المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الجملتان المفسرة والاعتراضية وعلاقتهما بالحالية] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٥

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابع والعشرون باب المستثنى

- ‌[تعريف المستثنى]

- ‌[الاستثناء المتصل والمنقطع]

- ‌[إعراب المستثنى بـ «إلّا»، وبيان العامل فيه]

- ‌[حذف عامل المتروك]

- ‌[الاستثناء التام وأحكامه]

- ‌[حكم المستثنى المتصل في الكلام التام المنفي]

- ‌[مسألتان في الاستثناء التام]

- ‌[حكم تقدم المستثنى على صفة المستثنى منه]

- ‌[مسائل لا يجوز فيها الإتباع على اللفظ]

- ‌[إتباع المستثنى المنقطع عند بني تميم]

- ‌[جواز الإتباع على الاسم الظاهر أو ضميره]

- ‌[مجيء المستثنى متبوعا، والمستثنى منه تابعا]

- ‌[تقديم المستثنى]

- ‌[استثناء شيئين بأداة واحدة]

- ‌[استثناء النصف، وما هو أكثر]

- ‌[ما هو أولى بالاستثناء]

- ‌[تعدد المستثنى منه]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» للتوكيد]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» لغير التوكيد ولا يمكن الاستثناء]

- ‌[تكرار «إلّا» مع إمكان الاستثناء]

- ‌[«إلا» الموصوف بها]

- ‌[إيلاء «إلا» نعت ما قبلها]

- ‌[عمل ما قبل «إلا» فيما بعدها وعكسه]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «حاشا»، و «عدا»، و «خلا»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «ليس» و «لا يكون»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «غير» وبيد»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «سوى»]

- ‌[حذف ما بعد «إلّا» و «غير»]

- ‌[حكم الاسم المذكور بعد «لا سيما» - اللغات فيها]

- ‌الباب الثامن والعشرون باب الحال

- ‌[تعريف الحال - بعض أحكامه]

- ‌[من أحكام الحال: الاشتقاق وقد يأتي جامدا مؤولا]

- ‌[من أحكام الحال التنكير وقد تأتي معرفة]

- ‌[وقوع الحال مصدرا وأحكام ذلك]

- ‌[مسوغات تنكير صاحب الحال]

- ‌[حكم تقديم الحال على صاحبه]

- ‌[حكم تقديم الحال على عامله]

- ‌[مسألتان بين الحالية والخبرية]

- ‌[تعدد الحال]

- ‌[حذف عامل الحال جوازا أو وجوبا]

- ‌[حكم حذف الحال]

- ‌[الحال المؤكدة]

- ‌[مجيء الحال جملة وحديث عن رابط هذه الجملة]

- ‌[الجملتان المفسرة والاعتراضية وعلاقتهما بالحالية]

- ‌الباب التاسع والعشرون باب التّمييز

- ‌[تعريفه]

- ‌[قسما التمييز: ما يميز مفردا وما يميز جملة]

- ‌[أحكام تمييز المفرد]

- ‌[الأوجه الجائزة في تمييز المفرد من إضافة وغيرها]

- ‌[حكم آخر لتمييز المفرد]

- ‌[تمييز الجملة وأحكامه]

- ‌[أحكام أخرى لتمييز الجملة]

- ‌[تعريف تمييز الجملة، وتقدير تنكيره، أو تأويل ناصبه]

- ‌[أحكام تقديم التمييز على عامله]

- ‌الباب الثلاثون باب العدد

- ‌[حكم تمييز الأعداد من واحد إلى مائة]

- ‌[أحكام خاصة بالتمييز «المفسّر»]

- ‌[حذف تاء الثلاثة وأخواتها]

- ‌[عطف العشرين وأخواته على النيف]

- ‌[مذكر ما دون ثلاثة عشر ومؤنثه]

- ‌[ياء الثماني في التركيب والإفراد]

- ‌[استعمال «أحد» استعمال «واحد»]

