الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مسألتان بين الحالية والخبرية]
قال ابن مالك: (ولا تلزم الحاليّة في نحو: «فيها زيد قائما فيها» بل تترجّح على الخبريّة، وتلزم هي في نحو: «فيك زيد راغب» خلافا للكوفيين في المسألتين).
ــ
وقال الشيخ: وما ذهب إليه المصنف من أنّ أداة التشبيه تعمل في حالين، تتقدّم إحداهما عليها، وكذلك الضمير لقيامه مقام الأداة لا يصحّ؛ لأنها ليست كأفعل التفضيل، فإنه ناب مناب عاملين، وأداة التشبيه ليست كذلك، ولأنّ تقديم الحال على أداة التشبيه غير جائز، ولأنّ إعمال الضمير لا يجوز فالصحيح أن ينتصب (فذّا) و (صعاليك) على إضمار (إذا كان) كأنّه قال: أنا إذا كنت فذّا لهم جميعا، ونحن إذا كنّا صعاليك (1). انتهى وفي بعض كلامه نظر.
قال ناظر الجيش: إذا وجد اسم مخبر عنه مع ظرف أو جار ومجرور وقد صحبهما اسم آخر فقد [3/ 77] يحسن السكوت على المخبر عنه مع الظرف أو المجرور - أي: تتم بهما الفائدة - وقد لا يحسن - أي: لا تتم الفائدة بهما - فهاتان مسألتان:
أما الأولى فلها ثلاث صور: إحداها: أن لا يتكرر الظرف ولا المجرور ولا المخبر عنه. الثانية: أن يتكرر أحدهما دون المخبر عنه. الثالثة: أن يتكرر أحدهما والمخبر عنه.
أما الصورة الأولى: فيجوز فيها جعل ذلك الاسم المصاحب المخبر عنه والظرف -
- فقيرا غنيّا مثلك» ولا «زيد مثلك فقيرا غنيّا» .
والمناقشة الثانية: أنه أشار بقوله: (ذلك) من قول: (وقد يفعل ذلك) إلى اغتفار التوسط في أفعل التفضيل بقوله: (غالبا) وهذا لا يمكن
تقييده ذلك بقوله: (غالبا) لأمرين:
أحدهما: قوله: (وقد يفعل)؛ لأنّ (غالبا) مشعرة بالكثرة، (وقد يفعل) مشعرة بالقلة، فتدافعا.
والأمر الآخر: أنه قد أمكن إبراز صورة ما في أفعل التفضيل على ما ذكره بعض أصحابنا مخالفة للغالب، وهما «هذا بسرا أطيب منه رطبا» وهنا لا يمكن ذلك البتة؛ لأنّ أداة التشبيه لا يمكن أن يفصل بينها وبين مجرورها بحال. اه.
(1)
ينظر: التذييل (3/ 783)، والارتشاف (2/ 355).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خبرا، وحالا بلا خلاف نحو:«في الدار زيد قائم وقائما» فمع النصب يتعين الظرف للخبرية، ومع الرفع جاز كونه خبرا عند من يرى جواز تعدد الخبر، وجاز كونه في محل نصب متعلقا بذلك الاسم الواقع خبرا، وظاهر كلام سيبويه (1) حمله على الثاني؛ لأنه [كما] (2) قال الشيخ: إن قدمت الظرف في هذه الصورة على المخبر عنه كان النصب في الاسم الثالث مختارا عند سيبويه، نحو:«في الدار زيد قائما» لئلا يلغى الظرف متقدما، وإن أخرته عن المخبر عنه كان الرفع هو المختار عنده (3).
قال: وقال أبو العباس: التقديم والتأخير في هذا واحد (4). انتهى (5).
وكأنّ أبا العباس يسوّى بين النصب والرفع، قدّم الظرف أو أخّر.
وأمّا الصورة الثانية (6): وهي التي أشار إليها المصنف في شرح (7) الكتاب فيجوز فيها الوجهان أيضا، ويحكم برجحان النصب لنزول القرآن العزيز به، كقوله تعالى:
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها (8) وكقوله تعالى: فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها (9). وادّعى الكوفيون أنّ النصب في مثل هذا لازم؛ لأنّ القرآن نزل به لا بالرفع (10).
