الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[استعمال «فاعل» المصوغ من العدد]
قال ابن مالك: (وإن قصد بـ «فاعل» المصوغ من ثلاثة إلى عشرة جعل الذي تحت أصله معدودا به استعمل مع المجعول استعمال «جاعل»؛ لأن له فعلا، وقد يجاوز به العشرة، فيقال: رابع ثلاثة عشر، أو رابع عشر ثلاثة عشر، ونحو ذلك؛ وفاقا لسيبويه، بشرط الإضافة وحكم «فاعل» المذكور في الأحوال كلّها بالنسبة إلى التذكير والتأنيث حكم اسم الفاعل).
ــ
ضرب نفسه (1)، وأنّ حجة من أجاز النصب أنّ المعنى في:«ثالث ثلاثة، ورابع أربعة» : متمم ثلاثة، ومتمم أربعة، قال: وليس بجيّد؛ لأنّه يلزم منه أن يتمم نفسه، فيلزم تعدّي فعل المضمر إلى ظاهره؛ لأنه أحد الثلاثة (2). انتهى.
وفي تحقّق هذه العلّة نظر.
الأمر الخامس: يجوز في الياء من (حادي عشر) الفتح، والسكون، وكذا في الياء من (ثاني عشر)(3) ولا يخفى أنّ ما عداهما من النيف المركب مع العقد ليس فيه إلا البناء على الفتح، وأنّ البناء؛ لأجل التركيب، وأما بناء العقد فقد قالوا: إنه لتضمّن معنى حرف العطف، ولو قيل: إنّ بناءهما معا للتركيب لكان أقرب.
قال ناظر الجيش: تقدّم لنا القول بأنّ المصنف سيذكر اسم الفاعل المستعمل مع ما هو تحت أصله، دون تركيب، كـ: ثالث اثنين، ورابع ثلاثة، وفي تركيب أيضا، -
(1) ينظر: المرجع السابق (4/ 287).
(2)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 288) مع تصرف في النقل.
(3)
ينظر: المرجع السابق (4/ 294) وكذلك (ص 291) حيث قال: «واسم الفاعل المبني من النيف إن كان في آخره ياء جاز فيه فتح الياء وإسكانها، فتقول: جاء حادي عشر، وثاني عشر، وإن لم يكن في آخره ياء لم يجز فيه إلا البناء على الفتح، وهذا البناء لأجل التركيب، لا لتضمن معنى حرف العطف» . اه.
وتنظر: التكملة للفارسي (ص 84).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كـ: رابع عشر ثلاثة عشر، وها هو قد ذكرهما الآن. قال رحمه الله تعالى (1):
قد تقدم في شرح أول شطري هذا الفصل أنّ موازن (فاعل) يصاغ من: ثلاثة إلى عشرة، بمعنى: جاعل (2)؛ لأنّ المصوغ بهذا المعنى اسم فاعل فعل مستعمل، وفي ذلك الكلام غنى عن إعادة معناه هنا، وقولي: المصوغ من ثلاثة (3) تقريب على المتعلّم، والحقيقة أن يقال: المصوغ من الثلث، والربع، إلى: التسع، والعشر، والمراد بالثلث، وما عطف عليه، مصادر ثلثت الاثنين، وربعت الثلاثة، إلى عشرت التسعة (4)، وإنّما كانت الحقيقة هذه؛ لأنّ (فاعلا) المشار إليه اسم فاعل، واسم الفاعل مشتقّ من المصدر، إلا أنّ في هذا غموضا، وفي الأول وضوح وسهولة فكان التعبير به أولى، والهاء من قولي: تحت أصله - عائدة إلى فاعل المصوغ (5)، والمراد أنك إذا قلت: هذا ثالث اثنين فمعناه: جاعل اثنين ثلاثة بانضمامه إليها فأصله ثلاثة؛ لأنه مصوغ من لفظها، والذي تحت الثلاثة الاثنان، فالقائل: هذا ثالث اثنين قاصد جعل اثنين معدودا [3/ 77] بثلاثة، وفي استعمل من قولي: استعمل مع المجعول - ضمير يعود على فاعل المصوغ، والمراد بالمجعول: العدد الذي تحت المصوغ منه فاعل كالاثنين بالنسبة إلى ثالث وكالثلاثة بالنسبة إلى رابع (6) وأشرت بـ: استعمال جاعل - إلى أنه إن كان بمعنى المضيّ وجبت إضافته، وإن كان بمعنى الحال أو الاستقبال جازت إضافته وإعماله على نحو -
(1) شرح التسهيل لابن مالك (2/ 413).
