الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: هو كذلك.
الملقي: لم لا تحكمون شرع الله في حياتكم أنتم؟
الشيخ: الله أكبر، نعم.
الملقي: إذا التمكين هو وسيلة إلى تطبيق حكم الله عز وجل.
الشيخ: هو هكذا، طيب يا أستاذ حسبي الآن إذا سمحتم.
الملقي: بارك الله فيك.
(الهدى والنور/752/ 55: 35: 00)
(الهدى والنور/752/ 17: 37: 00)
(الهدى والنور/752/ 45: 37: 00)
(الهدى والنور/752/ 00: 39: 00)
باب منه
إذاً: اليوم إذا كان هناك جماعات في مختلف البلاد الإسلامية قد تلتقي جماعة مع جماعة في العقيدة، وفي الفكر والمنهج، ولكنهم لا يستطيعون اللقاء والالتقاء بسبب هذه الأحكام التي ممكن أن نسميها بما يشبه الأحكام العرفية، اليوم لا تستطيع أنت أيها المسلم الذي تعيش هنا في عمان أن تدخل متى شئت جنوباً إلى مكة إلى بيت الله الحرام إلا كما تدخل إلى بلد كافر مشرك، بل ربما دخولك هناك أسهل من دخولك هنا في الجنوب إلى بيت الله
الحرام فضلاً عن الشمال أن تدخل في سوريا لماذا؟ لأن هذه الأحكام الحاكمة والسائدة والمسيطرة لم تقام على شريعة الله عز وجل.
فقد يكون هناك جماعات متفرقة هنا وهناك، والفكرة واحدة والمنهج واحد والعقيدة واحدة، فهم يصفون كل منهم في حدود استطاعته، ويربون أيضاً أنفسهم وذويهم على شيء من ذلك، لكن لم توجد هذه الطائفة التي تتمكن من تحقيق:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] هذا أمر واضح لا يحتاج إلى جدل.
لذلك نعتبر الخروج على هؤلاء الحكام ونحن لا نزكيهم، لا نداهنهم لا نقول: لا يجوز للمسلمين أن يخرجوا عليهم؛ لأنهم لا يستحقون الخروج، ولأنهم يحكمون بما أنزل الله فلا يستحقون الخروج ما نقول هذا، مع الأسف القوانين هي الحاكمة، لكن نفرق بين حاكم وحاكم، بين حاكم يحكم بالقانون، ولكن يصلي ويصوم، ويساعد المسلمين على قيامهم بشعائر الله في بناء المساجد وما شابه ذلك.
وبين حاكم آخر يمنع المسلمين أن يصوموا شهر رمضان، يمنع المسلمين من أن يضحوا بمناسبة العيد اقتصادياً يعني: فرق بين حاكم وحاكم.
لكن الشاهد نحن نقول: لا يجوز الخروج على هؤلاء الحكام بغض النظر أولاً عن تفاوتهم كما ذكرنا، وإنما لأنه هذا الخروج ليس الآن زمانه شرعاً، ولأنه يجب أن يحققوا المعنى المقصود من قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا} [الأنفال: 60] أي: أعدوا أنفسكم كما قال أحد الحكماء المعاصرين اليوم: أقيموا دولة
الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم.
هذه حكمة متناهية جداً، تجدون كثيراً من هؤلاء الذين يصيحون والدستور إسلامنا، لا يقيمون إسلامهم في عقر دارهم في بيوتهم حيث لا يتدخل القانون في منعهم من إقامة حكم الإسلام.
من جهة لا يفعلون ما يستطيعون، ومن جهة يطلبون ما لا يستطيعون، فهذا كله يدل على أحد شيئين: إما على جهل بالإسلام، وحماقة، وإما أنهم يعرفون وينحرفون.
أظن هذا المقدار يكفي لبيان أن مثل هذا الخروج لا يجوز قبل إعداد العدة، إعداد العدة المعنوية قبل كل شيء، كما فعل رسول الله وصدق الله إذ يقول:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب: 21].
