المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حذف تاء الثلاثة وأخواتها] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٥

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابع والعشرون باب المستثنى

- ‌[تعريف المستثنى]

- ‌[الاستثناء المتصل والمنقطع]

- ‌[إعراب المستثنى بـ «إلّا»، وبيان العامل فيه]

- ‌[حذف عامل المتروك]

- ‌[الاستثناء التام وأحكامه]

- ‌[حكم المستثنى المتصل في الكلام التام المنفي]

- ‌[مسألتان في الاستثناء التام]

- ‌[حكم تقدم المستثنى على صفة المستثنى منه]

- ‌[مسائل لا يجوز فيها الإتباع على اللفظ]

- ‌[إتباع المستثنى المنقطع عند بني تميم]

- ‌[جواز الإتباع على الاسم الظاهر أو ضميره]

- ‌[مجيء المستثنى متبوعا، والمستثنى منه تابعا]

- ‌[تقديم المستثنى]

- ‌[استثناء شيئين بأداة واحدة]

- ‌[استثناء النصف، وما هو أكثر]

- ‌[ما هو أولى بالاستثناء]

- ‌[تعدد المستثنى منه]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» للتوكيد]

- ‌[حكم تكرار «إلّا» لغير التوكيد ولا يمكن الاستثناء]

- ‌[تكرار «إلّا» مع إمكان الاستثناء]

- ‌[«إلا» الموصوف بها]

- ‌[إيلاء «إلا» نعت ما قبلها]

- ‌[عمل ما قبل «إلا» فيما بعدها وعكسه]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «حاشا»، و «عدا»، و «خلا»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «ليس» و «لا يكون»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «غير» وبيد»]

- ‌[أحكام الاستثناء بـ «سوى»]

- ‌[حذف ما بعد «إلّا» و «غير»]

- ‌[حكم الاسم المذكور بعد «لا سيما» - اللغات فيها]

- ‌الباب الثامن والعشرون باب الحال

- ‌[تعريف الحال - بعض أحكامه]

- ‌[من أحكام الحال: الاشتقاق وقد يأتي جامدا مؤولا]

- ‌[من أحكام الحال التنكير وقد تأتي معرفة]

- ‌[وقوع الحال مصدرا وأحكام ذلك]

- ‌[مسوغات تنكير صاحب الحال]

- ‌[حكم تقديم الحال على صاحبه]

- ‌[حكم تقديم الحال على عامله]

- ‌[مسألتان بين الحالية والخبرية]

- ‌[تعدد الحال]

- ‌[حذف عامل الحال جوازا أو وجوبا]

- ‌[حكم حذف الحال]

- ‌[الحال المؤكدة]

- ‌[مجيء الحال جملة وحديث عن رابط هذه الجملة]

- ‌[الجملتان المفسرة والاعتراضية وعلاقتهما بالحالية]

- ‌الباب التاسع والعشرون باب التّمييز

- ‌[تعريفه]

- ‌[قسما التمييز: ما يميز مفردا وما يميز جملة]

- ‌[أحكام تمييز المفرد]

- ‌[الأوجه الجائزة في تمييز المفرد من إضافة وغيرها]

- ‌[حكم آخر لتمييز المفرد]

- ‌[تمييز الجملة وأحكامه]

- ‌[أحكام أخرى لتمييز الجملة]

- ‌[تعريف تمييز الجملة، وتقدير تنكيره، أو تأويل ناصبه]

- ‌[أحكام تقديم التمييز على عامله]

- ‌الباب الثلاثون باب العدد

- ‌[حكم تمييز الأعداد من واحد إلى مائة]

- ‌[أحكام خاصة بالتمييز «المفسّر»]

- ‌[حذف تاء الثلاثة وأخواتها]

- ‌[عطف العشرين وأخواته على النيف]

- ‌[مذكر ما دون ثلاثة عشر ومؤنثه]

- ‌[ياء الثماني في التركيب والإفراد]

- ‌[استعمال «أحد» استعمال «واحد»]

- ‌[اختصاص «أحد» بعموم من يعقل]

- ‌[حكم تثنية وجمع أسماء العدد]

- ‌[إدخال حرف التعريف على العدد]

- ‌[حكم العدد المميز بشيئين في التركيب]

- ‌[التأريخ بالليالي لسبقها]

- ‌[صياغة وحكم اسم الفاعل المشتق من العدد]

