المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[من أحكام الحال التنكير وقد تأتي معرفة] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٥

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابع والعشرون باب المستثنى

- ‌[تعريف المستثنى]

- ‌[الاستثناء المتصل والمنقطع]

- ‌[إعراب المستثنى بـ «إلّا»، وبيان العامل فيه]

- ‌[حذف عامل المتروك]

- ‌[الاستثناء التام وأحكامه]

- ‌[حكم المستثنى المتصل في الكلام التام المنفي]

- ‌[مسألتان في الاستثناء التام]

- ‌[حكم تقدم المستثنى على صفة المستثنى منه]

- ‌[مسائل لا يجوز فيها الإتباع على اللفظ]

- ‌[إتباع المستثنى المنقطع عند بني تميم]

- ‌[جواز الإتباع على الاسم الظاهر أو ضميره]

- ‌[مجيء المستثنى متبوعا، والمستثنى منه تابعا]

- ‌[تقديم المستثنى]

- ‌[استثناء شيئين بأداة واحدة]

- ‌[استثناء النصف، وما هو أكثر]

- ‌[ما هو أولى بالاستثناء]

- ‌[تعدد المستثنى منه]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» للتوكيد]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» لغير التوكيد ولا يمكن الاستثناء]

- ‌[تكرار «إلّا» مع إمكان الاستثناء]

- ‌[«إلا» الموصوف بها]

- ‌[إيلاء «إلا» نعت ما قبلها]

- ‌[عمل ما قبل «إلا» فيما بعدها وعكسه]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «حاشا»، و «عدا»، و «خلا»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «ليس» و «لا يكون»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «غير» وبيد»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «سوى»]

- ‌[حذف ما بعد «إلّا» و «غير»]

- ‌[حكم الاسم المذكور بعد «لا سيما» - اللغات فيها]

- ‌الباب الثامن والعشرون باب الحال

- ‌[تعريف الحال - بعض أحكامه]

- ‌[من أحكام الحال: الاشتقاق وقد يأتي جامدا مؤولا]

- ‌[من أحكام الحال التنكير وقد تأتي معرفة]

- ‌[وقوع الحال مصدرا وأحكام ذلك]

- ‌[مسوغات تنكير صاحب الحال]

- ‌[حكم تقديم الحال على صاحبه]

- ‌[حكم تقديم الحال على عامله]

- ‌[مسألتان بين الحالية والخبرية]

- ‌[تعدد الحال]

- ‌[حذف عامل الحال جوازا أو وجوبا]

- ‌[حكم حذف الحال]

- ‌[الحال المؤكدة]

- ‌[مجيء الحال جملة وحديث عن رابط هذه الجملة]

- ‌[الجملتان المفسرة والاعتراضية وعلاقتهما بالحالية]

- ‌الباب التاسع والعشرون باب التّمييز

- ‌[تعريفه]

- ‌[قسما التمييز: ما يميز مفردا وما يميز جملة]

- ‌[أحكام تمييز المفرد]

- ‌[الأوجه الجائزة في تمييز المفرد من إضافة وغيرها]

- ‌[حكم آخر لتمييز المفرد]

- ‌[تمييز الجملة وأحكامه]

- ‌[أحكام أخرى لتمييز الجملة]

- ‌[تعريف تمييز الجملة، وتقدير تنكيره، أو تأويل ناصبه]

- ‌[أحكام تقديم التمييز على عامله]

- ‌الباب الثلاثون باب العدد

- ‌[حكم تمييز الأعداد من واحد إلى مائة]

- ‌[أحكام خاصة بالتمييز «المفسّر»]

- ‌[حذف تاء الثلاثة وأخواتها]

- ‌[عطف العشرين وأخواته على النيف]

- ‌[مذكر ما دون ثلاثة عشر ومؤنثه]

- ‌[ياء الثماني في التركيب والإفراد]

- ‌[استعمال «أحد» استعمال «واحد»]

- ‌[اختصاص «أحد» بعموم من يعقل]

- ‌[حكم تثنية وجمع أسماء العدد]

- ‌[إدخال حرف التعريف على العدد]

- ‌[حكم العدد المميز بشيئين في التركيب]

- ‌[التأريخ بالليالي لسبقها]