(2)
سبق وفي المساعد لابن عقيل (2/ 98) تحقيق د. بركات: «وذكر (جاعل) أولى من ذكر (مصير) وإن كان هذا هو المشهور، لموافقة جاعل المذكور وزنا، ومعنى» . اه.
(3)
في التذييل والتكميل (4/ 296): «إنما قال: المصوغ من ثلاثة» لأنه لا يصاغ من (اثنين) فاعل، فيضاف إلى (واحد) أو يعمل كاسم الفاعل، فلا يقال: هذا ثاني واحد أو: ثان واحدا، هذا مذهب سيبويه». اه.
ينظر: المساعد لابن عقيل (2/ 98) تحقيق د. بركات، وينظر: الكتاب (3/ 559).
(4)
في التذييل والتكميل (4/ 296): «وهذه المصادر على وزن (فعل)؛ لأن فعلها متعد، فقياس المصدر فعل» .
(5)
أي: جعل العدد الذي هو تحت أصل المصوغ معدودا به، ينظر: التذييل والتكميل (4/ 297).
(6)
في التذييل والتكميل (4/ 297): «وقوله: استعمل هو: أي المصوغ مع المجعول استعمال جاعل، يعني: جاعل بمعنى مصيّر، وبهذا قدّره النحويون، أي يصير الاثنين به ثلاثة ويصير الثلاثة به أربعة ..» . اه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ما يفعل بـ (جاعل) وغيره من أسماء الفاعلين، وكان ذكر جاعل أولى؛ لأنه موافق (فاعل) المذكور وزنا ومعنى (1). ونبهت على سبب إعماله بقولي: لأنّ له فعلا (2) يفهم من هذا أنّ ما لا فعل له لا ينصب تاليه كـ (ثالث ثلاثة)(3) وأنّ ما له فعل ينصبه كـ (ثالث اثنين) و (رابع ثلاثة) وينبغي أن ينبّه هذا إلى جواز قول القائل: هذا ثالث تسعة وعشرين؛ لأنّه يقال: كانوا تسعة وعشرين، فثلثتهم؛ أي صيرتهم ثلاثين (4). وأجاز سيبويه (5) أن يقال: رابع ثلاثة عشر، ورابع عشر ثلاثة عشر، إلى تاسع ثمانية عشر، وتاسع عشر ثمانية عشر، بإضافة (فاعل) مفردا، أو مركبا، إلى المركب الذي يليه (6). انتهى كلام المصنف. وقد عرفت أنه لما ذكر في الكلام على أول الفصل أنّ اسم الفاعل بمعنى (جاعل) لك أن تضيفه وأن تنوّنه، وتنصب به، قال: ولم يستعمل بهذا المعنى (ثان) فيقال: هذا ثان واحدا، بمعنى جاعل واحدا بنفسه اثنين فمن ثمّ لمّا ذكر اسم الفاعل هنا قيّده بقوله: المصوغ من ثلاثة ليفهم من ذلك أنّه لا يصاغ من اثنين بهذا المعنى، وكذا يقال: ثاني واحد بالإضافة، نصّ على ذلك سيبويه (7). وعبارة المصنّف تشمل القسمين: أعني الإضافة، والنصب؛ لأنّه بعد أن ذكر أنّه يضاف، وأنّه ينون، وينصب به قال: ولم يستعمل بهذا المعنى (ثان) لكنّه قد مثل بالمنون خاصة. وفي شرح الشيخ أنّ بعضهم أجاز صوغه بهذا المعنى قياسا (8). والحقّ أن لا تعويل على ذلك. -
(1) ينظر: شرح المصنف (2/ 414).
(2)
أي فعلا يستعمل لاسم الفاعل مع العدد الذي تحته فعل، فتقول: ثلثت الاثنين وربعت الأربعة، فأنا ثالثهم ورابعهم وكذلك إلى العشرة». اه. ينظر: التذييل والتكميل (4/ 297).
(3)
لأن العرب لا تقول: ثلثت الثلاثة، ولا ربعت الأربعة.
