الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا طاعة للحاكم في معصية الله
[انقطاع في الحديث في مجلس الشيخ]
الشيخ: ليس لمسلم أن يطيع أحداً في معصية الله عز وجل سواء كان أميراً حاكماً أو كان عالماً أو كان أباً أو أي شخص آخر له إمرة وولاية على المسلم، فلا يجوز له إطاعته في معصية الله عز وجل، هذا هو المعنى الذي يفهمه كل عربي وعليه جرى علماء المسلمين قاطبةً إلى يومنا هذا.
ومن شؤم التحزب والتكتل الجماعي على غير الكتاب والسنة، وإنما على ما يزعم البعض أنه من المصلحة أن يتكتل المسلمون أو بعضهم على تجمع خاص يوضع له منهج ونظام غير معتمد على الكتاب والسنة، ويكون من آثار ذاك النظام أنه إن صودم ببعض النصوص الشرعية تكلف تأولها وتفسيرها تفسيراً لا يتعارض مع نظامه.
من الأمثلة على ذلك هذا الحديث الصحيح، وقبل الخوض في توضيح المثال نذكر بسبب ورود الحديث، ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسل سرية وأمر عليهم أميراً، فبدا لهذا الأمير أن يجرب أصحابه في طاعتهم إياه، فأمرهم أن يجمعوا له حطباً، كان الأمر واجب الاتباع التنفيذ؛ لأن جمع الحطب أمر عادي فلم يأمرهم بمخالفة للشرع فجمعوا، ثم قال لهم: أوقدوا النار في هذا الحطب ففعلوا، التفوا حولها ففعلوا .. ألقوا أنفسكم فيها وقفوا ونظر بعضهم لبعض
قالوا: والله ما آمنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا فراراً من النار، والله لا نفعل حتى نسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأرسلوا رسولاً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال:«لو دخلوها ما خرجوا منها إلى أن تقوم الساعة، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» مع ذلك وجد بعض الناس من تأول الحديث بخلاف تأويله الصحيح المعروف فقالوا: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إذا كان المطاع يعتقد بأن ما أمر به معصية، أما إذا كان الأمير الآمر لا يعتقد أن ما أمر به معصية لكن المأمور يعتقد أنه معصية فيجوز له إطاعة الأمير والحالة هذه.
وأنا أذكر جيداً مناقشة جرت بيني وبين جماعة من حزب التحرير، كان جمعني معهم السجن في الحسكة عندنا في شمال شرق سوريا، وهذا السجن من فضائل عبد الناصر فهو الذي بناه هناك وكان سجناً عالياً جداً، والأضواء معلقة بالسقف من فوق، وحينما سألناهم علن السر قال: حتى لا ينتحروا، عندما يستعملون الزجاج هذا للانتحار.
وسبحان الله! الشيء بالشيء يذكر كان الدافع للسؤال أنني حينما عرفت في آخر لحظة وقد أخذوني بسيارة لاندروفر هذه التي هي تبع الجيش، أنني سأرفع إلى سجن الحسكة، أرسلت بسرعة إلى أحد أولادي يأتيني بصحيح مسلم والشنطة براية وقلم رصاص وإلى آخره، من أجل أشتغل هناك فيه، الشاهد: فحينما وصلنا إلى السجن وجدنا هناك جماعة من حزب التحرير أكثر من خمسة عشر شخصاً، فكنا نتناقش معهم ليلاً نهاراً من جملتها هذه المسألة وهنا الشاهد: فضربت لهم المثل الآتي: حينما ذكر صراحةً أن الأمير إذا أمر بشيء وهو لا يعتقد أن هذا الأمر حرام فعلى المأمورين إطاعته ولو كانوا
يعتقدون أنه حرام، ضربت له المثل الآتي: قلت: أنت ماذا ترى في قوله عليه السلام: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» هل تعتقد هذا أو أنت مع رأي الحنفية الذين يقولون: إن القليل المحرم هو: خمر العنب فقط، أما المسكر من غير خمر العنب فكثيره هو المُحَرَّم والقليل جائز، أترى هذا الرأي أو ترى عموم قوله عليه السلام:«ما أسكر كثيره قليله حرام، كل مسكر خمر وكل خمر .. » قال: لا أنا أرى كما جاء في الحديث، قلت له: هب أن أميرك كان حنفي المذهب، وليس ضروري يكون حنفي المذهب في كل المسائل في هذه المسألة فقط هو يرى ذلك، فأباح الخمر كله ما عدا خمر العنب،
…
وإلى آخره، فقط الكثير أبعد عنه أما أقل من الكثير اشرب منه، تجيز لنفسك أن تطيعه؟ قال: نعم، قلت له: والحديث: «لا طاعة لمخلوق
…
» قال: هذا إذا كان هو يرى أن هذا حرام هنا الشاهد، ولذلك هذا القيد الذي وضعناه هنا أمر ضروري جداً، ولا أدري إذا كان هو صاحبنا لا يزال فيه هذه البقية من الرأي؛ لأني أنا عرفته منذ ثلاثين سنة التقيت فيه في المسجد الحرام، ومن هناك هو تبنى المذهب السلفي.
(الهدى والنور / 13/ 7.: 22: .. )