- ‌[صياغة وحكم اسم الفاعل المشتق من العدد]

- ‌[استعمال «فاعل» المصوغ من العدد]

- ‌[ما يستعمل استعمال خمسة عشر من الظروف والأحوال]

- ‌الباب الحادي والثلاثون باب كم وكأين وكذا

- ‌[معنى كم - نوعاها - حكم تمييز كل نوع]

- ‌[أحكام مختلفة لـ «كم» بنوعيها]

- ‌[«كأيّن» و «كذا» وأحكامهما]

- ‌الباب الثاني والثلاثون باب نعم وبئس

- ‌[فعلان أم اسمان والأدلة على كلّ]

- ‌[اللغات فيهما]

- ‌[أنواع فاعل «نعم» و «بئس»]

- ‌[أحوال وأحكام المخصوص بالمدح والذم]

- ‌[الأفعال المحولة للمدح والذم]

- ‌الباب الثالث والثلاثون باب حبّذا

- ‌[أصلها - فاعلها - تمييزها - مخصوصها - إفرادها]

الفصل: ‌[من أحكام الحال التنكير وقد تأتي معرفة]

[من أحكام الحال التنكير وقد تأتي معرفة]

قال ابن مالك: (فصل: الحال واجب التنكير، وقد يجيء معرّفا بالأداة، أو الإضافة، ومنه عند الحجازيّين العدد من ثلاثة إلى عشرة مضافا إلى ضمير ما تقدّم، ويجعله التّميميّون توكيدا، وربّما عومل بالمعاملتين مركّب العدد، وقضّهم بقضيضهم، وقد يجيء المؤول بنكرة علما).

ــ

قال الشيخ: أجازها سيبويه. قال: وعزي المنع أيضا إليه (1).

قلت: وهو الذي تقتضيه عبارة المصنف.

وأما تقديم المجرور على المنصوب نحو: «كلمته إلى فيّ فاه» فلا تجيزه قاعدة سيبويه (2)؛ لأنّ (إلى فيّ) للتبيين كما هي في (سقيا لك) على ما تقدّم، و (لك) لا تقدّم على (سقيا) فكذا ما أشبهه.

قال ناظر الجيش: أي: ومن شروط الحال أن يكون نكرة: وإنما كان كذلك؛ لأنّ الغالب اشتقاق الحال - لما تقدّم (3) - وتعريف صاحبها؛ لأنه مخبر عنه، فلو لم يلزم تنكيرها لتوهم كونهما نعتا ومنعوتا في بعض الصور (4). وأيضا فإنّ الحال ملازم للفضلية فاستثقل واستحق التخفيف بلزوم التنكير، وليس غيره من الفضلات ملازما للفضلية، لجواز صيرورته (5) عمدة؛ بقيامه مقام الفاعل كقولك في «ضربت زيدا»:«ضرب زيد» وفي «اعتكفت

يوم الجمعة»: «اعتكف يوم الجمعة» وفي «اعتكفت اعتكافا مباركا» : «اعتكف اعتكاف مبارك» فلصلاحية ما سوى الحال لصيرورته عمدة جاز تعريفه بخلاف الحال (6).

وقد يجيء الحال معرفا بالألف واللام أو بالإضافة [3/ 62] فيحكم بشذوذه وتأوّله بنكرة، فمن المعرّف بالألف واللام: قولهم: «ادخلوا الأول فالأول» -

(1) ينظر: التذييل (3/ 705)، والارتشاف (2/ 336)، والهمع (1/ 237).

(2)

ينظر: الكتاب (1/ 394).

(3)

من أنّ الحال خبر في المعنى، والخبر يكون مشتقّا وغير مشتقّ، ومن كونه أيضا صفة في المعنى، والصفة تكون مشتقة.

(4)

ويكون ذلك عند نصب صاحب الحال، أو عدم ظهور إعرابه. ينظر: المساعد (2/ 11).

(5)

في المخطوط: ضرورته، وهو تحريف.

(6)

ينظر: شرح المصنف (2/ 326).

