الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعطاهم أمانا على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وسور مدينتهم لا يهدم ولا يسكن شئ من دورهم، لهم على ذلك عهد الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم والخلفاء والمؤمنين، لا يعرض لهم إلا بخير إذا أعطوا الجزية».
وكتب فى رجب من سنة أربع عشرة.
(فتوح البلدان للبلاذرى ص 127، وتهذيب تاريخ ابن عساكر 1: 148، 2: 105)
119 - عهد أبى عبيدة لأهل دمشق
وشمّر خالد لفتح المدينة، فدخلها من جهته عنوة، فلما رأى ذلك الروم قصدوا أبا عبيدة، وبذلوا له الصلح، فقبل منهم، وفتحوا له الباب، فالتقى خالد والقواد فى وسطها (1)، ثم كتب لهم أبو عبيدة كتاب الصلح، وهو:
«بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب لأبى عبيدة بن الجراح ممن أقام بدمشق وأرضها، وأرض الشام من الأعاجم، إنك حين قدمت بلادنا سألناك الأمان على أنفسنا وأهل ملّتنا، وإنا اشترطنا لك على أنفسنا أن لا نحدث فى مدينة دمشق، ولا فيما حولها كنيسة، ولا ديرا ولا قلّاية (2) ولا صومعة راهب، ولا نجدّد ما خرب من كنائسنا، ولا شيئا منها مما كان فى خطط (3) المسلمين، ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها فى الليل والنهار، وأن نوسّع أبوابها للمارّة، وأبناء السبيل، ولا نؤوى فيها، ولا فى منازلنا جاسوسا، ولا نكتم على من غشّ المسلمين، وعلى أن لا نضرب بنواقيسنا إلا ضربا خفيّا فى جوف كنائسنا، ولا نظهر الصليب عليها، ولا نرفع أصواتنا
(1) وجاء فى فتوح البلدان للبلاذرى ص 128: «فلما رأى الأسقف أن أبا عبيدة قد قارب دخول المدينة به إلى خالد فصالحه، وفتح له الباب الشرقى، فدخل والأسقف معه ناشرا كتابه الذى كتبه له، فقال بعض المسلمين: والله ما خالد بأمير فكيف يجوز صلحه؟ فقال أبو عبيدة: إنه يجير على المسلمين أدناهم، وأجاز صلحه وأمضاه
…
».
(2)
القلاية: من بيوت عبادات النصارى كالصومعة، وفى الأصل:«قلامة» وهو تحريف.
(3)
الخطط جمع خطة بالكسر: وهى الأرض التى يختطها الرجل لنفسه.
فى صلاتنا وقراءتنا فى كنائسنا، ولا نخرج صليبنا ولا كتابنا، ولا نخرج باعوثا ولا سعانين (1)، ولا نرفع أصواتنا بموتانا، ولا نظهر النيران معهم فى أسواق المسلمين، ولا نجاورهم بالحنازير، ولا نبيع الخمور، ولا نظهر شركا فى نادى المسلمين، ولا نرغّب مسلما فى ديننا، ولا ندعو إليه أحدا، وعلى أن لا نتخذ شيئا من الرّقيق الذين جرت عليهم سهام المسلمين، ولا نمنع أحدا من قرابتنا إن أرادوا الدخول فى الإسلام، وأن نلزم ديننا حيثما كنا، ولا نتشبّه بالمسلمين فى لبس قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين، ولا فرق شعر، ولا فى مراكبهم، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نتسمّى بأسمائهم، وأن نجزّ مقادم رءوسنا، ونفرق نواصينا، ونشدّ الزّنانير (2) على أوساطنا، وأن لا ننقش فى خواتيمنا بالعربية، ولا نركب السّروج، ولا نتخذ شيئا من السلاح، ولا نجعله فى بيوتنا، ولا نتقلّد السيوف، وأن نوقّر المسلمين فى مجالسهم، ونرشدهم الطريق، ونقوم لهم من المجالس إذا أرادوها، ولا نطّلع عليهم فى منازلهم، ولا نعلّم أولادنا القرآن، ولا نشارك أحدا من المسلمين إلا أن يكون للمسلم أمر التجارة، وأن نضيف كل مسلم عابر سبيل من أوسط ما نجد، ونطعمه فيها ثلاثة أيام، وعلينا أن لا نشتم مسلما، ومن ضرب مسلما فقد خلع عهده.
ضمنّا ذلك لك على أنفسنا وذراريّنا وأرواحنا ومساكننا، وإن نحن غيّرنا أو خالفنا عما اشترطنا لك وقبلنا الأمان عليه، فلا ذمّة لنا، وقد حلّ لك منا ما حلّ من أهل المعاندة والشقاق، على ذلك أعطينا الأمان لأنفسنا وأهل ملّتنا، فأقرّونا فى بلادكم التى ورّثكم الله إياها.
شهد الله على ما شرطنا لكم على أنفسنا، وكفى بالله شهيدا».
(تهذيب تاريخ ابن عساكر 1: 149)
(1) الباعوث عند النصارى كالاستسقاء عندنا، وهو اسم سريانى، والسعانين: عيد لهم قبل عيدهم الكبير بأسبوع وهو سريانى أيضا.
(2)
الزنانير جمع زنار كرمان: وهو ما يشد على وسط النصارى والمجوس.