الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل الذين يحكمون بالقوانين
الوضعية يخرجون من الملة
مداخلة: في بعض العلماء يقولون على قول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44].
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]
…
إلى آخره.
يقولون: حين يقولون: هذا يخرج من الملة، وفي منهم من يقول: ليس مخرجاً من الملة، مع العلم اليوم أكثر البلدان إلا من رحم الله يحكمون بالقوانين، فهل هؤلاء الذين يحكمون بالقوانين يخرجون من الملة والعياذ بالله، أم لا يخرجوا من الملة؟
الجواب: تفسير الآيات الثلاث هذه التي أشرت إليها ذكر إمام المفسرين وهو: محمد بن جرير الطبري أن معنى هذه الآية: {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] إذا استحل الحكم بغير ما أنزل الله، فيكون شأنه شأن الكفار، لكن يجب أن يلاحظ أن الاستحلال قسمان: استحلال قلبي، واستحلال عملي.
الذي يخرج من الملة هو: الاستحلال القلبي، أما الاستحلال العملي فكل الأوساط واقعون فيه، الذي يسرق والذي يزني، والذي يغش والذي إلى آخره
كلهم يواقعون هذه المعاصي، ويرتكبونها ويستحلونها عملياً، ولا فرق بين هؤلاء، وبين من يحكم بغير ما أنزل الله كلهم مجرمون، كل الأوساط ولكن كما قيل: حنانيك بعض الشر أهون من بعض.
ذاك الذي يرابي والربا من أكبر الكبائر كما تعلمون إن استحل ذلك بقلبه ارتد عن دينه وإذا اعترف بمعصيته فهو فاسق أمره إلى الله، وداخل في عموم قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48].
كذلك كل من يحكم بغير ما أنزل الله إن حكم بما حكم به، ولو في حكومة واحدة مش ضروري في كل الأحكام، ولو في حكومة واحدة إذا رأى أن هذا الحكم هو الذي يصلح لهذا الزمان بخلاف حكم الإسلام فقد ارتد عن دينه، ليس في كل الأحكام ولو في حكم واحد، فما بالك إذا كان يستحسن الحكم بكل القوانين التي هو يطبقها على الأمة، فإن استحل ذلك قلبياً فهو مرتد عن دينه، أما لو حوسب ونوقش فقيل له: لماذا أنت تفعل هكذا، وهذا خلاف الشرع؟ الله يتوب علينا وإن شاء الله نتمكن من الحكم بما أنزل الله، فهذا ليس كفره كفر ملة، وإنما هو كفر عملي.
لذلك فمما استفدناه من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه تقسيم الكفر إلى قسمين بل إلى أربعة أقسام، لكن هما في النتيجة قسمين: كفر عملي، وكفر اعتقادي، كفر لفظي وكفر قلبي، كفر لفظي وكفر قلبي، الكفر اللفظي لا يخرج من الملة الذي يخرج هو الكفر القلبي.
كذلك الكفر العملي لا يخرج من الملة، إنما الكفر الاعتقادي، فمن اعتقد
أن حكماً من أحكام الإسلام غير صالح في هذا الزمان، فهذا كافر مرتد عن الدين.
أما من يعترف بأنه ينبغي أن يطبق لكنه يخالفه، فشأنه شأن أولئك الفسقة الذين يزنون ويأكلون الربا ونحو ذلك، وفي هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
(الهدى والنور / 85/ 53: 55: .. )