المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حكم الاسم المذكور بعد «لا سيما» - اللغات فيها] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٥

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابع والعشرون باب المستثنى

- ‌[تعريف المستثنى]

- ‌[الاستثناء المتصل والمنقطع]

- ‌[إعراب المستثنى بـ «إلّا»، وبيان العامل فيه]

- ‌[حذف عامل المتروك]

- ‌[الاستثناء التام وأحكامه]

- ‌[حكم المستثنى المتصل في الكلام التام المنفي]

- ‌[مسألتان في الاستثناء التام]

- ‌[حكم تقدم المستثنى على صفة المستثنى منه]

- ‌[مسائل لا يجوز فيها الإتباع على اللفظ]

- ‌[إتباع المستثنى المنقطع عند بني تميم]

- ‌[جواز الإتباع على الاسم الظاهر أو ضميره]

- ‌[مجيء المستثنى متبوعا، والمستثنى منه تابعا]

- ‌[تقديم المستثنى]

- ‌[استثناء شيئين بأداة واحدة]

- ‌[استثناء النصف، وما هو أكثر]

- ‌[ما هو أولى بالاستثناء]

- ‌[تعدد المستثنى منه]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» للتوكيد]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» لغير التوكيد ولا يمكن الاستثناء]

- ‌[تكرار «إلّا» مع إمكان الاستثناء]

- ‌[«إلا» الموصوف بها]

- ‌[إيلاء «إلا» نعت ما قبلها]

- ‌[عمل ما قبل «إلا» فيما بعدها وعكسه]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «حاشا»، و «عدا»، و «خلا»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «ليس» و «لا يكون»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «غير» وبيد»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «سوى»]

- ‌[حذف ما بعد «إلّا» و «غير»]

- ‌[حكم الاسم المذكور بعد «لا سيما» - اللغات فيها]

- ‌الباب الثامن والعشرون باب الحال

- ‌[تعريف الحال - بعض أحكامه]

- ‌[من أحكام الحال: الاشتقاق وقد يأتي جامدا مؤولا]

- ‌[من أحكام الحال التنكير وقد تأتي معرفة]

- ‌[وقوع الحال مصدرا وأحكام ذلك]

- ‌[مسوغات تنكير صاحب الحال]

- ‌[حكم تقديم الحال على صاحبه]

- ‌[حكم تقديم الحال على عامله]

- ‌[مسألتان بين الحالية والخبرية]

- ‌[تعدد الحال]

- ‌[حذف عامل الحال جوازا أو وجوبا]

- ‌[حكم حذف الحال]

- ‌[الحال المؤكدة]

- ‌[مجيء الحال جملة وحديث عن رابط هذه الجملة]

- ‌[الجملتان المفسرة والاعتراضية وعلاقتهما بالحالية]

- ‌الباب التاسع والعشرون باب التّمييز

- ‌[تعريفه]

- ‌[قسما التمييز: ما يميز مفردا وما يميز جملة]

- ‌[أحكام تمييز المفرد]

- ‌[الأوجه الجائزة في تمييز المفرد من إضافة وغيرها]

- ‌[حكم آخر لتمييز المفرد]

- ‌[تمييز الجملة وأحكامه]

- ‌[أحكام أخرى لتمييز الجملة]

- ‌[تعريف تمييز الجملة، وتقدير تنكيره، أو تأويل ناصبه]

- ‌[أحكام تقديم التمييز على عامله]

- ‌الباب الثلاثون باب العدد

- ‌[حكم تمييز الأعداد من واحد إلى مائة]

- ‌[أحكام خاصة بالتمييز «المفسّر»]

- ‌[حذف تاء الثلاثة وأخواتها]

- ‌[عطف العشرين وأخواته على النيف]

- ‌[مذكر ما دون ثلاثة عشر ومؤنثه]

- ‌[ياء الثماني في التركيب والإفراد]

- ‌[استعمال «أحد» استعمال «واحد»]

- ‌[اختصاص «أحد» بعموم من يعقل]

- ‌[حكم تثنية وجمع أسماء العدد]

- ‌[إدخال حرف التعريف على العدد]

- ‌[حكم العدد المميز بشيئين في التركيب]

- ‌[التأريخ بالليالي لسبقها]