ص: 2256

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أي: مرتّبين، وقولهم:«جاؤوا الجمّاء الغفير» (1) أي: جميعا، و «أرسلها العراك» (2) أي: معتركة، فالحال في المثال الأول صفة، وفي المثال الثاني اسم موضوع موضع المصدر، أي: جموما غفيرا، وفي المثال الثالث مصدر.

فأمّا «ادخلوا الأول فالأول» فقد ذكره سيبويه في باب ترجمته: هذا باب ما ينتصب فيه الصفة؛ لأنه حال وقع فيه الأمر وفيه الألف واللام (3)

ثم قال بعد كلام: وهو قولك: «دخلوا الأول فالأول» جرى على قولك: واحدا فواحدا، «ودخلوا رجلا فرجلا» ونصّ على جواز الرفع على البدل مع «دخلوا

» ولم يجوّزه مع «ادخلوا

» لعدم صحة البدل فيه، قال: وكان عيسى يقول:

«ادخلوا الأوّل فالأول» يعني بالرفع، قال: لأنّ معناه: ليدخل، فحمله على المعنى. انتهى (4).

وأما (الجماء الغفير) فذكره سيبويه في باب ترجمته: هذا باب ما يجعل من الأسماء مصدرا كالمصدر الذي فيه الألف واللام نحو: (العراك) ثم قال: وهو قولك: مررت بهم الجمّاء الغفير، والناس فيها الجمّاء الغفير، فهذا ينتصب كانتصاب (العراك) ثم قال: وزعم الخليل أنّهم أدخلوا الألف واللام في هذا الحرف وتكلّموا به على نيّة ما لم تدخله الألف واللام (5). انتهى.

قال الشيخ: وقد جعله غير سيبويه مصدرا، وسيبويه لا يرى ذلك لعدم تصرف -

(1) الجمّاء: تأنيث الجمّ، وهو الكثير. والغفير: من الغفر، بمعنى الستر والتغطية، والمراد: الجماعة الكثيرة الساترة لوجه الأرض لكثرتها.

(2)

هذا المثال جزء من بيت من الوافر للبيد بن ربيعة العامري، وهو بتمامه هكذا:

فأرسلها العراك ولم يذدها

ولم يشفق على نغص الدّخال

وهو في ديوانه (ص 86)، وكتاب سيبويه (1/ 372)، والمقتضب (3/ 237)، والذود: الطرد.

والنغص: مصدر نغص الرجل ينغص، إذا لم يتم مراده، وكذلك البعير إذا لم يتم شربه.

والدخال: أن يدخل القوي بين ضعيفين، أو الضعيف بين قويين فينغض عليه شربه.

(3)

في الكتاب:

لأنّه حال وقع فيه الألف واللام.

(4)

ينظر: الكتاب (1/ 397 - 398).

(5)

أي: على نية طرح الألف واللام، كما في طبعة بولاق (1/ 188)، وينظر: الكتاب (1/ 375).

ص: 2257

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفعل منه (1). وأما (العراك) فمصدر - كما علمت - وذكر هنا من جهة أنّه حال وفيه الألف واللام.

وأما نصبه وهو مصدر على الحال ففيه وفي أمثاله من المصادر خلاف، والمذاهب فيه ثلاثة:

قيل: ليس حالا، بل هو منصوب على المصدر بعامل مقدر، ذلك العامل هو الحال وهو رأي الأخفش (2) والمبرد (3)، واختلفوا في المقدر.

فقيل: فعل، أي تعترك، وهو رأي الفارسي (4).

وقيل: اسم مشتق، أي: معتركة العراك (5).

وعلى هذين التقديرين [لا حاجة](6) إلى الاعتذار عن دخول الألف واللام في (العراك).

والمذهب الثالث: أنّ (العراك) نفسه هو الحال، على تأويل معتركة، وليس ثمّ عامل مقدّر، وهو مذهب سيبويه (7).

قال الشيخ: ورجّح ابن طاهر مذهب سيبويه بأنّه ليس فيه تكلّف إضمار (8).

ومن المعرّف بالإضافة: قولهم: رجع عوده على بدئه، وجلس وحده، وفعل ذلك جهده، وطاقته. والمعنى: رجع عائدا، وجلس منفردا، وفعل جاهدا ومطيقا. -

(1) بل جعله اسما موضوعا موضع المصدر، كما في كلامه السابق. وينظر: التذييل (3/ 710 - 711)، والارتشاف (2/ 337 - 338).

