المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فعلان أم اسمان والأدلة على كل] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٥

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابع والعشرون باب المستثنى

- ‌[تعريف المستثنى]

- ‌[الاستثناء المتصل والمنقطع]

- ‌[إعراب المستثنى بـ «إلّا»، وبيان العامل فيه]

- ‌[حذف عامل المتروك]

- ‌[الاستثناء التام وأحكامه]

- ‌[حكم المستثنى المتصل في الكلام التام المنفي]

- ‌[مسألتان في الاستثناء التام]

- ‌[حكم تقدم المستثنى على صفة المستثنى منه]

- ‌[مسائل لا يجوز فيها الإتباع على اللفظ]

- ‌[إتباع المستثنى المنقطع عند بني تميم]

- ‌[جواز الإتباع على الاسم الظاهر أو ضميره]

- ‌[مجيء المستثنى متبوعا، والمستثنى منه تابعا]

- ‌[تقديم المستثنى]

- ‌[استثناء شيئين بأداة واحدة]

- ‌[استثناء النصف، وما هو أكثر]

- ‌[ما هو أولى بالاستثناء]

- ‌[تعدد المستثنى منه]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» للتوكيد]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» لغير التوكيد ولا يمكن الاستثناء]

- ‌[تكرار «إلّا» مع إمكان الاستثناء]

- ‌[«إلا» الموصوف بها]

- ‌[إيلاء «إلا» نعت ما قبلها]

- ‌[عمل ما قبل «إلا» فيما بعدها وعكسه]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «حاشا»، و «عدا»، و «خلا»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «ليس» و «لا يكون»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «غير» وبيد»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «سوى»]

- ‌[حذف ما بعد «إلّا» و «غير»]

- ‌[حكم الاسم المذكور بعد «لا سيما» - اللغات فيها]

- ‌الباب الثامن والعشرون باب الحال

- ‌[تعريف الحال - بعض أحكامه]

- ‌[من أحكام الحال: الاشتقاق وقد يأتي جامدا مؤولا]

- ‌[من أحكام الحال التنكير وقد تأتي معرفة]

- ‌[وقوع الحال مصدرا وأحكام ذلك]

- ‌[مسوغات تنكير صاحب الحال]

- ‌[حكم تقديم الحال على صاحبه]

- ‌[حكم تقديم الحال على عامله]

- ‌[مسألتان بين الحالية والخبرية]

- ‌[تعدد الحال]

- ‌[حذف عامل الحال جوازا أو وجوبا]

- ‌[حكم حذف الحال]

- ‌[الحال المؤكدة]

- ‌[مجيء الحال جملة وحديث عن رابط هذه الجملة]

- ‌[الجملتان المفسرة والاعتراضية وعلاقتهما بالحالية]

- ‌الباب التاسع والعشرون باب التّمييز

- ‌[تعريفه]

- ‌[قسما التمييز: ما يميز مفردا وما يميز جملة]

- ‌[أحكام تمييز المفرد]

- ‌[الأوجه الجائزة في تمييز المفرد من إضافة وغيرها]

- ‌[حكم آخر لتمييز المفرد]

- ‌[تمييز الجملة وأحكامه]

- ‌[أحكام أخرى لتمييز الجملة]

- ‌[تعريف تمييز الجملة، وتقدير تنكيره، أو تأويل ناصبه]

- ‌[أحكام تقديم التمييز على عامله]

- ‌الباب الثلاثون باب العدد

- ‌[حكم تمييز الأعداد من واحد إلى مائة]

- ‌[أحكام خاصة بالتمييز «المفسّر»]

- ‌[حذف تاء الثلاثة وأخواتها]

- ‌[عطف العشرين وأخواته على النيف]

- ‌[مذكر ما دون ثلاثة عشر ومؤنثه]

- ‌[ياء الثماني في التركيب والإفراد]

- ‌[استعمال «أحد» استعمال «واحد»]

- ‌[اختصاص «أحد» بعموم من يعقل]