- ‌[اختصاص «أحد» بعموم من يعقل]

- ‌[حكم تثنية وجمع أسماء العدد]

- ‌[إدخال حرف التعريف على العدد]

- ‌[حكم العدد المميز بشيئين في التركيب]

- ‌[التأريخ بالليالي لسبقها]

- ‌[صياغة وحكم اسم الفاعل المشتق من العدد]

- ‌[استعمال «فاعل» المصوغ من العدد]

- ‌[ما يستعمل استعمال خمسة عشر من الظروف والأحوال]

- ‌الباب الحادي والثلاثون باب كم وكأين وكذا

- ‌[معنى كم - نوعاها - حكم تمييز كل نوع]

- ‌[أحكام مختلفة لـ «كم» بنوعيها]

- ‌[«كأيّن» و «كذا» وأحكامهما]

- ‌الباب الثاني والثلاثون باب نعم وبئس

- ‌[فعلان أم اسمان والأدلة على كلّ]

- ‌[اللغات فيهما]

- ‌[أنواع فاعل «نعم» و «بئس»]

- ‌[أحوال وأحكام المخصوص بالمدح والذم]

- ‌[الأفعال المحولة للمدح والذم]

- ‌الباب الثالث والثلاثون باب حبّذا

- ‌[أصلها - فاعلها - تمييزها - مخصوصها - إفرادها]

الفصل: ‌[الجملتان المفسرة والاعتراضية وعلاقتهما بالحالية]

[الجملتان المفسرة والاعتراضية وعلاقتهما بالحالية]

قال ابن مالك: (فصل: لا محلّ إعراب للجملة المفسّرة، وهي الكاشفة حقيقة ما تلته ممّا يفتقر إلى ذلك، ولا للاعتراضيّة وهي المفيدة تقوية بين جزأي صلة أو إسناد أو مجازاة أو نحو ذلك، ويميّزها من الحاليّة امتناع قيام مفرد مقامها، وجواز اقترانها بالفاء و «لن» وحرف تنفيس وكونها طلبية، وقد تعترض جملتان خلافا لأبي علي)(1).

- وفي جعل الفعل صفة شيء آخر، وهو دعوى حذف الموصوف مع كون الصفة جملة، وهي لا يحذف موصوفها إلا بشرط هو مفقود هنا.

قال ناظر الجيش: لما انقضى الكلام على الجملة الحالية، وكان من الجمل جملتان تشبهانها وتغايرانها وجب

التنبيه عليهما، ما يتميزان به والجملتان هما المفسّرة والاعتراضية، وكلتاهما لا موضع لها من الإعراب.

أما المفسّرة: فهي المبينة حقيقة شيء متقدّم عليها مفتقر إلى البيان وهو معنى قول المصنف: وهي الكاشفة حقيقة ما تلته مما يفتقر إلى ذلك، كقوله تعالى: خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ (2) بعد قوله: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ (3). وكقول النابغة: «يكوى غيره وهو راتع» من قوله:

1881 -

تكلّفني ذنب امرئ وتركته

كذي العرّ يكوى غيره وهو راتع (4)

وذهب بعضهم (5) إلى أن حكم المفسّرة حكم ما فسّرته، فإن كان له موضع من الإعراب فلها موضع على حسبه، وإلّا فلا. ومقتضى هذا أنّ مفسّرها متى كان مفردا كان لها موضع من الإعراب؛ لأنّ المفرد لا بدّ له من الإعراب لفظا أو محلّا، ومتى كان مفسّرها جملة ولها محلّ من الإعراب فكذلك، وإن لم يكن لها محلّ -

(1) تسهيل الفوائد (ص 113).

(2)

،

(3)

سورة آل عمران: 59.

(4)

البيت من الطويل، وهو في: ديوان النابغة الذبياني (ص 81) وشرح المصنف (2/ 375).