والجواب: أنّ هذا لا يدلّ على أنّ الرفع لا يجوز، بل يدلّ على أنّ النصب -
(1) ينظر: كتاب سيبويه (2/ 90)، وعبارته:
…
وإنما تجعل «فيها» إذا رفعت «القائم» مستقرّا للقيام وموضعا له. وينظر: المقتضب (4/ 167).
(2)
زيادة لحاجة السياق.
(3)
ينظر: كتاب سيبويه (2/ 88 - 91) وفيه قال: هذا باب ما ينتصب فيه الخبر؛ لأنه خبر لمعروف يرتفع على الابتداء، قدمته أو أخرته، وذلك قولك: فيها عبد الله قائما، وعبد الله فيها قائما»
…
إلخ.
ومن يقرأ كلام سيبويه يرى أنه يسوّي بين النصب والرفع قدم الظرف أو أخر كما ذهب أبو العباس المبرد، وما قاله المؤلف هنا تابع فيه لأبي
حيان. يراجع التذييل (3/ 788)، والارتشاف (2/ 356).
(4)
هذا مفاد كلام المبرد ويراجع في المقتضب (2/ 256 - 257)، (4/ 132، 166، 167).
(5)
انتهى كلام أبي حيان وينظر: في التذييل (3/ 788، 789).
(6)
وهي أن يتكرر الظرف أو حرف الجر دون المخبر عنه.
(7)
في المخطوط: «في متن الكتاب» والصواب ما أثبته.
(8)
سورة هود: 108.
(9)
سورة الحشر: 17.
(10)
ينظر: شرح المصنف (2/ 347).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أجود منه (1).
ولا فرق في اختيار النصب هنا بين أن يتأخر الظرف عن الاسم كما في الآيتين الكريمتين أو يتقدّم على الاسم نحو: «في الدار زيد قائما فيها» .
وأما الصورة الثالثة: فهي كالصورة الثانية في جواز الوجهين لكن الرفع راجح فيها على النصب لنزول القرآن العزيز به كقوله تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (2).
وأما المسألة الثانية: وهي أن يكون الظرف أو حرف الجر فيها غير مستغنى به فيتعين جعل الاسم المصاحب فيها خبرا، وأشار المصنف إلى ذلك بقوله: وتلزم هي
…
إلى آخره؛ أي: الخبرية وسواء تكرر الظرف نحو: «فيك زيد راغب فيك» أو لم يتكرر نحو: «فيك زيد راغب» وأجاز الكوفيون نصب «راغب» وشبهه على الحال (3)، وأنشدوا:
1823 -
فلا تلحني فيها فإنّ بحبّها
…
أخاك مصاب القلب جمّا بلابله (4)
قال المصنف: والرواية المشهورة: «مصاب القلب جمّ» بالرفع، على أنّا لا نمنع رواية النصب، بل نجوّزها على أن يكون التقدير: فإنّ بحبّها أخاك شغف أو فتن، فإنّ ذكر الباء داخلة على الحب يدلّ على معنى شغف أو فتن، كما أنّ ذكر (في) داخلة على زمان أو مكان يدلّ على معنى استقرّ، وليس كذلك ذكر (في) داخلة على الكاف كقولك:«فيك زيد راغب» فلا يلزم من جواز نصب «مصاب القلب جمّا» الحكم بجواز نصب (راغب) ونحوه (5). وقد علمت من هذا معنى قول المصنف: خلافا للكوفيين في المسألتين يعني أنّهم يوجبون الحالية في المسألة الأولى، ويجوزونها في المسألة الثانية.
(1) السابق نفسه.
(2)
سورة آل عمران: 107، وينظر: شرح المصنف (2/ 347).
(3)
ينظر: السابق والارتشاف (2/ 357).
(4)
البيت من الطويل، ولم يعرف قائله، وينظر: في الكتاب (2/ 133)، وشرح المصنف (2/ 348)، والأشموني (1/ 272). فلا تلحني: فلا تلمني، بلابله: همومه ووساوسه.
(5)
ينظر: شرح المصنف (2/ 348).