- ‌[صياغة وحكم اسم الفاعل المشتق من العدد]

- ‌[استعمال «فاعل» المصوغ من العدد]

- ‌[ما يستعمل استعمال خمسة عشر من الظروف والأحوال]

- ‌الباب الحادي والثلاثون باب كم وكأين وكذا

- ‌[معنى كم - نوعاها - حكم تمييز كل نوع]

- ‌[أحكام مختلفة لـ «كم» بنوعيها]

- ‌[«كأيّن» و «كذا» وأحكامهما]

- ‌الباب الثاني والثلاثون باب نعم وبئس

- ‌[فعلان أم اسمان والأدلة على كلّ]

- ‌[اللغات فيهما]

- ‌[أنواع فاعل «نعم» و «بئس»]

- ‌[أحوال وأحكام المخصوص بالمدح والذم]

- ‌[الأفعال المحولة للمدح والذم]

- ‌الباب الثالث والثلاثون باب حبّذا

- ‌[أصلها - فاعلها - تمييزها - مخصوصها - إفرادها]

الفصل: ‌[حكم الاسم المذكور بعد «لا سيما» - اللغات فيها]

[حكم الاسم المذكور بعد «لا سيما» - اللغات فيها]

قال ابن مالك: (والمذكور بعد «لا سيّما» منبّه على أولويته بالحكم، لا مستثنّى فإن جرّ فبالإضافة و «ما» زائدة، وإن رفع فخبر مبتدأ محذوف، و «ما» بمعنى «الّذي» وقد توصل بظرف أو جملة فعليّة، وقد يقال:

«لا سيّما» بالتخفيف، و «لا سواء ما» ).

ــ

يكتفى بـ (إلّا) وب (غير) عن المستثنى (1)؛ لأنّ مراد المصنف المستثنى بـ (إلّا) وب (غير) الواقعتين بعد (ليس) وهو المقدر بعد (إلّا) والمضاف إليه (غير) ولا شكّ أنهما مستثنيان؛ ولهذا قال سيبويه: هذا باب يحذف المستثنى فيه استحقاقا (2). ثمّ مثّل بـ (ليس إلّا) و (ليس غير) وقال: كأنّه قال: ليس إلا ذاك، وليس غير ذاك، ولكنّهم حذفوا ذلك تخفيفا، واكتفاء بعلم المخاطب ما يعني (3). انتهى. وأجاز الأخفش أن يقال: ليس غيره وغيره، يعني أنه يجوز إضافة (غير) وترفع على أنّها الاسم، والخبر محذوف، وتنصب على العكس. قال الشيخ: والأجود التصريح مع (غير) بالمضاف إليه، فقولك: قبضت عشرة ليس غيرها، وغيرها، أجود من: ليس غير، أو غير (4). انتهى. وأجاز الأخفش أيضا أن يقال: في موضع (ليس غيره) - لم يكن غيره. وغيره قال المصنف: وما له على ذلك دليل غير القياس (5)، قال السيرافيّ - في الحذف الذي استعملوه بعد (إلّا) و (غير): إنما يستعمل إذا كانت (إلّا) و (غير) بعد (ليس) ولو كان مكان (ليس) غيرها من ألفاظ الحمد لم يجز الحذف، وعلّلوا ذلك بأنّ الأصل أن لا يجوز حذف الاسم في باب (كان) ولا حذف الخبر، فلا يتجاوز بذلك مورد السّماع.

قال ناظر الجيش: لمّا أنهى الكلام على أدوات الاستثناء (6) وهي: إلّا، وحاشا، وخلا، وعدا، وليس، ولا يكون، وغير، وسوى - بلغاتها - وبيد - على خلاف -

(1) شرح المصنف (2/ 315، 316).

(2)

،

(3)

الكتاب (2/ 344، 345).

(4)

التذييل والتكميل (3/ 672).

(5)

شرح المصنف (2/ 315، 316).

(6)

من هنا أول الساقط من النسخة المصرية من شرح التسهيل لناظر الجيش واعتمدنا في تحقيق هذا الجزء الساقط على النسخة التركية واستمر ذلك طوال عدة أبواب (آخر باب الاستثناء - باب الحال كله - باب التمييز - أول باب العدد).

