الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يكن ليجترئ علىّ، فقذف المتلمس صحيفته فى نهر الحيرة، وأخذ نحو الشأم، وأخذ طرفة نحو البحرين، فأتى المكعبر، فقطع يديه ورجليه ودفنه حيا.
(الأغانى ج 21: ص 127، ومجمع الأمثال للميدانى ج 1: ص 271)
3 - كتاب عبد العزى بن امرئ القيس الكلبى إلى قومه
وروى الطبرى أن عبد العزّى بن امرئ القيس الكلبىّ أهدى أفراسا إلى الحرث ابن مارية الغسانىّ (1)، ووفد إليه، فأعجبته وأعجب بعبد العزّى وحديثه، وكان للملك ابن مسترضع فى بنى الحميم بن عوف من بنى عبد ودّ من كلب، فنهشته حية، فظن الملك أنهم اغتالوه، فقال لعبد العزّى: جئنى بهؤلاء القوم، فقال: هم قوم أحرار، وليس لى عليهم فضل فى نسب ولا فعال (2)، فقال. لتاتيّنى بهم، أو لأفعلنّ ولأفعلن
…
فقال:
رجونا من حبائك (3) أمرا حال دونه عقابك، ودعا ابنيه شراحيل وعبد الحارث، فكتب معهما إلى قومه:
جزانى (جزاه الله شرّ جزائه)
…
جزاء سنماّر وما كان ذا ذانب (4)
(1) هو الحرث السادس الأصغر بن الحرث الخامس الأعرج بن أبى شمر الغسانى ولى من سنة 572 إلى سنة 587 م، ومارية أمه، وهى مارية بنت ظالم بن وهب الكندى، قال حسان بن ثابت:
أولاد جفنة حول قبر أبيهم
…
قبر ابن مارية الكريم المفضل
وكان لها قرطان فيهما درتان كبيضتى الحمام لم ير الناس مثلهما، وبهما ضرب المثل فقيل:«خذه ولو بقرطى مارية» يضرب فى الشئ الثمين: أى لا يفوتنك بأى ثمن يكون.
(2)
الفعال: اسم الفعل الحسن، والكرم (أو يكون فى الخير والشر).
(3)
الحباء: العطاء.
(4)
من أمثال العرب «جزاء سنمار» : أى جزائى جزاء سنمار، وهو رجل رومى بنى قصر الخورنق بظهر الحيرة للنعمان بن امرئ القيس فلما فرغ منه ألقاه من أعلاه فخر ميتا، وإنما فعل ذلك لئلا يبنى مثله لغيره، فضربت العرب به المثل لمن يجزى بالإحسان الإساءة، وورد فى تاريخ الطبرى ج 2:
ص 72 «أنه لما مات امرؤ القيس البدء بن عمرو بن امرئ القيس بن عمرو بن عدى فى عهد يزدجرد ملك الفرس، استخلف يزدجرد مكانه ابنه النعمان بن امرئ القيس، قال وهو صاحب الخورنق، وكان سبب بنائه الخورنق فيما ذكر أن يزدجرد كان لا يبقى له ولد، فسأل عن منزل برى مرئ صحيح من الأدواء والأسقام، فدل على ظهر الحيرة، فدفع ابنه بهرام جور إلى النعمان هذا، وأمره ببناء الخورنق مسكنا له وأنزله إياه، وأمره باخراجه إلى بوادى العرب، وكان الذى بنى الخورنق رجلا يقال له سنمار، فلما فرغ من بنائه تعجبوا من حسنه وإتقان عمله، فقال: لو علمت أنكم توفوننى أجرى وتصنعون بى-
سوى رصّه البنيان عشرين حجّة
…
يعلّ عليه بالقراميد والسّكب (1)
فلمّا رأى البنيان تمّ سحوقه
…
وآض كمثل الطّود ذى الباذخ الصّعب (2)
فأتهمه من بعد حرس وحقبة
…
وقد هدّه أهل المشارق والغرب (3)
وظنّ سنّمار به كلّ حبرة
…
وفاز لديه بالمودّة والقرب (4)
فقال اقذفوا بالعلج من فوق برجه
…
فهذا لعمر الله من أعجب الخطب! (5)
وما كان لى عند ابن جفنة فاعلموا
…
من الذنب ما آلى يمينا على كلب (6)
ليلتمسن بالخيل عقر بلادهم
…
تحلّل (أبيت اللّعن) من قولك المزبى (7)
- ما أنا أهله بنيته بناء يدور مع الشمس حيثما دارت، فقال: وإنك لتقدر على أن تبنى ما هو أفضل منه ثم لم تبنه! فأمر به فطرح من رأس الخورنق».
