الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بشهاب تذكيه الريح، ولا يطفئه الماء، فإذا وقع وقب (1)، وإذا مسّ ثقب، فلا تحسبنّى كسحيم (2)، أو عبد القيس، أو حلوان الكاهن».
(العقد الفريد 2: 233)
418 - رد علىّ على معاوية
فأجابه علىّ:
(العقد الفريد 2: 233)
419 - كتاب علىّ إلى معاوية
وروى الشريف الرضى رحمه الله فى نهج البلاغة قال:
ومن كتاب لعلىّ عليه السلام إلى معاوية:
«وكيف أنت صانع إذا تكشّفت عنك جلابيب ما أنت فيه من دنيا:
قد تبهّجت (4) بزينتها، وخدعت بلذّتها، دعتك فأجبتها، وقادتك فاتّبعتها، وأمرتك فأطعتها، وإنه يوشك أن يقفك واقف على ما لا ينجيك منه مجنّ (5)،
(1) المعنى: أحرق كل ما يصادفه، من وقب الليل إذا دخل فى كل شئ.
(2)
سحيم: هو عبد بنى الحسحاس، من المخضرمين أدرك الجاهلية والإسلام، وكان حبشيا يرتضخ لكنة حبشية، وقتل فى خلافة عثمان- انظر خزانة الأدب للبغدادى ج 2: ص 87، وقد نقل أخباره عن الكامل للمبرد والأغانى ج 20 ص 2 وغيرهما وانظر أيضا البيان والتبيين ج 1: ص 40 - والمعنى لا تظننى ممن لا يعتد بشأنه ولا يقام له وزن كسحيم، وأما عبد القيس فلا أدرى المراد به، وقد أورد صاحب الأغانى أخبارا لعبد قيس بن خفاف البرجمى مع حاتم الطائى (ج 7: ص 145) ومع النابغة الذبيانى (ج: 9 ص 158) ولكنها لا تدل على أنه المراد هنا إذ يقول فيه «وكان شريفا شاعرا شجاعا» وحلوان الكاهن: ما يعطاه الكاهن ويجعل له أجرا على كهانته.
(3)
يعنى جده عتبة بن ربيعة، وربما كان الأصل «أخاك» .
(4)
تبهجت: صارت ذات بهجة.
(5)
المجنّ: الترس، وفى رواية ابن أبى الحديد:«ما لا ينجيك منه منج» .
فاقعس (1) عن هذا الأمر، وخذ أهبة الحساب، وشمّر لما قد نزل بك، ولا تمكّن الغواة من سمعك، وإلّا تفعل أعلمك ما أغفلت من نفسك، فإنك مترف (2) قد أخذ الشيطان منك مأخذه، وبلغ فيك أمله، وجرى منك مجرى الرّوح والدم (3).
ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرّعيّة، وولاة أمر الأمّة (4)، بغير قدم سابق، ولا شرف باسق (5)؟ ونعوذ بالله من لزوم سوابق الشفاء، وأحذّرك أن تكون متماديا فى غرّة الأمنيّة، مختلف العلانية والسريرة.
وقد دعوت إلى الحرب، فدع الناس جانبا واخرج إلىّ، وأعف الفريقين من القتال، لتعلم أينا المرين على قلبه، والمغطّى على بصره؟ فأنا أبو حسن قاتل جدّك وخالك وأخيك شدخا يوم بدر، وذلك السيف معى، وبذلك القلب ألقى عدوى، ما استبدلت دينا، ولا استحدثت نبيّا، وإنى لعلى المنهاج الذى تركتموه طائعين، ودخلتم فيه مكرهين.
وزعمت أنك جئت ثائرا (6) بعثمان، ولقد علمت حيث وقع دم عثمان، فاطلبه من هناك إن كنت طالبا، فكأنى قد رأيتك تضجّ من الحرب إذا عضتك، ضجيج الجمال بالأثقال، وكأنى بجماعتك تدعونى- جزعا من الضرب المتتابع، والقضاء الواقع، ومصارع بعد مصارع- إلى كتاب الله، وهى كافرة جاحدة، أو مبايعة حائدة».
(نهج البلاغة 2: 7)
صورة أخرى
وقال ابن أبى الحديد فى شرح النهج:
إن هذه الخطبة- يريد الرسالة- قد ذكرها نصر بن مزاحم فى كتاب صفين على
(1) أى تأخر.
(2)
أى قد أترفتك النعمة وأطغتك.
(3)
أخذها من قوله عليه الصلاة والسلام: «إن الشيطان ليجرى من ابن آدم مجرى الدم» .
(4)
يعنى الأمة الإسلامية، وإلا فقد كان بنو عبد شمس فى الجاهلية ذوى رياسة وسيادة- لا على بنى هاشم- وكان عتبة بن ربيعة رئيس الجيش المحارب لرسول الله يوم بدر، وأبو سفيان قائدهم يوم أحد والخندق.
(5)
باسق: عال، والغرة: الغفلة.
(6)
ثأر به: طلب دمه.
وجه يقتضى أن ما ذكره الرضى رحمه الله منها قد ضم إليه بعض خطبة أخرى، وهذه عادته، لأن غرضه التقاط الفصيح والبليغ من كلامه.
والذى ذكره نصر بن مزاحم هذه صورته:
«من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبى سفيان:
سلام على من اتّبع الهدى، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد:
فإنك قد رأيت مرور الدنيا وانقضاءها وتصرّمها (1)، وتصرّفها بأهلها، وخير ما اكتسب من الدنيا ما أصابه العباد الصالحون منها من التقوى، ومن بقس الدنيا بالآخرة يجد بينهما بعيدا.
واعلم يا معاوية أنك قد ادّعيت أمرا لست من أهله، لا فى القديم (2)، ولا فى الحديث، ولست تقول فيه بأمر بيّن يعرف له أثر، ولا عليك منه شاهد، ولست متعلّقا بآية من كتاب الله، ولا عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فكيف أنت صانع إذا تقشّعت عنك غيابة (3) ما أنت فيه من دنيا قد فتنت بزينتها، وركنت إلى لذّاتها، وخلّى بينك وبين عدوك (4) فيها، وهو غدوّ كلب مضلّ جاهد ملحّ مليح، مع ما قد ثبت فى نفسك من جهتها. دعتك فأجبتها، وقادتك فاتبعتها، وأمرتك فأطعتها، فاقعس عن هذا الأمر، وخذ أهبة الحساب، فإنه يوشك أن يقفك واقف على ما لا ينجيك منه مجنّ.
ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرعية، أو ولاة لأمر هذه الأمة، بلا قدم حسن، ولا شرف تليد (5) على قومكم؟ ، فاستيقظ من سنتك، وارجع إلى خالقك، وشمّر لما سينزل بك، ولا تمكّن عدوك الشيطان من بغيته فيك، مع أنى أعرف أن الله ورسوله صادقان، نعوذ بالله من لزوم سابق الشقاء.
(1) أى انقضاءها أيضا
(2)
يعنى فى أول الإسلام، لأن معاوية من الطلقاء كما تقدم، وليس له سابقة فى الإسلام.
(3)
غيابة كل شئ: ما سترك منه
(4)
أى الشيطان، وكلب كفرح اشتد، وألاحه: أهلكه
(5)
أى قديم