ص: 2234

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيها تقدّم ذكره - أراد أن ينبّه على وهم من ادّعى أنّ من جملة الأدوات (لا سيّما)، قال المصنف (1): قد جعلها بعضهم من أدوات الاستثناء (2)، وذلك عندي غير صحيح؛ لأنّ أصل أدواته هي (إلّا) فما وقع موقعه (3) وأغنى (4) عنه فهو من أدواته، وما لم يكن كذلك فليس منها، ومعلوم أنّ (إلّا) تقع موقع الأدوات التي تقدّم ذكرها فوجب إدخالها (5) مع (إلّا) في الباب، و (لا سيما) بخلاف ذلك. فلا يعدّ من أدواته، بل هو مضادّ لها، فإنّ الذي يلي (لا سيّما) داخل فيما دخل فيه ما قبله، ومشهود له بأنّه أحقّ بذلك من غيره، وهذا المعنى مفهوم بالبديهة من قول امرئ

القيس:

1766 -

ألا ربّ يوم صالح لك منهما

ولا سيّما يوم بدارة جلجل (6)

فلا تردّد في أنّ مراده دخول «يوم دارة جلجل» فيما دخلت فيه الأيّام الأخر من الصلاح وأنّ له مزية، وهذا ضد المستفاد بـ (إلّا) فلا سبيل إلى إلحاق (لا سيّما) بأدوات الاستثناء (7). -

(1) ينظر: شرح المصنف (2/ 306 - 310) تحقيق د/ عبد الرحمن السيد.

(2)

سيأتي في نقله عن أبي حيان بأن هذا مذهب الكوفيين وجماعة من البصريين. ينظر: التذييل (3/ 673)، والارتشاف (2/ 328) قال أبو علي في الإيضاح (ص 176) تحقيق د/ كاظم المرجان:

باب ما جاء بمعنى (إلّا) من الكلام، قد جاء من الأسماء والأفعال والحروف فأمّا الاسم فنحو: غير وسوى وسواء، ولا سيما. وقال في المسائل المشكلة (ص 317): وهي - أي لا سيما - تستعمل في الاستثناء وغيره، فاستعمالهم لها في الاستثناء كقولهم:«جاءني القوم لا سيما زيد» وأما استعمالهم لها في غير الاستثناء فقوله:

ولا سيّما يوم بدارة جلجل

فهذا ليس موضع استثناء. اه.

وقال ابن يعيش: (لا سيما) كلمة يستثنى بها، ويقع بعدها المرفوع والمخفوض» (2/ 85).

(3)

في المخطوط: فما وقعت، والصواب ما أثبته كما في شرح المصنف.

(4)

في المخطوط: وأغنت، وما أثبته كما في كلام المصنف وهو الصواب.

(5)

أي: أدوات الاستثناء التي سبق ذكرها.

(6)

البيت من الطويل، وهو من معلقة امرئ القيس وينظر ديوانه (ص 10)، والمسائل المشكلة للفارسي (ص 317)، والمفصل (ص 69)، وشرحه لابن يعيش (2/ 86)، وشرح المصنف (2/ 318)، والتذييل (3/ 675)، والأشموني (2/ 167) وشاهده واضح من الشرح.

(7)

إلى هنا كلام المصنف وينظر في شرحه (2/ 318)(المطبوع) وقال ابن هشام الخضراوي: لما كان ما بعدها بعضا مما قبلها وخارجا عنه بمعنى الزيادة كان استثناء من الأول؛ لأنه خرج عنه بوجه لم يكن له. ينظر في التذييل (3/ 673).

ص: 2235

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الشيخ: وعدّها من الأدوات الكوفيون وجماعة من البصريين كالزجاج وأبي علي. انتهى (1).

وقد ذكر ابن عصفور وجه الاعتذار عن ذلك، فقال: إذا قلت: «قام القوم لا سيّما زيد» فقد خالفهم (زيد) في أنه أولى

بالقيام منهم، فهو مخالفهم في الحكم الذي ثبت لهم بطريق الأولوية. انتهى (2) وضعفه غير خفي (3).

قال الشيخ: ودخول الواو عليها منعها من أن تكون من أدوات الاستثناء.

انتهى (4).

ثم اعلم أنّ (لا) من (لا سيّما) هي العاملة عمل (إنّ) و (سيّ) اسمها، وهو نكرة وإن أضيف إلى معرفة؛ لأنه كـ (مثل) حكما لتوافقهما معنى (5).

