الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الخروج على حاكم شيوعي
السائل: ورد سؤال من بعض الإخوة، يقول السائل ما الحكم الشرعي من طلبة العلم في بلد حكمه شيوعي، أمضوا سنوات في إعداد الشباب في ذلك البلد لتغيير نظام الحكم الكافر الشيوعي، فاستطاعوا أن يجمعوا أعداداً كبيرة من الشباب من مختلف أنحاء تلك البلاد، نسبة كبيره منهم تدربوا تدريباً عسكرياً، جيداً، ويحملون العقيدة الصحيحة، وقد اعدوا أسلحة لا باس بها، هل يعلنون الجهاد ضد ذلك الحكم الكافر، أم ينتظرون محكومين بالكفر، وما هو حكم اغتيال رؤوس ذلك الكفر في ذلك البلد، لإشعال جذوة الجهاد؟
الشيخ: هذا السؤال يمثل، حُمى سادت وحرارة توضع في غير أماكنها، لا يمكن الإصلاح أي إصلاح كان، خاصة إذا كان إصلاحاً انقلابياً خطيراً، كهذا الذي يلمح السؤال إليه، لا يمكن أن يكون إلا على طريقه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، حيث إن المسلمين جميعاً، يقتدون أو على الأقل المفروض أن يقتدوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل شيء، في كل حركة وسكون، فإن الله عز وجل، حينما قال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، يقصد انه، هو عليه السلام قدوتنا في كل شيء، سواءً كان عظيماً أو كان صغيراً، كذلك قوله عليه الصلاة والسلام، في خطبه التي كان يجعل فاتحتها أما بعد، فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدً صلى الله عليه وآله وسلم، إذا كان الأمر كذلك، فيجب على كل مسلم، أو كل طائفة مسلمة أو جماعة مسلمة، أنهم إذا
أرادوا أمراً، أن يضعوا أمامهم هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في ذلك الأمر الذي هم قادمون عليه، ومشرفون عليه، هل هكذا فعل عليه الصلاة والسلام، حتى هم يفعلوا بمثل فعله، ويقتدوا به صلى الله عليه وآله وسلم، هذه مقدمه لا بد ليس فقط أن تكون معلومة عند الشباب، بل يجب أن تكون راسخةً، كما يقال في سويداء قلوبهم، وما ينطلقون وما يتصرفون تصرفاً ما، إلا على هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فالآن كما يقولون التاريخ يعيد نفسه، نحن الآن نشكوا من ظلم الحكام، وطغيان القوانين التي أخذت من الكفار الذين استعمروا البلاد الإسلامية برهة من الدهر، ثم لما خرجوا منها، خلفوا من ورائهم قوانينهم المخالفة لحكم الله تبارك وتعالى، فهي لا يزالوا الحكام يحكمون بها على مخالفتها لحكم الله ورسوله نشكوا نحن هذه الشكوى، ونساق بأحكامهم، المخالفة لشريعة الله، ونظلم ونسجن ونقتل وو
…
إلى أخره، هذه فتن معروفه، نريد الخلاص من هذا الحكم، الذي هو حكماً بغير ما انزل الله، سوءً كان شيوعياً أو كان ديمقراطياً، أو كان أي نظاماً ليس هو نظام الإسلام، فما هو طريق الخلاص؟
طريق الخلاص هو طريق الرسول عليه الصلاة والسلام، لقد عاش النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعوته كما تعلمون جميعاً، ثلاثة عشر سنه في مكة تحت حكم الطاغوت، فماذا فعل، لم يفعل شيئاً سوى أنه دعى الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وإلى تثقيفهم، وتعريفهم بشريعة ربهم، ثم لما اشتد الضغط على المسلمين هناك، أمرهم بان يهاجروا إلى الحبشة، لأنه كان هناك رجل من ملوك الحبشة، كان من الملوك العادلين، وهو المعروف اسمه بالنجاشي، فأمر رسول الله عليه السلام، من كان لا يستطيع أن يصبر، تحت ذلك الحكم الجائر، أن يخرج من هذا الحكم إلى ذاك البلد الذي فيه، العدل والحرية، ونحو ذلك، ثم جاء هجره ثانية إلى الحبشة، ولهذا تاريخ معروف في السيرة،
ثم أُمِرَ عليه الصلاة والسلام أن يهاجر هو بنفسه إلى المدينة بعد أن كان قد اصطفى من أهل المدينة، رجالاً امنوا بالله ورسوله، كان قد اجتمع بهم، في بيعة العقبة، فلما شعر أو عرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه قد قامت نواة من الرجال المؤمنين في المدينة، هاجر إليهم، وهناك بدأت هذه النواة تؤتي أكلها وثمارها، وتمتد دعوتها، فتشمل بيوت كثير من بيوتات المدينة وأهلها، وجرت بعد ذلك المعارك بين المسلمين الذين غزوا في عقر دارهم في المدينة المنورة من المشركين، والذين جاؤوا من مكة إلى المدينة للقضاء على هذه الدعوة، إلى آخر ما هنالك من السيرة المعروفة، فالآن نتعجب نحن من هؤلاء الشباب الذين يخالفون طريقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويتعجلون الأمر باستباق الأمور قبل أن يأتي أوان الجهاد، الذي لا بد منه، يوماً ما.
