الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أحكام الاستثناء بـ «ليس» و «لا يكون»]
قال ابن مالك: (ويستثنى بـ «ليس» و «لا يكون» فينصبان المستثنى خبرا، واسمهما بعض مضاف إلى ضمير المستثنى منه، لازم الحذف، وكذا فاعل الأفعال الثلاثة وقد يوصف - على رأي - المستثنى منه، منكّرا، أو مصحوبا بـ «أل» الجنسيّة بـ «ليس» و «لا يكون» فيلحقها ما يلحق الأفعال الموصوف بها من ضمير وعلامة).
ــ
قال ناظر الجيش: اعلم أنّ من أدوات الاستثناء (ليس) و (لا يكون) وهما الرافعان الاسم الناصبان الخبر ولهذا يجب نصب ما استثنى بهما؛ لأنه الخبر، ولوقوعهما موقع (إلّا) لزم عدم الإتيان باسمهما لفظا؛ لئلّا تفصلهما من
المستثنى فيجهل قصد الاستثناء وجعله المصنف ظاهرا محذوفا لازم الحذف، وإليه الإشارة بقوله: واسمهما بعض مضاف إلى ضمير المستثنى منه لازم الحذف (1). فتقدير: قام القوم ليس زيدا، ولا يكون زيدا: ليس بعضهم زيدا، ولا يكون بعضهم زيدا، والأصل: قام القوم إلا زيدا، فلما وقعت (ليس) و (لا يكون) موقع (إلّا) ولأجل أنّ اسمهما البعض المذكور لم يختلف اللفظ بهما فيقال: جاءني القوم لا يكون زيدا وليس عمرا، ومررت بالنساء لا يكون فلانة وليس فلانة (2)، وكذا لو كان المستثنى بها مثنى أو مجموعا نحو: جاء الناس ليس الزيدين، أو لا يكون الزيدين، وليس العمرين، أو لا يكون العمرين، والجمهور على أنّ اسمهما ضمير مستكنّ فيهما، عائد على البعض المفهوم من معنى الكلام المتقدّم وإن لم يذكر فالتقدير: ليس هو زيدا، أو لا يكون هو زيدا؛ لأنه إذا أخبر عن معهودين وزيد من جملتهم، فقيل: أتى القوم، حصل في نفس المخاطب أنّ بعض الآتين زيد، فعاد الضّمير على ذلك البعض المفهوم ولهذا أيضا لم يختلف لفظ:(ليس) و (لا يكون) لاختلاف (المستثنى) بهما، كالأمثلة المتقدمة؛ لأنّ الضمير مفرد، مذكر لعوده على (بعض) الذي هو كذلك - أي: مفرد مذكر - وإنّما قدّر مضمرا، ولم يجعل مظهرا كما قال المصنف، وإن كان المعنى في التقديرين -
(1) ينظر: التسهيل (ص 106).
(2)
ينظر: المساعد لابن عقيل (1/ 587) تحقيق د/ بركات.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واحدا، لما يلزم من حذف اسم (ليس) و (لا يكون) وقد نصّوا على أنّ الاسم في باب كان وأخواتها لا يحذف، لشبهه بالفاعل فإذا قدّر مضمرا أمن من ذلك، ولا شك في وضوح هذا القول ورجحانه على دعوى المصنف، على أنّ في عبارة سيبويه إشعارا برأي المصنف، ولعلّها هي الموقعة له في ذلك فإنّه قال - بعد أن ترجم باب (لا يكون) و (ليس) وما أشبههما -: فإذا جاءتا وفيهما معنى الاستثناء (فإنّ فيهما إضمارا وعلى هذا وقع فيهما معنى الاستثناء)(1) فقوله: فإنّ فيهما إضمارا يفهم بأنّ الاسم مضمر فيهما، ثم قال - بعد أن مثل بنحو: أتاني القوم ليس زيدا - كأنّه - حين قال: أتوني - صار المخاطب عنده قد وقع في خلده أنّ بعض الآتين زيد، حتّى كأنّه قال: بعضهم زيد، فكأنه قال: ليس بعضهم زيدا، وترك إظهار (بعض) استغناء، كما ترك الإظهار في (لات حين) (2) فقوله:
فكأنّه قال: ليس بعضهم زيدا، يشعر بأنّ الاسم مظهر غير مضمر، إلّا أن يقال:
إنمّا أراد بذلك تفسير المعنى، لا التقدير الصناعيّ ولكن يبعد هذا القول قوله - بعد ذلك - كما ترك الإظهار في (لات حين)(3) شبه (4) ترك الإظهار في ليس وأخواتها، بترك الإظهار في:(ولات حين)، ولا يدّعي أحد أن اسم
(لات) مضمر، بل محذوف، ثم قال: قول سيبويه - أولا - فإنّ فيهما إضمارا محمول على أنه أراد بالإضمار التقدير لا أنّ الاسم، غير مظهر.