قال سيبويه: وسألت الخليل عن قول العرب: «ولا سيّما زيد» فزعم أنّه مثل قولك: «ولا مثل زيد» و (ما) لغو (6). انتهى.

وجوّز النحويون في الاسم الواقع بعد (لا سيما) الجرّ والرفع، وجوّزوا النصب أيضا إذا كان الاسم المذكور نكرة، وقد روي بيت امرئ القيس المتقدم بالأوجه الثلاثة (7).

أمّا الجرّ في مثل (لا سيما) فعلى جعل (ما) زائدة، وإضافة (سيّ) إلى ما بعدها، وكأنّه قيل:«لا مثل زيد» وقد تقدّم قول الخليل: و (ما) لغو، أي:

زائدة، وخبر (لا) محذوف لفهم المعنى. ويجوز حذف (ما) فتقول:«ولا سيّ زيد» . قال الشيخ: ونصّ عليه سيبويه (8). -

(1) ينظر: التذييل (3/ 673)، وسبق نقل كلام أبي علي في ذلك.

(2)

انظر: شرح الجمل لابن عصفور (2/ 262).

(3)

لأنه مشارك لهم في القيام والاستثناء إخراج.

(4)

ينظر: التذييل (3/ 673).

(5)

ينظر: شرح المصنف (2/ 318).

(6)

ينظر: الكتاب (2/ 386).

(7)

تراجع هذه الأوجه في شرح المفصل لابن يعيش (2/ 85 - 86)، وشرح الكافية للرضي (1/ 249)، والمغني (1/ 313).

(8)

التذييل (3/ 673)، ويراجع الكتاب (2/ 171)، والمسائل المشكلة للفارسي (ص 318).

ص: 2236

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونقل عن أبي علي (1) أنّه قال: إنّ (لا) ليست عاملة في (سيّ) وإنّما (سيّ) منصوب على الحال من الجملة السابقة، ولم تتكرر (لا) وإن كان قياسها التكرار، قال: فكأنك قلت: قام القوم غير مماثلين زيدا في القيام؛ ثم قال الشيخ:

وما ذهب إليه فاسد، لجواز دخول الواو على (لا) وهو لا يجوز مع الحال، لا تقول:«جاء زيد ولا ضاحكا» (2).

قال (3): وبعضهم زعم أنّ (لا) في (لا سيّما) زائدة، وهو غريب. وأما الرفع فعلى جعل (ما) بمعنى الذي، وهي مخفوضة بإضافة (سيّ) إليها، والاسم الواقع بعد (لا سيما)، خبر مبتدأ محذوف، والمبتدأ وخبره صلة، قاله سيبويه عن الخليل، وقال: و (لا سيّما زيد) كقولهم: (دع ما زيد). انتهى (4) والتقدير:

دع الذي هو زيد، كما تقدّر (لا سيّما زيد) لا مثل الذي هو زيد.

وذكر الناس (5) أنّ وجه الرفع فيه ضعف من جهتين:

إحداهما: حذف صدر الصلة من غير طول وليس الموصول (أيّا)، والتزام حذفه دائما فلم ينطق به.

والثانية: إطلاق (ما) على آحاد من يعقل، والمشهور أنّ ذلك لا يجوز.

وخبر (لا) محذوف، كما تقدّم في وجه الجرّ ونقل الشيخ عن الأخفش أنه جعل (ما) بمعنى الذي - كما تقدم - إلا أنه لم يجعل «سيّا» مضافا إليها، بل جعلها (6) في موضع رفع على أنها خبر (لا)

قال: فكأنه قال: لا مثل -

(1) أشار أبو حيان في التذييل (3/ 676)، وابن هشام في المغني (1/ 313) أنّ الفارسي ذكر ذلك في «الهيتيات» - نسبة إلى هيت، بلد علي الفرات، أملى فيها هذه المسائل.

ولكن ما ذكره في المسائل المشكلة (ص 317) يتفق مع ما ذهب إليه الجمهور من أنّ (سيّ) منتصب بـ (لا) والخبر مضمر.

(2)

ينظر في التذييل (3/ 674) مع تصرف يسير، والمغني (1/ 313).

