الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرّسائل فى عصر صدر الاسلام
[فى الزمان الرسول الله صلى الله عليه آله وسلم]
كتب سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، وما يتصل بها
1 - كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار واليهود بالمدينة
لما قرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه اليهود وعاهدهم، وأقرّهم على دينهم وأموالهم، وشرط عليهم، واشترط لهم، وهو:
«بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من محمد النبى بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أنهم أمّة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش على رباعتهم يتعاقلون (1) بينهم، وهم يفدون عانيهم بالمعروف
(1) رباعة الرجل: شأنه وحاله التى هو رابع عليها، أى ثابت مقيم، ويقال: تركناهم على رباعتهم بفتح الراء وكسرها، ورباعهم بفتحها، وربعاتهم بالتحريك، وربعتهم ككتف، وربعتهم كعنبة: أى على حالة حسنة من استقامتهم وأمرهم الأول، لا يكون فى غير حسن الحال، والمعنى: إنهم على أمرهم الذى كانوا عليه. والتعاقل: تفاعل من العقل (وعقل القتيل عقلا: أعطى ديته) والمعاقل: جمع معقلة (بضم-
والقسط (2) بين المؤمنين. وبنو عوف على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو ساعدة على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدى عافيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
وبنو الحرث على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو جشم على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو النّجّار على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
وبنو عمرو بن عوف على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو النّبيت على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو الأوس على رباعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
وأن المؤمنين لا يتركون مفرحا (3) بينهم أن يعطوه بالمعروف فى فداء أو عقل، ولا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه، وأن المؤمنين المتّقين على من بغى منهم، أو ابتغى دسيسة ظلم، أو إثم، أو عدوان، أو فساد بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعا، ولو كان ولد أحدهم، ولا يقتل مؤمن مؤمنا فى كافر، ولا ينصر كافر على مؤمن، وأن ذمة الله واحدة. يجير (4) عليهم أدناهم، وأن المؤمنين بعضهم موالى بعض دون الناس.
- القاف) وهى الدية: ومعنى يتعاقلون معاقلهم الأولى: أى يكونون على ما كانوا عليه فى الجاهلية من أخذ الديات وإعطائها، أو على مراتب آبائهم، وأصله من ذلك.
(2)
العانى: الأسير. والقسط: العدل.
(3)
المفرح: الذى قد أفرحه الدين والغرم: أى فدحه وأثقله، ولا يحد قضاؤه (ومعنى أفرحه هنا: سلبه الفرح) ويروى: «مفرجا» بالجيم. والمفرج:
هو الرجل يكون فى القوم من غيرهم فيلزمهم أن يعقلوا عنه. وقيل: هو المثقل بحق دية أو فداء أو غرم.
وقيل: أن يسلم الرجل ولا يوالى أحدا، فإذا جنى جناية كانت جنايته على بيت المال، لأنه لا عاقلة له.
وقيل: هو الذى لا مال له. وقيل: هو الذى لا عشيرة له. وقيل: هو القتيل يوجد فى فلاة من الأرض، فهو يودى من بيت المال ولا يبطل دمه، وكان الأصمعى يقول هو مفرح بالحاء وينكر قولهم مفرج بالجيم.
(4)
أى إذا أجار واحد من المسلمين حر أو عبد أو امرأة واحدا أو جماعة من الكفار أو خفرهم وأمنهم جاز ذلك على جميع المسلمين، لا ينقض عليه جواره وأمانه وفى الأصل:«يخير عليهم» وهو تصحيف.
وأنه من تبعنا من يهود (1)، فإن له النصر والأسوة (2) غير مظلومين، ولا متناصر عليهم، وأنّ سلم (3) المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن فى قتال فى سبيل الله إلا على سواء (4) وعدل بينهم، وأن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا (5)، وأن المؤمنين يبئ (6) بعضهم على بعض بما نال دماءهم فى سبيل الله، وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه، وأنه لا يجير مشرك مالا لقريش، ولا نفسا، ولا يحول دونه على مؤمن، وأنه من اعتبط (7) مؤمنا قتلا عن بيّنة فإنه قود (8) به إلى أن يرضى ولىّ المقتول، وأن المؤمنين عليه كافّة، ولا يحلّ لهم إلا قيام عليه، وأنه لا يحلّ لمؤمن أقرّ بما فى هذه الصحيفة، وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا (9) ولا يؤويه، وأنه من نصره أو آواه، فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل (10)، وأنكم مهما اختلفتم فيه من شئ، فإن مردّه إلى الله عز وجل، وإلى محمد.