- ‌[استعمال «فاعل» المصوغ من العدد]

- ‌[ما يستعمل استعمال خمسة عشر من الظروف والأحوال]

- ‌الباب الحادي والثلاثون باب كم وكأين وكذا

- ‌[معنى كم - نوعاها - حكم تمييز كل نوع]

- ‌[أحكام مختلفة لـ «كم» بنوعيها]

- ‌[«كأيّن» و «كذا» وأحكامهما]

- ‌الباب الثاني والثلاثون باب نعم وبئس

- ‌[فعلان أم اسمان والأدلة على كلّ]

- ‌[اللغات فيهما]

- ‌[أنواع فاعل «نعم» و «بئس»]

- ‌[أحوال وأحكام المخصوص بالمدح والذم]

- ‌[الأفعال المحولة للمدح والذم]

- ‌الباب الثالث والثلاثون باب حبّذا

- ‌[أصلها - فاعلها - تمييزها - مخصوصها - إفرادها]

الفصل: ‌[حذف تاء الثلاثة وأخواتها]

[حذف تاء الثلاثة وأخواتها]

قال ابن مالك: (فصل: تحذف تاء الثّلاثة وأخواتها إن كان واحد المعدود مؤنّث المعنى حقيقة أو مجازا، أو كان المعدود اسم جنس أو جمع مؤنثا، غير نائب عن جمع مذكّر، ولا مسبوق بوصف يدلّ على التّذكير، وربّما أوّل مذكّر بمؤنّث، ومؤنّث بمذكر، فجيء بالعدد على حسب التأويل، وإن كان في المذكور لغتان، فالحذف والإثبات سيّان، وإن كان المذكور صفة نابت عن الموصوف اعتبر غالبا حاله لا حالها).

ــ

كالمفرد، فكما لا يضاف إلى المفرد، لا ينبغي أن يضاف إلى هذه» (1).

قال ناظر الجيش: قال المصنف (2): الثلاثة وأخواتها أسماء جماعات، كـ: زمرة (3)، وأمّة، وعصبة، وفرقة، وسربة (4)، وفتية، وعشيرة، وقبيلة، وفصيلة، فالأصل أن تكون بالتاء، لتوافق الأسماء التي هي بمنزلتها.

فاستصحب الأصل مع المعدود المذكّر، لتقدّم رتبته، وحذفت التاء مع المعدود المؤنّث، لتأخّر رتبته (5)، فقيل: ثلاثة أعبد، وثلاث جوار، والمعتبر من التأنيث -

(1) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 185).

(2)

شرح التسهيل (2/ 398) وما بعدها.

(3)

قبل أن يورد الشيخ أبو حيان كلام المصنف الآتي قال - في التذييل والتكميل (4/ 190) -:

«تكلم النحويون في العلة الموجبة لإثبات تاء التأنيث من ثلاثة إلى عشرة مع المذكر المضاف إليه اسم العدد، وحذفها مع المؤنث، وذلك من الوضيعيات، ونحن لا نرى تعليل الوضيعيات، لكنه ينبغي أن نوافقهم فنذكر شيئا مما ذكروا» . اه.

(4)

في القاموس - مادة (سرب) -: «والسربة بالضم: المذهب والطريقة وجماعة الخيل ما بين العشرين إلى الثلاثين، ثم قال: وجماعة النخل» .

(5)

قال ابن الأنباري - في المذكر والمؤنث (ص 626) -: «وقال محمد بن يزيد البصري: إن قال قائل: ما بال علامة التأنيث لحقت ما كان مذكرا، وإنما حدها أن تلحق المؤنث فتفصله من المذكر؟ قيل له: العلة في هذا أن التأنيث والتذكير، إذا وقعا لما حقيقته التأنيث والتذكير، كان حق المذكر أن يجري على أصله، ويكون المؤنث بائنا منه العلامة» .

وفي التذييل والتكميل (3/ 190) ما نصّه: «أرادوا التفرقة بين عدد المذكر وعدد المؤنث، واختص المذكر بالتاء؛ لأن العدد كله مؤنث، لمذكر كان أو مؤنث، وأصل المؤنث أن يكون بعلامة تدل على تأنيثه، والمذكر هو السابق بحق الأصالة فحصلت له العلامة» .

وينظر في ذلك أيضا: ما قاله ابن يعيش في شرحه على المفصل (6/ 18).

