الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأي الشيخ في جماعة أنصار السنة بمصر
وأتباع الشيخ محمود خَطَّاب السبكي
الشيخ: أريد قبل كل شيء أن أُحَقِّق حديثاً من أحاديث الرسول عليه السلام في الصحيحة طبعاً في مثل هذا الاجتماع الذي يَسَّرْته لنا، ذلك الحديث هو قوله عليه السلام:«من لا يشكر الناس لا يشكر الله» .
وأريد في الوقت نفسه بعد تقديم هذا الشكر الواجب علي ابتداءً ثم على إخواننا انتهاءً.
أرجو لك في هذا المكان الذي عرفنا الدكتور أنك امتلكته حديثاً وأنك أنت ساع في تخضيره وإمداده وزرعه، فأرجو لك أن ييسر الله لك ما قصدت إليه أولاً وأن يكون عملك هذا مما يفيدك دنيا وأخرى.
والفائدة لا تنحصر بوجه من الوجوه فهي كثيرة وكثيرة جداً، بعضها تنطبق على كل أرض فيها ثمر أو حب أو زرع ينتفع منه المخلوقات بأنواعها ما كان ناطقاً أو صامتاً، ما كان إنساناً أو حيواناً، لأنه جاء في الأحاديث الصحيحة في البخاري وغيره أن المسلم ما يزرع زرعاً إلا ويأكل منه طير أو حيوان أو إنسان إلا وله على ذلك أجر، أو كما قال عليه السلام.
والحقيقة ليس هذا هو الذي قصدته إليهم بهذه الكلمة، إنما هذه شبه
مقدمة، والذي أتمناه لك أن تصبح أرضك هذه جنة خضراء باسقة الاشجار الكثيرة الثمار بحيث يصبح مكانك هذا مأوى للقاصدين للاجتماع للعلم، والعلم الصحيح المستقى من الكتاب والسنة، متذكراً بذلك رجلاً كان له أثر طيب جداً في القاهرة بصورة خاصة من المشايخ الكبار المشهورين في هذا الزمان مع فارق كبير بينك وبينه الآن، وفارق متباين سلباً وإيجاباً.
هو لما بدأ في طلب العلم كان عمره أربعين سنة، وأنت والحمد لله لست الآن تبتدئ في طلب العلم، فمن هنا يأتي الاختلاف بينك وبينه، لكن هناك أمر يوجد اختلاف آخر ومن نمط أتمناه لك أن يتحقق فيك وبطريقة خير من الطريقة التي تحققت له، حيث أن الرجل اليوم له من الأتباع ما يعدون الملايين، وهو كان داعية للسنة ولكني لا بد لي من بيان أن السنة التي كان يدعو إليها هي بمفهومه وبعلمه الذي كان استفاده من أزهره، ولعل الجميع يعلمون أن الأزهر لا يقدم علماً ناضجاً، علماً صحيحاً، ولذلك نرى أن الذين كان لهم قدماً راسخة في العلم الصحيح ما استفادوا ذلك من الأزهر كما يقولون الأزهر الشريف.
فهذا الرجل دخل الأزهر وعمره أربعون سنة لا يعرف شيء من القراءة والكتابة إطلاقاً، والذي حركه إلى ذلك - وهنا المشابهة التي أرجو أن تتحقق بينك وبينه من جانب - كان له بستان في القاهرة فكان يدعو أهل العلم من أهل الأزهر يدعوهم للنزهة وتغيير الجو في بستانه، وهو رجل طيب وكريم فكان يكرمهم وكان يشعر بأنه بحاجة إلى الاستماع إلى الأحاديث التي تجري بينهم، فكان يستفيد من طريقة إحضارهم لبستانه وإكرامه إياهم يستفيد منهم
علماً.
ومن كثرت ما تكرَّر هذا العلم أُلقِي في نفسه حب العلم، فدخل الأزهر وعمره أربعون سنة وهو لا يعرف - كما يقولون عندنا في دمشق الألف من البسطية، البسطية هي العصا الطويلة عندنا، وبعضهم في شمال سوريا لا يفرق بين الخمس والطمس، كان عامياً تماماً.
ثم نبغ في دراسته حتى أخذ الشهادة العالمية التي يسمونها هناك، ويبدو أنه كان مخلصاً والله أعلم فأخذ يدعو الناس إلى ما عرفه من السنة وصار له أتباع وأتباع كثيرون جداً، وأنا قيض لي أن أذهب إلى القاهرة أكثر من مرة وصليت في مسجدهم، ومسجدهم لعله المسجد الوحيد، أقول: لعله المسجد الوحيد الذي بني وليس له محراب، وليس له ذلك المنبر الطويل الذي يقطع الصف أو الصفوف فعلاً على السنة.
كذلك هم يعنون بالمحافظة على زيهم وبخاصة فيما يتعلق باللحية فلا تكاد ترى فيهم حليقاً، بخلاف جماعة أنصار السنة مع الأسف أكثرهم حليقين، إي نعم، وهم أنصار السنة، واسم الجمعية جمعية أنصار السنة المحمدية.