(3)

القائل هو أبو حيان فيما نقله عن صاحب البديع. التذييل (3/ 674).

(4)

ينظر: الكتاب (2/ 286)، والتذييل (3/ 675) تحقيق د/ حماد البحيري رحمه الله.

(5)

ينظر: التوطئة للشلوبين (ص 311) تحقيق يوسف المطوع، والتذييل (3/ 675).

(6)

الضمير يعود على (ما) وعبارة أبي حيان: وزعم الأخفش أنّ (سيّ) ليس مضافا لـ (ما) بل (ما) موصولة بمعنى الذي في موضع رفع و (لا) مع (سيّ) كهي في قولك: لا رجل، و (ما) هو -

ص: 2237

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشخص الذي هو زيد

ثم قال الشيخ: وهذا فاسد؛ لأنّ فيه عمل (لا) في خبرها وهو معرفة و (لا) لا تعمل في المعارف (1)

ثم قال: وأجاز ابن خروف أن تكون (ما) نكرة موصوفة، وما بعدها من محذوف ومذكور صفة لها، كما قدرته صلة. انتهى (2).

وفيما أجازه ابن خروف مخلص من ارتفاع (ما) على العامل، وإلزام حذف صدر الصلة وإن لم تطل.

وأما النصب إذا كان الاسم نكرة فعلى التمييز.

وفي إعراب (ما) وجهان:

أحدهما: أنها في موضع جرّ بالإضافة، وهي نكرة تامة، أي: ولا مثل شيء، ثم ميّز بالنكرة.

قال الشيخ: وهذا الإعراب الذي تلقفناه من أفواه الشيوخ (3) يعني أنّ (ما) نكرة تامة.

[3/ 58] الوجه الثاني - وأشار إليه المصنف -: أنّها كافة (4)، لا موضع لها من الإعراب، وهي عوض من المضاف إليه، وانتصب ما بعدها على التمييز، كما كان ينتصب بعد المضاف إليه، كقولك:«لي مثله يوما» وكقولهم: «على التمرة مثلها زبدا» .

قال المصنف: أشار إلى هذا الوجه الفارسي (5)، واستحسنه الشلوبين (6) -

- خبر (لا). ينظر: التذييل (3/ 675)، والارتشاف (2/ 328).

(1)

ينظر: التذييل (3/ 675).

(2)

السابق نفسه.

(3)

ينظر: التذييل (3/ 676).

(4)

أي: كافة لـ «سي» عن طلب الإضافة إلى ما بعدها.

(5)

ينظر: الاستغناء في الاستثناء (ص 37).

(6)

ينظر: شرح الجزولية الكبير للشلوبين (3/ 998) وعبارته: وأرى أن النصب لا يكون بعد (لا سيما) إلا أن يكون المستثنى نكرة؛ لأنّ انتصابه كانتصاب «على التمرة مثلها زبدا» وكذا قال الفارسي في التذكرة، والتمييز لا يكون إلا نكرة، ولا وجه للنصب في المعرفة. اه.

وعبارته في التوطئة (ص 281): والنصب أضعفها؛ لأنّه إنّما هو على التشبيه بقولهم: «على التمرة مثلها زبدا» وليس مثله إلا من جهة أن (ما) مع النصب كافة عن طلب الإضافة إلى ما بعدها فأشبهت -

ص: 2238

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا بأس في كل ما وقع بعد (لا سيما) من صالح للتمييز. انتهى (1).

ولا يخفى أرجحية الوجه الثاني على الأول.

وقد ضعف الوجه الأول من جهة أنّ (مثل) تضاف إلى معرفة ليتخصص، نحو:«لي مثله رجلا» فلا ينبغي إضافتها إلى نكرة (2) إلّا أن يقال: لمّا ميّزت حصل التخصص كما لو أضيفت إلى معرفة. وأما بيت امرئ القيس المتقدم فتخرّج رواياته الثلاث على ما تقدم من التقرير، والرفع فيه قويّ أيضا؛ لأنّ (ما) لم يقع فيه على العاقل، ولم تقصر

الصلة بل طالت بذكر (دارة جلجل).

وجوّز المصنف في رواية النصب: نصب (يوما) على الظرف (3) وجعله صلة لـ (ما)

قال: (وبدارة جلجل) صفة لـ (يوما) أو متعلق به لما فيه من معنى الاستقرار (4).