ص: 2415

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تأنيث المفرد (1)، لا تأنيث الجمع، سواء كان كل واحد منهما حقيقة أم مجازا، فلذلك يقال: ثلاثة سجلات، وعشرة دنينيرات، بثبوت التاء؛ لأنّ مفرديهما مذكّران (2).

ولا يعتبر تأنيث المفرد إذا كان علما لمذكّر، نحو: طلحة، وسلمة؛ لأنّه تأنيث لا تعلق له بالمعنى لا حقيقة ولا مجازا؛ ولذلك لا يؤنث ضميره ولا ما يشار به إليه، فيقال: ثلاثة الطلحات لقيتهم، وثلاث المسلمات لقيتهن فتثبت التاء؛ لأنّ تأنيثه لمجرد اللّفظ، ومن أجل ذلك لا يؤنّث ضميره، ولا ما يشار به إليه، كقولك:

الطلحات ذهبوا، والمسلمات أتوا، ويقال في الثاني - وهو الذي يتعلق تأنيثه بالمعنى حقيقة أو مجازا -: ثلاثة الفتيات رقين عشر الدرجات (3).

وإن كان مفسّر الثلاثة وأخواتها اسم جنس، أو جمع مؤنث، جيء بالمفسر مقرونا بـ (من)، وحذفت التاء من اسم العدد، إن وليه المفسر موصوفا، نحو: لي ثلاث من البط ذكور، أو غير موصوف، كـ: عندي خمس من النخل (4) فإن توسط دليل تذكير لزم إثبات التاء، نحو: لي ثلاثة ذكور من البط، وأربعة فحول من الإبل، وإلى نحو هذا أشرت بقولي: ولا مسبوق بوصف يدل على التذكير (5).

والحاصل: أنّ تاء الثلاثة وأخواتها تسقط لتأنيث واحد مفسرها، لا لتأنيثه نفسه، إن كان جمعا، ولتأنيثه نفسه دون تعرّض لواحد، إن كان اسم جنس، أو جمع. وأما قولهم: ثلاثة أشياء وثلاثة رجلة (6)، ففيهما شذوذان: -

(1) ينظر: المقرب لابن عصفور (1/ 306).

(2)

ينظر: شرح المصنف (2/ 398) والتذييل والتكميل (4/ 197) حيث قال ما نصه: «وقوله - أي المصنف -: مؤنث المعنى حقيقة أو مجازا؛ مثاله عندي: ثلاث فتيات، وعشر خشبات، وخمس أعنق، وثلاث أذرع

». اه.

(3)

ينظر: شرح المصنف (2/ 398)، والمرجع قبل السابق (4/ 100) حيث قال الشيخ أبو حيان:

مثاله عندي: ثلاث فتيات، وعشر خشبات، وخمس أعنق، وثلاث أذرع». اه.

(4)

ينظر: المرجع السابق الصفحة نفسها حيث قال أبو حيان ما نصه: «فالبط والنخل من اسم الجنس الذي استعملته العرب مؤنثا فقط ومدرك هذا النوع السماع» .

(5)

ينظر: شرح المصنف (2/ 398).

(6)

والرجلة، بفتح الراء وكسرها، فإذا زالت التاء فالفتح لا غير، كالركب، والصحب، والسفر.

ص: 2416

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحدهما: الإضافة إلى المفسّر، وحقّه أن ينفصل مقرونا بـ (من) كسائر أسماء الأجناس.

الثاني: ثبوت التّاء في عددهما، والقياس الحذف؛ لأنّ اسم الجنس، أو الجمع لا يعتبر في التأنيث والتذكير حال واحده، وإنّما يعتبر فيها حاله، ولذلك يقال:

ثلاث من البطّ ذكور، وواحده بطّة ذكر، ومع ذلك لم يقل: ثلاثة بل قيل:

ثلاث، وقد وجّه ثبوت التاء، في عدد أشياء، ورجلة، بأنهما نائبان عن جمع مفرديهما على (أفعال)، فإنّ واحد (أشياء) شيء كـ (فيء) فقياسه أن يساويه في جمعه، وواحد (رجلة) راجل، فكان له نصيب من الجمع على (أفعال)، كما قيل: صاحب، وأصحاب، فعدل في جمع (شيء) من (أفعال) إلى (فعلاء)، ثم قدّمت لامه على فائه، فصار في الوزن (لفعاء)(1) استصحب منع صرفه لتأنيثه، ولزم التأنيث، وثبتت التاء في عدده، كما كانت تثبت مع المنوب عنه) وهو (أفعال)، وعدل في جمع (راجل) من (أفعال) إلى (فعلة) وتثبت تاء عدده أيضا، كما كانت تثبت مع المنوب عنه، وقد يؤوّل مذكر بمؤنث، فتسقط التاء، ومؤنث بمذكّر، فتثبت التاء (2)، فالأول (3) كقول الشاعر:

