المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقف العامة من اختلاف الفتاوى - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٥

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌التعصب المذهبي

- ‌رأي العلامة الألبانيفي التمذهب

- ‌بيان خطر التعصب المذهبي ونهيأئمة المذاهب عنه وَرَدّ بعض الشبهات

- ‌أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها:

- ‌ترك الأتباع بعض أقوال أئمتهم اتباعاً للسنة:

- ‌شبهات وجوابها:

- ‌هل القول باتباع الكتاب والسنةيعني أن المذاهب مُطَّرحة

- ‌ما الجواب على من يقول: إن الأئمةهم القرون الأولى فوجب اتباعهم

- ‌هل من خالف الأئمة الأربعة يكفر

- ‌هل يجب اتباع مذهب معين

- ‌عودة إلى السنة

- ‌خطر التعصب المذهبي

- ‌هل المسلم ملزم باتباعأحد أصحاب المذاهب

- ‌حكم التلفيق في الأخذ من المذاهب

- ‌هل يجوز ترك العمل بالدليللقول إمام

- ‌هل يجوز إفتاء الناس بمذهب معين

- ‌حول كتاب بدعة التعصب المذهبي

- ‌هل يلزم من ترك التمذهبأن تُهجر المذاهب الأربعة

- ‌حول عبارة الطحاويفي ذم التقليد

- ‌اتهام السلفيين أنهملا يُقَدِّرون المذاهب

- ‌اتهام السلفيين بأنهم يُلْزِمونأئمة المذاهب مالا يَلْزَمُهم

- ‌حول تقليد مشايخ العصر

- ‌سؤال العالم على الدليل

- ‌إفتاء السائل بالمذهب

- ‌الفرق بين الاتباع والتقليد

- ‌المتمذهبون يُحْرَمون اتباع الدليلوهم يجتهدون فيما لا مجال للاجتهاد فيه

- ‌دعاء الشيخ للمسلمين بالعصمةمن التعصب المذهبي

- ‌الشيخ يحمد الله أن عصمه من التعصب المذهبي

- ‌خطر التعصب المذهبي

- ‌إذا لم نتبع المذاهب الأربعة فمن نتبع

- ‌طاعة العلماء

- ‌مناقشة المذهبيين

- ‌ضوابط استفتاء القلب

- ‌طالب العلم والتمذهب

- ‌هل يجوز للمبتدئ في طلب العلماتباع مذهب معين

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌أيُّ المذاهب أفضل لطالب العلم

- ‌حكم التقليد فيالتصحيح والتضعيف

- ‌هل يجوز تقليد العلماءتصحيحا وتضعيفا

- ‌باب منه

- ‌العمل عند اختلاف العلماءفي التصحيح والتضعيف

- ‌كتاب الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌حكم الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌هل الذين يحكمون بالقوانينالوضعية يخرجون من الملة

- ‌إقامة الحجة على الحاكمالذي لا يحكم بما أنزل الله

- ‌معنى الكفر البواح

- ‌تفسير آية (من لم يحكم)

- ‌باب منه

- ‌إسلام النجاشي

- ‌مبايعة من لا يحكم بما أنزل الله

- ‌الموقف من الحاكم الذي يُعَطِّل الشريعة

- ‌حكم الحكام الذين يُشْرِفون على البغاء

- ‌الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌الحكم بين المتخاصمين

- ‌الدعاء على الحكامالذين يضرون بالأمة

- ‌الحكام المضلون

- ‌الطغاة وقتل العلماء

- ‌الحكام والمحكومون لا يُحَكِّمون كتاب الله فأصابهم ما أصابهم

- ‌الحكم بما أنزل الله بين الحكام والمحكومين

- ‌هل تطبيق أنظمة الكفر السياسيةوالاقتصادية يُعَدُّ كفرا بواحا

- ‌حكم من يفرق بين الشريعة والعقيدة

- ‌حكم الخروج على الحكام

- ‌حكم الخروج على الحاكم

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌حكم الخروج على حاكم شيوعي

- ‌حدود طاعة ولاة الأمور

- ‌لا طاعة للحاكم في معصية الله

- ‌هل التعامل في السوق السوداءمخالفة لولي الأمر

- ‌حدود طاعة الأمراء

- ‌ما حكم القيام بأعمال في نفسهامباحة والدولة لا تسمح بها

- ‌حكم التحايل على القوانين الوضعية

- ‌حكم مال من يعمل في بلد بدون إقامة

- ‌حكم التحاكم إلى المحاكم

- ‌حكم التحاكم إلى المحاكم الحالية

- ‌باب منه

- ‌حكم دراسة القوانين الوضعية

- ‌حكم دخول الجامعات التي تُدَرِّسالقوانين الوضعية

- ‌حكم دراسة القانون الوضعي

- ‌متفرقات

- ‌الأئمة من قريش

- ‌معنى الخلافة في قريش

- ‌حكم العمل كموظف عند أئمة الجور

- ‌حكم الاشتغال في سلك القضاء

- ‌جماعة جهيمان

- ‌هل يقال الله هو الحاكم

- ‌إطلاق لفظ صاحب الجلالة على الحاكم

- ‌هل هناك عهد شرعي يلزم صاحبهبالطاعة في المنشط والمكره

- ‌كيفية إقامة الحجة على الحكام

- ‌حول مانعي الزكاة

- ‌الدعاء لولي الأمر

- ‌باب منه

- ‌هل قاعدة كما تكونوا يولى عليكم على إطلاقها

- ‌هل الشورى معلمة أم ملزمة

- ‌نصيحة الشيخ للحكام أن يهذبواأنفسهم بالإسلام

- ‌حكومة المرأة

- ‌العلامة الألباني وفقه الخلاف

- ‌هل الاختلاف رحمة

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌سبب اختلافات الجماعات السنية

