الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خطر التعصب المذهبي
قال الإمام منكرا على بعض متعصبة الحنفية:
كفاكم أيها القوم لفًا ودورانًا دفاعا عن إمامكم مع أنه ليس بمليم، لأنه وقف عند ما علم، فعليكم باتباع ما ثبت في السنة فإنها هي الأصل فإذا فاتت الإمام فلم تفتكم، وقامت بها الحجة عليكم.
الضعيفة (12/ 1/298).
إذا لم نتبع المذاهب الأربعة فمن نتبع
؟
السائل: ماذا تنصح طبعاً بالنسبة للأئمة الأربعة ما دام لا نتبع مذهب معين، ماذا تنصح بأن نتبع إذا كان مثلاً الأئمة قد يؤدي مثلاً إلى خلاف بين المسلمين مثل المذاهب الأربعة قد يكون الإنسان متبع مذهب معين ماذا تنصح أن نتبع إن شاء الله؟
الشيخ: هذا سؤال مهم الحقيقة، أنا جوابي عن هذا السؤال مجمل ومفصل، والمجمل سيفهمه أولوا العلم، وهو أن نعود كما كان السلف الصالح، هذا هو المجمل، أعني: هل كان هناك في السلف الصالح مذاهب؟ طبعاً الجواب: لا، طيب هل كانوا كلهم علماء فقهاء؟ الجواب أيضاً لا، إذاً
سؤالين جوابهما صحيح، أي ذاك المجتمع بالرغم أنه لم يكن كل فرد منهم عالماً مع ذلك لم يكن هناك مذاهب، فماذا كانوا يفعلون؟ كانوا يطبقون آية كنت ذكرتها في الجلسة السابقة وهي قوله تعالى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
هذا الجواب المجمل، الجواب المفصل يتقدمه، كيف لنا أن نعود إلى مثل ما كان السلف الأول، أي أن نعود إلى لا مذهبية، وإلى أن نعود علماء وغير علماء في المجتمع الواحد؟ أنا أعتقد عقيدة قد يراها البعض غريبة جداً، هل كان المجتمع الأول يعني صافي من حيث المعاصي مية مية؟ لكن ماذا كان يغلب عليه؟ الصلاح والصفاء، إذاً نحن نقنع بأن يعود مجتمعنا هذا كما كان ذاك المجتمع أن يغلب عليه الصلاح.
خطوة ثانية: هل كان ذاك المجتمع كل أفراده جهالاً؟ الجواب: لا، هل كانوا كلهم علماء؟ سبق: لا، السؤال لعله الأخير كما أرجو هل كان العلماء فيهم يعني قائمين بسد فراغ العلم؟ بلى بمعنى هل كانوا يعني عددهم يتناسب مع عدد الجهال بحيث أن هؤلاء الجهال يجدون ملجأ لهم وملاذاً في أسئلتهم، مش واحد مثلاً أفتي قد يصعب أنه يرجعوا له كلهم، وإنما عندهم ماذا مفتون كثيرون علماء، وضح سؤالي إذاً كان نسبة عدد العلماء مع نسبة عدد الجهلاء صح، يعني الجهال يجدون من يسألون، الجهال يجدون من يسألون، أما الآن ليس الأمر كذلك، والسبب أن العلم أصبح تقليدا وأعرض جماهير ممن يقال عنهم إنهم علماء عن الرجوع إلى المصادر الأساسية الكتاب والسنة هذا له باطن بالإضافة إليه أن من ينبغي أن ينشغل بالعلم حتى يصبح عالماً يرجع الناس عند احتياجهم للسؤال هؤلاء
انشغلوا بأمور أخرى أقل ما يقال فيها إنها أمور ما جاء أوانها بعد، وأنا أذكر لكم مثلاً لا بد أنكم سمعتم أو قرأتم في الجرائد أنه يوجد الآن نشاط سياسي في الجزائر حيث أعلنوا إضراباً عاماً يمكن بلغكم شيء من هذا، أنا لا أؤيد هذا الإضراب لأسباب كثيرة وكثيرة جداً لكن الشاهد هو أن أقول لكم: ما يأتي هناك نحو خمس ملايين من المسلمين متحمسين للإسلام جمعني مجلس مع بعضهم هنا في عمان قريباً، فأنا أنكرت عليهم أن يشتغلوا الآن بالسياسة وقلت لهم يجب أن تشغلوا أنفسكم بشيئين اثنين العلم وأعني بصورة خاصة تصفية هذا العلم الموروث مما ليس منه، من ذلك المثال السابق كراهة الصلاة وراء المخالف للمذهب فضلاً عن أمور أخرى كثيرة وكثيرة جداً تشغلون أنفسكم بالتصفية وبالتربية، تربية الجيل الناشئ الصاعد الآن على هذا الإسلام المصفى، قلت لهم: أنتم في الجزائر تعدون نحو ثلاثين مليون مسلم، ترى الأطباء الذين يعالجون أمراضكم المادية هم يعني بالمئات والا بالألوف المؤلفة؟ قالوا: طبعاً الألوف المؤلفة، قلت: هل عندكم ألوف
مؤلفة من العلماء إذا احتجتم أن تسألوهم عن طريقة إقامة الدولة المسلمة وعن الأحكام المتعلقة بأشخاص بصلاتهم بعبادتهم وعلاقتهم مع بعضهم البعض الزوجين الأولاد إلى آخره، في عندكم علماء بنسبة هذا العدد والَّا ما في عندكم علماء؟ قالوا: الواقع ما في عندنا، إذاً كيف تريدون أن تستبقوا النتائج وأن تقيموا الدولة المسلمة وأنتم بعد لم تحققوا حكمة لأحد الدعاة الإسلاميين في العصر الحاضر، أنا كنت أقول لو كان هناك وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقلت هذا من الوحي: «أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم، تقام لكم في
أرضكم».
