الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكم بغير ما أنزل الله
سؤال: ما هو واجب المسلمين تجاه حكامهم إذا ظهر من هؤلاء الحكام أمور مخالفة للشرع مثل تحكيم غير شرع الله، وإباحة الزنى والربا والخمر وموالاة الكفار، والبراءة من المسلمين .. إلخ؟
الشيخ: أما ما هو حكم المسلمين تجاه هؤلاء الحكام فهو كما نقول نحن مبدئياً لا شيء، مبدئياً لا يجب عليهم شيء تجاههم، لكن يجب عليهم كل شيء تجاههم، وكيف هذا؟
لا يجب عليهم تجاههم شيء آنياً، لكن يجب عليهم مستقبلياً كل شيء، وذلك لا يتحقق إلا بما نسميه نحن بالتصفية والتربية، وذلك بأن يعنى المسلمون الذين حقيقةً يريدون أن يتخذوا موقفاً إسلامياً تجاه هؤلاء الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله، هؤلاء يجب عليهم أن يعيدوا في أنفسهم سيرة سلفهم الصالح، وبخاصة السلف الأول الذي كان عليهم نبينا صلوات الله وسلامه عليهم، نحن نقول: لابد من التصفية والتربية بين يدي ذلك، لماذا؟
لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي بعث في مكة لم يصنع شيئاً من معاداة الكفار، ومن أن يتخذ تجاههم موقفاً عدائياً حربياً وإنما اتخذ تجاههم موقفاً دعوياً كما يقولون اليوم من حيث الدعوة إلى لا إله إلا الله، إلى عبادة الله وحده لا شريك له،
واستمر كما تعلمون على ذلك ثلاثة عشرة سنة وهو في مكة ثم هاجر، والقصة معروفة لدى المسلمين جميعاً، في هذه السنوات العشر زائد ثلاث سنين لم تكن وظيفة الرسول عليه السلام سوى الدعوة، أي: تعليم من استجاب لدعوته ما يلزمهم من أن يتعرفوا على أحكام دينهم التي كانت تنزل تترى واحدة بعد أخرى، وكان ولا شك عليه الصلاة والسلام يعنى بتعليم أصحابه وتربيتهم على هذا الإسلام المصفى، ولذلك لما ابتلوا وعذبوا صبروا صبراً عظيماً جداً، حتى أذن لهم من ربهم تبارك وتعالى بالهجرة الأولى إلى الحبشة مرتين كما هو معلوم، ثم بالهجرة الأخيرة إلى المدينة المنورة، ثم بدأ الرسول عليه السلام هناك يضع النواة لإقامة الدولة المسلمة.
الآن أنتم إذا نظرتم إلى العالم الإسلامي كلاً أو نظرتم إليه جزءاً في بعض البلاد فسوف لا تجدون شعباً يصدق عليه بأنه تعلم تعلماً إسلامياً صحيحاً، زائد تربى على هذا الإسلام الصحيح، هذا لا وجود له، ولذلك فنحن نعتقد جازمين أن أي تحرك حزبي أو تكتل سياسي لا يقوم على هذا الأساس أي: لا يعيد إلى أذهان المتحركين ما فعله إذا صح هذا التعبير لأني لأول مرة أقوله سيد المتحركين، وهو الرسول عليه الصلاة والسلام إلى هؤلاء الذين يتحركون بأحزاب كثيرة ومتعددة المناهج، إذا لم يسلكوا مسلك الرسول عليه السلام الذي ينحصر في أساسين اثنين أو ركيزتين عظيمتين التصفية والتربية فلا فائدة من هذه التكتلات ومن هذه الحزبيات إطلاقاً، مذكراً بأن هناك فرقاً كبيراً جداً بين المسلمين اليوم من حيث ما يجب عليهم تحقيقه من التصفية، وبين المسلمين الأولين، المسلمون الأولون لم يكونوا بحاجة إلى التصفية لأن الوحي كان ينزل عليهم صفواً، غير مشوب بأي شيء دخيل على الإسلام،
وهذا أمر بدهي ظاهر جداً أما اليوم فأنتم تعلمون أن المسلمين صدق فيهم قوله عليه السلام وأكثر في الحديث المعروف: «وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة
…
» إلخ الحديث، الآن هل المسلمون الذين يريدون أن يتحركوا هل هم يتحركوا على أساس من التصفية والتربية؟ في ظني لا، لأن هذه التصفية تحتاج إلى زمن طويل ومديد، كم من السنين احتاج ضد التصفية؟ تعلمون ماذا أعني بضد التصفية، يعني: كم مضى على الإسلام ويدخل فيه ما ليس من الإسلام؟ سنين كثيرة وكثيرة جداً، خاصة بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية.