(4)
ينظر: شرح المصنف (2/ 414)، والتذييل والتكميل (4/ 298) حيث قال الشيخ أبو حيان:
(5)
ينظر: الكتاب (3/ 559).
(6)
ينظر: شرح المصنف (2/ 414).
(7)
ينظر: الكتاب (3/ 559).
(8)
قال الشيخ أبو حيان في التذييل والتكميل (4/ 301): «وذكر النحويون النصب به كالمبرد وغيره وذلك - والله أعلم - قياس لأنهم لم يسمعوه فيه» . اه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثمّ قول المصنّف: وأشرت باستعمال (جاعل) إلى أنّه إذا كان بمعنى المضيّ وجبت إضافته (1) إلى آخره فيه دفع لما توهمه الشيخ من قوله أولا: وينصبه إن كان اثنين، حتّى احتاج إلى أن قال: ينبغي للمصنف التقدير فيما ذكره، بأن يقول: إن كان في (ثان) الألف واللام فإن عرّي عنها وكان بمعنى الحال أو الاستقبال نصب أصله على سبيل الجواز؛ لأنّه اسم فاعل فحكمه حكمه (2). قال: ويفهم من كلام المصنّف أنّه إذا كان اسم الفاعل ثانيا فإنّه ينصب اثنين. قال: وليس بحتم (3). انتهى.
وهو توهم عجيب، وقد عرفت ما يدفعه، على أن هذا - لو لم يكن في كلام المصنف ما يدل على دفعه لكان مرفوعا رأسا، لما هو المعروف المقرر من شروط عمل اسم الفاعل، ومن أنّ عمله جائز لا واجب، وكما ذكر الشيخ قول المصنف: إنّه يقال: كانوا تسعة وعشرين فثلثتهم، أي صيّرتهم ثلاثين (4) - قال:
وقال أبو عبيد (5): كانوا تسعة وعشرين فثلثتهم؛ أي صيّرتهم تمام الثلاثين، وكانوا تسعة وثلاثين فربعتهم مثل: لفظ الثلاثة والأربعة، وكذلك جميع العقود، إلى المائة. فإذا بلغت المائة قلت: كانوا تسعة وتسعين فأمأيتهم، مثل:
أفعلتهم، وكانوا تسعمائة وتسعة وتسعين فآلفتهم، وتقول: كانوا ثلاثة فأربعوا؛ أي: صاروا أربعة (6) إلى العشرة، ثم إنّ الشيخ لما ذكر (ثالث اثنين) و (ثالثة اثنتين) إلى (عاشر تسعة) و (عاشرة تسع) - قال: والمحفوظ عن العرب في هذا النوع الإضافة بمعنى الماضي (7).
قال: ولم يذكر سيبويه فيه إلا معنى المضيّ، ولم يذكر فيه إلا الإضافة وقال: - -
(1) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 300).
(2)
ينظر: المرجع السابق (4/ 286).
(3)
ينظر: المرجع السابق الصفحة نفسها.
(4)
ينظر: شرح المصنف (2/ 414) والمرجع السابق (4/ 298).
(5)
هو القاسم بن سلّام - بتشديد اللام - أبو عبيد إمام عصره أخذ عن أبي زيد وأبي عبيدة والأصمعي وأبي محمد اليزيدي، وابن الأعرابي، والكسائي، والفراء، وغيرهم. سمع منه يحيى بن معين، وغيره، ومن مصنفاته: الغريب المصنف، غريب القرآن، غريب الحديث، معاني القرآن، المذكر والمؤنث، الأمثال السائرة، وغير ذلك. توفي سنة (224 هـ) وقيل:(230 هـ). تنظر ترجمته في: مراتب النحويين (ص 17، 18)، وطبقات النحويين واللغويين (ص 199)، وبغية الوعاة (2/ 253).
(6)
في التذييل والتكميل (4/ 299): «كانوا ثلاثة فربعتهم أي: صرت رابعهم، إلى العشرة» .
(7)
ينظر: المرجع السابق (4/ 300)، والكتاب (3/ 559).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنه قليل في كلام العرب (1). ثم قال: وتقول: هذا الخامس أربعة، وذلك أنّك تريد: هذا الذي خمّس الأربعة، كما تقول: خمستهم وربعتهم (2).