1926 -

وإنّ كلابا هذه عشر أبطن

وأنت بريء من قبائلها العشر (4)

-

(1) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 203) حيث قال الشيخ أبو حيان ما نصه: «وشذ من هذا النوع (أشياء) على مذهب سيبويه، فقالوا: ثلاثة أشياء. وكان قياسه حذف التاء؛ لأنه اسم جمع لا يعقل، كالطرفاء: شجر. والحلفاء: نبت، لكنه بنى العدد على المفرد.

وينظر: الكتاب (3/ 564) حيث قال سيبويه: وأما ثلاثة أشياء، فقالوها؛ لأنهم جعلوا أشياء بمنزلة أفعال لو كسروا عليها (فعل) وصار بدلا من أفعال، ومثل ذلك قولهم: ثلاثة رجلة، إلا أن (رجلة) صار بدلا من أرجال.

(2)

أي يجاء بكل منهما حسب التأويل، وذلك جائز على قلة. ينظر: التذييل والتكميل (4/ 209).

(3)

تأويل المذكر بالمؤنث.

(4)

البيت من بحر الطويل وقائله النواح الكلابي، هجا رجلا ادعى نسبه في بني كلاب، فذكر له أن بطونهم عشرة، ولا نسب له معلوم في أحدهم، وهو في المقتضب (2/ 146)، والهمع (2/ 194)، والأشموني (4/ 63).

والشاهد فيه: تأنيث الأبطن، وحذف الهاء من العدد قبلها حملا للبطن على معنى القبيلة، بقرينة ذكر القبائل.

ص: 2417

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومثله قول الآخر:

1927 -

فكان مجنّي دون من كنت أتّقي

ثلاث شخوص كاعبان ومعصر (1)

ومثال الثّاني (2) قول الشاعر:

1928 -

ثلاثة أنفس وثلاث ذود

لقد جار الزّمان على عيالي (3)

ومثله (4) قول الآخر:

1929 -

وقائع في مضر تسعة

وفي وائل كانت العاشرة (5)

أوّل (الأبطن) بـ (القبائل)، و (الشّخوص) بـ (الجواري)، فأسقط تاءي (عشرة)، و (ثلاثة)، وأول (الأنفس) بـ (أشخاص)، والوقائع بـ (مشاهد) فأثبت التاء، وقد يكون في المذكور لغتان، فيجوز في عدده وجهان كـ (حال) -

(1) البيت من الطويل، وهو في ديوان عمر بن أبي ربيعة (92)، وترجمته في الشعر والشعراء (2/ 557). ينظر: المقتضب (2/ 148)، والمقرب (ص 67)، والتصريح (2/ 271، 275)، والأشموني (3/ 62)، والكتاب (2/ 174).

ويروى: «فكان نصيري» ، والمجن: الترس. يذكر أنه استتر من الرقباء بثلاث نسوة، كاعبان:

والكاعب التي نهد ثديها. ومعصر: وهي التي دخلت في عصر شبابها.

والشاهد فيه: معاملة شخوص معاملة المؤنث؛ لأنه أراد بالشخص المرأة، فجعل لها عدد المؤنث.

(2)

أي تأويل المؤنث بالمذكر.

(3)

البيت من الوافر، وقائله الحطيئة، وهو في ديوانه (ص 207) برواية:

ونحن ثلاثة وثلاث ذود

...

البيت

وفي الدرر (1/ 209) قيل: إنه ثالث أبيات للحطيئة، قالها وكانت معه امرأته أمامة، وابنته مليكة، وكان في سفر فنزل وسرح ذودا ثلاثا، فلما قام للرواح فقد إحداها، والذود من الإبل.

والشاهد: قوله: ثلاث ذود على أنه يجوز إضافة العدد إلى اسم الجمع، وهو هنا ذود، وأنشده سيبويه شاهدا على تأنيث (ثلاثة أنفس) والقياس: ثلاث أنفس؛ لأن النفس مؤنثة.