(1) يقال: «يهود» . بدون ألف ولام، وهو اسم للقبيلة وعليه قول الشاعر:«أولئك أولى من يهود بمدحة» . وقالوا: «اليهود» فأدخلوا الألف واللام فيها على إرادة النسب يريدون اليهوديين.
(2)
الأسوة بالضم والكسر. القدوة: ويقال: القوم أسوة فى هذا الأمر: أى حالهم فيه واحدة.
(3)
السلم بكسر السين وفتحها: الصلح ويؤنث، والمعنى: لا يصالح واحد دون أصحابه، وإنما يقع الصلح بينهم، وبين عدوهم باجتماع ملئهم على ذلك.
(4)
السواء: العدل والنصفة كالسوية، ومنه قوله تعالى:«قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ» أى عدل.
(5)
أى يكون العز بينهم نوبا، فإذا خرجت طائفة ثم عادت لم تكلف أن تعود ثانية حتى تعقبها أخرى غيرها.
(6)
أباءه به: سواه به. من البواء بالفتح وهو السواء والتكافؤ. يقال القوم بواء: أى سواء وما فلان ببواء لفلان: أى ما هو بكفء له.
(7)
أى قتله بلا جناية كانت منه ولا جريرة توجب قتله، وأصله من اعتبط الذبيحة إذا نحرها من غير داء ولا كسر، وهى سمينة فتية.
(8)
القود: القصاص أى فإن القاتل يقاد به ويقتل.
(9)
أى أن ينصر جانيا ويجيره من خصمه ويحول بينه وبين أن يقتص منه.
(10)
الصرف: التوبة. والعدل: الفدية. وقيل الصرف: القيمة. والعدل: المثل، وأصله فى الفدية. يقال: لم يقبلوا منهم صرفا ولا عدلا، أى لم يأخذوا منهم دية، ولم يقتلوا بقتيلهم رجلا واحدا:
أى طلبوا منهم أكثر من ذلك، ثم جعل بعد فى كل شئ حتى صار مثلا فيمن لم يؤخذ منه الشئ الذى يجب عليه وألزم أكثر منه.
وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يهود بنى عوف أمّة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ (1) إلا نفسه وأهل بيته، وأن ليهود بنى النجار مثل ما ليهود بنى عوف، وأن ليهود بنى الحرث مثل ما ليهود بنى عوف، وأن ليهود بنى ساعدة مثل ما ليهود بنى عوف، وأن ليهود بنى جشم مثل ما ليهود بنى عوف، وأن ليهود بنى الأوس مثل ما ليهود بنى عوف، وأن ليهود بنى ثعلبة مثل ما ليهود بنى عوف، إلّا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته، وأن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم، وأن لبنى الشطنة مثل ما ليهود بنى عوف، وأن البرّ (2) دون الإثم، وأن موالى ثعلبة كأنفسهم، وأن بطانة يهود كأنفسهم، وأنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد، وأنه لا ينحجز على ثأر جرح، وأنه من فتك فبنفسه فتك وأهل بيته إلا من ظلم، وأن الله على أبرّ هذا (3)، وأن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة، والبرّ دون الإثم، وأنه لم يأثم امرؤ بحليفه وأن النصر للمظلوم، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة (4) وأن الجار كالنفس غير مضارّ (5)، ولا آثم، وأنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها.
وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار (6) يخاف فساده، فإن مردّه إلى الله عز وجل، وإلى محمد رسول الله، وأن الله على أتقى ما فى هذه الصحيفة وأبرّه، وأنه لا تجار قريش ولا من نصرها، وأن بينهم النّصر على من دهم يثرب، وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه، فإنهم يصالحونه ويلبسونه، وأنهم إذا دعوا
(1) أوتغه: أهلكه، وألقاه فى بلية.
(2)
أى أن البر والوفاء ينبغى أن يكون حاجزا عن الإثم.
(3)
أى أن الله وحزبه للمؤمنين على الرضابه.
(4)
أى حرم لهم لا يحل انتهاكه.
(5)
ضاره ضرارا ومضارة: ضره.
والحرمة: ما لا يحل انتهاكه.
(6)
الاشتجار: التخالف والتنازع.