وقد شنّع الشيخ على المصنف في قوله: واسمهما بعض لازم الحذف فقال: هذا الذي قاله لم يذهب إليه أحد من النحويّين، بل اتفق الكوفيون والبصريّون على أنه مضمر فيهما، ليس ظاهرا محذوفا، قال البصريون: هو عائد على البعض المفهوم من الكلام السابق وقال الكوفيون: هو عائد على الفعل المفهوم من الكلام الأول فتقدير: (قام القوم ليس زيدا): ليس فعلهم فعل زيد، فحذف المضاف إلى (زيد) وأقيم (زيد) مقامه، وردّ هذا المذهب بأنّ فيه دعوى مضاف محذوف لم يلفظ به قطّ (5)، وبأنك تقول: قام القوم إخوتك ليس زيدا، وليس فيه فعل يقدر الضمير -
(1) ما بين القوسين من الهامش. وينظر: الكتاب (2/ 347).
(2)
،
(3)
ينظر: المرجع السابق.
(4)
أي: شبه سيبويه.
(5)
ينظر: التذييل والتكميل (3/ 644).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عائدا عليه (1). اه.
وقد علمت ما في عبارة سيبويه (2) من الاحتمال على أنّ الشيخ - بعد تشنيعه - نقل عن صاحب البسيط أنه قال: يقول المصنف في هذه المسألة، ونقل عنه استدلالا على ذلك وتقوية له (3). وقد يمنع المصنف عدم جواز حذف الاسم في باب (كان) ويدّعي جواز الحذف لدليل، كما كان يجوز فيه وهو مبتدأ، قبل دخول (كان) عليه، ولا يلزم من تشبيهه بالفاعل في بعض الأحوال أن يشبهه في كلّ ما له ومن شواهد الاستثناء بـ (ليس) قول النبيّ صلى الله عليه وسلم:«يطبع المؤمن على كلّ خلق ليس الخيانة والكذب» (4) أي: إلّا الخيانة والكذب (5).
وأما فاعل (عدا) و (خلا) و (حاشا) ففيه أقوال:
أحدها: أنه كفاعل (6)(ليس) و (لا يكون) وإليه أشار بقوله: وكذا فاعل الأفعال الثلاثة فقدّر «قام القوم عدا زيدا» : عدا بعضهم زيدا، أو عدا هو أي بعضهم زيدا، على ما عرفت من التقديرين المتقدمين إلا أنّ مدلول البعض المقدّر فاعلا لهذه الأفعال غير مدلول البعض المقدر اسما، لـ (ليس) و (لا يكون)؛ لأنّ البعض المقدر اسما لهما هو نفس [3/ 56] المستثنى؛ لأنه مخبر عنه به، والمبتدأ والخبر متّحدان (7)، وأما البعض المقدر فاعلا لـ (عدا)(8) وأختيها
فمدلوله ما بقي -
(1) في نقل هذه العبارة تصرف ونصها في المرجع السابق الصفحة نفسها: «قد يأتي الاستثناء بها حيث لا يتقدر ما قدره الكوفيون نحو: القوم إخوتك ليس زيدا، أو لا يكون زيدا، وما أشبه هذا، فهنا لا يمكن تقدير: ليس فعلهم فعل زيد إذ لم يستند إليهم فعل البتة. اه.
(2)
أشير إليها منذ سطور، وينظر الكتاب (2/ 347).
(3)
ينظر: التذييل والتكميل (3/ 646).
(4)
هكذا في الفتح الكبير للسيوطي (3/ 426) وفي مسند ابن حنبل (2/ 252): «يطبع المؤمن على الخلال كلها، إلا الخيانة والكذب» .
