الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيُّ المذاهب أفضل لطالب العلم
؟
مداخلة: أي المذاهب أفضل وأوصل لطلب العلم
…
الشيخ: الشافعي وأحمد، لأنهما أقرب إلى السنة بكثير، أما أحمد لأنه أوسع اطلاعاً من كل الأئمة، وهذه حقيقة يعرفها كل من درس السنة، والشافعي مع أنه ملم بقسم كبير من السنة فهو أقوى من الإمام أحمد في معرفة اللغة العربية وآدابها، ثم بأصول الفقه وهو أول من وضع كتاباً في الأصول، وهو الكتاب المعروف باسم الرسالة، ولذلك يستعين طالب العلم بفقه هذا وحديث ذاك، فيجمع الخيرين من الرجلين، وقد ثبت عن الإمام الشافعي رحمه الله وهذا من إنصاف الأئمة وفضلهم وخوفهم من ربهم، قال: يا أحمد! أنت أعلم بالحديث مني، فإذا جاءك الحديث صحيح فأعلمني به، سواء كان حجازياً أو شامياً أو مصرياً، ولعله ذكر بلاداً أخرى، وفي هذا نكتة أو إشارة ناعمة للإمام الشافعي إلى عدم تقليده لإمامه مالك إمام دار الهجرة، مالك كان يقدم الأحاديث الحجازية على كل أحاديث البلاد الأخرى، وله وجهة نظر في ذلك، على اعتبار أنه كان مقر نخبة الصحابة، حيث كان هناك الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة، واستقر فيها كبار الصحابة، ومات من مات منهم فيها، أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، لكن معلوم تاريخياً أن كثيراً من الصحابة رحلوا إلى البلاد الأخرى، ونقلوا معهم ما كان
في صدورهم من علم تلقوه من نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم، فلا ينبغي هدر هذا العلم الذي كان في صدورهم، لذلك قال الشافعي: أنت أعلم مني بالحديث. لماذا؟
لأن الشافعي أقام في مكة، ثم رحل إلى مصر، فاستفاد في مصر علماً جديداً لم يكن عليه من قبل، ولذلك صار له مذهبان قديم وحديث، ولمجرد أنه انتقل من إقليم إلى آخر اتسعت دائرة معلوماته وصار عنده مذهبين، فماذا يقول الإنسان بالنسبة للإمام أحمد الذي طاف البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً في سبيل جمع العلم من العلماء الذين رووه بالأسانيد عن الصحابة الذين كانوا يتفرقون في مختلف البلاد، بسبب الفتوحات الإسلامية.
يا أحمد! إذا جاءك الحديث صحيحاً فأخبرني به فأنت أعلم به مني، سواء كان حجازياً أو شامياً أم مصرياً.
لكن من حيث الاستنباط والفهم للنصوص والآيات الإمام الشافعي بشهادة كل من درس حياته هو أعلم من الإمام أحمد، لذلك ما يدرس الذي يريد أن يدرس مذهباً للقصد الذي سبق السؤال والجواب عنه فيختار مذهب الإمام الشافعي أو مذهب الإمام أحمد.
زد إلى ذلك شيئاً آخر: أن الإمام الشافعي من حيث أتباعه له مزية لا توجد في أتباع الآخرين، أتباعه أكثر وأحرص على اتباع قاعدة الأئمة كلهم وهي: إذا صح الحديث فهو مذهبي، ففي الشافعية جماعة كثير جداً ظهروا من بين الشافعية بأنهم خالفوا الإمام الشافعي في كثير من المسائل، بينما لا تكاد ترى شخصاً من العلماء الذين جاءوا من بعد من الأحناف أو الموالك خالفوا أئمتهم اتباعاً منهم لنصهم الذي هو أصل: إذا صح الحديث فهو مذهبي.
فالذي يدرس المذهب الشافعي يستفيد من هذه الدراسات الجديدة التي وقعت من أتباع الإمام الشافعي وهم واضعون نصب أعينهم قوله: إذا صح الحديث فهو مذهبي، ومزية أخرى وجد في الشافعية من أئمة الحديث أكثر بكثير من أئمة الحديث في المذهب الحنفي، الذين يشار إليهم بالبنان من الأحناف الذين عندهم علم الحديث قليلون جداً، بينما في الشافعية كثر، وتجد في الشافعية كتب تخريج أحاديث المذهب الشافعي، كتب، بينما لا تجد في المذهب الحنفي إلا كتاباً واحداً، وهو نصب الراية لأحاديث الهداية.
مداخلة: الكتب هل فيه غير تلخيص الحبير من تخاريج كتب الشافعية؟
الشيخ: طبعاً فيه كتب كثيرة، التلخيص سبقه ابن الملقن وعندك تخريج الحافظ العراقي مثلاً في إحياء علوم الدين للغزالي، والزركشي، في كتب كثيرة تخريج لهم، كنت أشرت إلى بعضها في مقدمة الأحاديث الضعيفة، الحقيقة هذه مزايا ترفع من شأن المذهب الشافعي، وتجعله في المقدمة لمن يريد أن يدرس مذهباً من المذاهب الأربعة.
المذهب الحنفي له مزية تعجب ناساً آخرين: وهو أنه يستعمل الرأي كثيراً، وهذه الناحية تعجب العصريين اليوم، الذين يريدون أن يجعلوا الدين يتجاوب مع الرغبات والطلبات التي تختلف باختلاف الزمان والمكان، فيعجبون بهذا المذهب أكثر من إعجابهم للمذاهب الأخرى، وبخاصة مذهب الإمام أحمد الذي يؤثر السنة على أي شيء آخر.
(الهدى والنور / 39 / .. : 53: .. )