قال: وإنما يريد: هذا الذي صيّر أربعة خمسة، وقلما يريد العرب هذا، وهو قياس ألا ترى أنك لا تسمع أحدا يقول: ثنيت الواحد، ولا ثاني واحد (3).
قال - في آخر الباب -: وتقول: هذا خامس أربع، إذا أردت أنّه صيّر أربع نسوة خمسة، ولا تكاد العرب تتكلم به، كما ذكرت لك، وعلى هذا تقول:
رابع ثلاثة عشر، كما قلت: خامس أربعة (4). قال الشيخ: فهذا جملة ما تكلّم عليه سيبويه في المختلف اللفظ، فلم يذكر فيه التنوين والنصب، ولا معنى الحال والاستقبال، ولم يذكر فيه إلا معنى المضيّ، وذكر أنه لمّا تكلم به العرب وجعله قياسا فيما سمع من الماضي، وقاس عليه: رابع ثلاثة عشر (5).
ثمّ قال: وذهب أكثر النحويين والأخفش والمبرّد وغيرهما، إلى خلاف ما ذهب إليه سيبويه، فجعلوا له حكم اسم الفاعل، في إجازة الوجهين أعني الإضافة والنصب، ومال - في البسيط - كثيرا إلى نحو: خامس أربعة: «وقلّله سيبويه في كلام العرب، وذكر أنّه قياس» (6) ولم يذكر سيبويه النصب، وتأوله على الماضي لأنه قال: هذا الذي خمس الأربعة، فلم يجره مجرى اسم الفاعل مطلقا، فإضافته على هذا تكون محضة (7)، وذكر النحويّون النصب به كالمبرّد وغيره. وذلك - والله أعلم - قياس؛ لأنّهم لم يسمعوه، فتكون إضافته على هذا - إن قصد العمل، بمعنى الحال، أو الاستقبال - غير محضة (8). ونقل الشيخ كلام الخفاف -
(1) و (2) و (3) المرجع السابق الصفحة نفسها.
(4)
ينظر: الكتاب (3/ 561) والتذييل والتكميل (4/ 300).
(5)
هذا الكلام بنصه في المرجع السابق، الصفحة نفسها.
(6)
ينظر: الكتاب (3/ 559)، والمرجع السابق (4/ 299).
(7)
في الكتاب (3/ 559): «وتقول: هذا خامس أربعة، وذلك أنك تريد أن تقول: هذا الذي خمس الأربعة، كما تقول: خمستهم وربعتهم، وتقول في المؤنث: خامسة أربع وكذلك جميع هذا من الثلاثة إلى العشرة» . اه. وينظر: التذييل والتكميل (4/ 300).
(8)
لمراجعة ذلك ينظر: التذييل والتكميل (4/ 301) وفي المقتضب (2/ 179): «فإن قلت: هذا ثالث اثنين فعلى غير هذا الوجه، إنما معناه: هذا الذي جاء إلى اثنين فثلثهما، فمعناه الفعل، وكذلك: -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في المسألة أيضا (1) وهو نظير كلام صاحب البسيط في حكاية مذهب سيبويه.