(5)
فأوقع (ليس) موقع (إلا) وأولاها ما كان يليها. والأصل: ليس بعض خلقه الخيانة والكذب.
(6)
،
(7)
ينظر شرح اللمع لابن برهان (1/ 152)، وشرح ابن يعيش (2/ 87)، ومبسوط الأحكام للتبريزي (3/ 888)، والمقرب (1/ 173)، وشرح الرضي (1/ 229)، وشرح الكافية لابن مالك (2/ 721).
(8)
تدخل (ما) على (خلا) و (عدا) فيتعين النصب بعدها؛ لأنها مصدرية فدخولها يعينّ الفعلية وزعم الجرمي والربعي والكسائي والفارسي وابن جني أنه يجوز الجر على تقدير (ما) زائدة، الهمع (1/ 232) وينظر: اللمع لابن برهان (1/ 152)، وشرح الكافية لابن القواس (1/ 207)، ورصف -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من المستثنى منه بعد إخراج المستثنى، ويرجّح دعوى كون فاعل هذه الأفعال ضميرا لبعض، على دعوى كونه ظاهرا محذوفا؛ لأنّ فاعليته متحققة والفاعل لا يحذف.
القول الثّاني: أنّ الفاعل ضمير، كما هو في أحد التقديرين في القول الأوّل، إلّا أنّه لا يعود على البعض وإنّما يعود على (من) المفهوم من معنى الكلام المتقدّم، فتقدير «قام القوم عدا زيدا»: عدا هو زيدا، أي: عدا من قام زيدا وهو رأي المبرّد (1).
القول الثالث: للمصنّف: (الذي)(2) ذكره في الشرح أنّ الفاعل مصدر ما عمل في المستثنى منه، فتقدير: قاموا عدا زيدا، جاوز قيامهم زيدا، ولم يقدره المصنف ضمير المصدر، بل جعل فاعل المصدر الظاهر محذوفا على طريقته التي عرفتها. قال المصنف: وتقدير: عدا قيامهم زيدا أجود من تقدير: عدا بعضهم زيدا؛ لأنّه لا يستقيم إلّا أن يراد بالبعض ما سوى زيد، وهذا - وإن صحّ إطلاق البعض على الكلّ إلّا واحدا، لا يحسن، لقلته في الاستعمال (3). انتهى.
وللعلّة التي أشار إليها المصنف جنح المبرد إلى القول الذي تقدم نقله عنه.
قال الشيخ: وهذا الذي ذهب إليه - يعني المصنف - لا يطرأ له، فإنّ من صور الاستثناء ألّا يتقدم فعل، ولا ما يجري مجرى الفعل، نحو: القوم إخوتك عدا زيدا، والقوم قرشيّون، ما خلا زيدا، وهنا لا يمكن أن تقدر: جاوز فعلهم زيدا؛ لأنّه لم ينسب إليهم فعل (4). اه. وفيه نظر، ونقل الشيخ أنّ الفراء ذهب إلى أنّ (حاشا) فعل ولا فاعل له (5)، ثم قال الشيخ: ويمكن القول في (عدا) و (خلا) كذلك. وأنّ النصب بعدهما إنّما هو بالحمل على (إلّا) والتزم فيه النصب (6)؛ لأنّه لم يتمحص للحرفية، والفروع يقتصر فيها على بعض الأحكام ولا ينكر أن يعرى الفعل من الفاعل إلّا إذا استعمل استعمال الحروف كما أنّ (قلّما) لما استعملت للنفي -
- المباني للمالقي (ص 366).
(1)
الذي قاله المبرد في المقتضب (4/ 426): «وأما عدا وخلا فهما فعلان ينتصب ما بعدهما وذلك قولك: جاءني القوم: عدا زيدا؛ لأنه لما قال: جاء القوم وقع عند السامع أن بعضهم (زيدا) فيقال:
عدا زيدا أي: جاوز بعضهم زيدا فهذا تقديره إلا أنّ (عدا) فيها معنى الاستثناء. اه.
(2)
ما بين القوسين من الهامش، وعدم إثباته أولى.
(3)
شرح التسهيل لابن مالك (2/ 311).
(4)
التذييل والتكميل (3/ 635).