ولكن هذا الجهاد لا بد له من مقدمات، أول ذلك فهم الإسلام الصحيح، فهماً صحيحاً، وتطبيقه على هؤلاء المسلمين تطبيقاً كاملاً، فيوم يتجمع طائفة من الناس، يبلغون اثني عشر ألف من هؤلاء المسلمين الذين فهموا الإسلام فهماً صحيحاً، وطبقوه في نفوسهم، حينئذً سوف لا يكون بهم حاجه أن يثوروا بل سيثار عليهم، كما وقع مع الرسول عليه الصلاة والسلام، سيضغط عليهم وربما سيضطرون إلى أن يهاجروا إلى مكان آخر إما ليعودوا إلى بلدهم، أقوي ما كانوا، أو أن يؤسسوا جماعتهم، ويكتلوا جمعهم في بلدٍ أخر، وهذه الأمور بيد الله عز وجل، ولكن المقصود هو أنه يجب على أي طائفة تريد أن تحقق ما جاء في السؤال، من الجهاد في سبيل الله عز وجل، والقضاء على الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، هذا لا بد له من الفهم الصحيح للإسلام، والتطبيق الصحيح لهذا الإسلام على الملتزمين به، وفي اعتقادي أن هذا لا يوجد اليوم مع الأسف الشديد، في أي أرض من الأراضي الإسلامية،
وذلك لأن الأمر إذا كان خفياً، فمعنى ذلك أنه لن يتكون هذه الجماعة، ولن تظهر قوتهم، وإلا فما بالهم يعملون في كما يقال في ليلة لا قمر فيها، وما بالهم لا يستعينون بالمسلمين الآخرين، الذين قد يلتقون معهم، في خطهم المستقيم، في العمل بالإسلام الصحيح، لعلكم تذكرون بعض الجماعات التي قامت لتنفيذ مثل هذا الغرض، في بعض البلاد الإسلامية، ثم كان عاقبة أمرهم أن رجعت الدعوة إلى القهقرة، آخر شيء وقع في سوريا مثلاً، ونحن من سكان سوريا، بعد أن ثارت الثورة السورية ضد البعث وهو بلا شك يعني، حكم غير إسلامي، بل هو حكم كافر، ما كان المسلمون في سوريا فقط يعلمون بان هناك جماعه يعملون سراً، وإلا لو أعلنوها لتجاوب المسلمون معهم، من كان يريد له الحياة الآخرة، فماذا كانت النتيجة، كما تعلمون قضي على هذه الحركة، وسفكت دماء ألوف المسلمين، من الشبان والرجال والنساء، والأطفال، وهدمت البيوت، بل والمساجد على من كان
فيها إلى آخره، لماذا؟
لأنهم لم يسلكوا طريق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في القيام بدولة الإسلام، لذلك أقول، جواب هذا السؤال باختصار أننا لا ننصح، بأي حركه انقلابية يراد إقامتها اليوم، لسببين اثنين، السبب الأول انه، خلاف هدي الرسول عليه السلام، والسبب الثاني لأن مثل هذه الخلافات قد جربت، فلم تفلح ولم تنجح، ومن رأى العبرة بغيره، فليعتبر، هذا جواب السؤال.
(الهدى والنور /429/ 50: 19: 00)