المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كيف نتعامل مع المخالفينإذا كانت القوة لهم - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٥

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌التعصب المذهبي

- ‌رأي العلامة الألبانيفي التمذهب

- ‌بيان خطر التعصب المذهبي ونهيأئمة المذاهب عنه وَرَدّ بعض الشبهات

- ‌أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها:

- ‌ترك الأتباع بعض أقوال أئمتهم اتباعاً للسنة:

- ‌شبهات وجوابها:

- ‌هل القول باتباع الكتاب والسنةيعني أن المذاهب مُطَّرحة

- ‌ما الجواب على من يقول: إن الأئمةهم القرون الأولى فوجب اتباعهم

- ‌هل من خالف الأئمة الأربعة يكفر

- ‌هل يجب اتباع مذهب معين

- ‌عودة إلى السنة

- ‌خطر التعصب المذهبي

- ‌هل المسلم ملزم باتباعأحد أصحاب المذاهب

- ‌حكم التلفيق في الأخذ من المذاهب

- ‌هل يجوز ترك العمل بالدليللقول إمام

- ‌هل يجوز إفتاء الناس بمذهب معين

- ‌حول كتاب بدعة التعصب المذهبي

- ‌هل يلزم من ترك التمذهبأن تُهجر المذاهب الأربعة

- ‌حول عبارة الطحاويفي ذم التقليد

- ‌اتهام السلفيين أنهملا يُقَدِّرون المذاهب

- ‌اتهام السلفيين بأنهم يُلْزِمونأئمة المذاهب مالا يَلْزَمُهم

- ‌حول تقليد مشايخ العصر

- ‌سؤال العالم على الدليل

- ‌إفتاء السائل بالمذهب

- ‌الفرق بين الاتباع والتقليد

- ‌المتمذهبون يُحْرَمون اتباع الدليلوهم يجتهدون فيما لا مجال للاجتهاد فيه

- ‌دعاء الشيخ للمسلمين بالعصمةمن التعصب المذهبي

- ‌الشيخ يحمد الله أن عصمه من التعصب المذهبي

- ‌خطر التعصب المذهبي

- ‌إذا لم نتبع المذاهب الأربعة فمن نتبع

- ‌طاعة العلماء

- ‌مناقشة المذهبيين

- ‌ضوابط استفتاء القلب

- ‌طالب العلم والتمذهب

- ‌هل يجوز للمبتدئ في طلب العلماتباع مذهب معين

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌أيُّ المذاهب أفضل لطالب العلم

- ‌حكم التقليد فيالتصحيح والتضعيف

- ‌هل يجوز تقليد العلماءتصحيحا وتضعيفا

- ‌باب منه

- ‌العمل عند اختلاف العلماءفي التصحيح والتضعيف

- ‌كتاب الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌حكم الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌هل الذين يحكمون بالقوانينالوضعية يخرجون من الملة

- ‌إقامة الحجة على الحاكمالذي لا يحكم بما أنزل الله

- ‌معنى الكفر البواح

- ‌تفسير آية (من لم يحكم)