وزاد بأن قال: ذكر غير سيبويه النصب والتنوين، ولم يستشهدوا على النّصب بكلمة واحدة، فدلّ ذلك على أنه منهم قياس، وأكثر كلام الشيخ من نقل الأئمة، في هذه المسألة، وكلّهم متطابقون على أنّ سيبويه لا يجيز النصب، ولا شك أنّ كلام سيبويه يقتضي ذلك، وأمّا قول المصنف: وقد يجاوز به العشرة فالضمير في (به) يعود إلى (فاعل)، الذي قصد به جعل الذي تحت أصله معدودا به، يريد بذلك أنّه يستعمل مع المركب، كما استعمل مع غير المركّب (2)، وأنه كما سبق في التركيب، وأريد به بعض العدد الموافق له في الاشتقاق كذا يستعمل فيه أيضا، ويراد به أنّه جاعل العدد المخالف له في الاشتقاق في رتبته، فيقال: رابع ثلاثة، ورابع عشر ثلاثة عشر في التركيب الثاني هو الأصل، وأما الأول فقالوا: إن العقد حذف منه، واقتصر فيه على النيف، الذي هو اسم الفاعل، فقيل: رابع ثلاثة عشر، والأصل: رابع عشر ثلاثة عشر والذي قالوه هو الظاهر (3). وفهم من قوله:
وفاقا لسيبويه أنّ في المسألة خلافا وأنّ المجيز لها سيبويه ومن وافقه، وغيرهم لا يجيزها، وأن سيبويه أجاز صوغ اسم الفاعل مع المركّب (4) على الوجهين اللذين ذكرا (5)[3/ 78] ولكنّ سيبويه - مع إجازته لذلك - يوجب إضافة الأول إلى الثّاني، فلا يجيز أن ينصب ما بعده، سواء حذف منه العقد أو لم يحذف فلا يقال: رابع ثلاثة عشر، بتنوين (رابع) واعتقاد أنّ (ثلاثة عشر) في موضع نصب، ولا: رابع عشر ثلاثة عشر، فيعمله وهو مبنيّ، ويعتقد نصب ما بعده؛ لأنّ مثل هذا لم يسمع منه فعل، لا تقول: كانوا ثلاثة عشر فربعتهم؛ أي: صاروا بك أربعة -
- هذا رابع ثلاثة ورابع ثلاثة لأن معناه أنه ربعهم وثلثهم وعلى هذا قوله عز وجل: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ ومثله قوله عز وجل: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ.
(1)
في التذييل والتكميل (4/ 302): «وفي شرح الخفاف: لم يذكر سيبويه في الوجهين إلا الإضافة ولم يذكر التنوين والنصب في المختلف اللفظ وقدره بالفعل» . اه.
(2)
في التذييل والتكميل (4/ 303): وقوله: «وقد يجاوز به العشرة» يعني أنه يستعمل مع المركب كما استعمل مع اثنين وثلاثة فيكون اسم فاعل مع المركب كما كان مع العدد الموافق له في الاشتقاق». اه.
(3)
المرجع السابق الصفحة نفسها.
(4)
هذا الكلام من الكتاب (3/ 560) مع تصرف في العبارة وهو بنصه في التذييل والتكميل (4/ 304).
(5)
أي الوجهين اللذين ذكرهما المصنف وأشير إليهما في المرجع السابق، الصفحة نفسها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عشر (1). وهذه المسألة التي أجازها سيبويه خالفه فيها الجمهور والأخفش والمازنيّ والمبرّد والفارسيّ (2) قالوا: والعرب لم تتكلم بذلك، وإنّما أجازه سيبويه قياسا (3).
ومستند المانعين: أنه إنّما جاز ذلك في الإفراد على معنى العمل؛ لأنّهم اشتقّوا منه فعلا فقالوا: خمستهم، وثلثتهم، بمعنى صيّرتهم ولم يشتقّوا من (خمسة عشر) فعلا بهذا المعنى، فلم يجز (4). ومن ثمّ قال أبو عليّ: ومن قال: خامس أربعة، لم يقل: رابع ثلاثة عشر، ولا: رابع عشر ثلاثة عشر؛ لأنّ اسم الفاعل الجاري على الفعل لا يكون هكذا (5) يعني أنه لا يبنى من شيئين (6) ومستند المجيز: أنّهم يقولون:
إنّما جاز ذلك اتكالا على المعنى ولا يلتفت إلى (خمستهم)، ونحوه؛ لأنّ المجيز لذلك لا يعمله، وإنّما يوجب إضافته (7). وقد عرفت أنّ سيبويه أجاز ذلك (8) -
(1) ينظر: المرجع السابق، الصفحة نفسها، والكتاب (3/ 560).
(2)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 305) والمقتضب (2/ 81)، (2/ 98، 99)، والتكملة للفارسي (ص 85).
(3)
المساعد لابن عقيل (2/ 98، 99) ونص عبارته: «وهذا الذي أجازه سيبويه، هو قياس ولم تتكلم به العرب ولا هو مسموع منها» . اه.
(4)
هذه العبارة من التذييل والتكميل (4/ 306) ونصها: «ومنع الكوفيون في الوجهين، محتجين بأنه لا يشتقّ من أكثر من اسم واحد، والذي يظهر أنهم إن قالوا هذا قياسا ففيه نظر، وإن سمع فيرجع إليه، ويكون وجهه أنهم إذا قالوا: ثالث عشر ثلاثة عشر، فقالوا: ثالث ثلاثة عشر، أي أحد الثلاثة التي هي مع العشرة، ثم أقحموا (عشر) بيانا بأنه ليس ثالث ثلاثة خاصة، فلا يلزم ما قال الكوفيّون» . اه.