إذاً: فكما نعلم دائماً وأبداً: إذا كان التخريب يحتاج إلى جهد وتعب والبناء يحتاج إلى تعب أكثر، وإذا كان التخريب الذي يقترن به تعب هو أسهل من التعمير فإذاً: التعمير أصعب ويأخذ زمناً.
إذاً: نحن الآن لا يوجد لدينا ذاك الإسلام الذي كان في عهده عليه السلام الذي عبر عن جزء منه حينما قال عليه السلام في حق عبد الله بن مسعود: «من أراد أن يقرأ القرآن غضاً طرياً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» ، فهل الإسلام اليوم غض طري، الإسلام ككل هل هو غض طري كما أنزل؟ لا، فهناك اختلاف في العقائد، واختلاف في الأحكام، واختلاف في السلوك، وأوضح شيء قضية الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي يعرفها الأطفال الصغار، أن السنة ليست مصفاة كما كانت يوم كان الرسول عليه السلام يلقنها أصحابه.
إذاً: فنحن بحاجة إلى هاتين الركيزتين: التصفية والتربية، وعلى هذه نحن ندندن، ولذلك قلنا ما قلنا آنفاً: هو وكل أفراد المسلمين نأمرهم بأن يتعلموا
الإسلام وأن يستعينوا بقدر الإمكان بهم على أن يفهموه كما أنزل، وأن يربوا أنفسهم تربية، ما يكون تعلمهم للعلم كما يقولون للعلم فقط، وإنما يكون له وللعمل أيضاً، {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105].
نعم.
سؤال: حتى يا شيخ لو رأينا مثلاً من هؤلاء الحكام كفر بواح، حتى يا شيخ مثلاً نرى منهم كفر بواح.
الشيخ: عفواً حتى تفعل ماذا؟
السائل: لا، ماذا نفعل إذا رأينا منهم كفراً بواح.
الشيخ: الجواب ما سمعت.
السائل: ما سمعته.
الشيخ: ما سمعت آنفاً مني.
السائل: حتى ولو أخرجنا من ديارنا؟
الشيخ: الله أكبر، الرسول أخرج من دياره، سبحان الله! اسمع: نحن أوسع مما قد يظن البعض، نحن نقول الكلام الذي ندين الله به، لكن خلينا نتوسع قليل، ماذا بإمكاننا أن نفعل إذا ما رأينا كفراً بواحاً، ماذا بإمكاننا، ونحن لم نحقق الركيزتين السابقتين؟ السؤال واضح؟
السائل: واضح.
الشيخ: طيب، الجواب ما هو؟
السائل: الجواب أنه لابد أن تكون عدة يا شيخ، عدة علمية عدة حربية.
الشيخ: وهذا الذي نحن ندندن حوله، لكن ما أجبتني ماذا نفعل تجاه هؤلاء الكفار الذين رأينا كفراً صراحاً، ماذا نفعل، هل عندنا غير أن نعيد التاريخ الأول، ماذا فعل الرسول عليه السلام حينما رأى الأصنام على ظهر الكعبة، ماذا فعل؟ هل حطمها؟
السائل: ولكن تبرأ منها يا شيخ.
الشيخ: ما أجبتني.
السائل: ما حطمها ولكن تبرأ منها.
الشيخ: فإذاً: التبرؤ كيف كان؟
السائل: كان باللسان.
الشيخ: طيب وهذا الذي نقوله؟ أراك تنهزم بسرعة، اثبت.
سؤال: يعني: فيه حديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يرفع السكين في الطور المكي ويقول لمشركي قريش: جئتكم بالذبح.
الشيخ: كان يرفع السكين هذه حاشية من عندكم، أما قوله: جئتكم بالذبح فهذا صحيح، أما أنه بالسكين يرفعها فهذه حاشية من عندكم أو ممن أسمعكم ذلك.
مداخلة: في الطور المكي يقول.
الشيخ: ما أدري والله الآن أنت تذكرنا
…
مداخلة:
…
يقول: جئتكم بالذبح.