وقبل أن أنهي الجواب عن ذاك السؤال لابد أن أجيب عن سؤال ضبطه أحدهم بالبحث السابق الذي سمعتم الآن تمامه لاحقاً حيث نقل عن أحد الحاضرين في تمام أو في الجلسة السابقة أنه قال: وماذا نفعل بقوله عليه السلام: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» .
الجواب: هذا الاستدلال أو هذه الشبهة، إن لم نقل الاستدلال، يدلنا على أنه هؤلاء الذين يلقون بأنفسهم في التهلكة ما عرفوا الإسلام ظاهراً، يعني: ما فهموا الإسلام فهماً صحيحاً مصفى، سبحان الله، وبضدها تتبين الأشياء.
هناك علماء لهم وزنهم من الخلف، ولا أقول من السلف فسروا الحديث نقيض استدلال هؤلاء بهذا الحديث ضدان لا يجتمعان، والحق بينهما، كيف ذلك؟
أولئك البعض من العلماء قالوا: معنى الحديث: «فليغيره بيده» لمن الخطاب؟ قالوا: للحكام، «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده» من رأى منكم أيها الحكام، «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه» أيها العلماء، ومن لم يستطع فبقلبه أي: من عامة الناس، هذا تفسير للحديث هو التعطيل مثل تلك الأمثلة التي قدمناها هناك في الجلسة السابقة ما فعل بعض الطوائف الإسلامية قديماً وحديثاً حيث فسروا النصوص بتفسيرها الذي لا يدل عليها لغة ولا شرعاً، هذا التفصيل باطل؛ لأنكم تشعرون معي الخطاب للأمة:«من رأى منكم منكراً» كالآية: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} [آل عمران: 104] منكم معشر الأمة أمة، {أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104].
كذلك قال عليه السلام: «من رأى منكم» معشر الأمة حكاماً ومحكومين علماء وطلاب علم وغيرهم، «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، وليس وراء ذلك مثقال ذرة من إيمان» هذا تفسير وهو كما ترون باطل، يقابله ناس آخرون ومن أولئك هؤلاء الذين يخرجون على الحكام ويقابلونهم قبل الاستعداد الذي أشرت إليه آنفاً يقولون: ماذا نفعل بحديث: «من رأى منكم منكراً» أي: الحكام يحكمون بغير ما أنزل الله، فإذاً: يجب ماذا؟ أن نقاومهم.
نحن نقول: يقول العلماء: لا أقول بناءً على حديث، ولكني أذكر بأنه حديث ضعيف، لكن كما أقول في كثير من الأحاديث معناه صحيح قال:«من كان آمراً بالمعروف فليأمر بالمعروف» حديث ينسب إلى الرسول ويذكر في بعض الكتب كإحياء علوم الدين للغزالي، لكن المخرج الحافظ العراقي بين أنه حديث ضعيف.
لكننا نقول معناه صحيح، لماذا؟ لأن هناك قواعد إسلامية شرعية مهمة جداً يجب على كل مسلم طالب علم فضلاً عن عالم أن يكون على علم بها، وأن يتذكر أية قاعدة يضعها العلماء يكونون قد أخذوها من مختلف النصوص، وليس من نص واحد.
هذا الأخذ لا يحسنه كل طالب علم، بل قد لا يحسنه كثير من أهل العلم، فعلى كل عالم فضلاً عن طالب علم أن يستفيد من جهود العلماء الذين سبقوه.
من هذه القواعد ما ذكرت في هذا الحديث: «من كان آمراً بالمعروف فليأمر بالمعروف» .
فالآن: مثال مما يدل على هذه القاعدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما نصره الله على كفار قريش، ودخل مكة فاتحاً، وأدى العمرة ودخل جوف الكعبة وصلى لله ركعتين، فلما خرج أرادت زوجته عائشة رضي الله تعالى عنها أن تفعل فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي: أن تدخل الكعبة وتصلي ركعتين، والكعبة يومئذ كاليوم لا يمكن الدخول إليها إلا للخاص، وإلا بِسُلَّم؛ لأنه الباب كما رأى من حج
منكم أو اعتمر عالي ومغلق محكم بالإغلاق ولا يفتح إلا سياسياً يعني: هؤلاء الحكام وقد يكون فيهم من لو كان هناك حكم شرعي لقطع رأسه مع ذلك يدخل جوف الكعبة، طيب.