ينظر: الكتاب (3/ 565)، والخصائص (2/ 412)، واللسان مادة «نفس» .

(4)

أي تأويل المؤنث بالمذكر.

(5)

البيت من المتقارب، ولم ينسب لقائل معين، ولم أهتد إلى قائله.

والشاهد: في قوله: «وقائع .. تسعة» ، وكان ينبغي أن يقال: تسع؛ لأن الوقعة مؤنثة، ولكنه ذهب إلى الأيام والمشاهد؛ لأن من معنى الوقائع -

عند العرب - الأيام، فيقال: هو عالم بأيام العرب، يريد: وقائعها.

ينظر: اللسان: «يوم» ، ومعاني القرآن للفراء (1/ 126)، وشرح التسهيل لابن مالك (2/ 399)، والهمع (2/ 149)، والدرر (2/ 204).

ص: 2418

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و (عضد)، و (لسان)، فإنّها تذكّر وتؤنث، فيقال - على لغة من ذكّر -:

ثلاثة أحوال، وثلاثة أعضاد، وثلاثة ألسنة (1).

ويكثر الوجهان في أسماء الأجناس المميز واحدها بالتاء، كبقر، ونخل، وسحاب، فيقال - على لغة من ذكّر -: لزيد ثلاثة من البقر، وثلاثة من النخل، وسقيت أرضا بثلاثة من السحاب، ويقال - على لغة من أنّث -: ثلاث، وإن كان المذكور صفة قامت مقام موصوفها اعتبر في الغالب حال موصوفها، لا حالها (2) فنقول: ثلاثة ربعات - بإثبات التاء - إذا أردت رجالا، وثلاث ربعات - بإسقاطها - إذا أردت نساء، ومن اعتبار حال الموصوف قوله تعالى:

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها (3) فلولا قصد [3/ 66] الحسنات لقيل:

عشرة أمثالها؛ لأنّ واحد الأمثال مذكر.

ومن العرب من يسقط تاء العدد المضاف إلى (دوابّ) لتأنيث لفظها، مع قصد تذكير الموصوف؛ لأنّ الدابة جرت مجرى الأسماء الجامدة، فاعتبر في العدد لفظها، ومنها احترزت بقولي: اعتبر غالبا حاله، لا حالها (4). انتهى كلام المصنّف.

ولا بدّ من الإشارة إلى أمور:

منها: أنّ العلة التي أشار إليها المصنف أنّها موجبة لإثبات تاء الثلاثة وأخواتها، إذا كان المعدود بها مذكرا، وحذفها إذا كان مؤنثا هي العلة المعروفة، وهي أن أسماء العدد مصحوبة بالتاء وضعا، قبل أن يذكر معها معدود بدليل أنّك تقول: ستّة ضعف ثلاثة، وأربعة نصف ثمانية فكأنّ ذكرها مصحوبة بالتاء هو الأصل، ولا شكّ أنّ المذكر هو الأصل بالنسبة إلى المؤنث، فناسب أن يكون الأصل للأصل، والفرع للفرع (5)، ومن ثمّ لم يحتج المصنف إلى أن يذكر إثبات التاء في هذه الكلمات مع -

(1) ويقال على لغة من أنث: ثلاث أحوال، وثلاث أعضاد، وثلاث ألسن. التذييل والتكميل (4/ 338).

(2)

أي: اعتبر حال الموصوف، لا حال الصفة.

(3)

سورة الأنعام: 160.

(4)

شرح المصنف (2/ 400) والمقصود اعتبار حال الموصوف، لا حال الصفة.

قال ابن عصفور في المقرب (1/ 307) ما نصه: «فأما قولهم: ثلاث دواب ذكور، فعلى جعل الدّابة اسما» .

(5)

قال ابن يعيش - في شرحه على المفصل (6/ 18) - ما نصه: «وإنما اختص المذكر بالتاء؛ لأن -

ص: 2419

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذكّر، بل قال: تحذف تاء الثلاثة وأخواتها، إن كان واحد المعدود مؤنث المعنى فأفاد ذلك أنّ ثبوت التاء في هذه الكلمات هو الأصل، وإنّما تحذف لموجب، فوجب لذلك الاقتصار على ذكره.

وقد ذكر ابن عصفور عللا أخرى؛ منها ما هو مقبول، ومنها ما هو غير مقبول (1)، واختار هو علة منها، والذي اختاره يرجع - إذا حقّق الأمر فيه - إلى الذي ذكره المصنّف.