- ‌باب منه

- ‌إسلام النجاشي

- ‌مبايعة من لا يحكم بما أنزل الله

- ‌الموقف من الحاكم الذي يُعَطِّل الشريعة

- ‌حكم الحكام الذين يُشْرِفون على البغاء

- ‌الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌الحكم بين المتخاصمين

- ‌الدعاء على الحكامالذين يضرون بالأمة

- ‌الحكام المضلون

- ‌الطغاة وقتل العلماء

- ‌الحكام والمحكومون لا يُحَكِّمون كتاب الله فأصابهم ما أصابهم

- ‌الحكم بما أنزل الله بين الحكام والمحكومين

- ‌هل تطبيق أنظمة الكفر السياسيةوالاقتصادية يُعَدُّ كفرا بواحا

- ‌حكم من يفرق بين الشريعة والعقيدة

- ‌حكم الخروج على الحكام

- ‌حكم الخروج على الحاكم

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌حكم الخروج على حاكم شيوعي

- ‌حدود طاعة ولاة الأمور

- ‌لا طاعة للحاكم في معصية الله

- ‌هل التعامل في السوق السوداءمخالفة لولي الأمر

- ‌حدود طاعة الأمراء

- ‌ما حكم القيام بأعمال في نفسهامباحة والدولة لا تسمح بها

- ‌حكم التحايل على القوانين الوضعية

- ‌حكم مال من يعمل في بلد بدون إقامة

- ‌حكم التحاكم إلى المحاكم

- ‌حكم التحاكم إلى المحاكم الحالية

- ‌باب منه

- ‌حكم دراسة القوانين الوضعية

- ‌حكم دخول الجامعات التي تُدَرِّسالقوانين الوضعية

- ‌حكم دراسة القانون الوضعي

- ‌متفرقات

- ‌الأئمة من قريش

- ‌معنى الخلافة في قريش

- ‌حكم العمل كموظف عند أئمة الجور

- ‌حكم الاشتغال في سلك القضاء

- ‌جماعة جهيمان

- ‌هل يقال الله هو الحاكم

- ‌إطلاق لفظ صاحب الجلالة على الحاكم

- ‌هل هناك عهد شرعي يلزم صاحبهبالطاعة في المنشط والمكره

- ‌كيفية إقامة الحجة على الحكام

- ‌حول مانعي الزكاة

- ‌الدعاء لولي الأمر

- ‌باب منه

- ‌هل قاعدة كما تكونوا يولى عليكم على إطلاقها

- ‌هل الشورى معلمة أم ملزمة

- ‌نصيحة الشيخ للحكام أن يهذبواأنفسهم بالإسلام

- ‌حكومة المرأة

- ‌العلامة الألباني وفقه الخلاف

- ‌هل الاختلاف رحمة

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌سبب اختلافات الجماعات السنية

- ‌حول الاختلاف في الأصول وفي الفروع

- ‌الاختلاف بين الأئمة

- ‌الاختلاف في طريقة الوصول إلى السعادة

- ‌اختلاف الفتاوى

- ‌حول حديث لا يُصَلّين أحدكم العصر

- ‌الخلاف بين أتباع الأئمة

- ‌الاختلاف بين الشيخ وعلماء الحجاز

- ‌كيف نتعامل مع المخالفينإذا كانت القوة لهم

- ‌أدب الحوار والخلاف

- ‌حكم منكر الإجماع

- ‌موقف العامة من اختلاف الفتاوى

- ‌كيف يعرف خاصة الناس الراجحمما وقع فيه اختلاف

- ‌رأي العلامة الألباني فيجماعة أنصار السنة بمصر

- ‌رأي الشيخ في جماعة أنصار السنة بمصروأتباع الشيخ محمود خَطَّاب السبكي

- ‌رأي الشيخ في أنصار السنة بمصر

- ‌المجددون والتجديد

- ‌ما مجالات التجديد

- ‌هل يشترط أن يكون المجددمن أهل السنة

- ‌من هو المجدد وما هي شروطه

- ‌حكم العزلة

- ‌حكم العزلة

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

الفصل: ‌كيف نتعامل مع المخالفينإذا كانت القوة لهم

‌كيف نتعامل مع المخالفين

إذا كانت القوة لهم

الملقي: طعن في الأولياء والصالحين، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهكذا، ويلقون طبعاً .... هناك هناك أناس كثيرين قد يسمعون لهم يعني، ومنهم من علا منابر، وأغلبهم هكذا؛ لأن الذين هم على حق قد نُحُّوا عن المنابر وعن الدعوة وقد قيدوا وأظنك تعلم يا شيخنا. ومنهم من انجرف معهم إما مداراة إما خوفاً لا نعلم. ماذا ينبغي علينا في هذه المرحلة؟ كيف نواجههم؟ إن واجهناهم وجهاً لوجه هذا لا يخلوا من أننا سوف نتعرض لأشياء عديدة يعني، ممكن فيها هلاك يعني، ممكن أنه في عندهم تعاهد .... مع الدولة أو مع ناس ..... والله تعالى أعلم، أو أنهم يجعلون أن هذا الذي يعاديهم أو يبين لهم الحق بأنهم يضعون له في دوائر معينة بأنه يطعنون فيه، يطعنون ممكن في عرضه، يعني يريدون أن يجعلونه ليس سوياً ليس على الصراط المستقيم لكي يقللوا من شأنه، نحن والله تعالى أعلم نقول: نحن ماضين في التعليم يعني العلم الشرعي الصحيح الذي من خلاله نبين للناس أصحية المنهج، والشباب أو الناس هم الذين يميزون بين هذا وهذا، فكيفية ....

الشيخ: يا أخي -بارك الله فيك- أنت الآن تسأل كيفية التعامل مع هؤلاء،

ص: 442

ومن قبل قلت: هل نواجههم؟ ما تؤاخذني إذا قلت لك: الضعيف يواجه القوي؟

الملقي: لا طبعاً، ما عنده قدرة على المواجهة.

