الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا تلبسوا الحقّ بالباطل وتكتموا الحقّ وأنتم تعلمون، واعلموا أن خيار عباد الله الذين يعملون بما يعلمون، وإن شرارهم الجهّال الذين ينازعون الجهل أهل العلم، فإن للعالم بعلمه فضلا، وإن الجاهل لا يزداد بمنازعته العالم إلا جهلا، ألا وإنى أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، وحقن دماء هذه الأمة، فإن قبلتم أصبتم رشدكم، واهتديتم لحظّكم، وإن أبيتم إلا الفرقة وشقّ عصا هذه الأمة، لم تزدادوا من الله إلّا بعدا، ولا يزداد الرّب عليكم إلا سخطا، والسلام».
(شرح ابن أبى الحديد م 1: ص 290)
436 - رد معاوية على علىّ
فكتب إليه معاوية جواب هذا الكتاب سطرا واحدا وهو:
«أما بعد: فإنه:
ليس بينى وبين قيس عتاب
…
غير طعن الكلى وضرب الرّقاب (1)
فقال علىّ عليه السلام لما أتاه هذا الجواب: «إنّك لا تهدى من أحببت ولكنّ الله يهدى من يشاء وهو أعلم بالمهتدين» .
(شرح ابن أبى الحديد م 1: ص 290)
437 - كتاب عمرو بن العاص إلى ابن عباس
ولم تجد الكتب بين على ومعاوية نفعا، فعبّا كل منهما جيشه، ودارت رحى الحرب بين الفريقين فى صفّين، على ما هو مشهور.
فلما اشتد الأمر وعظم على أهل الشأم، بعث معاوية أخاه عتبة للقاء الأشعث ابن قيس الكندى (2)، فجعل يستهويه ويستكفّه، وكان فيما قال له: إنا لا ندعوك إلى ترك علىّ ونصرة معاوية، ولكنا ندعوك إلى البقيّة التى فيها صلاحك وصلاحنا، فقال له الأشعث: لستم بأحوج إلى البقية منا، ولم يلق عند عتبة ما يحبّ.
(1) انظر رواية ابن قتيبة التى قدمناها فى ص 339
(2)
وكان من رءوس جند على.
فلما يئس معاوية من الأشعث قال لعمرو بن العاص: إن رأس أهل العراق بعد علىّ هو عبد الله بن عباس، فلو كتبت إليه كتابا لعلك ترقّقه، ولعله لو قال شيئا لم يخرج علىّ منه، وقد أكلتنا الحرب ولا أرانا نصل إلى العراق إلا بهلاك أهل الشأم، فقال عمرو: إن ابن عباس لا يخدع، ولو طمعت فيه لطمعت فى على. قال معاوية:
على ذلك فاكتب، فكتب عمرو إلى ابن عباس:
«أما بعد: فإن الذى نحن وأنتم فيه ليس بأول أمر قاده البلاء، وأنت رأس هذا الجمع بعد علىّ، فانظر فيما بقى ودع ما مضى، فو الله ما أبقت هذه الحرب لنا ولا لكم حياة ولا صبرا. واعلم أن الشأم لا تهلك إلا بهلاك العراق، وأن العراق لا تهلك إلا بهلاك الشأم، فما خيرنا بعد هلاك أعدادنا منكم؟ وما خيركم بعد هلاك أعدادكم منا؟
ولسنا نقول: ليت الحرب عادت، ولكنا نقول: ليتها لم تكن، وإن فينا من يكره اللّقاء كما أن فيكم من يكرهه، وإنما هو: أمير مطاع، ومأمور مطيع، ومؤتمن مشاور وهو أنت، فأما الأشتر (1) الغليظ الطبع القاسى القلب فليس بأهل أن يدعى فى ثقات أهل الشّورى، ولا فى خواصّ أهل النّجوى».
وكتب فى أسفل الكتاب:
طال البلاء وما يرجى له آسى
…
بعد الإله سوى رفق ابن عبّاس (2)
قولا له قول من يرجو مودّته
…
لا تنس حظّك، إن الخاسر النّاسى
انظر (تفدّيك نفسى) قبل قاصمة
…
للظهر ليس لها راق ولا آسى (3)
إن العراق وأهل الشأم لن يجدوا
…
طعم الحياة مع المستغلق القاسى (4)
(1) هو مالك بن الحارث، وكان من رءوس جند على أيضا، كان على الميمنة، وابن عباس على الميسرة، وعلى فى القلب.
(2)
الآمى الطبيب، أسا الجرح يأسوه: داواه.
(3)
قصمه كضرب: كسره والرقية بالضم: العوذة (بالضم أيضا) وقد رقاه يرقيه أى عوذه.
(4)
المستغلق: استغلقنى فلان فى بيعه: إذا لم يجعل لى خيارا فى رده.