والغرّ: داء يصيب مشافر الإبل، وكان إذا فشا في الإبل أخذوا بعيرا صحيحا ليكوى بين يدي الإبل، بحيث تنظر إليه فتبرأ كلها، وقد صار الشطر الثاني من هذا البيت مثلا يضرب في أخذ البريء بذنب صاحب الجناية. ينظر: مجمع الأمثال (3/ 49).

(5)

هو الأستاذ أبو علي الشلوبين كما سيأتي، وينظر: الارتشاف (2/ 374).

ص: 2346

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فالمفسّرة مثلها، وعلى هذا يكون (خلقه) في محل جرّ؛ لأنّ مفسّرها مجرور، وكذلك «يكوي غيره وهو راتع» لأنّ مفسرها كذلك، ومثّل الشيخ لما له موضع من الإعراب بقوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (1) قال: فـ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ في موضع نصب؛ لأنه تفسير للموعود به، ولو صرح به لكان في موضع نصب. انتهى (2). ولم أتحقق ما ذكره [3/ 86]، وقال أبو علي الشلوبين: قول النحويين أنّ التفسير لا موضع له من الإعراب ليس على ظاهره مطلقا، والتحقيق في ذلك: أنه على حسب ما يفسره، فإن كان له موضع كان المفسّر له موضع، وإلّا فلا، مثال ما لا موضع له:

(ضربته) من «زيدا ضربته» فإنّه فسّر عاملا في (زيد) وذلك العامل لا موضع له إن ظهر فالمفسّر مثله، ومثال ما له موضع:(خلقنه) من قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ (3)؛ لأنّه فسّر ما له موضع من حيث وقوعه خبرا أيضا ويوضحه ظهور الرفع في المفسّر وهو دليل قوي على ما ذكرنا.

وكذلك مسألة الكتاب (4)«إن زيدا تكرمه يكرمك» فـ (تكرمه) تفسير للعامل في (زيد) وقد ظهر الجزم. انتهى (5).

وهو كلام محقق، ولعلّ المصنف لا ينازع في ذلك، فإنه لم يرد بالمفسّرة إلا ما عرّفها به من أنها تكشف حقيقة متلوها المفتقر إلى البيان، ولا يصدق هذا على الجملة الواقعة بعد الاسم المشتغل عنه، وإنما أطلق عليها تفسيرية لكونها دالّة على المحذوف، والتفسيرية المذكورة هنا أخصّ والذي يقطع بأن المصنف لم يقصد الجملة الواقعة في باب الاشتغال قوله: إنّ المفسّرة والاعتراضية تشبهان الحالية فلهذا وجب التنبيه عليهما (6). وليست الجملة في «زيدا ضربته» توهم الحالية، ولا تلبس بها فتدخل في مقصود المصنف (7).

ونقل الشيخ عن الصفار أنه قال في شرح الكتاب: لا تفسّر الجملة إلا بمثلها، -

(1) سورة المائدة: 9.

(2)

ينظر: التذييل (3/ 856).

(3)

سورة القمر: 49.

(4)

يراجع الكتاب (3/ 113، 114).

(5)

ينظر: الارتشاف (2/ 374، 375)، ومغني اللبيب (ص 402، 403)، والهمع (1/ 248) وفيه اختار السيوطي مذهب الشلوبين.

(6)

ينظر: شرح المصنف (2/ 375).

(7)

يراجع المغني (ص 402).

ص: 2347

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا المفرد إلّا بمثله، فإن جاء خلاف ذلك لم يكن، وذلك قوله تعالى: كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ (1) فهذه الجملة مفسّرة لـ (آدم،) وكذلك: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (2) ثم قال: (تؤمنون)(3). انتهى (4).

وجعله الجملة المفسّرة لـ (آدم) غير ظاهر، والظاهر أنها تفسير لـ (مثل آدم).

وأما الاعتراضية: فهي الواقعة بين متلازمين، أو كالمتلازمين لتفيد تقوية أي:

للكلام التي اعترضت بين أجزائه.

