الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: إذا اجتمعتما بالحيرة وقد فضضتما مسالح (1) فارس، وأمنتما أن يؤتى المسلمون من خلفهم، فليكن أحدكما ردءا (2) للمسلمين ولصاحبه بالحيرة، وليقتحم الآخر على عدو الله وعدوكم من أهل فارس دارهم، ومستقرّ عزّهم «المدائن (3)» .
(تاريخ الطبرى 4: 5)
83 - كتاب خالد بن الوليد إلى هرمز
وكتب خالد بن الوليد قبل خروجه إلى الأبلّة كتابا إلى هرمز صاحب ذلك الثغر:
وجمع هرمز جموعه ونشبت الحرب بينه وبين خالد فى «كاظمة (4)» وانجلت عن قتل هرمز وهزيمة الفرس.
(تاريخ الطبرى 4: 5)
84 - عهد خالد بن الوليد لأهل الحيرة
وتقدم خالد فى فتح العراق شمالا حتى بلغ الحيرة، فحاصر قصورها (5)، ودعا أهلها أن يختاروا واحدة من ثلاث: الإسلام أو الجزية أو المنابذة، فاختاروا الجزية، فكتب بينه وبين أمرائها كتابا فيه:
(1) المسالح: جمع مسلحة بالفتح: وهى الثغر والقوم ذوو سلاح.
(2)
أى عونا وعمادا وقوة.
(3)
مدائن كسرى على نهر دجلة، وكانت قاعدة فارس.
(4)
على الخليج الفارسى بينها وبين البصرة مرحلتان.
(5)
أمر خالد بكل قصر رجلا من قواده يحاصر أهله ويقاتلهم، فكان ضرار بن الأزور محاصرا القصر الأبيض، وفيه إياس بن قبيصة الطائى، (وكان كسرى ولاه الحيرة بعد النعمان بن المنذر) وكان ضرار بن الخطاب محاصرا قصر العدسيين وفيه عدى بن عدى، وكان ضرار بن مقرن المزنى محاصرا قصر بنى مازن وفيه حير بن أكال، وكان المثنى بن حارثة محاصرا قصر ابن بقيلة وفيه عمرو بن عبد المسيح.
«بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما عاهد عليه خالد بن الوليد عديّا وعمرا بنى عدىّ، وعمرو بن عبد المسيح، وإياس بن قبيضة وحيرىّ (1) بن أكّال- وهم نقباء أهل الحيرة- ورضى بذلك أهل الحيرة وأمروهم به.
عاهدهم على تسعين ومائة ألف درهم، تقبل فى كل سنة، جزاء (2) عن أيديهم فى الدنيا، رهبانهم وقسّيسيهم، إلا من كان منهم غير ذى يد (3) حبيسا عن الدنيا تاركّالها، وسائحا تاركا للدنيا، وعلى المنعة، فإن من لم يمنعهم فلا شئ عليهم حتى يمنعهم، وإن غدروا بفعل أو قول فالذّمة منهم بريئة».
وكتب فى شهر ربيع الأول من سنة اثنتى عشرة.
(تاريخ الطبرى 4: 14)
صورة أخرى
وأورد القاضى أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم صاحب الإمام أبى حنيفة هذا العهد فى كتابه «الخراج» بصورة أخرى، وهى:
«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من خالد بن الوليد لأهل الحيرة، إن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضى الله تعالى عنه أمرنى أن أسير بعد منصرفى من أهل اليمامة إلى أهل العراق من العرب والعجم، بأن أدعوهم إلى الله جل ثناؤه، وإلى رسوله عليه الصلاة والسلام، وأبشّرهم بالجنة، وأنذرهم من النار، فإن أجابوا فلهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين.
وإنى انتهيت إلى الحيرة فخرج إلىّ إياس بن قبيصة الطائى فى أناس من أهل الحيرة من رؤسائهم، وإنى دعوتهم إلى الله وإلى رسوله، فأبوا أن يجيبوا، فعرضت عليهم الجزية أو الحرب، فقالوا: لا حاجة لنا بحربك، ولكن صالحنا على ما صالحت عليه غيرنا من أهل الكتاب فى إعطاء الجزية، وإنى نظرت فى عدّتهم فوجدت عدّتهم
(1) وقيل «جبرى» .
(2)
جمع جزية.
(3)
اليد: القدرة.
سبعة آلاف رجل، ثم ميّزتهم فوجدت من كانت به زمانة (1) ألف رجل، فأخرجتهم من العدة فصار من وقعت عليه الجزية ستة آلاف، فصالحونى على ستين ألفا (2)، وشرطت عليهم أن عليهم عهد الله وميثاقه الذى أخذ على أهل التوراة والإنجيل أن لا يخالفوا، ولا يعينوا كافرا على مسلم من العرب ولا من العجم، ولا يدلّوهم على عورات المسلمين، عليهم بذلك عهد الله وميثاقه الذى أخذه أشدّ ما أخذه على نبى من عهد أو ميثاق أو ذمّة، فإن هم خالفوا فلا ذمة لهم ولا أمان، وإن هم حفظوا ذلك ورعوه وأدّوه إلى المسلمين فلهم ما للمعاهد، وعلينا المنع لهم، فإن فتح الله علينا فهم على ذمتهم، لهم بذلك عهد الله وميثاقه أشدّ ما أخذ على نبى من عهد أو ميثاق، وعليهم مثل ذلك لا يخالفوا فإن غلبوا فهم فى سعة يسعهم ما وسع أهل الذمة، ولا يحلّ فيما أمروا به أن يخالفوا، وجعلت لهم: أيّما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته، وعيل (3) من بيت مال المسلمين وعياله، ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام، فإن خرجوا إلى غير دار الهجرة ودار الإسلام فليس على المسلمين النفقة على عيالهم، وأيّما عبد من عبيدهم أسلم أقيم فى أسواق المسلمين فبيع بأعلى ما يقدر عليه فى غير وكس ولا تعجيل، ودفع ثمنه إلى صاحبه، ولهم كل ما لبسوا من الزّىّ إلا زىّ الحرب من غير أن يتشبهوا بالمسلمين فى لباسهم، وأيّما رجل منهم وجد عليه شئ من زى الحرب سئل عن لبسه (4) ذلك، فإن جاء منه بمخرج، وإلّا عوقب بقدر ما عليه من زى الحرب، وشرطت عليهم جباية ما صالحتهم عليه حتى يؤدوه إلى بيت مال المسلمين، عمّالهم منهم، فإن طلبوا عونا من المسلمين أعينوا به، ومئونة العون من بيت مال المسلمين».
(كتاب الخراج ص 171)
(1) الزمانة: العاهة، وفعله كفرح.
(2)
وفى نسخة أخرى من كتاب الخراج أنه صالحهم على تسعين ألفا.
(3)
عاله مانه وكفاه.
(4)
اللبس بالكسر: ما يلبس واللبس بالضم مصدر.