وسبحان الله! كيف الإنسان يأخذ عبرة من الجماعتين وينبغي أن يأخذ من كل من الطائفتين خير ما عندهم، تجد أنصار السنة يعنون بالعقيدة الصحيحة بخاصة ما يتعلق منها بالتوحيد والأسماء والصفات فهم موحدون سلفيون بالمائة مائة.
كذلك فيما يتعلق بالأحكام الشرعية يحاولون أن يأخذوا ما ثبت منها في السنة، أي: دون أن يلتزموا مذهباً معيناً من المذاهب المتبعة.
جماعة الرجل هذا، وفاتني أن أقدم أن الجماعة لها أسماء عديدة، الاسم المشهور هناك في مصر يسمى بالسُنيين، ولهم اسم ثاني نسبة إلى نسبة الشيخ تبعهم السبكية، نسبة ثالثة الثالث نسبة لأبي الشيخ وهي الخطابية، فهو محمود بن خطاب السبكي، فهم في الشهرة الأشهر عندهم السنية، شاع هذا بين العامة لماذا؟ لاهتمامهم بالمظاهر، وهذا بلا شك نحن نهتم به لكن نضع له الموازين العلمية الدقيقة، فهم مثلاً - كما قلت آنفاً أو أردت أن أقول - لا تجد فيهم حليقاً، لا تجد فيهم رجل مقتصر على قلنسوة فقط أو هكذا مثلي، لا بد ما يحط عمامة، ثم لا بد أن يكون لهذه العمامة عذبة لأنه هكذا كانت عمامة الرسول عليه السلام.
ثم كما ترون في الأطعمة لا يأكلون كما يأكل بعض الناس وأنا منهم بالملعقة هذه وإنما بأيديهم، فهكذا السنة. فعندهم إفراط وتفريط فيما يتعلق بالسنة.
فهذه الأمور التي منها القلنسوة أو العمامة على القلنسوة أو العَذَبة للعمامة هذه بلا شك أمور ثابتة عن الرسول عليه السلام، لكن ليس لها علاقة بماذا؟ بالعبادات. هذه مما يسميها بعض العلماء بسنن العادة.
كذلك تأكل بيدك أو تأكل بالمعلقة أو الشوكة أو ما شابه ذلك هذه أمور عادات لا تدخل في العبادات، على أن الأكل باليد إذا كان الآكل بها باليد من
أجل السنة، فجميع الذين يأكلون اليوم باليد يخالفون السنة، لأن السنة أن يأكل بثلاث أصابع، فما أرى واحداً من هؤلاء الذين ابتلوا بمخالفة السنة بالأكل باليد ما أرى منهم يوافق السنة بالأكل بثلاثة أصابع من يده، وليس كذلك الذي يأكل بوسيلة مخترعة كأي وسيلة من الوسائل التي تُسَهِّل الصعب وتُقَرِّب البعيد ونحو ذلك. فهذه ليس لها علاقة - كما قلنا في أول الجلسة - بالشريعة وإنما هي مما خلق الله عز وجل لعباده.
فالتشدد في هذه الناحية وقع أولئك فيها، فهم لزاماً عليهم أن يكون لهم عمامة ويكون لهم عذبة، على أنه من الثابت في السنة أن الرسول ما كان دائماً يتعمم، تارة يضع القلنسوة بدون عمامة، وتارة عمامة بدون قلنسوة، وتارة يجمع بينهما، لكن الشيء الظاهر - والذي يشكرون عليه - إذا التقت مع أحدهم تجد فيهم الإخلاص والمودة والمحبة خاصة من بعضهم البعض، مقابل هذا الغلو في التمسك بالسنة يوجد عندهم انحراف خطير جداً في العقيدة، حيث أنهم أشاعرة في ماذا؟ في الصفات، فهم يتأولون آيات الصفات، حتى إن شيخهم هذا له كتاب خاص في تأويل آيات الصفات، وإثبات أن آية:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] هي بمعنى استولى وليس بمعنى استعلى.
فالشاهد: هذا الرجل يعني له حسنات وله انحرافات، مع ذلك الآن في مصر أو ما أدري الحقيقة الآن لأنه أنا أصلي أكثر من عشر سنين ما أتيح لي الذهاب إلى مصر، الذي أعرفه قديماً أنهم كانوا يعدون بالملايين بسبب إخلاص هذا الرجل في دعوته، والانحراف الذي نحن نعده عليه لعله كان
باجتهاد منه يؤجر عليه إن شاء الله.
خلاصة الكلام كله: فأنا أرجو لك أن يصبح أو تصبح هذه الأرض جنة خضراء يتلذذ عليها العلماء وطلاب العلم، ويكون هذا المكان منارة لنشر العلم الصحيح المطابق للكتاب والسنة، هذا الذي أردت أن أقوله بهذه المناسبة.
مداخلة: جزاك الله خير.
الشيخ: وإياكم.
«الهدى والنور» (216/ 15: 39: 00)