(5)
ينظر: المرجع السابق الصفحة نفسها، وشرح الكافية لابن القواس (ص 398)، الهمع (1/ 233).
(6)
أي حين تكون أفعالا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المحض استغنت عن فاعل، فتقول: قلّما يقوم زيد، أي: ما يقوم زيد، وكذلك يقدّر: قاموا عدا زيدا، قاموا إلا زيدا، فيجرى (عدا) مجرى (إلّا)(1). اه.
وبقي الكلام على مواضع هذه الكلمات من الإعراب:
فاعلم أنّ (عدا وخلا، وحاشا) إذا كنّ أحرف جرّ: كانت متعلقة بما قبلها وهي والمجرور بها في موضع نصب، وأما المذكورات إذا كنّ أفعالا غير موصول شيء منها بـ (ما، وليس، ولا يكون) فيجوّز السيرافي فيه وجهين: أحدهما: أن يكون لها موضع من الإعراب، ويكون في موضع نصب على الحال، وكأنك قلت: قام القوم خالين زيدا وعادين زيدا وحاشين زيدا، أي مجاوزا هو أي بعضهم زيدا (2)، قال بعضهم: ويستثنى هذا من القاعدة المقررة، وهي أنّ الجملة الحالية إذا صدّرت بفعل ماض غير ما استثنوه لا بدّ معها من (قد) ظاهرة أو مقدّرة. الوجه الثاني:
أن لا موضع لها من الإعراب، وإن كانت جملة فمفتقرة من جهة المعنى إلى الكلام الذي قبلها، من حيث كان معناها كمعنى (إلّا) ونظيره مذ يومان، من قولك: ما رأيته مذ يومان فإنّها جملة ابتدائية، لا موضع لها من الإعراب وهي مفتقرة إلى ما قبلها (3) واختار ابن عصفور هذا الوجه، قال: لأنّك إذا جعلتها حالا احتاجت إلى رابط يربطها بذي الحال، ولا رابط؛ لأنّ الضمير في (عدا) و (خلا) و (حاشا) ليس عائدا على المستثنى منه، وإنما هو عائد على البعض المفهوم وهو مضاف إلى القوم ولا يقال: إذا كان البعض مضافا إلى القوم فقد حصل الربط، لأنه كالمصرّح به لأنّ هذا رابط بالمعنى والربط بالمعنى لا ينقاس، ألا ترى قصوره على السماع في نحو مررت برجل قائم أبواه لا قاعدين، ومنعوه في: مررت برجل قائمين، لا قاعد أبواه، على إعمال (قاعد) في الأبوين لأنّ الربط بالمعنى إنما سمع في الصفة الثانية لا في الصفة الأولى فلم يتجاوزوا به موضع السّماع (4). اه.
وأما إذا كانت (عدا) و (خلا) موصولتين بـ (ما): -
(1) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 635) وفي العبارة تصرف.
(2)
ينظر: شرح السيرافي (3/ 127 / ب، 128 / أ) المخطوط، والمغني (ص 134).
(3)
ينظر: هذا الوجه أيضا في المرجعين السابقين.
(4)
ذكر ابن عصفور - في المقرب (1/ 173) - أن الجملة في موضع نصب على الحال وذكر في شرح الجمل (2/ 219) - جواز الأمرين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فموضع (ما) والفعل نصب، واختلفوا في محلّ انتصابه: فزعم السيرافي أنّه بتأويل مصدر منصوب وأنّه لا خلاف في ذلك بين البصريّين والكوفيّين ثم اختار السيرافي أنّه مصدر موضع موضع الحال، وفيه معنى الاستثناء، قال: وجاز وقوع (ما) المصدريّة مع صلتها موضع الحال، إجراء لها مجرى المصدر الذي هي في تقديره كما وصف بها في قولك: مررت برجل ما شئت من رجل؛ إجراء لها مجرى المصدر الموصوف به في نحو: مررت برجل عدل. قال المصنف: ولا يمنع من ذلك كونه معرفة فإنّ وقوع المعرفة حالا لتأولها بالنكرة سائغ شائع. وزعم ابن خروف والشلوبين أنّ انتصاب المصدر المذكور على الاستثناء (1)، قال المصنف:
وهو غلط منهما؛ لأن المنصوب على معنى لا يقوم ذلك المعنى بغيره ومعنى الاستثناء قائم بما بعد (ما) وصلتها لا بـ (ما) فلا يصحّ القول بأنّهما منصوبان على الاستثناء؛ لأنهما مستثنى بهما لا مستثنيان. وزعم ابن الضائع - ونقله الشيخ عن صاحب البسيط أيضا - أنّ انتصاب المصدر المذكور على الظرف ودخله معنى الاستثناء، فيقدّر (قام القوم ما عدا زيدا) بـ:(قام القوم وقت مجاوزتهم زيدا)، قال:(وما) المصدرية كثيرا ما تكون ظرفا ولم يثبت فيها
النصب على الحال (2).