أرادت السيدة عائشة أن تفعل فعل نبيها وزوجها، أن تدخل الكعبة وتصلي ركعتين فقال عليه السلام وكان رفيقاً بأهله:«يا عائشة صلي في الحجر» وتعرفون الحجر وهو المحاط بالجدار، فإنه من الكعبة، وإن قومك لما بنوا الكعبة قصرت فيهم النفقة، فجعلوا الحجر خارج الكعبة فصل في الحجر فإنه من الكعبة والشاهد قال:«ولولا أن قومك حديثي عهد بالشرك لهدمت الكعبة ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام، ولجعلت لها بابين مع الأرض باب يدخلون منه، وباباً يخرجون منه» ما أحلى الإسلام كله يسر، لكن ما فعل الرسول عليه السلام هذا، وهذا من تغيير المنكر باليد؛ لأن هذا من بناء الجاهلية كانت الكعبة مثلاً لأني لا أذكر الآن مساحتها الآن قد تكون عشرة في عشرة، أو خمسة عشر كان ضعف ذلك أي: الحجر من الكعبة ففي خسارة، فأراد الرسول عليه السلام أن يعيد الكعبة على بناء على أساس إبراهيم عليه السلام.
فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يعيد بناء الكعبة على أساس أبيه إبراهيم عليه السلام لم يفعل لماذا؟ لأنه لا يريد تغيير المنكر وهو الذي علمنا وقال: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده» لا لأنه عمل مقايسة بين هذا الإصلاح وما قد يترتب منه من فساد، وما قد يترتب من هذا الإصلاح من فساد ارتداد ضعفاء الإيمان.
جاءت في بعض الأحاديث الصحيحة أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسأله عما يجوز للرجل الزوج أن يجامع أو يخالط زوجته وهي حائض، لماذا سأل هذا السؤال؟ لأن اليهود هؤلاء الضلال المنحرفين عن التوراة كانوا يرون وربما لا يزالون المتمسكين منهم بالدين، لا يزالون على هذا الضلال إذا حاضت الزوجة حصروها في غرفة ولم يخالطوها، الزوج هنا ممنوع عليه أن تدخل، هي هناك ممنوع عليها أن يدخل، مفاصلة تامة لأنها حائض كأنها نجسة، فلما سأل ذلك الرجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يحل للرجل من زوجته وهي حائض؟ قال:«اصنعوا كل شيء إلا النكاح» أي: إلا الجماع، «اصنعوا كل شيء مع الزوجة» الحائض الخطاب للأزواج، «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» لما بلغ اليهود هذا الخبر قال:«ما نرى هذا الرجل إلا يريد أن يخالفنا في كل شيء» .
فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال لعائشة يبين لها ما في مخططه وهو: إعادة بناء الكعبة على أساس إبراهيم عليه السلام، لكن هناك مانع، ما هو المانع قال:«لولا أن قومك حديثو عهد بالشرك لهدمت الكعبة» لو هدم الكعبة ماذا يقول ضعفاء الإيمان ماذا؟ ما خلا لنا شيء إلا بده يغيره مثلما قال اليهود حينما قال جواباً عن ذاك السؤال: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» .
هنا قاعدة منها أخذ العلماء قولهم: إذا وقع المسلم بين مفسدتين لا حيلة له فيهما كلاهما لابد منهما، ماذا يفعل؟ قال: يرضى رغم أنفه بالمفسدة الصغرى في سبيل دفع المفسدة الكبرى.
