الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حكم العدد المميز بشيئين في التركيب]
قال ابن مالك: (فصل: حكم العدد المميّز بشيئين في التّركيب لمذكرهما مطلقا إن وجد العقل، وإلّا فلسابقهما بشرط الاتصال، ولمؤنثهما إن فصلا بـ «بين» وعدم العقل ولسابقهما في الإضافة مطلقا، والمراد بـ:
كتب لعشر بين يوم وليلة: عشر ليال، وعشرة أيام، وب: اشتريت عشرة بين عبد وأمة: خمسة أعبد وخمس آم).
ــ
وقال - مقوّيا لمذهب البصريين (1)؛ وهو أنّ حرف التعريف إنّما يدخل على أوّل جزءي العدد المركب خاصّة -: إن المركّب مبنيّ فصار كالاسم الواحد، فلا يعرف إلا بمثل ما يعرف به الاسم الواحد.
قال ناظر الجيش: قال المصنف (2): تقول: عندي خمسة عشر عبدا وجارية، وخمسة عشر جارية وعبدا؛ تجعل الحكم للمذكر، قدمته أو أخرته، وكذا تفعل أبدا بكلّ مركب من عدد من يعقل، إذا ميز بمذكّر ومؤنّث متصلا كان المميز كما في المثال المذكور أو منفصلا بـ (بين) كقولك: عندي خمسة عشر بين رجل وامرأة، وخمسة عشر بين امرأة ورجل، وتقول: نحرت خمسة عشر جملا وناقة، في خمسة عشر يوما وليلة (3)، وركبت خمس عشرة ناقة وجملا، في خمس عشرة ليلة ويوما؛ فيجعل الحكم لسابقهما، مذكرا كان أو مؤنثا، وكذا تفعل أيضا بكلّ مركب من عدد ما لا يعقل، إذا اتصل بمميزه، والمميز مذكر ومؤنث (4) -
- المضاف إليه أما العكس فلا، قال ابن عصفور: وبعض الكتاب يجيزون ذلك وهو قليل جدّا ويقولون عندي الخمسة أثواب». اه.
(1)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 266) حيث قال الشيخ أبو حيان: «أكثر البصريين لا يجيزون في تعريف المركب إلا إدخال (أل) على الأول منهما فتقول: ما فعلت الأحد عشر درهما؟» . اه.
(2)
انظر: شرح التسهيل لابن مالك (2/ 410).
(3)
في التذييل والتكميل (4/ 669): «لا يعتبر التقديم في المذكر ولا التأخير ولا اتصال التمييز بالمركب، أو فصله منهما بـ (بين) بل الحكم للمذكر إذا كان العقل للمذكر والمؤنث وسواء اتصل التمييز بهما أو انفصل» . اه.
(4)
قال الشيخ أبو حيان في التذييل والتكميل (4/ 269) ما نصه: «وإن لم يوجد العقل فيهما - أي في المذكر والمؤنث المميز بهما العدد - فالحكم لما سبق بشرط اتصال التمييز بهما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وتقول: عندي ستّ عشرة بين ناقة وجمل، واشتريت ستّ عشرة بين كبش ونعجة، فيجعل الحكم لمؤنثهما قدمته أو أخرته إذا انفصل المميز وكان ممّا لا يعقل (1).
والمراد في الحالين أنّ نصف العدد المذكور ذكور، ونصفه إناث، وهكذا أبدا في غير الليالي والأيام، وأما فيهنّ فالعدد المذكور لليالي والأيام مثله، فإذا قلت: كتب لعشرين يوم وليلة، فالمراد: عشر ليال وعشرة أيام. هذا ظاهر معنى كلام سيبويه (2).
وتقول: عندي عشرة أعبد وجوار، وعشر جوار وأعبد، فيجعل الحكم عند الإضافة للسابق من المميزين، مذكرا كان أو مؤنثا عاقلا أو غير عاقل ولا يكون مميز هذا النوع أقلّ من ستة؛ لأنهما إذا كانا [3/ 73] أقلّ من ستة كان أحدهما أقلّ من ثلاثة والخمسة وأخواتها لا تضاف إلى أقلّ من ثلاثة ولا فرق في ذلك بين أن يتّصل المضاف إليه بالمضاف أو ينفصل منه بعطف. انتهى (3).
وتلخص مما ذكره: أنّ العدد المركّب بالنسبة إلى اعتبار التذكير والتأنيث ثلاثة أقسام: قسم يتعين فيه جعل الحكم للسابق، وذلك إذا فقد العقل، واتصل المميز باسم العدد. وأنّ العدد المضاف يتعين فيه جعل الحكم للسابق مطلقا، أي سواء وجد العقل أم لا، وسواء وصل المميز باسم العدد، أم فصل بـ (بين).