- ‌[حكم تثنية وجمع أسماء العدد]

- ‌[إدخال حرف التعريف على العدد]

- ‌[حكم العدد المميز بشيئين في التركيب]

- ‌[التأريخ بالليالي لسبقها]

- ‌[صياغة وحكم اسم الفاعل المشتق من العدد]

- ‌[استعمال «فاعل» المصوغ من العدد]

- ‌[ما يستعمل استعمال خمسة عشر من الظروف والأحوال]

- ‌الباب الحادي والثلاثون باب كم وكأين وكذا

- ‌[معنى كم - نوعاها - حكم تمييز كل نوع]

- ‌[أحكام مختلفة لـ «كم» بنوعيها]

- ‌[«كأيّن» و «كذا» وأحكامهما]

- ‌الباب الثاني والثلاثون باب نعم وبئس

- ‌[فعلان أم اسمان والأدلة على كلّ]

- ‌[اللغات فيهما]

- ‌[أنواع فاعل «نعم» و «بئس»]

- ‌[أحوال وأحكام المخصوص بالمدح والذم]

- ‌[الأفعال المحولة للمدح والذم]

- ‌الباب الثالث والثلاثون باب حبّذا

- ‌[أصلها - فاعلها - تمييزها - مخصوصها - إفرادها]

الفصل: ‌[فعلان أم اسمان والأدلة على كل]

‌الباب الثاني والثلاثون باب نعم وبئس

[فعلان أم اسمان والأدلة على كلّ]

قال ابن مالك: (وليسا باسمين فيليا عوامل الأسماء خلافا للفرّاء، بل هما فعلان لا يتصرّفان؛ للزومهما إنشاء المدح والذّمّ على سبيل المبالغة)(1).

قال ناظر الجيش: قال المصنف (2): يدلّ على فعليّة (نعم وبئس) اتصال تاء التأنيث السّاكنة بهما في كلّ اللغات، واتصال ضمير الرفع البارز بهما في لغة، حكاها الكسائيّ نحو: أخواك نعما رجلين وإخوتك نعموا رجالا، والهندات نعمن نساء (3).

وقال ابن برهان (4): الدليل على أنّ (نعم) فعل ماض، رفعه الظاهر، وتضمنه الضمير، ودخول لام القسم، وعطفه على الفعل الماضي والحكم بفعليتهما هو مذهب البصريين والكسائي وزعم الفراء وأكثر الكوفيّين (5) أنهما اسمان، واستدلوا على ذلك بدخول حرف الجرّ عليهما، كقول بعض العرب - وقد قيل له في بنت ولدت له: نعم الولد -: والله ما هي بنعم الولد، نصرها بكاء وبرّها سرقة (6) -

(1) في التذييل والتكميل (4/ 438): «مناسبة هذا الباب لما قبله - يعني باب التمييز - هي أن (نعم وبئس) قد يكون معهما تمييز، كما كان ذلك في الباب الذي قبله، وقد ذكره بعض النحويين عقب باب الفاعل، وهو مناسب، وأفرد بالذكر؛ لأن الفاعل فيهما جرى على طريقة لم تجز في غيرهما» . اه.

(2)

انظر: شرح التسهيل لابن المالك (3/ 5) تحقيق د/ عبد الرحمن السيد ود/ محمد بدوي المختون.

(3)

انظر في هذه المسألة هذه المراجع: التذييل والتكميل (4/ 438) رسالة، والإنصاف (1/ 66)، مسألة رقم (14)، وتوضيح المقاصد والمسالك للمرادي (3/ 75)، وشرح التسهيل للمرادي أيضا (181 / أ)، والمساعد لابن عقيل (2/ 120)، وشرح الألفية للشاطبي (4/ 4) رسالة دكتوراه بكلية اللغة العربية تحقيق د/ بسيوني سعد لبن.

(4)

ابن برهان - بفتح الباء الموحدة هو عبد الواحد بن علي المتوفى سنة (456 هـ)، سبقت ترجمته.