وقال الميدانى فى مجمع الأمثال ج 1: ص 107 «ويقال إن سنمار هو الذى بنى أطم أحيحة بن الجلاح (والأطم بضمة وضمتين: القصر)، فلما فرغ منه قال له أحيحة: لقد أحكمته، قال: إنى لأعرف فيه حجرا لو نزع لتقوض من عند آخره (كذا) فسأله عن الحجر فأراه موصعه، فدفعه أحيحة من الأطم فخر ميتا» وأورد صاحب القاموس هذا الخبر، وقال كان سنمار غلاما لأحيحة.
(1)
الحجة: السنة. والقرمد بالفتح والقرميد بالكسر: الآجر، وحجارة لها خروق يوقد عليها حتى إذا نضجت بنى بها، قال ابن دريد: هو رومى تكلمت به العرب قديما. والسكب: النحاس أو الرصاص ويحرك. والعلل بالتحريك: الشرب بعد الشرب تباعا، عله يعله كضرب ونصر، وعل الضارب المضروب: إذا تابع عليه الضرب، ومعنى يعل عليه هنا: يتابع رفع البنيان ويواليه، وربما كان الأصل «يعلى» .
(2)
سحق النخل ككرم: طال، ونخلة سحوق كصبور: طويلة (وسمق النخل أيضا كنصر سمقا وسموقا: ارتفع وعلا وطال، فهو سامق وسميق) وآض: صار. والطود: الجبل العظيم والباذخ: العالى. والصعب: أى الصعب المرتقى.
(3)
أتهم الرجل وأتهمه وأو همه: أدخل عليه التهمة أى ما يتهم عليه. والحرس: وقت من الدهر.
والحقبة: مدة من الدهر أيضا. ويقال: فلان يهد بالبناء للمجهول: إذا أثنى عليه بالجلد والقوة. ويقال:
لهد الرجل (برفع الرجل) أى ما أجلده، وفى الأصل «وقد هره» وهو تحريف (وهره: كرهه) وربما كان «وقد هزه» من هز الحادى الإبل: أى نشطها بحدائه، والمعنى: أثنوا عليه.
(4)
الحبرة: السرور.
(5)
العلج: الرجل الشديد الضخم، والعلج: الرجل من كفار العجم، والمراد به هنا سنمار وهو رومى كما تقدم لك. والخطب: الشأن والأمر.
(6)
ابن جفنة: يعنى به الحرث الأصغر المذكور، وجفنة أحد أجداده، وهو جفنة الأول بن عمرو مزيقياء أول ملوك الغساسنة؛ ولى من سنة 205 إلى سنة 248 م. وآلى: أقسم.
(7)
عقر الدار بالضم ويفتح وسطها. وتحلل من يمينه: إذا خرج منها بكفارة. وأبيت اللعن:
من تحايا الملوك فى الجاهلية والدعاء لهم، معناه: أبيت أن تأتى من الأمور ما تلعن عليه وتذم بسببه.
والمزبى المزعج، جاء فى اللسان: «
…
فقلت له كلمة أزبيه بها: أى أزعجه وأقلقه، من قولهم أزبيت الشئ إذا حملته، ويقال فيه زبيته، لأن الشئ إذا حمل أزعج وأزبل عن مكانه».