الشاهد من هذا كله الجواب التفصيلي أنه ينبغي العودة إلى تحقيق المجتمع ذاك الجيل المثالي الذي لا يمكن أن يكون مثله، ولكن الأمر كما قيل:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
…
إن التشبه بالكرام فلاح
ولريثما يأذن الله تبارك وتعالى لأن يعود المسلمون أو على الأقل أن يعود بعض المسلمين إلى مثل ذاك المجتمع وهذا لا بد منه وإنه لحق مثل ما أنكم تنطقون، أما هذه الملايين المملينة من المسلمين كلهم يعودوا إلى هذا النهج السليم الله على كل شيء قدير، لكن بعيد عن ما ينبينا عنه الواقع إلى ريثما أن يعود المسلمين إلى تحقيق ذلك المجتمع الذي سيقضي على الفرقة المذهبية وعلى التكتلات الحزبية بصورة كما يقولون اليوم أتوماتيكية، لأن التاريخ يعيد نفسه في الإسلام الأول ما في مذاهب ما في طرق ما في أحزاب ما في أي شيء، إلى ريثما يعود هذا المجتمع المفروض علينا إقامته، أنا أقول حينئذ لا بد لكل مسلم من أن يدرس مذهباً من المذاهب الأربعة إذا أراد أن يطلب العلم، ولكن بشرط واحد ألا يجعل دراسته لمذهب من هذه المذاهب ديناً، لأن الدين كما نعلم جميعاً بنص القرآن الكريم إن الدين عند الله الإسلام، وأريد أن أقول هنا للمتعصبة لا يوجد هناك مذهب يمثل الإسلام كل الإسلام، وإنما المذاهب بمجموعها تمثل الإسلام، واضح فإذا أنت تعصبت لمذهب بتعصبك هذا ضيعت قسماً كبيراً من الإسلام لأن المذاهب الأخرى لا يمكن أن نقول إنها خالية من الإسلام، كما أننا لا نستطيع أن نقول إن هذا المذهب
الذي أنا نشأت عليه هو كل الإسلام، فأنا ضربت لكم مثلاً آنفاً أني أنا ألباني ابن ألباني والألبان مثل الأتراك لا يعرفون الإسلام إلا أنه المذهب الحنفي، لكن أنا بفضل الله عز وجل عرفت أنه المذهب الحنفي لا يمثل الإسلام من ألفه إلى يائه، وكل المذاهب هكذا فضلاً عن المذاهب الخارجة عن دائرة السنة، إذاً اطلب العلم بطريق مذهب من المذاهب لكن ضع نصب عينك أن تصل إلى اتباع الحق حيثما كان، وهذا اليوم ميسر ومذلل بسبب هذه المطابع التي أصبحت تقدم إلى الناس الألوف المؤلفة من الكتب قديمها وحديثها ما يمكن أن يوثق بها، وما لا يمكن أن يوثق بها فالباحث حينئذ يستطيع بسبب هذه
الوسيلة التي جَدَّت في عصرنا أن يتعرف على كثير من المسائل في المذاهب الأخرى هي الحق، وحينئذ لا يتعصب لمذهبة لأنه ليس كله إسلاماً وإنما يتعصب له ما دام لم يتبين له خلافه، هذا هو جواب ما سألت ولعلي أجتبك.
(الهدى والنور / 539/ 42: 09: 00)