(2)

الارتشاف (2/ 338)، والتذييل (3/ 711).

(3)

وعبارة المبرد: واعلم أنّ من المصادر ما يدلّ على الحال وإن كان معرفة وليس بحال، ولكن دلّ على موضعه، وصلح للموافقة، فنصب؛

لأنه في موضع ما لا يكون إلا نصبا، وذلك قولك: أرسلها العراك، وفعل ذلك جهده وطاقته؛ لأنّه في موضع: فعله مجتهدا، وأرسلها معتركة؛ لأن المعنى:

أرسلها وهي تعترك، وليس المعني أرسلها لتعترك. المقتضب (3/ 237).

(4)

ينظر: الإيضاح (ص 172) تحقيق د/ كاظم المرجان.

(5)

ينظر: الارتشاف (2/ 338).

(6)

زيادة لحاجة السياق.

(7)

وتبعه ابن طاهر وابن خروف. ينظر: الكتاب (1/ 372)، والتذييل (3/ 711).

(8)

وعورض بأنّ وضع المصدر موضع اسم الفاعل إذا لم يرد به المبالغة لا ينقاس. ينظر: التذييل (3/ 711).

ص: 2258

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنه أيضا: فاه إلى فيّ، ومررت بهم ثلاثتهم

إلى عشرتهم (1)، وقضّهم بقضيضهم (2)، وتفرّقوا أيادي سبا (3).

فهذه ثماني كلمات: منها ما هو مصدر، وهو (جهده، وطاقته، وعوده على بدئه) ومنها ما هو اسم واقع موقع المصدر، وهو وحده، وثلاثتهم، وأربعتهم إلى العشرة، وقضّهم بقضيضهم. ومنها ما هو اسم وليس واقعا موقع المصدر وهو «فاه إلى فيّ» وأيادي سبا.

فأما «جهده، وطاقته وعوده على بدئه» ففي نصبها من الخلاف ما في نصب (العراك) فيقدر: يجتهد جهده، ويطيق طاقته، ويعود عوده (4). أو مجتهدا جهده، ومطيقا طاقته، وعائدا عوده (5).

وعلى هذين التقديرين لا حاجة إلى الاعتذار عن التعريف؛ لأنّ الكلمات المذكورة ليست أحوالا، وإنّما الأحوال العوامل المقدّرة، ومجتهدا، ومطيقا، وعائدا، وهو مذهب سيبويه (6) كما تقدّم في العراك.

ولا يحتاج (جهده، وطاقته، وجهدي، وطاقتي، وجهدك، وطاقتك) إلى كلام غير ما تقدم.

وأمّا «رجع عوده على بدئه» فقد شبّهه سيبويه بقولهم: «فاه إلى فيّ» . قال - بعد أن ذكر هذه المسألة -: ومثله من المصادر في أن تلزمه الإضافة وما بعده مما يجوز فيه الابتداء ويكون حالا قوله: «رجع فلان عوده على بدئه» كأنّه قال: -

(1) ينظر: الكتاب (1/ 373).

(2)

ينظر: الكتاب (1/ 374)، والمقتضب (3/ 240). وقضّهم: من القضّ، وهو الكسر، بمعنى القاضّ، أي: الكاسر. والقضيض: بمعنى المقضوض، أي: جاؤوا جميعا مزدحمين بحيث يكسر بعضهم بعضا من شدّة الازدحام. ينظر: حاشية الداودي على ابن عقيل (1/ 1062) رسالة.

(3)

أي: تفرقوا تفرّقا لا اجتماع معه، كتفرق جماعات سبا. ينظر: مجمع الأمثال (2/ 4)، واللسان (يدي)(6/ 4955).

(4)

ينظر: المقتضب (3/ 237)، وقد سبق قريبا نقل نصه. والإيضاح لأبي علي الفارسي (ص 172) تحقيق د/ كاظم المرجان.

(5)

ينظر: الارتشاف (2/ 339) تحقيق د/ النماس.

(6)

ينظر: الكتاب (1/ 373، 377).