وجعل ذلك صاحب البسيط نظير: (أتاني مقدم الحاجّ، وخفوق النّجم)(3).
وأشار المصنّف بقوله: وقد يوصف - على رأي - المستثنى منه
…
إلخ إلى أنّ (ليس) و (لا يكون) قد يوصف بهما ما قبلهما، كما يوصف بسائر الأفعال فعلى هذا يتعين كون [3/ 57] الموصوف بهما نكرة؛ لأنّ الجملة صفة للمعرفة ولمّا كان المعرف بالأداة الجنسية - عند المصنف - يجري مجرى النكرة أدرجه معها في الحكم المذكور، ويتعين أيضا لحاقها ما يلحق الأفعال الموصوف بها، من ضمير مطابق للموصوف؛ في إفراد، وتثنية، وجمع، ومن علامة تأنيث إن كان الموصوف مؤنثا نحو: أتاني رجل لا يكون زيدا، أو ليس زيدا، أو أتتني امرأة لا تكون فلانة (4) -
(1) ينظر: المغني (ص 692) والأشموني (2/ 146)، والتذييل التكميل (3/ 532)، والارتشاف (ص 628)، والتصريح (1/ 365).
(2)
شرح الجمل لابن الضائع (2/ 118 / أ)، والتذييل والتكميل (3/ 632).
(3)
ينظر: المرجع السابق، الصفحة نفسها.
(4)
في التذييل والتكميل (3/ 647): وتمثيله - يعني المصنف - بقوله: «أتتني امرأة لا تكون فلانة» -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو ليست فلانة، ومثال المعرف بالأداة الجنسيّة قولك: أتاني القوم ليسوا إخوتك، مثل به المصنف، وقال: من أمثلة أبي العبّاس (1) وعبارة المصنف في هذا قريبة من عبارة سيبويه، فإنه - بعد أن ذكر أنّ (ليس) و (لا يكون) يجيئان، وفيهما معنى الاستثناء - قال: وقد يكونان صفة وهو قول الخليل (2) فأتى بـ (قد) المشعرة بالتقليل، كما فعل المصنّف وكأنّه أراد بقوله: على رأي: ما أراد سيبويه بقوله: وهو قول الخليل. وقد صرّح ابن عصفور بذلك في المقرّب فقال: ومن العرب من يجعل الضمير الذي فيهما - يعني في (ليس) و (لا يكون) - على حسب الاسم المتقدّم فيقال: ورجلان لا يكونان زيدا أو ليسا زيدا، ورجال لا يكونون زيدا، وليسوا زيدا، فتكون الجملة - على هذه اللغة - صفة للاسم المتقدّم (3)، ومراد المصنّف بقوله: وقد يوصف على رأي المستثنى منه الذي كان يكون مستثنى منه، لو لم يوصف؛ لأنه - حال كونه موصوفا بهما - ليس مستثنى منه وليس مراده أنّ (ليس) و (لا يكون) لا يجريان وصفا على ما قبلهما إلّا إذا كان صالحا لأن يكون مستثنى منه، بل أعمّ من ذلك على أنّه لو قال:
وقد يوصف بـ (ليس) و (لا يكون) ما قبلهما، كان أولى.