- ‌حول الاختلاف في الأصول وفي الفروع

- ‌الاختلاف بين الأئمة

- ‌الاختلاف في طريقة الوصول إلى السعادة

- ‌اختلاف الفتاوى

- ‌حول حديث لا يُصَلّين أحدكم العصر

- ‌الخلاف بين أتباع الأئمة

- ‌الاختلاف بين الشيخ وعلماء الحجاز

- ‌كيف نتعامل مع المخالفينإذا كانت القوة لهم

- ‌أدب الحوار والخلاف

- ‌حكم منكر الإجماع

- ‌موقف العامة من اختلاف الفتاوى

- ‌كيف يعرف خاصة الناس الراجحمما وقع فيه اختلاف

- ‌رأي العلامة الألباني فيجماعة أنصار السنة بمصر

- ‌رأي الشيخ في جماعة أنصار السنة بمصروأتباع الشيخ محمود خَطَّاب السبكي

- ‌رأي الشيخ في أنصار السنة بمصر

- ‌المجددون والتجديد

- ‌ما مجالات التجديد

- ‌هل يشترط أن يكون المجددمن أهل السنة

- ‌من هو المجدد وما هي شروطه

- ‌حكم العزلة

- ‌حكم العزلة

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

الفصل: ‌موقف العامة من اختلاف الفتاوى

‌موقف العامة من اختلاف الفتاوى

مداخلة: سائل يقول: إذا أفتى بعض العلماء بمسألة ما، وأفتى فريق من العلماء آخر بعكس الفتوى الأولى، فأيهما يتبع العامة؟

الجواب: إن عامة المسلمين يجب أن يكون عندهم ثقافة عامة .. العامَّة يجب أن يكون عندهم ثقافة إسلامية عامة، أعني: من الثقافة العامة التي يجب أن يعرفها كل مسلم ولو كان من العامة، أن يعرف أن الحق لا يتعدد، فإذا ما كان هناك كما جاء في السؤال قولان متناقضان، يجب أن يستحضر هذا العامي أن أحدهما هو الصواب، والآخر هو الخطأ، لقول عز وجل:{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ} [يونس: 32].

وإذا استحضر هذه القاعدة حفزه ذلك إلى أن يسأل أهل العلم، أنت تقول جائز، وأنت تقول غير جائز، ما دليلك .. ما دليلك؟ هذا سيفتح أمامه طريقًا من الفهم والوعي فيختار حينئذٍ ما انشرحت له نفسه واطمأن له قلبه، ويكون مأجورًا، أما أن يعمل بخلاف هذه القاعدة الشرعية، وأن يقول كما يقول كثير من الناس اليوم: من قلد عالمًا لقي الله سالمًا، ومن أين جاءت هذه الجملة؟ ليست لا في كتاب الله، ولا في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما هي على ألسنة العامة: من قلد عالمًا لقي الله سالمًا .. لا.

ص: 455

لكن من اتبع هدى الله فهو المهتدي، ومن ضل فعليها، قلنا لكم آنفًا: قال الله {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] قال {أَهْلَ الذِّكْرِ} أهل الذكر ليس المقصود بالذكر هنا هو الذكر الذي يعرفه بعض جهلة الصوفية الذي هو الرقص في الذكر والجنون فيه، ويسمونه كما قال عليه السلام في غير هذه المناسبة:«يسمونها بغير اسمها» يسمون الرقص والتواجد ذكرًا لله عز وجل، وإنما هو اللهو واللعب، مع إثم الآخر وهو تسمية الأشياء بغير أسمائها الشرعية.

فالذكر في الآية هو القرآن، كما قال عز وجل:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] فالذكر هنا هو القرآن، {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] وهنا تنبيه آخر لهذا السائل الذي يسأل: هذا يقول جائز وهذا يقول جائز، يا أخي انظر! هل هنا علماء فعلًا .. هل هم علماء بكتاب الله، وبحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أم هما مختلفان أشد الاختلاف؟ هذا يفتي على كتاب الله، وعلى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذاك ربما يمشي على أربع، أي: لا يمشي على الكتاب والسنة، وإنما المذاهب الأربعة، يأخذ منها هو ما يشتهي.