ص: 2259

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

انثنى عودا على بدء، ولا يستعمل في الكلام «رجع عودا على بدء» ولكنّه مثّل به (1).

انتهى.

وقد فهمت من تشبيه «عوده على بدئه» بقولهم: «فاه إلى فيّ» في لزوم الإضافة، ولزوم ما بعده أنّ الجارّ متعلق بمحذوف؛ لأنّه للبيان كما تقدّم في متعلق «إلى فيّ» ونحوه.

ثم قال سيبويه: ومن رفع «فوه إلى فيّ» أجاز الرفع في قوله: «رجع فلان عوده على بدئه» (2).

وقال أيضا: قال الخليل: إن شئت جعلت: [رجعت](3) عودك على بدئك» مفعولا بمنزلة قولك: «رجعت المال عليّ» أي: رددت المال عليّ، كأنّه قال:

ثنيت عودي على بدئي (4).

قال الشيخ: وعلى قول من جعل «عوده» مفعولا به، لا حالا يجوز تقديم المجرور عليه، قال: وكذا يجوز التقديم إذا رفع «عوده» . انتهى (5)؛ وهو واضح.

وأمّا (وحده، وثلاثتهم وأخواتها، وقضّهم بقضيضهم) فقد ذكرها سيبويه في الباب الذي ترجمته: هذا باب ما جعل من الأسماء مصدرا كالمضاف في الباب الذي يليه.

ثم قال: وذلك مررت به وحده، ومررت بهم وحدهم. ثم قال: ومثل ذلك في لغة أهل الحجاز: مررت بهم ثلاثتهم وأربعتهم وكذلك إلى العشرة (6)

ثم -

(1) ينظر: الكتاب (1/ 391 - 392).

(2)

السابق (1/ 392).

(3)

تكملة من سيبويه.

(4)

الكتاب (1/ 395). والخلاصة: أن قولهم: «رجع عوده على بدئه» يجوز فيه وجهان، النصب والرفع: والنصب فيه ثلاث توجيهات: أحدها: أنه حال، والتقدير: رجع عائدا.

الثاني: أنه منصوب على المصدر، أي: عاد عوده على بدئه.

والثالث: أنّه مفعول به، أي ردّ عوده، وأعاده، كقوله تعالى: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ [التوبة: 83].

والرفع له توجيهان: أحدهما: أنّ (عوده) مبتدأ، و (على بدئه) خبر. والثاني أن (عوده) فاعل (رجع). ينظر: اللباب للعكبري (1/ 286)، والارتشاف (2/ 339).

(5)

ينظر: التذييل (3/ 715)، والارتشاف (2/ 339).

(6)

ينظر: الكتاب (1/ 373).

ص: 2260

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال بعد ذلك: ومثل (خمستهم) قول الشماخ:

1774 -

أتتني تميم قضّها بقضيضها

تمسّح حولي بالبقيع سبالها (1)

فقد صرح سيبويه بأنها أسماء جعلت مصادر، أي: وضعت موضعها، وتلك المصادر موضوعة موضع الحال، وقد قدّروا (وحده) واقعا موقع إيحاد، وإيحادا واقعا موقع موحد، فإذا قيل:«ضربت زيدا وحده» فهو حال من الفاعل، أي:

مفردا له بالضرب قالوا: وهو مذهب سيبويه (2). وجوّز المبرد أن تكون حالا من المفعول، أي: ضربته في حال أنّه مفرد بالضرب (3).

قال ابن عصفور: ومذهب سيبويه أحسن؛ لأنّ وضع المصادر موضع اسم الفاعل أكثر من وضعها موضع المفعول.

قال سيبويه: وزعم الخليل حيث مثّل نصب وحده وخمستهم، أنّه كقولك [3/ 63]: أفردتهم إفرادا. قال: فهذا تمثيل، ولكنّه لم يستعمل في الكلام (4).

فمن هنا فهم الناس أنّ مذهب سيبويه أنّه حال من الفاعل ليفسره إياه بـ (أفذذتهم)، أي: أوحدتهم وأفردتهم فأنا موحدهم ومفردهم.

ونقل الشيخ أنّ ابن طلحة ذهب إلى أنه حال من المفعول ليس إلّا. قال: لأنهم إذا أرادوا الفاعل قالوا: مررت به وحدي (5).

