الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1) غبر الشئ كدخل: نقى ومضى، ضد.
صورة أخرى
وجاء فى كتاب الخراج لأبى يوسف:
وكتب أبو عبيدة إلى عمر رضى الله عنه بهزيمة المشركين، وبما أفاء الله على المسلمين، وما أعطى أهل الذمة من الصلح، وما سأله المسلمون من أن يقسم بينهم المدن وأهلها، والأرض وما فيها من شجر أو زرع، وأنه أبى ذلك عليهم، حتى كتب إليه فيه، ليكتب إليه برأيه فيه فكتب إليه عمر:
«إنى نظرت فيما ذكرت مما أفاء الله عليك، والصلح الذى صالحت عليه أهل المدن والأمصار، وشاورت فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل قد قال فى ذلك برأيه، وإن رأيى تبع لكتاب الله تعالى، قال الله تعالى: «وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ (1) عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً (2) بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ. لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ» هم المهاجرون الأولون «وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ (3) وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ
(1) أفاءه عليه: أعاده عليه ورده بمعنى صيره له. ووجف الفرس كوعد وجيفا: عدا. أو جفته: أعديته.
ومن فى الآية زائدة: أى لم تقاسوا فيه مشقة.
(2)
أى يتداوله الأغنياء ويدور بينهم كما كان الجاهلية.
(3)
الخصاصة: الحاجة والفقر.
الْمُفْلِحُونَ» فإنهم الأنصار «وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ» ولد آدم الأحمر والأسود، فقد أشرك الله الذين من بعدهم فى هذا الفئ إلى يوم القيامة، فأقرّ ما أفاء الله عليك فى أيدى أهله، واجعل الحزية عليهم بقدر طاقتهم تقسمها بين المسلمين، ويكونون عمّار الأرض، فهم أعلم بها وأقوى عليها، ولا سبيل لك عليهم، ولا للمسلمين معك أن تجعلهم فيئا وتقسمهم، للصلح الذى جرى بينك وبينهم، ولأخذك الجزية منهم بقدر طاقتهم، وقد بيّن الله لنا ولكم فقال: فى كتابه «قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ» .
فإذا أخذت منهم الجزية فلا شئ لك عليهم ولا سبيل، أرأيت لو أخذنا أهلها فاقتسمناهم، ما كان يكون لمن يأتى من بعدنا من المسلمين؟ والله ما كانوا يجدون إنسانا يكلمونه، ولا ينتفعون بشئ من ذات يده، وإن هؤلاء يأكلهم المسلمون ماداموا أحياء، فإذا هلكنا وهلكوا أكل أبناؤنا أبناءهم أبدا ما بقوا، فهم عبيد لأهل دين الإسلام مادام دين الإسلام ظاهرا فاضرب عليهم الجزية، وكفّ عنهم السّبى، وامنع المسلمين من ظلمهم والإضرار بهم، وأكل أموالهم إلا بحلّها ووفّ لهم بشرطهم الذى شرطت لهم فى جميع ما أعطيتهم.
وأما إخراج الصّلبان فى أيام عيدهم فلا تمنعهم من ذلك خارج المدينة بلا رايات ولا بنود (1)، على ما طلبوا منك يوما فى السنة، فأمّا داخل البلد بين المسلمين ومساجدهم فلا تظهر الصلبان».
فأذن لهم أبو عبيدة فى يوم من السنة، وهو يوم عيدهم الذى فى صومهم، فأما فى غير ذلك اليوم فلم يكونوا يخرجون صلبانهم.
(كتاب الخراج ص 167)
(1) البنود: جمع بند كشمس وهو العلم الكبير.