(5)

لمراجعة زعم الفراء وأكثر الكوفيين، ينظر: منهج السالك لأبي حيان (ص 387).

والمقرب (1/ 65) والمراجع المذكورة قريبا.

(6)

حكاه ابن الأنباري عن ثعلب عن الفراء. ينظر: الإنصاف (1/ 98)، وشرح المرادي (3/ 75)، وشرح الألفية للشاطبي (4/ 4) رسالة.

ص: 2523

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكقول بعضهم: «نعم السير على بئس العير» (1)، وكقول الآخر:

1989 -

صبّحك الله بخير باكر

بنعم طير وشباب فاخر (2)

ولا حجّة في ذلك أمّا الأول والثاني فيعتذر عنهما بما اعتذر به عن قول الآخر:

1990 -

عمرك ما ليلي بنام صاحبه (3)

فقيل: إنّه أراد: ما ليلي بمقول فيه: نام صاحبه، فكذا يقال في «ما هي بنعم الولد» و «على بئس العير»: إنّ معناهما: ما هي بمقول فيها: نعم الولد، ونعم السير على مقول فيه: بئس العير، وأما قول الآخر:«بنعم طير» فيحمل على أنّه جعل (نعم) اسما أضيف إلى (طير) وحكى لفظه الذي كان عليه قبل عروض الاسمية كما قال الشاعر: -

(1) ينظر الإنصاف (1/ 98)، والمقرب (1/ 65)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 182)، وشرح الألفية للشاطبي (4/ 4) رسالة.

والعير: - بفتح العين وسكون الياء - الحمار، وجمعه أعيار، والأنثى: عيرة. ينظر اللسان مادة «عير» .

(2)

هذا البيت من الرجز لم ينسب لقائل معين. قال العيني (4/ 2): «لم أقف على اسم راجزه» .

اللغة: بخير باكر: أي مبكر سريع عاجل، بنعم طير: بخير طائر، أنزل (نعم) منزل خير، وأضافها لـ (طير). والشاهد في البيت:«بنعم طير» ؛ حيث استشهد به على اسمية (نعم) فيه، بدليل إضافتها إلى ما بعدها. وهذا عند الكوفيين، واستشهد به الفراء على اسمية (نعم) لدخول حرف الجر عليها، ورد هذا الاستشهاد الشيخ محمد الطنطاوي في نشأة النحو (ص 231) برواية اللسان «بنعم عين» وبذلك رد استشهاد الأشموني أيضا، ينظر: نشأة النحو (ص 249).

ينظر هذا البيت في: التذييل والتكميل (4/ 441) رسالة، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 182)، والأشموني (3/ 27)، والمقاصد النحوية (4/ 2)، والهمع (2/ 84)، والدرر (2/ 108).

(3)

هذا صدر بيت من الرجز وعجزه:

ولا مخالط الليان جانبه

وقائله العناني، كما في شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي (2/ 353).

اللغة: الليان: الملاينة، وبالفتح: مصدر (لان) بمعنى: اللين، يقال: هو في ليان من العيش، أي: في نعيم، وسهولة، ورخاء.

المعنى: يصف حاله بأنه طال سهره وجفا جنبه عن الفراش، فكأنه نائم على شيء خشن لا لين فيه.

والشاهد في البيت قوله: «بنام صاحبه» ؛ حيث لا تدل الباء على اسمية (نعم)؛ لأنه مؤول على التقدير الذي ذكره فالجار في الحقيقة دخل على المحذوف لا على الفعل وكذا دخوله على (نعم، وبئس) في قولهم: «بنعم الولد» و «على بئس العير» ينظر الشاهد أيضا في: أمالي الشجري (2/ 148)، ومعجم الشواهد العربية (2/ 444)، وشرح ابن الناظم (ص 182)، والتذييل والتكميل (4/ 443) رسالة.