الشيخ: نعم نحن نعرف هذا الحديث، لكن الآن التساؤل هل هو في الطور المكي أو المدني، وسواء كان هذا أو ذاك لا يعني .. سبحان الله أنا أحمد الله عز وجل أن الذي يحيى ويعيش مع السنة يتأثر بها، أنا قلت لكم آنفاً كلمة أنسيتها لعل بعض الإخوان يذكرني إياها، بالنسبة لما يتعلق بالدولة، قلت ..
مداخلة: رجل ملة لا رجل دولة.
اشليخ: لا لا، قبل قبل، قلت كلمة: نحارب الدولة أو لا نحاربها، نحاربها ولا نحاربها، تذكرتم هذه الكلمة؟ فقولي: نحاربها هو الذبح، لكن ليس هو الذبح المستعجل الذي يتبادر إلى الذهن، هو الذبح الآجل يعني: نحن نتهيأ للقضاء على هذه الطواغيت، أما الآن فنحن لا نستطيع أن نعمل شيئاً، كثيراً ما أقول: لابد أنه وصلكم شيء من رشاش من كانوا يسمون قديماً بجماعة التكفير والهجرة، والآن يسمون بالمجاهدين أو الجهاد، لابد بلغكم شيء من دعوتهم.
مداخلة: وهذا هو الذي طرأ الآن.
الشيخ: أنا أعرف هذا، فهؤلاء يرفعون صوتهم عالياً في محاربة الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، أليس كذلك؟ طيب، هؤلاء لا نتكلم عن مقاصدهم وطواياهم هذا علمه عند ربي، لكني أقول: هؤلاء أطفال مغرر بهم، أنا أقول لهؤلاء: قاتلوهم ها هم أمامكم في كل بلاد الإسلام هل يستطيعون أن يعملوا شيئاً؟ نعم عملوا شيئاً وما عملوا شيئاً، أنا أكرر هذه النغمة المتعارضة، عملوا شيئاً وما عملوا شيئاً، عملوا شيئاً أهلكوا ناساً كثيرين في سبيل إقامة الحكم بالإسلام، وما عملوا، كلكم يذكر ما وقع في المسجد الحرام، فتنة المسجد الحرام، ثم فتنة مصر وفتنة سوريا، فماذا كانت العاقبة؟ رجعت الدعوة القهقرى ما شاء الله من سنين، ذلك لأنهم يبتلون بالاستعجال بالأمور،
وهناك حكمة تقول: من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه، فهؤلاء الآن يرفعون أصواتهم عالية، ويفرقون بين الجماعات الإسلامية لأن هؤلاء لا يقاتلون هؤلاء الحكام، طيب هم يقاتلون؟ هم لا يفعلون شيئاً سوى أن يزيدوا في الفرقة فرقة، وأن يزيدوا في المسلمين ضعفاً، وإلا فإنهم لا يستطيعون أن يقاتلوا هؤلاء الحكام، وهم مستعدون بكل سلاح مادي وأولئك الذين يزعمون بأنه يجب علينا أن نقاتل هؤلاء لأننا رأينا كفراً بواحاً ثم لا يفعلون شيئاً، لماذا؟ لأنهم ما استعدوا، كما قال تعالى:{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التوبة: 46]، فإذاً: نحن نتخذ العدة وهي على الركيزتين السابقتين ذكراً، لابد من التصفية والتربية، وهؤلاء الذين ينتمون الآن إلى الجهاد هم الحقيقة ليس فيهم شيخ أولاً أعني بالشيخ لغة، ليس فيهم شيخ مسن، يعني: جرب الأمور وعرف أوضاع الناس والشعوب وطبائعهم وأخلاقهم، فضلاً عن أن يكون فيهم شيخ لغة وعلماً، كلهم من الأحداث الذي جاء ذكرهم في بعض الخوارج الأولين حدثاء الأحلام، ولذلك لا ينبغي أن نغتر بمثل هذه الاستعجالات للقضاء على الحكم بغير ما أنزل الله لإقامة
الحكم بما أنزل الله لأن الأمر لا يكون بمجرد هذه العواطف الجامحة التي لا حدود لها، وما أحسن ما قيل:
أوردها سعد وسعد مشتمل
…
ما هكذا يا سعد تورد الإبل
(الهدى والنور/467/ 58: 28: 00)
(الهدى والنور/467/ 36: 38: 00)
(الهدى والنور/467/ 27: 40: 00)