وقال الشيخ - وهو قول النّحويين -: إنّ (ليس) و (لا يكون) قد يوصف بهما، إنما يعنون أنهما يكونان وصفين، في
المكان الذي يكونان فيه صالحين للاستثناء. اه (4). وفيما ذكر نظر؛ لأنّ الوصف بهما كالوصف بسائر الأفعال وليس الوصف بـ (ليس) و (لا يكون) فرعا على الوصف بغيرهما حتّى يشترط فيهما ذلك، وهذا الشرط لم يثبت في الوصف بـ (إلا) مع أنها فرع على الوصف بـ (غير) فكيف يلتزم في الوصف بالجملة الفعلية (5). قال الشيخ: ونصّ الأبذي على أنه إذا كان ما قبلهما معرفة كانا في موضع نصب على الحال نحو: جاء القوم ليسوا إخوتك وجاءتني النساء، ليست الهندات (6). اه. وهو واضح، فإنّ الجملة -
- ليس بصحيح فيما ادعاه؛ لأن قوله: امرأة في سياق الإثبات فيصح أن يكون مستثنى منها، ألا تراه قال:
ما أتتني امرأة لا تكون فلانة وما أتتني امرأة ليست فلانة. اه.
(1)
ينظر: المقتضب (4/ 428).
(2)
ينظر: الكتاب (2/ 348).
(3)
المقرب لابن عصفور (1/ 174).
(4)
ينظر: التذييل والتكميل (3/ 647).
(5)
والراجح عند النحويين هو مذهب ابن مالك ينظر: المغني (ص 429)، والأشموني (1/ 180)، (3/ 60، 63).
(6)
التذييل والتكميل (3/ 648) بتصرف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعد المعرفة لا يصحّ كونها نعتا، فتعين الحالية ونصّ سيبويه على أنّ (عدا) و (خلا) لا يكونان صفة (1) ولم يعلل ذلك.
وذكر سيبويه أيضا في باب (ليس) و (لا يكون) - وهو آخر أبواب الاستثناء في الكتاب - مسألة: وهي أتوني إلّا أن يكون زيد. قال سيبويه - بعد أن مثل بذلك -:
فالرفع جيّد بالغ وهو كثير في كلام العرب؛ لأنّ (يكون) صلة لـ (أن) وليس فيها معنى الاستثناء و (أن يكون) في موضع اسم مستثنى، كأنّك قلت (2): لا يأتونك إلّا أن يأتيك زيد، والدليل على أنّ (يكون) ليس فيها - هنا - معنى الاستثناء أنّ (ليس) و (عدا) و (خلا) لا تقعن هنا ومثل الرفع قول الله عز وجل: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ (3) وبعضهم ينصب على وجه النصب في (لا يكون) والرفع أكثر هنا (4). انتهى كلام سيبويه. أما الآية الكريمة فقد قرئت برفع (تجرة) ونصبها، أمّا الرفع فعلى أنّ (تكون) تامة، وأمّا النصب فعلى أنّها الناقصة والتقدير: إلّا أن تكون التجارة تجارة. وقد فهم من كلام سيبويه أنّ قراءة الرفع أرجح، وإنّما رجح الرفع لعدم الإضمار معه وكأنّ
مراد سيبويه - في قوله: وبعضهم ينصب على وجه - النصب في (لا يكون) أن النصب إنما يكون على الخبرية (5) والاسم مضمر في (تكون) في (إلّا أن تكون) هي أداة استثناء كما أنّ (لا يكون) أداة استثناء؛ إذ لا يتأتى ذلك فيها وقيل: مراد سيبويه أنّ الضمير الذي في (يكون) يلزم إفراده وتذكيره، كما أنّه كذلك في (لا يكون) المستثنى بها، وهذا لا يمكن حمل الآية الكريمة عليه؛ لأنّ (تكون) فيها مؤنثة إلّا أن يقال: إنّ قول سيبويه:
وبعضهم ينصب
…
إلخ لا يعود إلى الآية الكريمة إنما يعود إلى المثال الذي مثل به أولا وهو قوله: «أتوني إلا أن يكون زيد» ، وفيه نظر (6).
(1) الكتاب (2/ 348).
(2)
لفظ (غير) موجود في عبارة سيبويه (2/ 349).
(3)
سورة النساء: 29.
(4)
وفي قوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً [البقرة: 282] فالنصب قراءة عاصم، والرفع قراءة الباقين. ينظر: الإتحاف (199)، والبحر المحيط (2/ 353).
(5)
الكتاب (2/ 349).
(6)
ينظر: التذييل والتكميل (3/ 649، 650).