ص: 2524

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1991 -

بثين الزمي (لا) إنّ [لا] إن لزمته

على كثرة الواشين أيّ معون (1)

فأوقع (الزمي) على (لا) ثمّ أدخل عليها (إنّ) فأجراها مجرى اسم حين دعت الحاجة إلى أن يعامل لفظها معاملة الأسماء، ولم يلزم من ذلك أن يحكم باسميتها؛ إذ لم تستعمل هذا الاستعمال، فكذلك القول في «نعم» من قوله:«بنعم طير» ومعنى (نعم، وبئس) المبالغة في المدح والذمّ وربّما [3/ 89] توهّم غير ذلك. روي أنّ شريك بن عبد الله النخعيّ (2) ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال جليس له: نعم الرجل علي، فغضب وقال: ألعلي تقول: نعم الرجل؟ فأمسك القائل عن شريك حتّى سكن غضبه ثمّ قال: يا أبا عبد الله ألم يقل الله تعالى: وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (3)، فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (4)، نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (5)، قال شريك: بلى. فقال: ألا ترضى لعليّ ما رضيه الله لنفسه، ولأنبيائه؟! فنبّهه على موضع غلطه. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

ويتصل به أبحاث:

الأول:

ذكر ابن عصفور في شرح المقرب (6) أنّ كون (نعم وبئس) فعلين لم يختلف فيه -

(1) البيت من الطويل وقائله جميل بن معمر العذري، صاحب بثينة، وهو في ديوانه (ص 105) طبعة. المؤسسة العربية للطباعة - بيروت، بهذه الرواية.

اللغة: في الخصائص (3/ 212): «أراد: أي معونة، فحذف التاء وقد كثر حذفها في غير هذا» وفي إصلاح المنطق (ص 23): «وقوله (معون) أراد جمع معونة» . والمعنى: إن سألك سائل فقال: هل بينك وبين جميل صلة؟ فقولي: لا، فإن فيه عونا على الواشين ودفعا لشرهم.

الشاهد في البيت: قوله: «الزمي لا إنّ لا» ؛ حيث قصد لفظ (لا) فحكاها وأجراها مجرى الاسم وعاملها معاملة الأسماء ولهذا أوقع عليها (الزمي) وجعلها أيضا اسم (إنّ) ولولا الحكاية لم تجعل اسما وكذلك (نعم وبئس) يحكيان على أصل لفظهما ويجعلان اسمين.

ينظر الشاهد أيضا في: التذييل والتكميل (4/ 444).

(2)

هو القاضي شريك بن عبد الله بن أبي شريك واسمه الحارث بن أوس بن الحارث وينتهي نسبه إلى النخع بن عامر. تنظر ترجمته في: جمهرة الأنساب (ص 415).

(3)

سورة الصافات: 75.

(4)

سورة المرسلات: 23.

(5)

سورة ص: 44.

(6)

من الكتب المفقودة لابن عصفور وتوجد منه نسخة مطموسة جدّا في مكتبة جامعة الإمام بالرياض، -

ص: 2525

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحد من النحويين البصريين والكوفيين، وإنما الخلاف بينهم بعد إسنادهما إلى الفاعل، فذهب البصريّون إلى أن (نعم الرجل) جملة وكذلك (بئس الرجل) وذهب الكسائي إلى أن قولك:(نعم الرجل)، و (بئس الرجل) اسمان محكيان، حيث وقعا بمنزلة قولك:(تأبّط شرّا) و (برق نحره) و (نعم الرجل) - عنده - اسم للممدوح، و (بئس الرجل) - عنده - اسم للمذموم، وهما جملتان في الأصل نقلا عن اسمهما وسمّي بهما، قال: وذهب الفراء إلى أنّ الأصل في «نعم الرجل زيد» و «بئس الرجل عمرو» : رجل نعم الرجل زيد، ورجل بئس الرجل عمرو، فحذف الموصوف الذي هو (رجل)، وأقيمت الجملة التي هي صفته مقامه فحكم لها بحكمه، و (نعم الرّجل)، و (بئس الرّجل) - عندهما - في هذين المثالين رافعان لـ:(زيد)، و (عمرو)، كما أنك لو قلت: الممدوح زيد، والمذموم عمرو لكان كذلك (1).