وقد سكت المصنف عن حكم العدد المعطوف، ومقتضى كلام ابن عصفور - في المقرّب - أنّ حكمه حكم المركّب، لكنّه لم يصرح به، وذلك أنّه قال: وإن نصبت المعدود المختلط بعد العدد فإنّك في العاقل تبني العدد على المذكر، تقدّم أو تأخر، وفي غير العاقل تبني على المتقدّم، وإن أثبته بالمعدود بعد (بين) غلبت في العاقل المذكر، تقدّم أو تأخر، وفي غيره المؤنث، تقدّم أو تأخر. انتهى (4). فقوله:
وإن نصبت المعدود؛ يشمل ما نصب بعد المركّب، وما نصب بعد المعطوف لكنّه -
(1) في التذييل والتكميل (4/ 370): «وإنما غلب المذكر فيما يعقل؛ لأنه ليس تحتها عدد يحتوي على جمعين، وغلب في الثانية السابق؛ لأن الحكم للأول إذ يصح الاستغناء عن الثاني، وغلب في الثالثة التأنيث؛ لأن المذكر فيما لا يعقل كالمؤنث» . وينظر في ذلك أيضا: المقرب لابن عصفور (1/ 310).
(2)
قال سيبويه - في الكتاب (3/ 564) -: «وقد يجوز في القياس: خمسة عشر من بين يوم وليلة، وليس بحد كلام العرب» .
(3)
ينظر: شرح المصنف (2/ 410).
(4)
ينظر: المقرب لابن عصفور (1/ 310).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يمثّل في الكتاب إلّا بالمركب.
وبعد؛ فإنّي لم أفهم - لما ذكره النحاة في هذه المسألة - علّة مقتضية لهذه الاختصاصات، والظاهر أنّ أحكامها توقيفية. والله سبحانه أعلم.
ومما ينبّه عليه: أنّ المصنف قد وقع في كلامه لمّا مثّل لهذه المسائل؛ إذ قال:
والمراد في الحالين أن نصف العدد المذكور ذكور، ونصفه إناث، وهكذا أبدا في غير الليالي والأيّام (1).
والظاهر أنّه أراد بالنّصف البعض، ولم يرد النصف حقيقة، ويدلّ على ذلك أنّه مثّل بقوله:«عندي خمسة عشر عبدا وجارية» ، وبقوله:«نحرت خمسة عشر جملا وناقة» وهذا لا يتصور فيه التنصيف الحقيقيّ.
وقد قال الشيخ - عند تمثيله بـ: اشتريت ستة عشر بين عبد وأمة -: ولا يشترط تنصيف العدد بينهما ولا كثرة المذكّرين لو كان عشر نساء، ورجل واحد، لقلت:
أحد عشر، وغلّبت المذكّر. لكنّه قال - بعد سطور -: التمييز المختلط، المنصوب أو المجرور يبين فيما ذكرناه، إن كان العدد يقبل التنصيف كان التمييز منصفا، بين المذكر والمؤنّث، وإن كان لا يقبل التنصيف فيكون التمييز مجملا، نحو: اشتريت أحد عشر عبدا وأمة وبين عبد وأمة. ثم إنّ الشيخ ذكر مسألة، وهي: لو كان أحد المميزين بين عبد وأمة من مذكر ومؤنث عاقلا والآخر غير عاقل فالذي يقتضيه القياس تغليب المذكّر العاقل؛ لأنّه إذا كان يغلّب مع المؤنّث العاقل فلأن يغلب مع المؤنث غير العاقل أولى، مثاله: اشتريت أربعة عشر عبدا وناقة، واشتريت أربعة عشر ناقة وعبدا، فإن كان العاقل مؤنثا والذي لا يعقل مذكرا، فالذي يقتضيه القياس أنّ تغليب المؤنث الذي لا يعقل أولى، مثاله: اشتريت أربع عشرة بين أمة وجمل، أو بين جمل وأمة، فإن اتصل المميز فالظاهر أنّه يعتبر العاقل المذكر، تقدم أو تأخر؛ لأنّه إذا كان يغلب المذكر العاقل المؤنث العاقل، فلأن يغلب المؤنث الذي لا يعقل أولى، مثاله: اشتريت أربعة عشر ناقة وعبدا، أو عبدا وناقة (2). انتهى. -
(1) ينظر: شرح المصنف (2/ 410).
(2)
التذييل والتكميل (4/ 269) تحقيق د/ الشربيني أبو طالب.