الشيخ: فإذاً السؤال من أصله غير وارد. المواجهة غير واردة، ولكن {فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، فمن حيث الضعف والقوة وضعكم الآن كما هو وضع كثير من السلفيين في كثير من البلاد الإسلامية أشبه بموقف الصحابة في العهد المكي من حيث الضعف وليس من حيث الأحكام الشرعية، وأظن تُفَرِّق معي بين هذا وهذا؛ لأننا نسمع أحياناً بعض الأشرطة تكاد تكون هذه الأشرطة صريحة بأنه الآن نحن يجب أن نعود إلى العهد المكي، وهذا فيه تعطيل للأحكام الشرعية لا يجوز لمسلم أن يقع فيه، لكن من حيث الضعف والقوة، كثير من المسلمين في كثير من البلاد الإسلامية هم كالصحابة في العهد المكي، فماذا كانوا يفعلون؟ كانوا يواجهون؟ قل: لا.

الملقي: نعم.

الشيخ: وسأقول ما هو أكثر: هل كانوا يفكرون في المواجهة؟ لا، ماذا كانوا يفكرون، كانوا يفكرون في المهاجرة أي في الهجرة وهذا الذي وقع في أول الأمر من هجرة الحبشة ثم الهجرة الثانية ثم الهجرة إلى المدينة.

هو كما ألمحت أنت في بعض كلماتك هو أن تُعْنَوا بالعلم والعمل بهذا العلم، يعني كل واحد منا في حدود استطاعته يهتم بما نكني عنه بكلمتين بـ: التصفية والتربية، فنحاول أن نتبنى الإسلام في حدود إمكانية كل واحد منا،

ص: 443

واحد دائرته ضيقة صغيرة واحد أكبر واحد أكبر، على هذا ثم مع هذا العلم يقترن به العمل، وهو تربية أنفسنا ومن يلوذ بنا، هكذا بدأ الرسول عليه الصلاة والسلام الدعوة وهكذا ينبغي نحن أن نستن بسنته، أما رأساً ننصب حالاً تجاه الطواغيت المختلفة الأسماء والحزبيات ونحو ذلك، هذا يعني ليس من الشرع بل ولا من العقل في شيء، فما عليكم إلا العلم والعمل، ثم ربنا عز وجل هو الذي يجعل الخاتمة للضعفاء وللمتمسكين بالكتاب والسنة، ولا يهمنكم ما أشرت إليه آنفاً من أنكم تنسبون إلى الطعن في الرسول والأولياء والصالحين والأئمة وإلى آخره؛ لأنه هذه سنة الله في خلقه دائماً الحق في خصام وفي جدال مع الباطل، والخاتمة للمتقين، كما قال رب العالمين، {فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} ؛ لذلك نحن ننصح إخواننا أن يمشوا الهوينة، ولا يفعلون كما يقولون في بعض البلاد السورية: يحملوا هالسلم بالعرض ويمشوا، لا، وإنما رويداً رويداً، كما قال تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، أما أنه يقال فيكم كذا وكذا، قد قيل في الرسول ما هو أكثر من ذلك، وقال الله عز وجل مسلياً له:{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فصلت: 43].

الملقي:

ممكن يواجهونا كثيراً، ونحن لا بد من التبيين والتوضيح

الشيخ: هاه

الملقي: إن استطعنا في هذا؛ وهناك شيء مهم فاتني حقيقة بأنهم يقولون: نحن سلفيون، ونحن على الكتاب والسنة، وهذا أخطر ما يكون فينخدع بهم

ص: 444

شباب وناس كثيرون.

الشيخ: نقول لهم: {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111].

الملقي: في على سبيل المثال في الجمعة يعني في صلاة الجمعة بيروجوا كتاب لشيخنا عبد الرحمن عبد الخالق -جزاه الله خيراً-: المسلمون والعمل السياسي.

الشيخ: آه

الملقي: ونحن في العراق كما يعلم بعض الأخوة أنه لا يجوز الاستنساخ.

الشيخ: لا ..

الملقي: ممنوع، الاستنساخ لا يجوز.

الشيخ: أيوه.

الملقي: الكتب المستنسخة وأي مستنسخ.

الشيخ: الله أكبر.

الملقي: نهائياً.

الشيخ: الله أكبر.

الملقي: وهؤلاء علناً أما المساجد بعض المساجد مستنسخ هذا الكتيب ويوزع هه هه يباع بأثمان يعني تكاد تكون معتدلة، لكي يوهمون الناس الذين يصلون بأنه يعني من منهجية النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه هكذا في الأحداث أو في التنظيمات.