ثم أبطل مذهب الكسائيّ بأنّه: لو كان الأمر كما قال لوقعا موقع الأسماء في فصيح الكلام، فكنت تقول: إنّ نعم الرجل قائم، وإنّ بئس الرجل منطلق، وظننت نعم الرجل قائما، وبئس الرجل منطلقا. قال: ويبطل مذهب الفراء شيئان:

أحدهما: ما أبطل به مذهب الكسائي.

والآخر: أنّه يؤدّي إلى حذف الموصوف، وإبقاء الجملة التي هي صفة في فصيح الكلام وذلك لا يكون إلا مع (من)

أو (في) قال: وبابه في ذلك الشعر (2). انتهى.

والطريقة التي ذكرها في هذه المسألة غير الطّريقة التي ذكرها المصنف، وما ذكره ابن عصفور من أنّ الخلاف بين الفريقين إنما هو بعد إسناد هاتين الكلمتين إلى الفاعل -

- ويتميز شرح ناظر الجيش بنقله نصوصا بين الحين والحين من هذا الكتاب، والموجود الآن في المكتبات من شرح المقرب هو شرح كبير للدكتور علي محمد فاخر من عدة أجزاء فك به رموز المقرب، وشرح غامضه بنصوص من كتب التراث لابن عصفور وغيره.

(1)

لمراجعة مذهب الفراء ينظر: التذييل والتكميل (4/ 446)، ومنهج السالك (ص 387)، وشرح المرادي (181 / ب) مخطوط، وتوضيح المقاصد للمرادي (3/ 76).

(2)

ينظر في إبطال مذهب الكسائي والفراء: التذييل والتكميل (4/ 447)، ومنهج السالك (ص 387) ففيهما نص هذا الكلام وفي المساعد لابن عقيل (2/ 121) ورد قول الكوفيين على الطريقة الثانية بعدم دخول النواسخ ونحوها، فلا يقال: إن نعم الرجل قائم، كما يقال: إنّ تأبط شرّا قائم. اه.

ص: 2526

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يقرب من حيث النظر فإنّ المنازعة في فعلية (نعم) و (بئس) دون إسناد تكون مكابرة وزيفا عن الحق، أما القول باسميتهما بعد الإسناد فيمكن بالتوجّه الذي تقدم ذكره على أنّ الحقّ خلاف ذلك (1).

فإن قيل: لو كان الأمر كما قاله ابن عصفور لم يحسن استدلال المخالف في الفعلية بقوله: «بنعم طير» فإنّ (نعم) لم تكن في هذا البيت متنكرة. فالجواب: أن يقال:

إنّ المخالف لم يستدل بهذا البيت، وإنّما استدلّ بقولهم:«ما هي بنعم الولد» وبقولهم: «على بئس العير» . نعم، المصنف ذكر استدلال المخالف في الفعلية بقوله:

«بنعم طير» أيضا؛ لأنّ الطريقة التي ذكرها تتضمن أنّ المخالف يقول باسميّة (نعم) و (بئس) على الإطلاق، وأما ابن عصفور فلم يذكر بـ «نعم بال» من قول الشاعر:

1992 -

فقد بدّلت ذاك بنعم بال

وأيام لياليها قصار (2)

على وجه الاستدلال، بل قال: لمّا ذكرت أنّ (نعم) فعل، خفت أن يتوهم من هذا البيت أنّها ليست بفعل بدليل إضافتها إلى ما بعدها. قال: والجواب عن ذلك: أنها لم تضف حتى يغلب عليها من الفعلية وسمّي بها، وحكيت بعد التسمية كما فعل بـ (دبّ) و (شبّ) في قولهم:«ما رأيته من شبّ إلى دبّ» (3) وب (قيل) و (قال) فيما يؤثر عن النبيّ صلّى الله

عليه وسلّم من أنّه نهى عن (قيل) و (قال)(4). ثمّ قال: ومثل بـ «نعم بال» ، و «بنعم طير» ، من قول الآخر:

1993 -

صبّحك الله بخير

...

