الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه، اعزبى (1) عنى، فو الله لا أذلّ لك فتستذلّينى، ولا أسلس لك فتقودينى، وايم الله يمينا أستثنى فيها بمشيئة الله، لأروضنّ نفسى رياضة تهشّ معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما، ولأدعنّ مقلتى كعين ماء نضب (2) معينها، مستفرغة دموعها.
أتمتلئ السائمة من رعيها (3) فتبرك، وتشبع الرّبيضة من عشبها فتربض، ويأكل علىّ من زاده فيهجع؟ قرّت إذن عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة (4)، والسّائمة المرعيّة!
طوبى لنفس أدّت إلى ربها فرضها، وعركت بجنبها بؤسها (5)، وهجرت فى الليل غمضها، حتى إذا غلب الكرى عليها، افترشت أرضها، وتوسّدت كفّها، فى معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت (6) بذكر ربهم شفاههم، وتقشّعت بطول استغفارهم ذنوبهم أولئك حزب الله، ألا إنّ حزب الله هم المفلحون.
فاتق الله يا بن حنيف، ولتكفك أقراصك، ليكون من النار خلاصك».
(نهج البلاغة 2: 50)
326 - كتاب معاوية إلى الزبير بن العوام
وكان أول الأحداث فى خلافة الإمام على، أن السيدة عائشة وطلحة والزبير ومن تبعهم خرجوا إلى البصرة يطلبون بدم عثمان رضى الله عنه.
(1) عرب كدخل: بعد، وسلس كتعب: لان وسهل قياده.
(2)
نضب الماء كدخل: غار.
(3)
الرعى: الكلأ، والربيضة: الغنم برعاتها المجتمعة فى مرابضها، وربضت الغنم (كجلس) كبركت الابل.
(4)
الهاملة: السارحة بغير راع.
(5)
أى صبرت على بؤسها والمشقة التى تنالها، يقال عرك فلان بجنبه الأذى: أى صبر عليه كأنه حكه حتى عفاه الغمض: النوم وكذا الكرى.
(6)
الهمهمة: الكلام الخفى، وترديد الصوت فى الصدر. تقشعت: انكشفت وزالت كما يتقشع السحاب
وروى ابن أبى الحديد أن عليا عليه السلام لما بويع بالخلافة كتب إلى معاوية يأمره أن يبايع له (1)، فلما قدم رسوله على معاوية وقرأ كتابه، بعث رجلا من بنى عميس، وكتب معه كتابا إلى الزّبير بن العوّام، وفيه:
فسرّ الزبير بهذا الكتاب، وأعلم به طلحة، ولم يشكّا فى النّصح لهما من قبل معاوية، وأجمعا عند ذلك على خلاف على عليه السلام.
(شرح ابن أبى الحديد م 1: ص 77)
(1) سيرد كتابه بعد.
(2)
أى اجتمعوا، الحلب: اللبن المحلوب. وروى الطبرى أن طلحة والزبير سألاعليا أن يؤمر هما على الكوفة والبصرة، فقال: تكونان عندى فأتجمل بكما فإنى وحش لفراقكما (انظرج 5: ص 153).
وروى ابن أبى الحديد أنهما طلبا من على أن يوليهما المصرين البصرة والكوفة. فقال حتى أنظر، ثم استشار المغيرة بن شعبة فقال له: أرى أن توليهما إلى أن يستقيم لك أمر الناس، فخلا بابن عباس، وقال: ما ترى؟ قال: يا أمير المؤمنين إن الكوفة والبصرة عين الخلافة، وبهما كنوز الرجال، ومكان طلحة والزبير من الإسلام ما قد علمت، ولست آمنهما إن وليتهما أن يحدثا أمرا، فأخذ على برأى ابن عباس (انظر ج 1: ص 77).
فلما يئسا منه استأذناه فى العمرة، فقال: لعلكما تريدان البصرة أو الشأم! فأقسما أنهما لا يقصدان غير مكة، فأذن لهما، فلحقا بعائشة (انظر مروج الذهب ج 2: ص 6).
وروى الطبرى أيضا أن سعيد بن العاص لقى مروان بن الحكم وأصحابه بذات عرق- حين خرجوا إلى البصرة- فقال: أين تذهبون؟ قالوا: نسير فلعلنا نقتل قتلة عثمان جميعا، فخلا سعيد بطلحة والزبير، فقال:
إن ظفر تما لمن تجعلان الأمر؟ اصدقانى، قالا: لأحدنا، أينا اختاره الناس، قال: بل اجعلوه لولد عثمان، فإنكم خرجتم تطلبون بدمه، قالا: ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم! ! ) انظر ج 5 ص 168).
وروى أنه لما تواقف الفريقان بالبصرة (أصحاب على وأصحاب عائشة) خرج على على فرسه فدعا الزبير فتواقفا، فقال على له. ما جاء بك؟ قال: أنت، ولا أراك لهذا الأمر أهلا، ولا أولى به منا، فقال على لست له أهلا بعد عثمان! ! ! (انظر ج 5: ص 168).
(3)
المناوئ: المعادى.