ص: 445

الشيخ: هاه

الملقي: الإسلامية أو غيرها.

الشيخ: أي نعم.

الملقي: فاختلط

هو إن كان في لقاء لكم بالكاسيت جزاكم الله خيراً في الرد على هذا، نحن حقيقة نروجه للناس حتى يفهمون بعض إخوتنا -إن شاء الله-.

الشيخ: أي نعم.

الملقي: ولكن حقيقة هذا لا يكفي يعني، يعني إن كان هناك ردوداً ردوداً كتابية لسهولة النقل يعني تنقل بشكل أفضل -إن شاء الله- هناك، هذا من ناحية. من ناحية الأخرى هم يوالون الحكومة هناك، وممكن أن يؤيدونهم في مسائل، بل إن بعضهم يقول: لا أسمح في بيتي يعني على المنبر، لا أسمح في بيتي أن يسب أو يقال على الطاغوت فلان، لا أقبل، وبعضهم لا يكفره حقيقة أو يكفر غيره، ويقول بأن الناس هم على أصلهم مسلمون ولا يجوز أنه تكفرونه، ونحن لا نقول بتكفيرهم حقيقةً، هذا ليس من شأننا، ولكن لا بد من التوضيح والتبيين، فإن اهتدوا فهم على الحق -إن شاء الله-، وإن أصروا فما العمل حقيقة هنا شيخنا معهم، إن أصر الناس على أنهم يشركون بالله سبحانه وتعالى ولا يهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحق في العقائد مثلاً. فكيفية التعامل معهم، هل أن نقول: هؤلاء كفار، أم فعلهم كفر أما ماذا، أم هذا ليس من شأننا أصلاً.

ص: 446

الشيخ: لا يا أخي، أولاً: لا يجوز المبادرة مبادرة المسلم إلى تكفير المسلم؛ لأنه التكفير من أخطر الأمور هذا أولاً، وثانياً من أصعب الأمور، ولا يستطيع أن يتقدم إلى الحكم على إنسان بأنه كفر إلا من كان متمكناً في الكتاب والسنة معرفة وعلماً، هذا أولاً ثم كان من الذين عرفوا برباطة الجأش وعدم الاستسلام للهوى، الذي إذا تغلب على صاحبه أعماه عن أن يبصر الحق الذي جاء به الشرع، هذا من جهة، من جهة أخرى ليس هناك يا أخي فائدة تذكر من وراء إعلان التكفير لزيد أو بكر أو عمرو، سواءً كانوا من الحكام أو كانوا من المحكومين؛ لأنه نعود نحن إلى الأصل الذي لفت نظرك إليه، نحن الآن ضعفاء، فنحن الآن في موضع يتوجه إلينا قول ربنا تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، أما لما بدك تعلن:(فلان كافر فلان كافر حينئذٍ هذا يجب أن يكون معه هذا سيف أن يدعو هذا الكافر فيتوبه فإن تاب وإلا قتل)، أين نحن وأين هذا الحكم، ولذلك ما ينبغي أن ندندن حول التكفير، بل حتى أقول وحتى حول التضليل، لسنا نحن في موقع القوة حتى التضليل الذي هو أيش دون التكفير؛ لأننا إذا ضللنا غيرنا عاد هؤلاء فضللونا، بل إن كفرنا غيرنا عاد هؤلاء بتكفيرنا، بل هم يكفروننا وعلى الأقل يضللونا ونحن لا نكفرهم ولا ..

لماذا؟ لأنهم ينظرون هم من فوق، وينظرون إلى أننا ضعفاء، ولذلك ما ينبغي نحن نفكر في موضوع التكفير، بل حتى ولا موضوع التضليل، وإنما كما قال تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]، وقال عز وجل: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ

ص: 447

شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]، فنحن نعرض دعوتنا كما أنزلها الله عز وجل صافية منقاة عن كل دخيل على مر هذه السنين الطويلة ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، لأنه الحقيقة هذا الأمر يحتاج إلى جهود جبارة، ومن علماء كبار وفحول عاشوا حياتهم في دراسة الكتاب والسنة حتى يتمكنوا من تصفية الإسلام مما دخل فيه سواء في العقائد أو سواءً في الأحكام الفقهية أو في السلوك والأخلاق، أو في تمييز الأحاديث الضعيفة من الموضوعة إلى آخره، هذه التصفية من كل هذه الجوانب المتعلقة بالإسلام، هذه في الحقيقة تحتاج إلى علماء كبار، وكثيرين منبثين في العالم الإسلامي، ومع ذلك فهؤلاء كما قال الشاعر:

وقد كانوا إذا عُدُّوا قليلاً

فصاروا اليوم أقل من القليل

وعلى هذا فطالب العلم من أمثالنا يقنع بأن يفهم هو في نفسه أولاً هذا الإسلام وأن يطبقه في نفسه -أيضاً- في حدود الإمكان، ثم ينقل هذه الدائرة من نفسه إلى من حوله إن كان له زوجة فزوجته، إن كان له منها أولاد فأولاده، إن كان له جيران فجيرانه إن كان له أصحاب وهكذا، كالحصوة تلقى في الماء الهادئ فتعمل أيش الدائرة الأولى والثانية والثالثة حتى تضيع الدوائر بسبب سعة الانتشار، هكذا انتشر الإسلام في الأول، والرسول عليه السلام يقول:«إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء» ، من هم الغرباء؟ لقد جاء تفسير الرسول عليه الصلاة والسلام في عدة مناسبات صح منها مناسبتان: مرة سئل عليه السلام: من هم الغرباء؟ قال: «هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم» ، وهذا الوصف منطبق الآن

ص: 448

تماماً، والوصف الثاني وهذا أعز وأندر قال عليه السلام في مناسبة أخرى قال:«هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي» «هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي» الإفساد بحر لا ساحل له، كل هذه القرون والسنة تُفْسَد والبدعة تحيا، وهكذا، فالذي يريد أن يصلح ما أفسد الناس ينبغي أن يكون كما قلنا آنفاً: أولاً متمكناً متضلعاً في معرفة الكتاب والسنة وما كان عليه سلفنا الصالح، ثانياً: أن يكون مخلصاً لله عز وجل في عمله، أن لا يكون موظفاً؛ لأن الوظيفة كما نشاهد في كل البلاد الإسلامية هي غِلٌ هي طوقٌ في عنق الموظفين لا يتحركون إلا في حدود هذا الطوق إن كان مشدوداً أو كان مرخياً كالفرس يمد لها في المقود فيتحرك في حدود هذا المقود، إن كان قصيراً كانت الدائرة التي تدور فيها وتأكل فيها قليلة جداً وإن مد لها توسعت وهكذا، فلذلك فنحن الآن في غربة مضاعفة الأشكال والألوان، غربة من حيث أن المسلمين لا يعملون بإسلامهم الذي لا يزال معروفاً لديهم وأنه من الإسلام وأنه ليس فيه اختلاف، مثلاً تبرج النساء،

والحمد لله فيما أعلم أنه لا يوجد هناك علماء يبيحون تبرج النساء، لا يوجد هناك أحزاب إسلامية يبيحون تبرج النساء، لكن هذا التبرج واقع، ففي هناك أحكام والحمد لله كما أنزلت، مع ذلك فهي متروكة، لكن أخطر من هذا أحكام قلبت ظهراً لبطن، وغير الحكم الشرعي فيها، هذا هو المهم وهذا هو الذي ينبغي أن يهتم علماء المسلمين الناصحين بتغييره، وهؤلاء هم المقصودون بالحديث الثاني: الغرباء «هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي» ، ونحن نشاهد والحمد لله أنه يوجد في العالم الإسلامي ما

ص: 449

أصبح معروفاً بـ الصحوة الإسلامية، لكن هذه الصحوة أولاً هي في خطوتها الأولى، في خطوتها الأولى، وهي تحتاج إلى خطوات كثيرة وكثيرة جداً ومديدة وطويلة، وثانياً في صحوة من الناحية الفكرية والعلمية، لكن لا يوجد هناك صحوة أخلاقية، والآن ما يقع من بين الأحزاب المختلفة في كثير من الأحيان إنما سببه فساد الأخلاق؛ ليس لأنه فلان يجهل أنه الحق مع فلان، هذا قد يكون لكن أحياناً قد لا يكون ومع ذلك تجد العداء الشديد بين الحزبين؛ لماذا؟ لأن الأهواء تسلطت على أكثر الناس فهم لا ينطلقون من علمهم، وإنما ينطلقون من أهويتهم؛ لهذا نحن نقول إنه علينا نحن الآن أن نعمل مقروناً العمل بالعلم النافع:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105]، لعل في هذا القدر الآن كفاية.

(الهدى والنور /675/ 39: 00: 00)

ص: 450