قال الشيخ: قال في البسيط: وشرطها أن تكون مناسبة للجملة المقصودة، بحيث يكون كالتوكيد لها، أو التنبيه على حال من أحوالها، وألّا تكون معمولة لشيء، من أجزاء الجملة المقصودة، وألّا يكون الفصل بها إلّا بين الأجزاء المنفصلة بذاتها، بخلاف المضاف والمضاف إليه؛ لأنّ الثاني كالتنوين منه. انتهى (5).

ولا يظهر قوله: ألا تكون معمولة لشيء من أجزاء الجملة؛ لأنّ الاعتراضية لا موضع لها من الإعراب، فلا حاجة إلى

اشتراط ذلك. ووقوع الجملة المذكورة إمّا بين موصول وصلته نحو قول الشاعر:

1882 -

ماذا ولا عتب في المقدور رمت أما

يحظيك بالنّجح أم خسر وتضليل (6)

وقول الآخر:

1883 -

ذاك الّذي وأبيك يعرف مالكا

والحقّ يدفع ترّهات الباطل (7)

وإمّا بين ما هو مؤول بموصول وبين معموله نحو قول الشاعر:

1884 -

وتركي بلادي والحوادث جمّة

طريدا وقدما كنت غير مطرّد (8)

وعبّر المصنف عن الموصول وصلته، وعمّا ذكر بعده بقوله: جزأي صلة وناقشه -

(1) سورة آل عمران: 59.

(2)

سورة الصف: 10.

(3)

سورة الصف: 11.

(4)

ينظر: التذييل (3/ 856).

(5)

ينظر: التذييل (3/ 857).

(6)

البيت من البسيط، ولم يعرف قائله وينظر في: شرح المصنف (2/ 375)، والبحر المحيط (1/ 403)، والهمع (1/ 88). والنجح: بمعنى النجاح.

(7)

البيت من الكامل وقائله: جرير، وينظر: في شرح ديوانه (ص 345)، والخصائص (1/ 336)، والمقرب (1/ 62)، وشرح المصنف (2/ 376)، والمغني (ص 391).

(8)

البيت من الطويل، ولم يعرف قائله، وينظر في: شرح المصنف (2/ 375)، والارتشاف (2/ 372).

ص: 2348

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشيخ فيه، والأمر في ذلك قريب.

وإمّا بين جزأي إسناد نحو قول الشاعر:

1885 -

وقد أدركتني والحوادث جمّة

أسنّة قوم لا ضعاف ولا عزل (1)

وإما بين شرط وجواب كقوله تعالى: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى (2) على أحد القولين (3)، ومنه قول عنترة:

1886 -

إمّا تريني قد نحلت ومن يكن

غرضا لأطراف الأسنّة ينحل

فلربّ أبلج مثل بعلك بادن

ضخم على ظهر الجواد مهبّل

غادرته متعفّرا أوصاله

والقوم بين مجرّح ومجدّل (4)

وقوله: أو نحو ذلك يعني أو نحو ما تقدّم وذلك لوقوعها بين قسم وجوابه كقوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (5)، ومنه قول الشاعر:

1887 -

لعمري وما عمري عليّ بهيّن

لقد نطقت بطلا عليّ الأقارع (6)

وبين نعت ومنعوت نحو قوله: لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، وبين فعل ومفعوله نحو:

1888 -

وبدّلت والدّهر ذو تبدّل

هيفا دبورا بالصّبا والشّمأل (7)

-

(1) البيت من الطويل لرجل من دارم هو جويرية بن زيد. وينظر في: شرح المصنف (2/ 376)، والارتشاف (2/ 372)، والمغني (ص 387).

(2)

سورة النساء: 135.

(3)

أي: على أن جواب الشرط فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى والقول الثاني كما قال ابن هشام: والظاهر أن الجواب فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما ينظر: المغني (389).