البيت -

(1) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 446).

(2)

البيت من الوافر، وقد نسب لعدي بن زيد وليس في ديوانه.

والشاهد فيه: قوله: «بنعم بال» على أنّ (نعم) اسم بدليل إضافتها إلى ما بعدها. وفي المقرب (1/ 65):

وهي في الأصل (نعم) التي هي فعل سمي بها وحكيت على حدّ قولهم: ما رأيته مذ شب إلى دب.

ينظر الشاهد أيضا في: منهج السالك (ص 387)، والتذييل والتكميل (4/ 441). والمقرب (1/ 65).

(3)

يعني أنهما جعلا اسمين، وحكى فيهما لفظ أصلهما وهو الفعل في المستقصى للزمخشري (1/ 257):

«ويروى من شبّ إلى دبّ، بغير تنوين على طريق حكاية الفعل» . اه.

وفي جمهرة الأمثال للعسكري (ص 53): «بمن شبّ إلى دبّ: أي من لدن شببت إلى أن دببت هرما» . اه.

(4)

هذا الحديث في الجامع الصغير (ص 70) ولفظه: «عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال» . اه. ومعنى: قيل وقال، أي: كره الاشتغال بنقل الأخبار، من غير تمييز بين صحيحها وسقيمها. اه.

ص: 2527

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

انتهى. وهو كلام حسن إلا أنّ في قوله: أنهما سمّي بهما نظرا؛ لأنها لم يسمّ بها شيء، وإنما أريد لفظ الكلمة خاصة، ولم يقصد معناها الذي وضعت له، ولا شكّ أنّ اللفظ المجرد عن معناه إذا أسند، أو أسند إليه أو أضيف حكم له بحكم الأسماء، ولهذا نظر المصنف قول القائل:«بنعم طير» ، بقول الآخر:

1994 -

بثين الزمي (لا [إنّ (لا) إن لزمته]

...

البيت ثمّ قال: فأجراها مجرى اسم، حين دعت الحاجة إلى أن يعامل لفظها معاملة الأسماء، ولم يقل: سمّي بها، كما قال ابن عصفور.

البحث الثاني:

(نعم) و (بئس) - وإن كانا فعلين ماضيين - ليسا من الأفعال الماضية المنقطعة، بل من الأفعال الماضية التي يراد بها الدوام، و (نعم) و (بئس) من قولك: نعم الرجل زيد، وبئس الرجل عمرو، لا يدلان على انقطاع المدح والذمّ، بل

المدح والذّمّ في حال الإخبار بهما وبعده ثابتان، كما أنهما قبل الإخبار كذلك (1).

البحث الثالث:

لا شكّ أنّ هذين الفعلين - أعني (نعم) و (بئس) - لا يتصرفان، وعلّل المصنف عدم تصرفهما بلزومهما إنشاء المدح والذمّ كأنه يريد بذلك أنّ الفعلين المذكورين لما خرجا في الاستعمال عن المعنى الذي وضعا له هو الإخبار عن أمر قد انقضى وجب أن لا يتصرفا لنقلهما عن معناهما الأصلي، واستعمالهما في معنى ليس لهما بالوضع (2).

ومن ثمّ قال بعضهم: أفعال المدح والذمّ لزمت معنى من المعاني وسلبت دلالتهما على الزمان بحسب صيغها، وكذا الدلالة على المصدر فامتنع تصرفها وامتنع أن ينصب الزمان والمصدر. قال: وإنمّا سلبت ذلك؛ لأنها لزمت المدح والذمّ، وهما -

(1) ينظر: شرح الألفية للشاطبي (4/ 6) رسالة دكتوراه بكلية اللغة العربية - القاهرة.