وينظر: شرح فصول ابن معط للقاضي الخوي (2/ 29) رسالة.
(5)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 306)، وقد ذكر الشيخ أبو حيان أن هذا قول أبي علي الفارسي في الإيضاح، وليس كذلك، وإنما هو في التكملة (ص 85) رسالة ماجستير بجامعة القاهرة تحقيق الأستاذ/ كاظم بحر المرجان.
(6)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 306)، والمقتضب للمبرد (2/ 181) حيث قال: (إذا قلت: رابع ثلاثة فإنما تجريه مجرى ضارب، ونحوه؛ لأنك كنت تقول: كانوا ثلاثة فربعتهم وخمسة فسدستهم، ولا يجوز أن تبني فاعلا من خمسة وعشرة جميعا؛ لأن الأصل خامس عشر أربعة عشر». اه.
وينظر: شرح الفصول الخمسون لابن معط (2/ 529).
(7)
هذه العبارة في التذييل والتكميل (4/ 306)، ونصها: «فأما المجوزون في غير الموافق يقولون:
هذا ثالث عشر اثني عشر، اتكالا على المعنى، ولا يلتفت إلى خمستهم ونحوه؛ لأن القائل به لا يعمله، وإنما يكون مضافا كما تقول: خمسة عشر زيد؛ لأنه لا يشتق فعل منه». اه.
(8)
تقدم، وانظر: الكتاب (3/ 559).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وتلقاه المصنف منه بالقبول، ولم يتوقف فيه، ولم يخدشه، وكفى بذلك دليلا على الصّحة. واعلم أنّ كلام سيبويه يعطي أنّ ثمّ وجها ثالثا، غير الوجهين المتقدمي الذكر، وذلك أنّه قال:«هذا المختلف مثل الموافق» (1) فكما جاز في «حادي عشر أحد عشر» وأخواته حذف العقد من الأول، وإضافته إلى الموافق، وإثباته والإضافة إلى الموافق وحذف العقد من الأول، وحذف نيّف الثّاني، كذلك جاز هنا.
ومن ثمّ قال الشيخ - عند ذكر الوجهين اللذين ذكرهما المصنف -: وترك المصنف وجها ثالثا في هذه المسألة على مذهب سيبويه، وهو: هذا الخامس عشر؛ إما ببنائهما، أو إعرابهما على الخلاف الذي مرّ في الموافق (2). انتهى. والذي يظهر أنّ إجازة هذا الوجه يجب أن تكون موقوفة على شيء، وهو أن يكون المخاطب به تحقق ما أراده
المتكلم، إما بقرينة مقالية تقدّمت هذا الكلام، وإما بقرينة حاليّة، ولعلّ هذا مراد سيبويه، وإلّا فكيف يعلم من قول القائل: الخامس عشر أنّه أراد:
خامس عشر أربعة عشر، أو خامس أربعة عشر، هذا لا يعلم، وإذا لم يعلم فما وجه صحته؟.
وقد نقل الشيخ عن بعضهم أنّه قال: وفي هذا الوجه إلباس بالمتفق اللفظ فلا يجوز (3). انتهى. وهذا هو الحقّ، وكلام سيبويه محمول على ما قلته، وأما قول المصنّف: وحكم (فاعل) المذكور في الأحوال كلّها بالنسبة إلى التذكير والتأنيث حكم اسم الفاعل (4) فواضح غنيّ عن الشرح، خاتما للكلام على مسائل الفصل.
وبقي الكلام في المعقود فنقول: أما عشرون، وسائر العقود إلى تسعين والمائة والألف، فلم يسمع من العرب بناء اسم الفاعل منها، لم يقولوا: عاشر عشرين، -
(1) ينظر: الكتاب (3/ 561)، وفي شرح الجمل لابن الضائع مخطوط برقم 20 بدار الكتب المصرية (2/ 43 / أ):«فإذا اختلف اللفظان كان لك فيه وجهان: أحدهما وهو الأجود. زعم ابن خروف أنّ التنوين والنصب لم يحكه أحد، واستشهد عليه بشيء من كلام العرب، قال: فهو قياس من كل من أجازه، قال: لكن قولهم ثلثت الرجلين، وربعت الثلاثة فصيح، فلا يمتنع القياس عليه، وما قيس على كلامهم قياسا صحيحا فهو من كلامهم، لكن لا ينبغي أن يجوز فيه التنوين والنصب إلا إذا أريد به معنى الحال أو الاستقبال فقط» . اه.