(4)

الأبيات من الكامل، وهي في: ديوان عنترة (ص 121)، وشرح المصنف (2/ 376).

والمهبّل: الثقيل، والمجدّل: المطروح على الأرض.

(5)

سورة الواقعة: 75 - 77.

(6)

البيت من الطويل وقائله النابغة الذبياني وينظر في: ديوانه (ص 80)، وكتاب سيبويه (2/ 70)، وشرح المصنف (2/ 376)، والمغني (ص 390).

(7)

البيتان من الرجز المشطور، وقائلهما أبو النجم، وينظر في: شرح المصنف (2/ 376)، والارتشاف (2/ 373)، والمغني (ص 387)، والهمع (1/ 248). -

ص: 2349

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وبين (كأنّ) واسمها، نحو قول الشاعر:

1889 -

كأنّ وقد أتى حول جديد

أثافيها حمامات مثول (1)

وأشار المصنف بقوله: ويميزها من الحالية

إلى آخره، إلى أنّ الفارق بين الجملة الاعتراضية والجملة الحالية ثلاثة أمور:

الأول: امتناع قيام مفرد مقامها إذا كانت اعتراضية، وجوازه إذا كانت حالية.

قال المصنف: فلو أقمت مفردا مقام «ولا عتب في المقدور» لوجدته ممتنعا، وكذا سائر الأمثلة التي بعده (2).

الأمر الثاني: جواز اقتران الاعتراضية بالفاء أو بـ (لن) أو بحرف تنفيس.

فمثال الأول قوله تعالى: فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما (3). ومنه قول الشاعر [3/ 87]:

1890 -

ألا أبلغ بنيّ بني ربيع

فأشرار البنين لهم فداء

بأنّي قد كبرت وطال عمري

فلا تشغلهم عنّي النّساء (4)

وقول الآخر:

1891 -

واعلم فعلم المرء ينفعه

أن سوف يأتي كلّ ما قدرا (5)

ومثال الثاني قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا (6). -

- والهيف: ريح حارة تأتي من قبل اليمن، والدبور: ريح مهبها مغرب الشمس، والصّبا: مهبها مطلع الشمس.

(1)

البيت من الوافر، وقائله أبو الغول الطهوي وينظر في: نوادر أبي زيد (ص 151، 186)، والخصائص (1/ 338)، وشرح المصنف (2/ 377)، والمغني (ص 392)، والهمع (1/ 248).

والأثافي: جمع أثفية، وهي الحجارة التي توضع عليها القدر، والمثول: من الأضداد، ويطلق على ما التصق بالأرض، وعلى المنتصبات.

(2)

ينظر: شرح المصنف (2/ 377).

(3)

سورة النساء: 135.

(4)

البيتان من الوافر، وقائلهما الربيع بن ضبع الفزاري وهما في: شرح المصنف (2/ 377)، والخزانة (7/ 381).

(5)

البيت من الكامل، ولم يعرف قائله، وينظر في: شرح المصنف (2/ 377)، والمغني (ص 398)، وشرح الشذور (ص 283)، والفوائد الضيائية للجاحي (2/ 349)، والداودي على ابن عقيل (1/ 708).

(6)

سورة البقرة: 24.

ص: 2350

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومثال الثالث قول زهير:

1892 -

وما أدري وسوف إخال أدري

أقوم آل حصن أم نساء (1)

الأمر الثالث: كونها طلبية، كقوله تعالى: وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ (2) فـ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ جملة معترضة بين تُؤْمِنُوا وأَنْ يُؤْتى أَحَدٌ.

ومن ذلك قوله تعالى: وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ (3) اعترضت بين فَاسْتَغْفَرُوا (4) ولَمْ يُصِرُّوا (5) وهما جملتان معطوف إحداهما على الأخرى في صلة الَّذِينَ. ومن ذلك قول الشاعر:

1893 -

إنّ سليمى - والله يكلؤها -

ضنّت بشيء ما كان يرزؤها (6)

فقوله: «والله يكلؤها» دعاء، وقد اعترضت بين اسم (إنّ) وخبرها. وأراد المصنف بجعله وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ طلبية، أنها طلب في الصورة، وإن كانت خبرا من حيث المعنى.

