الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العمل عند اختلاف العلماء
في التصحيح والتضعيف
مداخلة: ما هو ضابط الأخذ بالحديث الذي صححه بعض علماء الحديث وضعفه البعض الآخر؟
الشيخ: هذا جوابه كلمة واحدة؛ لأنه لا جواب عليه .. ضابطه: أن يكون من أهل الحديث، أي: أن يكون عالماً بقواعد علماء الحديث وبأصولهم وبما قالوا في تراجم رواة الحديث وبخاصة هذا الحديث الذي اختلف فيه وبعضهم يقول: صحيح، وبعضهم يقول: ضعيف، لا يستطيع من لا علم عنده أن يتدخل للحكم بين المختلفين من أهل الحديث في التصحيح والتضعيف إلا إذا كان هو ثالثهم في علم الحديث، وأنا أقرب لكم هذا بمثال:
لا شك أن هناك قواعد وضوابط متفق عليها، لكن هناك أشياء مختلف فيها كالمسائل الفقهية تماماً هذا السؤال يشبه تماماً ما هي القاعدة لمعرفة الصواب بين قولين مختلفين في بعض المسائل الفرعية؟ أحد العلماء يقول: إذا البنت البالغة زوجت نفسها بنفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، عالم آخر يقول: لا نكاحها صحيح، ما هي القاعدة أو الضابط لمعرفة الصواب بين هذين القولين، هذا يشبه ذاك تماماً.
أقول: الجواب: أن تكون عالماً بعلم أصول الفقه كما نقول بالنسبة للسؤال
أن تكون عالماً بعلم أصول الحديث، قد يكون الراوي مختلفاً فيه من القديم، بعضهم قال: ثقة، وبعضهم قال: ضعيف، فالذي صحَّح الحديث اعتمد على قول من وَثَّقَ والذي ضَعَّف الحديث اعتمد على قول من ضعف، طيب! كيف .. ضابطاً للتمييز؟ نعم، سنقول لك: ارجع إلى علم المصطلح يقول لك: إذا جاء مثل هذا الاختلاف شخص يُوَثِّق وشخص يضعف يقال: الجرح مُقَدَّم على التعديل، هذه قاعدة .. الجرح مقدم على التعديل أي: قول من ضعف قُدِّم على قول من وَثَّق لكن هذا على إطلاقه الجواب؟ لا، أولاً: الجرح مقدم على التعديل إذا كان الجرح مُبَيَّناً مفسراً، أما مجرد ضعيف؟ لا، يقدم التوثيق على التضعيف؛ لأنه لا حجة عنده.
ثانياً: جَرَّح وبَيَّن السبب يجب دراسة السبب .. إن كان السبب له علاقة بالرواية نضرب مثال يعني بارز: كأن يكون متهماً في صدقه، فحينئذ هذا جرح مُفَسَّر يُقَدَّم على توثيق من وَثَّق لكن هذا وحده فقط؟ لا، نقول: أيضاً وضعه قد يكون أحسن من هذا لكن مع ذلك يقدم الجرح كأن يقول: ضعيف سيء الحفظ، ويأتي ببعض الشواهد تدل على سوء حفظه في مخالفته للثقات فحينئذ نقول: الجرح مقدم على التعديل.
فهذا من سيقوم فيه؟ العالم بعلم الحديث، ويكون هناك أيضاً أسباب ثانية والبحث في هذا طويل وطويل جداً لكني أختصره بمثال واحد:
يكون عمدة من صَحّح الحديث ليس مخالفاً لمن ضَعَّف، وهذه من النقاط الدقيقة أي: المُصَحِّح يتفق مع الُمضَعِّف في ناحية، لكن يختلف عنه في ناحية أخرى، المُضَعِّف ضعف إسناداً مُعَيَّناً بخصوص الحديث والمُصَحِّح للحديث شاركه في الضعف لكن وجد له إسناداً آخر، قد يكون هذا الإسناد إما صحيحاً
لذاته فات المضعف للحديث أو حسناً لذاته فات المضعف للحديث، أو ضعيف مثل الأول لكن أحدهما يقوي الآخر، هذا من أسباب الاختلاف فما هي الضابطة؟ تريد عالم للحديث فهنا إذاً يظهر ما هي الضابطة؟ أن يرجع إلى علم المصطلح.
مداخلة: تتميم لهذا الموضوع: يقول السائل: يدعي البعض بأن السلفيين يضعفون أحاديث صحت عند الأئمة الأربعة أو بعضهم، ويصححون ما يوافق منهجهم المخالف للمذهبية، فما هو رأيكم؟
الشيخ: أقول: هذه دعوى باطلة وهو كما قيل:
والدعاوي ما لم تقيموا عليها
…
بينات أبناؤها أدعياء
السلفيون الفرق بينهم وبين المذهبيين أنهم لا يتعصبون لإمام من أئمة المسلمين، لا في الفقه ولا في الحديث ولا في شيء آخر وإنما ينتصحون بنصيحة الأئمة أنفسهم الذين نهوا عن تقليدهم وقالوا لأتباعهم: خذوا من حيث أخذنا، نحن نحاول أن نأخذ من حيث هم أخذوا، هم مثلاً أخذوا عن الصحابة والصحابة عن رسول الله، لكنهم ما تقيدوا بصحابي معين، تارة أخذوا عن: أبي بكر .. تارة عن عمر .. كما هم نهجوا هذا المنهج في خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنحن أيضاً نفعل فعلهم نأخذ من مذاهبهم ما وافق الكتاب والسنة الصحيحة لا نتعصب لأحد منهم فتارة نوافقهم جميعاً .. تارة نخالفهم جميعاً؛ لأننا في هذه الحالة الثانية أخذنا وفق ما كان عليه أئمة آخرون وهكذا.
فادعاء أننا نخالف الأئمة أو بعض الأئمة لتأييد مذهبنا نحن ليس لنا مذهب معين .. مذهبنا أن ندور مع الحق حيث كان وهذا الذي أمرونا به.
(الهدى والنور / 310/ 49: 22: 01).