(2)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 305) وفي العبارة تصرف.
(3)
المرجع السابق الصفحة نفسها.
(4)
ينظر: شرح المصنف (2/ 414).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا ثالث ثلاثين، ولا: رابع أربعين (1). والقياس يقتضي أن لا يقال ذلك؛ لأنّ الاشتقاق من الأسماء الجامدة لا ينقاس (2) لقلته. انتهى. وأعطى هذا الكلام منه أنّ المانع من ذلك إنّما هو عدم الاشتقاق من الأسماء الجامدة، ومقتضاه أن الاشتقاق لو جاز لجاز أن يقال: ثالث ثلاثين، ورابع أربعين وهذا لا يتحقّق وذلك أنّ مدلول ثالث هو العدد الزائد على اثنين بواحد، وكذا مدلول رابع: وهو العدد الزائد على الثلاثة بواحد (3).
ولا شكّ أنّ مدلول الثلاثة، ومدلول الأربعة كذلك، فمن هذه الجهة صحت إضافة ثالث إلى ثلاثة، ورابع إلى أربعة، وكذا إلى عاشر عشرة، وأمّا نحو: ثالث ثلاثين، فلا يصحّ لاختلاف المدلول، وإن حصل اشتراك الكلمتين في اللفظ، وذلك أنّ مدلول ثالث قد عرفته، ومدلول ثلاثين إنما هو العدد الزائد على تسعة وعشرين بواحد، فأين أحدهما من الآخر؟ ثمّ لا يقول أحد: إن المراد بثالث الثلاثين واحد الثّلاثين، كما قلنا: إنّ المراد بثالث الثلاثة واحد
الثلاثة؛ لأنّ (ثالثا) ليس بواحد من الثلاثين، وكذا (رابع) ليس بواحد من الأربعين، وإذا كان كذلك فكيف يتصور صحّة قولنا: ثالث الثلاثين، ورابع أربعين؟ ثم ذكر الشيخ عن سيبويه (4) والفراء (5)، وعن غيرهما من النّحاة أنّهم قالوا: إنا إذا قلنا: هذا الجزء العشرون، فالمعنى تمام العشرين، أو كمال العشرين، فحذف المضاف أو الموفي كذا، والموفية كذا (6) وقال بعضهم: هذا متمم عشرين، أو مكمّل عشرين. قال:
وليس بشيء؛ لأنه يلزم منه أن يتمم نفسه، أو يكمّل نفسه (7).
(1) يعني: «يقال: ثان وثانية إلى: عاشر وعاشرة» وثاني اثنين، وثانية اثنتين، وثالث ثلاثة، وثالثة ثلاث، وثالث اثنين، وثالثة اثنتين، والثالث والثلاثون رجلا، والثالثة والثلاثون امرأة، والثالث عشر ثلاثة عشر، والثالث ثلاثة عشر، وثالث عشر، والثالثة عشرة ثلاث عشرة، والثالثة ثلاث عشرة، وثالثة عشرة، ورابع عشرة ثلاثة عشر، ورابعة ثلاثة عشر، ورابعة عشر ثلاث عشرة، ورابعة ثلاث عشرة».
ينظر: المساعد لابن عقيل (2/ 99) تحقيق د. بركات، والتذييل والتكميل (4/ 311).
(2)
عبارة المرجع السابق (4/ 312): «لا يقاس»
(3)
ينظر المرجع السابق الصفحة نفسها.
(4)
،
(5)
ينظر التذييل والتكميل (4/ 212) وتوضيح المقاصد للمرادي (4/ 323)، وشرح تسهيل المرادي، وفي الهمع (2/ 152):«وأباه سيبويه والفراء وقالا: يقال: هذا الجزء العشرون» .
(6)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 312).
(7)
ينظر: المرجع السابق الصفحة نفسها.