وقد قيل: إنّ (وحده) مصدر موضوع موضع الحال، والقائلون بذلك اختلفوا:

فقيل: مصدر على حذف شيء منه نحو: وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (6). -

(1) البيت من الطويل وهو في ديوان الشماخ (ص 20)، والكتاب (1/ 374)، وابن يعيش (2/ 62) برواية، أتتني سليم

والرواية المذكورة هنا هي للأعلم بهامش الكتاب (1/ 188) بولاق، قال: ويروى لمزرد أخي الشماخ، والسّبال: جمع سبلة، وهي مقدم اللحية، قال الأعلم: البيت في وصف جماعة من تميم أتته تشهد عليه في دين لزمه قضاؤه فجعلوا يمسحون لحاهم تأهبا للكلام. كان هذا طبعهم ولا سيّما عند التهديد والوعيد.

(2)

،

(3)

ينظر: الارتشاف (2/ 339).

(4)

الكتاب (1/ 374).

(5)

ينظر: التذييل (3/ 715)، والارتشاف (2/ 339).

(6)

سورة نوح: 17.

ص: 2261

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: مصدر لم يلفظ له بالفعل كالأبوّة والأخوّة (1).

قال ابن عصفور: والقول بأنه مصدر باطل؛ لأن المصادر الموضوعة موضع الأفعال تتصرف، وهذا لا ينصرف.

وزعم يونس أنّ (وحده) منتصب انتصاب الظروف، فمعنى «جاء زيد وحده»:

جاء زيد على حياله، وكان الأصل: جاء زيد على وحده، ثم حذف حرف الجر ونصب، قال سيبويه: وزعم يونس أن (وحده) بمنزلة (عنده) ثم قال بعد قليل:

وجعل يونس نصب (وحده) كأنك قلت: مررت برجل على حياله، فطرحت (على) فمن ثمّ قال: هو مثل (عنده). انتهى (2). وحكى يونس: «جلسا على وحديهما» (3).

قال الشيخ: والذي يدل على انتصابه على الظرف، لا على الحال قول العرب، «زيد وحده» ولو قيل:«زيد جالسا» لم يجز (4).

وأمّا «ثلاثتهم، وثلاثهن

إلى عشرتهم وعشرهن» في التأنيث فلهنّ استعمالان بحسب لغتي أهل الحجاز وتميم.

أمّا الحجازيون فينصبونها على الحال، وقد أشار المصنف إلى ذلك بقوله: ومنه عند الحجازيين أي: ومن الحال المعرّف بالإضافة لفظا كذا وكذا إلى آخره (5).

قالوا: ومذهب سيبويه في ذلك كمذهبه في (وحده) من أنه اسم موضوع موضع المصدر الموضوع موضع الحال (6).

قال ابن عصفور: إذا قلت: «مررت بالقوم خمستهم» فكأنك قلت: مخمسا لهم، فـ (خمسة) واقع موقع (خمس) مصدر «خمّست القوم» و (خمس) واقع موقع (مخمس)، وقد تقدّم أنّ الخليل قدّر (خمستهم) بقوله: أفذذتهم -

(1) ينظر: التذييل (3/ 715)، والارتشاف (2/ 340)، والهمع (1/ 239 - 240).

(2)

ينظر: الكتاب (1/ 377، 378)، والمرجعان السابقان.

(3)

ينظر: التذييل (3/ 716)، والارتشاف (2/ 340)، والهمع (1/ 240).

(4)

التذييل (3/ 716).

(5)

ينظر: التسهيل (ص 108)، والكتاب (1/ 373).

(6)

ينظر: الكتاب (1/ 378).

ص: 2262

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إفذاذا (1).

ونقل الشيخ عن يونس: أنه يرى أنّ هذه الكلمات صفات في الأصل فتكون حالا بنفسها، قال: وردّ (2).

وعن المبرد: أنّه يقدّر لها فعلا من لفظها، فكأنه يجعل (خمستهم) مثلا مفعولا بها (3)، قال: وهذا تكلف لم ينطق به، وأنّ غير يونس والمبرد يرى انتصابها على الظرف كما قال يونس في «مررت بزيد وحده» (4).