(2)

في التذييل والتكميل (4/ 448): «وقد كانا قبل أن يركّبا هذا التركيب يستعملان في غير المدح والذم؛ لأن (نعم) متقولة من قولك: نعم الرجل إذا أصاب نعمة، و (بئس) متقولة من: بئس إذا أصاب بؤسا.

ص: 2528

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يكونان إلّا بما ثبت، واستمرّ. ولهذا لا يقال: نعم الرجل أمس ولا نعم الرجل، غدا. بقي أن يقال: فما المراد بالإنشاء؟ إن أريد به ما يقابل الخبر - كما صرح بذلك بعض العلماء - أشكل الأمر؛ لأنّ نحو: نعم الرجل زيد، وبئس الرجل عمرو، يقبل التصديق والتكذيب، والإنشاء لا يقبل ذلك وإن أريد به غير ذلك فلا بأس، لكن [3/ 90] يحتاج إلى معرفته، ولم يظهر لي ما هو على التحقيق (1) نعم قد يدّعى أن المراد بالإنشاء هنا الحال، وليس المراد بالحال ما يقابل الماضي والمستقبل، بل المراد بها الأمر الدائم المستمرّ كما تقدّم تقديره.

وهذا كما يقال في الصفة المشبهة: إنّ معناها الحال أي: الزمن الحاضر، وليس المراد به إلا الدوام والاستمرار. أمّا قوله: على سبيل المبالغة فالمراد به أنّ نحو: «نعم الرجل فلان» هو الغاية في المدح، و «بئس الرجل فلان» هو الغاية في الذّمّ، ولهذا قال المصنف - بعد أن ذكر المبالغة -: وربّما توهّم غير ذلك، وذكر الحكاية عن شريك، إلا أنّ في قوله: على سبيل المبالغة نظرا؛ لأنّ ذلك يقتضي أنّ المبالغة حصلت من قائل: «نعم الرجل فلان» ، ولا يلزم من ذلك أن يكون المذكور مستحقّا لما مدح به، والأولى العدول إلى عبارة الزمخشري فإنّه قال: إنّ (نعم) وضعت للمدح العامّ، يعني المدح لا خصوصيّة فيه؛ لأنك إذا قلت: نعم الرجل زيد فقد مدحته مطلقا من غير تعيين خصلة

معينة مدحته بها، وكذلك الكلام في (بئس) فهي للذّمّ العامّ أي لذمّ لا خصوصية فيه، فإذا قلت:«بئس الرجل فلان» فقد ذممته مطلقا من غير تعيين خصلة معينة ذممته بها، والمراد أنّك في المدح مدحته من كلّ الوجوه وفي الذّمّ ذممته من كلّ الوجوه (2).

ومما يحقق لك أنّ قول الزمخشريّ أنّ هذين الفعلين للمدح العام والذّمّ العام أولى وأتمّ من قول المصنف: على سبيل المبالغة - ما ذكره بعض النحاة (3) وهو أنّ هذين الفعلين قد خالفا سائر الأفعال الموضوعة للمدح والذّمّ؛ لأن كلّ فعل استعملته لجهة من المدح كان مقصورا عليها لا يتعدّى إلى غيرها، وكذلك الذّمّ نحو: «كرم الرجل -

(1) لعل المراد بالإنشاء - وهو ما لم يظهر للعلامة ناظر الجيش - إحداث وحصول المدح بـ (نعم) والذمّ بـ (بئس) بعد أن كانتا في أصل وضعهما (نعم، وبئس) للدلالة على النعمة والبؤس. ينظر: شرح الألفية للشاطبي (4/ 2) رسالة.

(2)

ينظر: المفصل بشرح ابن يعيش (7/ 127).

(3)

يقصد العبدي كما في التذييل والتكميل (4/ 448) رسالة.

ص: 2529