وزعم أبو علي أنّ الاعتراض لا يكون إلّا بجملة واحدة (7).

وردّ المصنف ذلك عليه، فإنّ الاعتراض بجملتين كثير، ومنه قول زهير:

1894 -

لعمر أبيك والأنباء تنمي

وفي طول المعاشرة التّقالي

لقد باليت مظعن أمّ أوفى

ولكن أمّ أوفى لا تبالي (8)

-

(1) البيت من الوافر، وقائله زهير بن أبي سلمى وهو في شرح ديوانه للأعلم (ص 72)، وشرح المصنف (2/ 377)، والمغني (ص 41).

(2)

سورة آل عمران: 73.

(3)

،

(4)

،

(5)

سورة آل عمران: 135.

(6)

البيت من المنسرح، وقائله: ابن هرمة وينظر: في ديوانه (ص 55) والأمالي الشجرية (1/ 215)، وشرح المصنف (2/ 378)، والمغني (396). يكلؤها: يحفظها، ويرزؤها: ينقصها ويضرها.

(7)

ينظر: الارتشاف (2/ 375)، والمغني (ص 394).

(8)

البيتان من الوافر، وقائلهما زهير بن أبي سلمى، وهما في ديوانه (ص 86) بشرح الأعلم، وصدر الأول منهما:

لعمري والخطوب مغيّرات

وكذلك في المغني (ص 395)، وهما بالرواية المذكورة هنا في شرح المصنف (2/ 378).

والتقالي: التباغض، وباليت: اكترثت.

ص: 2351

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومن ذلك قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ (1).

وقال الزمخشري: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (2) اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه، وهما فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً (3) وأَ فَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى (4).

وهذا اعتراض بكلام تضمّن سبع جمل. انتهى (5).

وقال الشيخ: بل هي أربع: جملة (لو) وجملة جوابها، وجملة الاستدراك، وجملة العطف عليه. انتهى (6).

وقد يقال: جملة (لو) وجملة جوابها في حكم جملة واحدة، وعلى هذا يكون الاعتراض بثلاث جمل لا غير.

وينبغي أن يتعرض هنا لذكر الجمل، وتمييز ما له محلّ منها مما ليس له ذلك:

والضابط فيه أنّ كل جملة وقعت موقع مفرد كان لها محلّ، وما لا فلا، وقد قسمت الجمل بالاعتبار المذكور إلى ثمانية أقسام، أربعة منها لها محلّ، وهي:

جملة الخبر، والحال، والصفة، والمضاف إليها، وكل منها مذكور في بابه. وأربعة منها ليس لها محلّ، وهي: الجملة الابتدائية، والجملة الموصول بها، والجملة المفسّرة، والجملة الاعتراضية.

وقال الشيخ: إنّ الجمل التي لا محلّ لها اثنا عشر قسما فذكر الأربعة المشار إليها، وذكر أقساما كلها ترجع إلى الجملة الابتدائية، وعدّد أيضا صورا من الجمل التي لها محلّ، والكلّ داخل تحت الضابط المتقدّم (7)، فتركت التعرّض له لذلك.

* * *

(1) سورة النحل: 43، 44.

(2)

سورة الأعراف: 96.

(3)

سورة الأعراف: 95.

(4)

سورة الأعراف: 97.

(5)

ينظر: شرح المصنف (2/ 378)، وما ذكر هو ما فهمه من كلام الزمخشري، وليس هذا نصه.

يراجع الكشاف (2/ 98)، والمغني (ص 394، 395).

(6)

ينظر: التذييل (3/ 866).

(7)

ينظر: الارتشاف (2/ 375، 376).

ص: 2352