فإذا عرفت أنّ لغة الحجازيين نصب هذه الكلمات على الحال فاعلم أنهم لا يؤكدون بها، وإذا قصدوا التوكيد أتوا بـ (كلهم) و (أجمعين) وأمّا التميميون فيجعلون هذه الكلمات تابعة لما قبلها توكيدا، فيقولون: قام القوم ثلاثتهم، ورأيتهم ثلاثتهم، ومررت بهم ثلاثتهم» رفعا ونصبا وجرّا (5)، وإذا قصدوا معنى الحال كما قصد الحجازيون أتوا بلفظ [وحدهم] (6) فيقولون:«مررت [بالقوم] (7) وحدهم» . وقد فرّقوا بين النصب والإتباع في المعنى؛ لأنك إذا قلت: «مررت بالقوم خمستهم» فنصبت حصل تقييد المرور بكونهم خمسة، فلا يجوز أن يكون مرّ بأكثر من خمسة، وإذا أتبعت جاز أن يكون مررت بغيرهم وجاز أن يكون مررت بهم خاصة (8). وقد أوضح سيبويه هذا الفرق وبيّنه حيث قال: وزعم الخليل أنه إذا نصب (ثلاثتهم) فكأنه يقول: «مررت بهؤلاء فقط لم أجاوز هؤلاء، كما أنه إذا قال:(وحده) فإنّما يريد أن يقول: مررت به فقط لم أجاوزه، وزعم أن -

(1) أي: أفردتهم إفرادا كما هو أسلوب الكتاب (1/ 374).

(2)

ينظر: التذييل (3/ 717).

(3)

ينظر: المقتضب (3/ 239).

(4)

ينظر: التذييل (3/ 717)، والارتشاف (2/ 340).

(5)

ينظر: الكتاب (1/ 373 - 374).

(6)

،

(7)

ما بين المعقوفين تكملة لحاجة السياق.

قال أبو حيان: وإذا أرادوا معنى الانفراد بالفعل لم يقولوا: إلّا وحدهم، نحو:«مررت بالقوم وحدهم» . الارتشاف (2/ 341).

(8)

ينظر: المقتضب (3/ 239)، والارتشاف (2/ 341).

ص: 2263

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الذين - يجرّون - يعني بني تميم - فكأنهم يريدون أن يعمّوا كقولهم: «مررت بهم كلّهم» أي: لم أدع منهم أحدا. انتهى (1).

وقال المصنف: نصبه الحجازيون على تقدير: جميعا، ورفعه التميميون توكيدا على تقدير: جميعهم (2).

قال الشيخ: فظاهر كلامه هذا أنّه لا فرق بين المعنيين إلا من جهة الصناعة، وقد فرّق الناس بينهما من غير هذه الجهة - يعني بما ذكر من جهة المعنى (3).

وأشار المصنف بقوله: وربّما عومل بالمعاملتين مركب العدد - أي: بالنصب على الحال وبالإتباع على التوكيد - إلى ما حكاه الأخفش عن بعض العرب أنهم يقولون: «جاؤوا خمسة عشرهم (4)، وجئن خمس عشرتهن» (5) وقد فهم من قوله: وربّما - عدم إطباق العرب على ذلك.

قال ابن عصفور: وبعض العرب يجري من «أحد عشر» إلى «تسعة عشر» مجرى الثلاثة إلى العشرة، وهم قليل، فمنهم من يقول:«رأيت القوم أحد عشر» ومنهم من يقول: «أحد عشرهم» على وجهين - يعني النصب والإتباع - قال:

والأول أجود. انتهى.

وكأنه أشار بقوله: الأول أجود - إلى أنّ عدم الإضافة في المركب المذكور أجود منها فيه (6).

وأمّا «قضّهم بقضيضهم» فقد عطفه المصنف على مركب العدد، فعلم أنه مثله في النصب والإتباع، وقد حكى سيبويه الوجهين على المعنيين؛ أمّا النصب على الحال فعلى أنّه اسم واقع موقع المصدر الواقع موقع الحال - كما تقدم - فكأنه وضع -

(1) الكتاب (1/ 374).

(2)

ينظر: شرح المصنف (2/ 327) المطبوع.