ومنها: أنّ التاء قد تحذف من هذه الكلمات، ومع كون المعدود مذكّرا، لكن إنّما يكون ذلك عند عدم ذكر المعدود معها، نبّه على ذلك ابن عصفور، وغيره، قال: حكى الكسائيّ: صمنا من شهر كذا خمسا، ولا شكّ أنّ هذا حقّ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«من صام رمضان، وأتبعه بستّ من شوال، فكأنما صام الدّهر» (2).

ومنها: أنّ أهل بغداد لا يعتبرون واحد المعدود المضاف إليه اسم العدد، بل المعتبر عندهم لفظ ما أضيف إليه العدد، بالنسبة إلى التذكير، والتأنيث، فتقول: ثلاث حمامات، اعتبارا بلفظ الجمع، ذكر ابن عصفور ذلك عنهم (3)، ولا معوّل على هذا المذهب (4).

ومنها: أنّ المصنف لم يذكر ما يدل على تأنيث اسم الجمع، لتحذف التاء من اسم عدده، وكأنه وكل الأمر في ذلك إلى الأخذ عن أهل اللغة، لكنّ ابن عصفور - في المقرّب - قال: إن كان اسم الجمع لمن يعقل فحكمه حكم المذكر، وإن كان لما -

- أصل العدد قبل تعليقه على معدوده أن يكون مؤنثا بالتاء نحو: ثلاثة وأربعة، ونحوهما من أسماء العدد، فإذا أردت تعليقه على معدود هو أصل وفرع، جعل الأصل للأصل فأثبتت العلامة، والفرع للفرع فأسقطت العلامة، فمن أجل هذا قلت: ثلاثة رجال، وأربع نسوة.

(1)

ينظر: الشرح الكبير لابن عصفور (2/ 30) تحقيق أبو جناح، وشرح ألفية ابن مالك للمرادي (4/ 301).

(2)

هذا الحديث أخرجه أبو داود بهذه الرواية: (1/ 567)، وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه:(1/ 475) كتاب الصيام - باب صيام ستة أيام من شوال برواية: (ثم أتبعه ستّا من شوال).

(3)

قال ابن عصفور في الشرح الكبير (2/ 31) بتحقيق أبو جناح: «وأهل بغداد يعتبرون المفرد، إلا أن يكون الجمع مؤنث اللفظ، فإن المعتبر عندهم لفظ المضاف إليه العدد، فيقولون: ثلاث حمامات.

(4)

أي فلا يقال إلا: ثلاثة حمامات، بإدخال التاء في (ثلاثة)؛ لأن واحده (حمام) وهو مذكر.

ص: 2420

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يعقل فحكمه حكم المؤنث (1)، وينتقض ما قاله (2) بقوله تعالى: قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ (3)، فالطير لا يعقل وقد عومل معاملة المذكّر في إثبات التاء في اسم عدده (4)، ثمّ قد جاء التأنيث في (قوم)، قال تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ * (5)، مع أنّه مختصّ بالعقلاء من الرّجال، وأما اسم الجنس فمعلوم أنّ التأنيث فيه لغة الحجازيّين (6)، والتذكير لغة التميميّين (7).

قال ابن عصفور - في المقرب -: إلّا ألفاظا، فإنّها استعملت مذكّرة وهي:

عنب، وموز، وسدر (8)، وفي شرح الشّيخ: وقمح أيضا (9). ويعطي كلام المصنّف أنّ البطّ التزم تأنيثه، مع أنّ الشيخ صرّح بتأنيثه وتأنيث النخل أيضا وعلى هذا فالواجب أن يقال: اسم الجنس فيه لغتان التذكير والتأنيث، إلا ألفاظا استعملت مذكرة، وألفاظا استعملت مؤنثة (10)، ولا يقتصر على استثناء المذكّر، كما فعل ابن عصفور (11).

ثم الظاهر أنّ الحجازيين يستعملون (عنبا)، وما ذكر معه مذكّرات، وإن كان من لغتهم تأنيث اسم الجنس، وإلّا فلا فائدة في الاستثناء؛ وكذلك ينبغي أنّ التميميّين يستعملون البطّ والنخل مؤنثين، ولو كان لغتهم التذكير، ويبقى مدرك -

(1) ينظر: المقرب لابن عصفور (1/ 307) حيث مثل للعاقل بقوله: ثلاثة رهط، ولغير العاقل بقوله:

ثلاث ذود.