فشتان بين هذا وبين هذا، لذلك ينبغي أن يميز العامي .. نحن نقول: عامي، ليس معناه أنه لا يعقل .. لا، لو كان لا يعقل كان مجنونًا، ولو كان مجنونًا كان غير مكلف، لكنه يعقل إلا أنه ليس بعالم، إذًا: يجب أن يشغل عقله، فحينما يأتيه قولان، فإما أن يكون أحدهما صدر من غير عالم، فليس لهذا القول أي وزن، فيصفى القول الأول، وقد يقع وهذا لا ننكره: أن كلًا منهما عالم

ص: 456

بالكتاب والسنة، لكن المسألة من مواطن النزاع والخلاف، وهذا يقع كما وقع قديمًا، ويمكن أن يقع اليوم، هنا لا بد لهذا العامي من أن يشغل عقله، وأن يجرد نفسه عن هواه ولا يتبع الهوى فيضل عن سبيل الله، وقد قال عليه السلام:«المجاهد من جاهد هواه لله» .

لكن مع الأسف الشديد إذا كان خاصة الناس اليوم يستقربون الأمور، يقول لك: يا أخي! وكلهم من رسول الله ملتمس، ما ناسبه من هذه المذاهب أخذ بها، فماذا نقول عن العامة، وكما قيل:

إذا كان رب البيت بالدف ضاربًا

فلا على الساكنين فيه إلا الرقص

فإذا كان الخاصة هكذا شأنهم إلا من شاء الله وقليلٌ ما هم، فماذا يكون حال العامة؟ ! نحن نُذَكِّر الخاصة والعامة بأن الدين ليس هوىً وإنما هو العلم، وعلى العامة أن يتعلموا كيف يسألون.

ولعلي ذكرت أكثر من مرة في بعض هذه المجالس الجامعة المباركة إن شاء الله، ذاك الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسل سريًة للجهاد في سبيل الله، فأصيب أحدهم بجراحات في بدنه، فلَمَّا استيقظ صباح يوم، وجد نفسه بحاجة إلى الغسل، فسأل من حوله: أيجدون له رخصة في ألا يغتسل، قالوا: لا، لا بد لك من الغسل، فاغتسل فمات، لأن الجراحات التي كان أصيب فيها، لَمَّا أصابها الماء قيَّحَت وأصابها الصدأ ونحو ذلك وارتفعت الحرارة ومات الرجل.

فلَمَّا بلغ خبره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غضب عليه الصلاة والسلام أشد الغضب،

ص: 457

وقال: «قتلوه قاتلهم الله» أي: الذين أفتوه بأنه لا بد له من الغسل، كانوا سبب قتله:«قتلوه قاتلهم الله، ألا سئلوا حين جهلوا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يضرب ضربًة بكفيه الأرض ويتيمم» وفقط.

فإذًا: هؤلاء أفتوه بغير علم، فنأخذ من هذا الحديث عبرة، أنه لا ينبغي لعامة الناس أن يسألوا أي شخصٍ كان ممن قد يَدَّعي العلم، أو يُدَّعى له العلم، وإنما من عرفت أيها المسلم أنه لا يفتي إلا وهو يصدر من قال الله قال رسول الله، هذا الذي ينبغي أن تُوَجِّه سؤالك إليه، أما هؤلاء الناس الذين يقولون ما لا يعلمون، ويفتون بغير ما جاء في الكتاب والسنة، فهؤلاء ليسوا بالعلماء.

وهؤلاء هم الذين تنبأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنهم حينما قال، كما في صحيح البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله لا ينتزع العلم انتزاعها من صدور العلماء، ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فأضلوا وأضلوا» .

هذا هو واقع كثير من المسؤولين اليوم ممن يُظَنّ أنهم من أهل العلم، فيقع السائل العامي في حيرة، هذا يقول حرام وهذا يقول حلال، أو هذا يقول فرض وهذا يقول سنة، أو غير ذلك من المسائل الخلافية.

يجب إجراء عملية تصفية في أذهان كل العامة تصفية العالم بالكتاب والسنة، عن العالم الذي هو كما قال بعض الظرفاء في بلادنا السورية، قال: العلماء قسمان .. قسم عالم عامل، وقسم عامل عالم! .. عالم عامل، أي بعلمه،

ص: 458

وآخر عامل عالم، يعني: عامل حاله عالم وليس هو من العلم في شيء، وهذا مع الأسف موجود، والذي لا يعرف يجرب.

اسأل من شئت ممن تظن من أهل العلم المعروفين عند الناس، ولا نسم ولو باللقب، سلو من شئتم، مع أن هذه مسألة فقهية فيها خلاف، سيقول لك بناءً على مذهبه الذي ترعرع ونشأ وشاب عليه، سيفتيك به، ستقول له: ما هو الدليل؟ سيقول: نحن من أهل الدليل .. نحن ما الذي يفهمنا الدليل؟ هذا إذا كان صريح، أما إذا كان كتيمًا سيقول لك: أنت ما الذي يعرفك بالدليل؟ فهو يستر جهله بتجهيل غيره، هذا مع الأسف واقع كثير من الناس اليوم، والمستعان الله.

(سلسلة الهدى والنور (455) /00: 12: 25)

ص: 459