فالآن المفسدة الصغرى بالنسبة للمسلمين في كل بلاد الدنيا، هذا الحكم
بغير ما أنزل الله؛ لأنه هذا ليس من صنعهم، وليس برضاهم، لكن إذا خرج الناس على هذا الحاكم بدعوى تغيير المنكر ما راح يوجدوا شيء؛ لأنه هذا التغيير للمنكر سوف لا يغيرونه، وكما يقولون في بعض البلاد: العين ما تقابل مخرز، العين الذي هي من شحم ولحم ما تقابل طعنة مخرز، فهؤلاء الشباب المتحمسين لإقامة حكم الله في الأرض ما بين آونة وأخرى ونسمع أنهم خرجوا، وأنهم قتلوا ثم نسمع أنه قتل مقابل عشرة من هؤلاء الجنود أو الشرطة قتل منهم مائة، حبس منهم ألوف مؤلفة هذا لجهلهم بالقاعدة: إذا وقع المسلم بين مفسدتين اختار أيسرهما، لذلك نحن نقول: لا ينافي السعي في تحقيق قوله تعالى المذكور آنفاً: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] السعي في هذا بغض النظر الآن عن هذا الخروج الذي لا فائدة منه إلا الضرر إلا ضغثاً على إباَّله كما يقال حين ذاك نقول: الاحتجاج بقوله عليه السلام: «من رأى منكم منكراً» هذا غفلة عن كون الرسول رأى بعض المنكرات وسكت عنها خشية أن يترتب من وراء هذا المنكر مفسدة أكبر من تغيير المنكر، وأنا أذكر لكم الآن مثالاً أهون من هذا التغيير.
رأى رجل من أصحاب الرسول عليه السلام رؤيا فجاء إليه وقص عليه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يا رسول الله رأيت نفسي وأنا أمشي في طريقي من طرق المدينة فلقيت رجلاً من اليهود فقلت: نعم القوم أنتم معشر اليهود لولا أنكم تشركون بالله فتقولون: عزير ابن الله» .
الصحابة يقول هذا الكلام لليهود في المنام، نعم القوم أنتم معشر اليهود لولا أنكم تشركون بالله فتقولون: عزير ابن الله فأجابه اليهودي في المنام،
«ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد» .
الآن يقولون الناس هذا الكلام لجهلهم بالإسلام، نعم القوم أنتم معشر المسلمين لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد قال: ثم مضيت فلقيت رجلاً من النصارى فقلت له: نعم القوم أنتم معشر النصارى لولا أنكم تشركون بالله فتقولون: ما شاء الله وشاء محمد، هذا نصراني بيقابل.
مداخلة: المسيح.
الشيخ: نعم.
مداخلة: المسيح.
الشيخ: آه المسيح عفواً المسلم يقول للنصراني: نعم القوم أنتم معشر النصارى لولا أنكم تشركون بالله فتقولون: عيسى ابن الله فقابله النصراني بقوله: ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لولا أنكم تشركون بالله فتقولون: ما شاء الله وشاء محمد.
لما قص القصة على الرسول عليه السلام قال له صلى الله عليه وآله وسلم: «هل قصصت على أحد؟ قال: لا. فخطب الرسول الصحابة قال: طالما سمعت منكم كلمة تقولونها فأستحيي منكم» انظروا أين الشاهد: يسمع منهم هذه الكلمة فيستحيي منهم أن يبادرهم بالإنكار؛ لأنه عليه السلام يعلم أنهم يقولونها خطأً بألسنتهم، وليس عقيدة منحرفة عن التوحيد في قلوبهم، فيقول لهم: طالما سمعتها منكم، ثم قص عليهم الرؤيا هذه فقال عليه السلام بناءً على ذلك:«لا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء محمد، ولكن ليقل: ما شاء الله وحده» .
إذاً: بارك الله فيكم تغيير المنكر مش رأساً ترى منكراً تبادر إنكاره بدك تعمل ماذا يقولون اليوم في العملية الحسابية؟ معادلة تقابل الحسنات بالسيئات وتوازن.
مداخلة: توازن.
الشيخ: وتوازن نعم، توازن بين الحسنات والسيئات، فإذا غلب على ظنك أنه في تغييرك لهذا المنكر ستكون الحسنات أكثر من السيئات، وأنت مأجور وأنت منفذ لهذا الحديث، أما إذا بدا لك أن السيئات والمفاسد ستكون أكثر من المصالح التي تبتغي من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأمسك كما أمسك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن هدم الكعبة، بل كما أمسك أياماً عن أن يقول لأصحابه:«لا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء محمد، ولكن ليقل: ما شاء الله وحده» .
لعل هذا نختم به الجواب عن السؤال السابق.
(الهدى والنور/706/ 40: 00: 00)
(الهدى والنور/706/ 10: 21: 00)