وجوّز أيضا جعل (بدارة جلجل) صلة (ما) ونصب (يوما) به لما فيه من معنى الاستقرار.

قال: فإنّ (ما) المذكورة قد توصل بظرف كقولك «يعجبني الاعتكاف لا سيّما عند الكعبة، والتهجد ولا سيّما إذا قرب من الصبح (5)» . ومنه قول الشاعر: -

- الإضافة في قولهم: «على التمرة مثلها زبدا» من جهة منعها الإضافة إلى ما بعدها. اه.

وواضح من كلامه أنّه لم يستحسن الوجه، إنما استحسن التوجيه.

(1)

ينظر: شرح المصنف (2/ 319). تحقيق د/ عبد الرحمن السيد، ود/ محمد بدوي المختون.

(2)

ينظر: التذييل (3/ 676).

(3)

قال ابن يعيش في التعليق على البيت: وقد روي (يوما) منصوبا على الظرف، وهو قليل شاذ (2/ 86).

(4)

ينظر: شرح المصنف (2/ 319).

قال أبو حيان: وهذا الذي جوّزه فيه بعد؛ لأنّ (ما) إذ ذاك موصولة بمعنى الذي، ويعني بها اليوم، كأنه قال: ولا مثل اليوم يوما بدارة جلجل، أي: ولا مثل اليوم الذي في يوم بدارة جلجل، وقد جوّزه أيضا شيخنا الأستاذ أبو الحسن بن الضائع، فقدّره: ولا مثل اليوم الذي يثبت لك في وقت بدارة جلجل، وجوّز أيضا أن يكون التقدير: ولا مثل الصلاح والحسن الذي في يوم بدارة جلجل. اه.

ينظر: التذييل (3/ 677).

(5)

هكذا في المخطوط، وفي شرح المصنف (2/ 319): ولا سيّما قرب الصبح.

ص: 2239

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1767 -

يسرّ الكريم الحمد لا سيّما لدى

شهادة من في خيره يتقلّب (1)

وإلى هذه الأمثلة إشارة بقوله: وقد توصل بظرف.

وأمّا الوصل بجملة فعلية فكقولك: «يعجبني كلامك لا سيّما تعظ به» . ومنه قول الآخر:

1768 -

فق النّاس في الخير لا سيّما

ينيلك من ذي الجلال الرضا (2)

وأنشد المصنف شاهدا على مخفف (لا سيما) قول الشاعر:

1769 -

فـ بالعقود وبالأيمان لا سيّما

عقد وفاء به من أعظم القرب (3)

ولم ينشد شاهدا على (لا سواء ما).

قال الشيخ: والمحذوف من (لا سيما) المخفّف اللام، ويجوز أن يكون العين، وهي من باب (طويت)(4).

قال: وإطلاق المصنف يدلّ على أنّ الرفع والجرّ جائزان بعد (لا سواء ما) كما جاز بعد (لا سيّما)(5).

قال: وحكى ابن الأعربي أن العرب تقول: (لا مثلما) بمعنى (لا سيّما) -

(1) البيت من الطويل، ولم يعرف قائله، وشاهده واضح من الشرح وينظر في: شرح المصنف (2/ 319)، والتذييل (3/ 677)، والهمع (1/ 234).

(2)

البيت من المتقارب، ولم يعرف قائله. وينظر في: شرح المصنف (2/ 319)، والتذييل (3/ 678)، والهمع (1/ 235).

(3)

البيت من البسيط، ولم يعرف قائله. وينظر في: شرح المصنف (2/ 319)، والتذييل (3/ 678)، والهمع (1/ 235) والأشموني (2/ 168).

(4)

ينظر: التذييل (3/ 678 - 679) وعبارته: وإذا خففت الياء في (لا سيما) فما المحذوف، أعين الكلمة أم لامها؟ وذلك أنّ (سيّا) عينها واو ولامها ياء، فهي من باب (طويت) وأصلها:(سوي) لأنها من (سوّيت) فقلبت الواو ياء - لسكونها وانكسار ما قبلها على حد (ميزان) أو لوقوع الياء بعدها، أو لهما معا - وأدغمت في الياء فقيل:«سيّ» .