(3)

ينظر: التذييل (3/ 719).

(4)

في المخطوط: «عشرهن» سهو.

(5)

ينظر: شرح المصنف (2/ 327).

(6)

وقال أبو حيّان: وأما مركب العدد فالصحيح جواز اللغتين فيه؛ الحجازية على النصب، والتميمية على الإتباع، وفي انتصابه انتصاب «ثلاثتهم» خلاف، والصحيح الجواز، تقول:«جاؤوا خمسة عشرهم» فتضيف، و «جئن خمس عشرتهنّ» ويجوز ألّا تضيف فتأتي بالتمييز. نحو:«مررت بالقوم أحد عشر رجلا» وألّا تأتي به نحو: «مررت بالقوم أحد عشر» . الارتشاف (2/ 341) تحقيق د/ النماس.

ص: 2264

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«قضّهم» موضع انقضاض، و «انقضاضا» موضع منقضّين، قال سيبويه بعد إنشاد بيت الشماخ المتقدم (1): كأنه قال: انقضاضهم، أي: انقضاضا، ثم قال:

فهذا تمثيل، وإن لم يتكلم به، وقال: لأنّه إذا قال: قضّهم، فهو مشتق من معنى الانقضاض؛ لأنّه كأنّه يقول: انقضّ آخرهم على أوّلهم (2).

وأمّا الإتباع فأشار إليه سيبويه بقوله: وبعض العرب يجعل «قضّهم» بمنزلة «كلّهم» يجريه على الوجوه (3).

وأمّا «فاه إلى فيّ» و «أيادي سبا» فقد تقدّم الكلام على الأول وسيأتي الكلام على الثاني في باب العدد إن شاء الله تعالى.

وأشار المصنف بقوله: وقد يجيء المؤول بنكرة علما - إلى قول العرب: «جاءت الخيل بدادا» أي: متبددة، فـ «بداد» علم جنس وقع حالا لتأوّله بالنكرة المذكورة (4).

واعلم أنّ التأويلات المتقدّمة للحال الواقع معرفة إنما هي [3/ 64] على رأي الجمهور، لاشتراطهم تنكير الحال، ومن لا يشترط ذلك لا يحتاج إلى تأويل، والمنقول أنّ يونس والبغداديين أجازوا تعريف الحال قياسا على الخبر واستدلالا بالكلمات المتقدمة (5)، وأنّ الكوفيين أجازوا مجيء الحال معرفة إذا كان فيها معنى -

(1) المراد به قوله:

أتتني سليم قضّها بقضيضها

إلى آخره

(2)

في المخطوط: انقض أولهم عن آخرهم، وما أثبته هو عبارة سيبويه وينظر: كلامه هذا في (1/ 374 - 375).

(3)

يعني وجوه الإتباع من الرفع والنصب والجر. وينظر: الكتاب (1/ 375).

(4)

ينظر: شرح المصنف (2/ 327)، والارتشاف (2/ 341).

(5)

قال سيبويه: وأما يونس فيقول: «مررت به المشكين» على قوله: «مررت به مسكينا» وهذا لا يجوز؛ لأنه لا ينبغي أن يجعله حالا ويدخل فيه الألف واللام، ولو جاز هذا لجاز «مررت بعبد الله الظريف» تريد: ظريفا. اه. الكتاب (2/ 76)، وينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 337)، والارتشاف (2/ 337)، والتصريح (1/ 374)، والداوودي على ابن عقيل (1/ 1063) رسالة.

وقال ابن هشام: ومذهب يونس والبغداديين مردود من وجهين:

أحدهما: أنه قياس على الشاذ، وإنما يقاس على الأعمّ والأغلب.

والثاني: أنهم عرّفوا هذه الألفاظ لأنّ الحال في الحقيقة أسماء كانت عاملة فيها، ثم حذفت وأقيمت هي مقامها، والأصل: أرسلها معتركة العراك، وجاء زيد متحدا وحده، وطلبته مجتهدا جهده، وجاؤوا منقضين قضهم. أمّا الأول فالأول، والجماء الغفير، فممّا شذت فيه زيادة «ال» وذلك لا يقاس عليه. اه.

شرح اللمحة لابن هشام (2/ 179).

ص: 2265