(2)

أي ابن عصفور في المقرب (1/ 307).

(3)

سورة البقرة: 260.

(4)

ينظر التذييل والتكميل (4/ 204).

(5)

سورة ص: 12، سورة غافر:5.

(6)

وحسّنها ابن عصفور في المقرب (1/ 308) حيث قال: «وإن أضفتها - الثلاثة - إلى اسم الجنس كنت في إلحاق التاء بالخيار، فتقول: ثلاثة نخل. والأحسن إلحاقها» . اه.

(7)

فيقولون: ثلاث نخل. بحذف التاء.

(8)

ينظر: المقرب (1/ 307). وفي القاموس مادة (سدر): «السدر: شجر النبق، الواحدة - سدرة - بهاء» .

(9)

ينظر: التذييل والتكميل (4/ 202)، والهمع (2/ 149).

(10)

قال الشيخ أبو حيان - في التذييل والتكميل (4/ 200) - ما نصه: «فالبطّ والنخل من أسماء الجنس الذي استعملته العرب مؤنثا فقط» .

اه.

(11)

حين اقتصر على اسم الجمع المذكر، في: عنب، وموز، وسدر.

ص: 2421

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك السّماع (1)، وإن كان الأمر كذلك فالذي اعتمده المصنف هو المعتبر، وهو أنّه قال: إن كان المعدود اسم جنس، أو مقتصرا على ذلك؛ لأنّ الأمر بالتذكير والتأنيث راجع إلى استعمال موقوف على السّماع، فوكل هو الأمر إلى ما يثبت من استعمال الكلمة بالتذكير والتأنيث في اللغة، وكأنّ الذي ذكره ابن عصفور هو الغالب، أما أنّه توقّف عنده ويلتزم فلا.

ومنها: أنّ القياس والأكثر في الاستعمال، أنّ مفسر العدد من الثلاثة إلى العشرة - إذا كان اسم جنس، أو اسم جمع - أن يجرّ بعد اسم العدد بـ (من)؛ قال الله تعالى: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ (2) وتجوز الإضافة أيضا (3)، قال تعالى: وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ (4) وهذا الأمر يستفاد من قول المصنف - في ثلاثة أشياء، وثلاثة رجلة - كان حقّه أن يفصل مقرونا بـ (من) كسائر أسماء الأجناس (5).

ومنها: أنّ المصنف ربما توجه مناقشته في (شيء) وهو أنّه احترز بـ: غالبا من قوله: وإن كان المذكور صفة نابت عن الموصوف اعتبر غالبا حاله لا حالها من قول بعض العرب: ثلاث دوابّ - بإسقاط التاء - يعني: مرادا بالدواب الذكور. ثم قال: لأنّ الدوابّ جرت مجرى الأسماء الجامدة فاعتبر في العدد لفظها.

فيقال له: هذا التعليل يخرج الدابة عن أن تكون صفة هنا، وإذا خرجت عن أن تكون صفة فلا يقال: إنّ حال الصفة اعتبر دون الموصوف؛ لأننا ما اعتبرنا حال الصّفة أصلا؛ لأنّ ذلك الاعتبار إنما يكون مع بقائها على الوصفية، والغرض أنّها تجري مجرى الأسماء الجامدة. وقد قال ابن عصفور: وأما قولهم: ثلاث دوابّ ذكور، فعلى جعل الدّابة اسما (6)، وهو كلام حسن.

(1) ينظر: الهمع (2/ 149)، والتذييل والتكميل (4/ 202) حيث قال أبو حيان: «فمثال اسم الجنس المذكر: عنب، وموز، وسدر، وقمح، نصوا على أنّ العرب؟ استعملتها مذكرة، ومدرك هذا النوع السماع، واستعملت سائر أسماء الجنس مؤنثة

». اه.

(2)

سورة البقرة: 260.

(3)

في التذييل والتكميل (4/ 179): «وقوله - أي المصنف -: «وإن كان اسم جنس أو جمع فصل بـ (من)» مثاله: ثلاثة من القوم، وقال تعالى: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ - من الآية 260 من سورة البقرة - وتقول: عندي ثلاث من الشجر، وسبع من النخل».

(4)

سورة النمل: 48.

(5)

ينظر: شرح المصنف (2/ 397) والتذييل والتكميل (4/ 179).

(6)

ينظر: المقرب (1/ 307).

ص: 2422