فذهب ابن جني إلى أن المحذوف هو لام الكلمة

والأحسن عندي الوقوف فيها مع الظاهر، وأن يكون المحذوف العين، وإن كان أقلّ من حذف اللام. اه.

وينظر: الارتشاف (2/ 330).

(5)

ينظر: التذييل (3/ 679).

ص: 2240

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأنّهما بمعنى واحد

قال: ونص على أن ما بعد (لا مثلما) يرفع ويجرّ كما بعد (لا سيّما)(1).

قال: وقال الهنائي (2): لا ترما، ولا سيما، ولا مثلما بمعنى واحد.

قال: وذكر ابن الأعرابي (ولو تر ما) بمعنى (لا سيّما)(3) إلّا أنّه قال:

لا يكون فيها إلّا الرفع - يعني في الاسم الذي بعدها - لأنّ (تر) فعل فلا يمكن زيادة (ما) بعدها وجرّ ما يلي (ما) بالإضافة؛ لأنّ الفعل لا يضاف، فـ (ما) موصولة بمعنى «الذي» وهي مفعولة بـ (تر)، و (زيد) خبر مبتدأ محذوف. ثم (تر) إن كان قبلها (لا) احتملت وجهين:

أحدهما: الجزم بـ (لا) على أنّها الناهية، والتقدير: لا تر أيّها المخاطب الذي هو زيد، فإذا قيل:«قام القوم لا تر ما زيد» كان المعنى: لا تبصر الشخص الذي هو زيد، فإنه في القيام أولى به منهم.

الثاني: أن تكون غير مجزومة على أنّ (لا) نافية، وحذفت ألف (تر) شذوذا كما حذفوا في (لا أدر) و (لا أبال) وهما منفيان.

وإن كان قبل (تر)(لو) فحذف الألف للشذوذ أيضا، كما ذكر في (لا) النافية، وجواب (لو) محذوف، والتقدير: لو تبصر الذي هو زيد لرأيته أولى منهم بالقيام، ونظيره قولهم:«لقد جاد الناس ولو رأيت زيدا» أي: لرأيت الجود العظيم (4).

وقال الشيخ أيضا: ومن أحكام (لا سيّما) أنه قد يجيء بعدها الجملة الشرطية نحو قولك: «السؤال يشفي من الجهل لا سيما إن سألت خبيرا» وأنشد على ذلك -

(1) السابق (3/ 680)، وينظر: الارتشاف (2/ 330) تحقيق د/ النماس.

(2)

في المخطوط: «الكسائي» ، وهو تحريف، ففي التذييل (3/ 680):«قال الهنائي» ، وفي الارتشاف (2/ 330):«وقال كراع» ، وكراع والهنائي اسمان، لمسمّى واحد، وهو أبو الحسن على بن الحسن الهنائي، والمعروف بكراع النمل، نحوي لغوي، من أهل مصر، أخذ عن البصريين، وكان نحويّا كوفيّا من مصنفاته: أمثلة غريب اللغة، والمنضد في اللغة كتبه سنة سبع وثلاثمائة. ينظر معجم الأدباء (13/ 13)، والبغية (2/ 158).

(3)

ينظر: اللسان «رأى» (3/ 1544).

(4)

ينظر: التذييل (3/ 680، 681)، والارتشاف (2/ 330، 331)، والهمع (1/ 235).

ص: 2241

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بيتا (1)، ويحتاج إلى تخريج مثل هذا على وجه يتمشى على التقديرات المتقدمة.

ثم قال: ومن أحكامها أنّه لا يجيء بعدها الجملة بالواو نحو ما يوجد في كلام أكثر المصنفين من قولهم: «لا سيما والأمر كذلك» أو «لا سيّما والحالة هذه» وكذا لا يجوز حذف (لا) من (لا سيما) وقد أولع بذلك كثير من المصنفين (2).

* * *

(1) وهو بيت من الطويل قاله أحد الماجنين، وتعفف ناظر الجيش عن ذكره لما به من مجون.

وينظر في التذييل (3/ 681)، والارتشاف (2/ 329)، والهمع (1/ 235).

(2)

ينظر: التذييل (3/ 682)، والارتشاف (2/ 329، 330)، والهمع (1/ 235).

ص: 2242