6)

سورة الأنبياء: 22.

(7)

الكتاب (1/ 370) طبعة بولاق.

ص: 2193

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بعضهم تقدير هذا الشّرط، والتزامه في الآية الكريمة (1)، والمثال المذكور، على الانقطاع، وقال: إنّما قصد النحاة صحّة الاستثناء مطلقا، متّصلا كان، أو منقطعا، والانقطاع متصوّر هنا، والتقدير: لو كان فيهما آلهة إلّا الله لفسدتا، لكن فيهما الله، وهو واحد، فلم تفسدا، وكذا المثال الّذي ذكره سيبويه؛ التقدير: لو كان معنا رجل لغلبنا، لكن معنا زيد، فلا نغلب، وفيما ذكره هذا القائل بعد، وأيضا فإنّه يؤدّي إلى أنّه لا فائدة في اشتراط صحّة الاستثناء، إذا جاء من موضع تقع فيه (إلّا) صفة إلّا، ويمكن صحة المنقطع فيه، واشترط المبرد أمرا خامسا - لم يتضمّنه كلام المصنف - وهو أن تكون (إلّا) الموصوف بها، واقعة موقعا يصلح فيه البدل (2)، ويعني به أن يكون الكلام الّذي قبلها غير موجب، والصحيح أنّ ذلك لا يشترط؛ لأنّه قد جاء الوصف بـ (إلّا) حيث لا يجوز البدل، كقوله:

1728 -

وكلّ أخ مفارقة أخوه

لعمر أبيك إلّا الفرقدان (3)

وقد ظهر من المباحث المتقدمة أنّ أكثر الأمور المشترطة في وقوع «إلّا» وصفا غير لازمة، ولم يتحقق منها سوى شرط واحد، وهو أن يكون الموصوف بها مذكورا، وما نصّ سيبويه إلّا عليه، ولم يتعرض إلا إليه، بل أمثلته الّتي مثّل بها تدفع غير ذلك، كاشتراط الجمعية، أو شبهها وعدم التعرف، وكاشتراط الصلاحية للاستغناء، ولا ينبغي العدول عمّا قاله سيبويه؛ إذ لم ينهض على مخالفته دليل.

ونقل الشيخ عن صاحب البسيط - وهو رجل يقال له: ابن العلج (4)، ورأيت -

(1) هي آية: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء: 22].

(2)

المقتضب (4/ 416).

(3)

ينسب لعمرو بن معديكرب، وحضرمي بن عامر، الشاعرين الفارسيين، وهما من الصحابة - رضوان الله عليهم - ينظر: شواهد المغني (ص 78)، والدرر (1/ 194)، واللسان: مادة (الألف اللينة)، والبيت من الوافر. الفرقدان: نجمان لا يفترقان.

والشاهد فيه: مجيء الوصف بـ «إلا» ؛ حيث لا يجوز البدل. ينظر: الكتاب (1/ 334، 335)، والمقتضب (4/ 409)، وشرح المفصل (2/ 89)، والخزانة (2/ 52)، (4/ 79)، وديوانه (ص 118).

(4)

هو الإمام العالم ضياء الدين أبو عبد الله محمد علي الأشبيلي المعروف بابن العلج - بكسر العين المهملة وسكون اللام ثم الجيم - مؤلف كتاب البسيط في النحو، ذكره الشيخ أثير الدين أبو حيان، ونقل عنه كتاب البسيط كثيرا في البحر المحيط، والارتشاف والتذييل والتكميل، قال: قد سكن اليمن، -

ص: 2194

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشيخ يعظّمه، ويقبل كلامه، ويستكثر نقله - أنّه قال: جمهور النحويين على جواز كون (غير) تجري على المعرفة، فكذلك [3/ 51](إلّا)(1)، و (هذا) - من: هذا الرجل - يدلّ على أنّ الجمهور لا يشترطون التنكير، ونقل عنه أيضا أنّه قال: والظاهر أنّها تقع بمعنى (إلّا) فيما تقع فيه (غير)، إلّا في الموضع الذي لا يتقدّمها موصوف، سواء كان في النّفي، أم في الإثبات، وكان - يعني الموصوف بها، مجموعا أو مفردا، أو منكرا، أو معرّفا (2)، وهذا النّقل صريح، في عدم اشتراط شيء من ذلك. قال صاحب البسيط (3) أيضا: ولمّا كانت (غير) من أخوات (مثل) و (شبه) وكان يصحّ فيها قصد التعريف، صحّ جريها على المعرفة والنّكرة، فكذلك (إلّا) بمعناها، تجري على النكرة، وعلى المعرفة (4). انتهى. وكما جاز أن تكون (إلّا) مع ما بعدها، وصفا لما قبلها، (غير) أجاز بعضهم أن تكون بدلا ممّا قبلها، كما يجوز في (غير) أن تكون بدلا، وممّن أجاز ذلك صاحب البسيط المتقدم الذكر، قالوا: ويشعر به كلام ابن الضّائع، أيضا قال في قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا (5) لا يصحّ المعنى عندي إلّا على أن تكون (إلّا) في معنى (غير) التي يراد بها البدل، أي: لو كان فيهما آلهة، عوض واحد، أي بدل الواحد الّذي هو الله لفسدتا. قلت: وليس في كلام ابن الضّائع إشعار بالبدليّة؛ لأنه إنّما قال: (إلّا) في معنى (غير) التي يراد بها البدل، وقد بيّن هو مراد نفسه بقوله: أي لو كان فيهما آلهة عوض واحد، أي بدل الواحد، الذي هو الله تعالى، يعني أنّ المراد بـ (غير) التي وقعت (إلّا) موقعها، في الآية الشريفة، ما يراد بقوله: بدل، وعوض، لا الوصف الحقيقي، وهذا الّذي قاله يظهر أنّه الحقّ، والله تعالى أعلم بمراده. -

- وصنف بها كتابا سماه: البسيط في النحو، وهو كتاب كبير يقع في عشرة مجلدات.

ينظر النحاة لابن شهيد الأسدي (1/ 159)، مخطوط بدار الكتب المصرية، والبحر المحيط (8/ 47)، والتذييل والتكميل لأبي حيان (6/ 236) رسالة، وينظر: طبقات الأشباه والنظائر للسيوطي (2/ 166)، ومبسوط الأحكام للتبريزي (2/ 417).

(1)

ينظر: التذييل والتكميل (3/ 673) رسالة، ومنهج السالك (1/ 277).

(2)

،

(3)

،

(4)

ينظر: التذييل والتكميل (3/ 615).

(5)

سورة الأنبياء: 22.

ص: 2195